كان المسيحيون الحلقة الأكثر تضرراً بحكم أعدادهم القليلة وإيمانهم بالحياة المدنية المسالمة (أ ف ب) عرب وعالم مسيحيو العراق يكتبون سفرا جديدا للخروج… بأقدامهم by admin 19 فبراير، 2025 written by admin 19 فبراير، 2025 34 استولت قوى مسلحة على ممتلكاتهم وهددت وجودهم الأزلي في البلاد فتقلصت أعدادهم بالنزوح القسري إلى أقل من ربع السكان اندبندنت عربية / صباح ناهي باحث وكاتب عراقي “الزمن ليس في صالح قضيتنا ووجودنا في العراق“، أمام هذه القناعة التي أدركها مسيحيو العراق بعد عقود من العيش الآمن في وطنهم، وكررها لـ”اندبندنت عربية” عدد من زعمائهم الروحيين والسياسيين على رغم أنهم المكون الأقدم في البلاد حين كانت الكنائس والأديرة المسيحية تنتشر في عموم الحواضر العراقية، فمدينة الحيرة كانت مسيحية، وهي أقدم من البصرة والكوفة اللتين تأسستا في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وظلت علاقتهم كمؤمنين موحدين بغيرهم جيدة وتعايشوا قروناً حتى أطلق عرب العراق عليهم وعلى الصابئة القريبين منهم “ملح الأرض العراقية”. لكن كل شيء تغير وانقلب خلال العهد الجمهوري مع نهاية خمسينيات القرن الماضي، حين أفسدت السياسة عقول الناس وخربت قلوبهم، فكان المسيحيون الحلقة الأكثر تضرراً بحكم أعدادهم القليلة وإيمانهم بالحياة المدنية المسالمة، وكان قليل منهم يدخلون الجيش، ومعظمهم يمتهنون مهناً حرة، أو اتجهوا للتعليم والصحة والوظائف مشكلين نواة الطبقة الوسطى في البلاد. المسيحيون والحرب ثم حدث طوفان عام 2003، وبدأت مظاهر الحرب الطائفية التي أوقدت النيران في البيوت العراقية المسيحية، ونالت شظاياها من كنائسهم وأحرقت أديرتهم وبدأت رحلة النزوح القسري طلباً للأمان والعيش، وعليه تدهورت حياتهم وفقدوا ممتلكاتهم، لكن النائب السابق والسياسي الآشوري يونادم يوسف كنا أمين عام الحركة الآشورية يقول إن “الاستيلاء على عقارات المسيحيين لم يكن وليد هذه الحقبة، بل بدأ أواخر أيام الحكم السابق بعدما هاجرت آلاف العائلات، لكن الظاهرة تفاقمت بعد 2003 حتى 2011، إذ كان الاقتتال الطائفي فرصة لبعض الميليشيات المسلحة التي لا صفة قانونية لها لكي ترعب الناس وتضطرهم إلى الهجرة أو تجبرهم على البيع القسري برخص التراب”. ويضيف، “كان لدينا 25 حارة (محلة) في بغداد، وثقل سكاني كبير يقدر بأكثر من نصف مليون مسيحي في العاصمة، واليوم لا يعدون أكثر من 150 ألفاً في بغداد لا أكثر بسبب هذا الوضع القانوني الضعيف في العاصمة، وهكذا ففي وقت لم يكن فيه هناك (داعش) ولا (القاعدة) في بغداد أو البصرة (على سبيل المثال) لم يبقَ في البصرة التي كان يقطنها 4 آلاف عائلة مسيحية سوى 300 أسرة، أي أقل من 10 في المئة من سكانها، وفي بغداد العدد المتبقي أقل من 15 في المئة من عموم المسيحيين فيها”. ويتابع، “خلال الاستيلاء على العقارات تعاونت معنا حكومة المالكي بإخراج أعداد ممن سيطروا على بيوت المسيحيين بصورة غير قانونية، لكنهم تركوها للقضاء فيما بعد، فكان الجناة يلتفون على القضاء باحتيالات قانونية أو ما يسمى (تمليكاً حكمياً)، أي باستصدار حكم غيابي. اليوم أيضاً وعلى رغم أن مجلس القضاء الأعلى تعاون معنا وأصدر تشديدات وتعليمات بحيث لا يكون من السهل التمليك الحكمي، فإنهم يلتفون على القانون، لا سيما أصحاب المكاتب العقارية والمحامين المتواطئين معهم، ومن ثم يقومون بمسح البناء وهدمه، والنتيجة تشييد عمارة وتأجيرها أو تقسيم الأرض إلى قطع سكنية لتشييد بيوت متعددة. ولا توجد سلطة قانون قوية لتردع اللصوص، كذلك فإن الإجراءات البيروقراطية والتحايل على القانون يتسببان في هذه المشكلات حتى الساعة”. أسوأ من حال اليهود يذهب النائب السابق يونادم كنا بعيداً إلى القول إن “وضع المسيحيين في بغداد بات أسوأ من وضع اليهود العراقيين عندما غادروا بغداد في خمسينيات القرن الماضي، لأن عقارات اليهود صدر بها قانون وصارت ضمن أملاك الدولة أو تحت رقابتها، أما أملاك المسيحيين فصار فيها عقود بيع وشراء مزورة، وهذا موجود في بغداد، وحالياً في الموصل إضافة إلى البصرة نوعاً ما، وشكلت الحكومة لجنة للنظر في هذا الأمر، ويتعامل الناس معها من خلال الـ(سوشيال ميديا)، وهذا خطأ فادح، فهناك 11 شخصاً في اللجنة، لكنها عملياً غير قادرة على المعالجة، وأتحداها أن تكون عالجت حالاً واحدة، وقد مضت سنتان على الأزمة من دون حل”. ويضيف النائب المسيحي السابق بعداً آخر للأزمة التي لا تمس المسيحيين وحدهم، بحسبه، بل المجتمع ككل قائلاً “لا بد أن أشير إلى الفساد الكبير المستشري في دوائر التسجيل العقاري التي تتواطأ مع وكلاء المحامين وغيرهم في تزوير السجلات أو فقدانها إلى آخره من احتيالات في أمور العقارات، لا سيما المميزة منها، والتي تقع في مناطق مهمة ومحددة في بغداد أو غيرها، فدوائر التسجيل العقاري أيضاً تواطأت مع السماسرة الذين يتعاملون مع عقارات البيع والشراء”. لا شيء سيبقى من جانبه يؤكد بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم لويس روفائيل الأول ساكو لـ”اندبندنت عربية” أن “ما تمت استعادته من ممتلكات مسيحية لا يزيد على 5 – 10 في المئة مما تم الاستيلاء عليه من قوى غير قانونية استغلت الأوضاع الشاذة في البلد. وأجزم بأن وضع المسيحيين لا يزال مقلقاً ووجودهم مهدداً كمكون مهمش على رغم أن لهم تمثيلاً في البرلمان، ولكنه لا يمثل عموم المسيحيين وغالبيتهم، وهو مصادر لمصلحة جهة سياسية مسلحة معينة. وهم ممثلون أيضاً في الوزارة باثنين، مسيحي ومسيحية، ولكنهما تابعان كذلك للجهة المحددة تلك، حتى إن الوظائف أو مجالس المحافظات تتبع الجهة المسلحة نفسها، أما عموم المسيحيين فمهمشون”. ويؤكد رئيس الهيئة الإدارية للرابطة الكلدانية البروفيسور غازي إبراهيم رحو أن “وضع مسيحيي العراق يسير باتجاه الهجرة المستمرة، حيث تصل إلى الأردن بصورة مستمرة أسبوعياً من 8 إلى 10 عائلات، وهذا النزف المستمر له أسباب عدة، أولها الاستحواذ على الأراضي والأملاك المسيحية، ومنها لعائلات غادرت العراق طلباً للأمان بعد أحداث الحرب الطائفية، ومنهم من غادر بعد دخول الدواعش. وهناك أراضٍ في مناطق سهل نينوى تسيطر عليها قوى مسلحة وميليشيات متنوعة، حيث سيطرت على أكثر من 65 في المئة من تلك الأراضي، كما أن هنالك مئات العقارات من دور ومحلات وعمارات تم الاستيلاء عليها في بغداد والبصرة والموصل تعود لعائلات مسيحية”. ويضيف، “تمت هذه التجاوزات بطرق شتى منها التزوير في دوائر وعقارات الدولة، وهناك شكاوى ودعاوى قضائية أقيمت على عائلات عراقية مسيحية بحجة وجود كمبيالات على صاحب العقار يتم على أثرها الحجز على العقار، ومن ثم بيعه لتسديد تلك الكمبيالات، كما أن هناك عقارات ودور تم الاستيلاء عليها مع موجوداتها من خلال كسر أبوابها والسكن فيها عنوة”. وعلى رغم قيام الكنيسة بمفاتحة رئاسة الوزراء في القضية وتشكيل لجان لمعالجة تلك المشكلات وإعادة حقوق العائلات المسيحية، فإن تلك اللجان لم تثمر نتائج ملموسة، بحسب رئيس الهيئة الإدارية للرابطة الكلدانية، عدا قيام لجان مشكلة سابقاً من قبل السيد مقتدى الصدر، استطاعت إعادة أكثر من 155 عقاراً في بغداد فقط، لكن هذا ليس واجب المرجعيات الدينية، بل الدولة والقانون، وعندما يهتز القانون لا شيء سيبقى سوى الهجرة القسرية للحفاظ على العائلة من التهديدات. المزيد عن: مسيحيو العراقالكنائس والأديرةتنظيم داعشالقاعدةالاحتلال الأميركيأملاك المسيحيينمقتدى الصدر 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في مراقبة إيقاع القلب next post يوم غضب في شمال إسرائيل وأصوات تحذر من العودة إلى “الوحل اللبناني” You may also like رياح القلق تتقاذف الأسد في صقيع منفاه بموسكو 20 فبراير، 2025 خطوط نتنياهو الحمر تصادر “اليوم التالي” مسبقا 20 فبراير، 2025 لماذا اعتذرت “بي بي سي” عن فيلم حول... 20 فبراير، 2025 حفتر وحكومة المركز… صراع السيطرة على النفط في... 20 فبراير، 2025 “توابيت سوداء”… “حماس” تثير غضب إسرائيل خلال تسليم... 20 فبراير، 2025 جونسون: “وعد بلفور كان دولتين”… علينا أن نفي... 20 فبراير، 2025 “ريفييرا” الشرق الأوسط… تدخل لبنان في الاختبار الصعب 20 فبراير، 2025 تهجير سكان غزة… إسرائيل جاهزة بخطة التنفيذ 20 فبراير، 2025 المغرب يحبط مخططا إرهابيا بتحريض من “داعش” 20 فبراير، 2025 تسليح الجيش المصري… التنويع للهرب من المأزق الأميركي 20 فبراير، 2025