ثقافة و فنونعربي مسرح الإنجليزي جون أوزبورن قبل أن يتبنى الغضب منهجا واسما وتيارا by admin 23 يناير، 2022 written by admin 23 يناير، 2022 41 “عدو شخصي” سبقت مسرحيته الأولى ثم ضاعت فهل أخفاها مؤلفها؟ اندبندنت عربية \ إبراهيم العريس باحث وكاتب كانت مسرحية “انظر إلى الوراء بغضب” للكاتب المسرحي الإنجليزي جون أوزبورن، ولا تزال، من الشهرة الى درجة أنها تكاد لا تُذكر إلا وحدها من بين نتاجاته، ويعتبرها كُثر مسرحيته الأولى، التي أطلقت عند ظهورها في لندن عام 1957، منشورة قبل عام من تقديمها الأول على الخشبة، ما سيُسمى منذ ذلك الحين “مسرح الغضب”، أو “مسرح الشبان الغاضبين” كتيار مسرحي متكامل لن يلبث أن يمارس تأثيره على “السينما الحرة” في بريطانيا كما على فنون عديدة، ناهيك عن ارتباطه اللاحقة بأغاني “الطبقة العاملة” التي أطلقها فريق “البيتلز” من ليفربول ومن هامبورغ. في انتظار التفرد والمجد وكانت كذلك من الشهرة، بحيث نسي كُثر أن أوزبورن جرّب حظه قبلها بثلاث مسرحيات، صحيح أنه كتبها مع آخرين، اثنتان منها فقط قدمتا على الخشبة، قبل “انظر إلى الوراء بغضب”، فيما ستُقدَم الثالثة بعد هذه المسرحية “التأسيسية” في عام 1958 نفسه. ولربما كان المؤرخون على حق على أية حال، نظراً إلى أن أزبورن لم يكن بالتالي متفرداً في كتابة تلك المسرحيات الثلاث، إذ كتبها مع رفاق له، منهم ستيلا ليندن وأنطوني كريغتون، بالتالي كان عليه أن يشق طريقه مع هؤلاء قبل أن يجعل من “انظر إلى الوراء بغضب” مسرحيته الأولى الحقيقية التي فتحت الطريق واسعاً أمام كتّاب مجايلين له سيسيرون في ركب غضبه خالقين جديداً لم يكن له سابق على قوته في المسرح البريطاني، وإن كان يستمد جذوره الواقعية من النرويجي إبسن والروسي تشيخوف والأميركيَين آرثر ميلر وكليفورد أوديتس، وربما تنيسي ويليامز أيضاً. وفي عودة منا هنا الى مسرح أزبورن قبل أن ينهمر غضباً على الحياة الاجتماعية والفنية الإنجليزية، قد يكون من المفيد أن نتوقف عند المسرحتين اللتين أتى تقديمها سابقاً لمسرح الغضب، ومهّدتا له. الشيطان في داخله والعدو شخصي المسرحيتان هما بالطبع “الشيطان في داخله”، التي كتبها أوزبورن في عام 1950، وهو بالكاد تجاوز العشرين من عمره، مع ستيلا ليندن، وعُرفت بعنوانها الثانوي “صرخة للحب”، لتُقدَم في العام نفسه؛ و”عدو شخصي” التي كتبها مع أنطوني كريغتون في عام 1954 لتُقدم في العام نفسه، سابقةً مسرحية “الغضب” بأربع سنوات. والحال أن أوزبورن حين اشتغل مع ليندن على المسرحية الأولى كان قد انطلق في عمله المسرحي كممثل في شيفيلد. وهو سيبقى متجولاً خارج لندن كممثل في وقت راح يجابه فيه صعوبات جمة في محاولته إقناع المنتجين اللندنيين بتقديم أول مسرحية كتبها بمفرده. فهؤلاء كانوا مترددين كثيراً إزاء ضخّ عاصمة المسرح في العالم، بعمل متقشف عابق بالغضب كتبه ممثل ريفي لم يسمع باسمه أحد، ولكن المعجزة سرعان ما حدثت وعُرضت “أنظر إلى الوراء بغضب” في العاصمة. صحيح أن النقد جاء سلبياً أول الأمر، ولكن سرعان ما راح جمهور نخبوي ونقاد أكثر انفتاحاً يتقبلون المسرحية كجزء من مناخ غضب شبابي عام. فكانت النتيجة أن عُرضت المسرحية لمدة ثمانية عشر شهراً متتالياً، فيما راح النقاد الكبار يراجعون مواقفهم منها، مؤكدين اكتشاف موهبة مسرحية جديدة، بل حتى إن تياراً بأسره راح ينطلق منها معلناً سيره على خطى أوزبورن. ورأى هذا أنه إذ حقق تلك الانطلاقة المباغتة وحده لم يعد عليه أن يعود إلى التعاون مع رفاق آخرين، بل حتى وجد أنه لم يعد في حاجة حتى إلى الحديث عن أي من مسرحياته السابقة. وهكذا انطوى ذكرها، وبات مسرح أوزبورن يؤرَّخ بوصفه ابتدأ مع “انظر إلى الوراء بغضب”، أما المسرحيات السابقة، ولا سيما منها تَينك اللتين قُدمتا على المسرح الريفي قبل هذه، فيُعتبران ما – قبل – مسرح الغضب. المسرحية الضائعة وعلى الرغم من الأهمية اللاحقة التي ستُسبَغ على مسرحيات أوزبورن الثلاث تلك فإن “الشيطان في داخله” ستنال القدر الأكبر من الأهمية لمجرد أن نص السابقة عليها، “عدو شخصي”، ظل يُعتبر مفقوداً منذ تقديمها للمرة الأولى، بالنظر الى أن الممثلة ستيلا ليندن التي كانت حبيبة أزبورن الأولى، ظلت تحتفظ بنسخة وحيدة من “الشيطان في داخله” كذكرى عن سنوات علاقتها وعملها مع أوزبورن، فيما تناسى هو “عدو شخصي” فاعتُبرت ضائعة وغابت عن السمع حتى عام 2008 حين عُثر على نسخ عدة منها في أرشيف لورد تشامبرلين في المكتبة البريطانية، لتعود إلى الحياة من جديد بعد 14 عاماً على رحيل أوزبورن (1994) الذي لا شك ما كان من شأنه أن يرضى عن تلك العودة لو كان لا يزال حياً. خارج البلاد تنفرد “عدو شخصي” بين مسرحات أوزبورن بكونها الوحيدة التي تدور أحداثها في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً في عام 1953 الذي أنجز فيه أوزبورن كتابتها مع صديقه كريغتون، بالتالي يمكن النظر إليها على أنها محاولة في محاكاة نوع معين من المسرح الواقعي الأميركي، ولكن بشكل لا يحمل ما يعد بالغضب الذي سيطبع مسرح أوزبورن لاحقاً. أما المكان الذي تدور فيه الأحداث فهو بالتحديد دارة آل كونستانت في بلدة أميركية صغيرة متخيَلة تُسمى لانغلي سبرينغز، ومن حول أفراد تلك العائلة التي تُقدَم إلينا منذ البداية مثالية، انطلاقاً من مشهد أول يصور لنا الانسجام داخل تلك العائلة التي يمكن القول إنها تجسد تصوراً معيناً للحلم الأميركي مرتبطاً بأخلاقية أميركية. وهذه الأخلاقية سنلاحظ أنها مجسّدة في السيدة كونستانت التي تحتفل العائلة في الفصل الافتتاحي بعيد ميلادها، هي التي تُعرف في البلدة باستقامتها ومرحها وأخلاقها بشكل عام، تلك الأخلاق التي تُعتبر تجسيداً لأخلاقية تلك البلدة النموذجية، في وقت يجسد السيد كونستانت بدأبه وعمله واستقامته وإحساسه البسيط بنجاحه، ذلك الحلم الأميركي الشهير. ابن قتيل وآخر أفسده كتاب والحقيقة أن الحديث يدور خلال عيد مولد السيدة كونستانت من ناحية من حول أن غداً هو يوم ذكرى مقتل دونالد، الابن الأكبر للعائلة، وهو يدافع عن القيم الأميركية خلال الحرب الكورية، ومن ناحية ثانية من حول النزهة التي سيقوم بها الابن الأصغر للعائلة إيرني ضمن الإطار الجامعي، حيث يدرس. وذات لحظة خلال تلك السهرة العائلية اللطيفة وفيما كانت شقيقة إيرني ودونالد، كاريل، المشارِكة في الحفلة بدورها مع زوجها، صهر العائلة، سام، تقلّب بين حوائج لأخيها إيرني، تكتشف كتاباً بين أوراقه مقدَماً إليه من صاحب مكتبة في البلدة، يدعى وارد، تمتلئ صفحاته بعبارات وأفكار هدامة تكشف عن نزعة شيوعية لديه، لا شك، كما تستنتج أن إيرني يتأثر بها، ولكن هنا تتذكر أن الشقيق الراحل بدوره كان صديقاً لوارد، وكثيراً ما يلتقيه ويناقشه. فما الحكاية؟ هل وصل “العدو الأحمر” إلى داخل هذا البيت ليقوّض سعادة هذه العائلة؟ والأخطر من هذا: هل قُتل دونالد وهو يحارب في صفوف الجيش الأميركي عدواً يعتنق هو أفكاره؟ وهل لذلك، كي يسمم أفكار الولدين ويخترق استقامة آل كونستانت وأميركيتها؟ كان وارد لا يكف عن إهداء دونالد وإيرني كتباً لا شك أنها محظورة. هجوم على العدو الداخلي انطلاقاً من هنا، تشن كاريل خلال السهرة هجوماً عنيفاً على إيرني كما على ذكرى دونالد “الشهيد رغم أنفه” كما تقول. ولكن هنا وفيما كانت في عز ثورتها على شقيقَيها كما على مفسدهما المدعو وارد، تصل برقية من قيادة الجيش تخبر العائلة وسط سيل من الاعتذارات على خطأ غبر مقصود كان قد ارتُكب، بأن دونالد لم يمت في الحقيقة، بل هو حي يرزق وسيصل إلى الديار قريباً. وهنا تتوقف ثورة كاريل، ولكن إلى حين، حيث يمكننا أن نتخيل الصراع الذي ستشهده الفصول التالية من المسرحية بين عدة عواطف ومواقف تتوزع بين السرور بعودة دونالد والغضب عليه، دون أن يخلو ذلك كله، بالتأكيد، من تبسيطية على النمط الأميركي تمثله أخلاقيات الأم ومثالية الأب مقابل غضب كاريل. تبسيطية لن يكون غريب معها أن نفترض أن أوزبورن هو الذي أخفى المسرحية جاعلاً الجميع يفترض أنها ضاعت إلى الأبد، ولا سيما في وقت كان فيه مسرحه التالي قد توجه وجهةً بالغة الاختلاف. المزيد عن: جون أوزبورن \ المسرح \ مؤلفات \ أنظر إلى الوراء بغضب \ فن التمثيل 19 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أصحاب ولا أعز: أول فيلم عربي من إنتاج نتفليكس يتعرض للهجوم بذريعة “الأخلاق” و”قيم المجتمع” next post الأزمة الأوكرانية وتناقض القيم والمفاهيم You may also like سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 19 comments เว็บตรง100% 23 يناير، 2022 - 1:51 م Ahaa, its good dialogue on the topic of this piece of writing at this place at this weblog, I have read all that, so now me also commenting here. Reply Deltaphon 23 يناير، 2022 - 2:37 م When I initially left a comment I seem to have clicked on the -Notify me when new comments are added- checkbox and now each time a comment is added I receive four emails with the same comment. Perhaps there is a way you can remove me from that service? Thank you! Reply buy weed online 23 يناير، 2022 - 2:38 م It’s really a great and useful piece of information. I am glad that you just shared this useful information with us. Please stay us up to date like this. Thank you for sharing. Reply critical thinking workbooks b 23 يناير، 2022 - 3:08 م basics of critical thinking barriers to critical thinking paul elder model of critical thinking Reply critical thinking for children y 23 يناير، 2022 - 3:09 م critical thinking for problem solving how to develop critical thinking skills thinking critically about critical thinking Reply genjosholiday 23 يناير، 2022 - 3:15 م If you would like to improve your knowledge simply keep visiting this web site and be updated with the most up-to-date news update posted here. Reply rajwap 23 يناير، 2022 - 3:28 م I blog quite often and I seriously thank you for your content. This great article has truly peaked my interest. I’m going to book mark your site and keep checking for new details about once per week. I opted in for your Feed as well. Reply sunflower seeds UK 23 يناير، 2022 - 3:33 م I loved as much as you will receive carried out right here. The sketch is tasteful, your authored material stylish. nonetheless, you command get bought an edginess over that you wish be delivering the following. unwell unquestionably come further formerly again as exactly the same nearly a lot often inside case you shield this increase. Reply click here 23 يناير، 2022 - 4:03 م magnificent issues altogether, you simply won a new reader. What would you suggest in regards to your put up that you simply made some days ago? Any certain? Reply More info 23 يناير، 2022 - 4:09 م all the time i used to read smaller content which as well clear their motive, and that is also happening with this post which I am reading here. Reply 사설토토 23 يناير، 2022 - 4:51 م I enjoy, cause I found exactly what I was having a look for. You have ended my 4 day long hunt! God Bless you man. Have a great day. Bye Reply slot demo pragmatic play rupiah 23 يناير، 2022 - 5:48 م Quality content is the key to invite the users to go to see the website, that’s what this website is providing. Reply essay writing service 23 يناير، 2022 - 6:21 م Wow, that’s what I was looking for, what a stuff! present here at this blog, thanks admin of this website. Reply Click here 23 يناير، 2022 - 6:27 م Hi there! I know this is somewhat off topic but I was wondering if you knew where I could locate a captcha plugin for my comment form? I’m using the same blog platform as yours and I’m having difficulty finding one? Thanks a lot! Reply 바카라사이트추천 23 يناير، 2022 - 6:51 م My partner and I stumbled over here coming from a different web page and thought I should check things out. I like what I see so now i’m following you. Look forward to finding out about your web page again. Reply burglary Repairs London 23 يناير، 2022 - 7:51 م London Sash Window burglary Repairs London Ltd can fix your windows, regardless the condition of them, whether broken or have fallen into. They are experts in the repair and replacement of sash windows in historic structures. Reply codego 23 يناير، 2022 - 8:01 م Good day! This post could not be written any better! Reading this post reminds me of my good old room mate! He always kept talking about this. I will forward this write-up to him. Fairly certain he will have a good read. Thanks for sharing! Reply shayanbar.ir 23 يناير، 2022 - 8:21 م shayanbar.ir Reply ラブドール 23 يناير، 2022 - 8:22 م I am no longer sure where you’re getting your info, but good topic. I needs to spend some time learning more or figuring out more. Thanks for excellent information I was looking for this information for my mission. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.