الخميس, نوفمبر 28, 2024
الخميس, نوفمبر 28, 2024
Home » ماياكوفسكي شاعر “ثورة أكتوبر” الذي انتحر كمدا عليها

ماياكوفسكي شاعر “ثورة أكتوبر” الذي انتحر كمدا عليها

by admin

 

انطلق يدعو إليها في ساحات كبرى المدن الروسية من خلال رسوماته التي راح يشارك في تعليقها بنفسه

اندبندنت عربية \ سامي عمارة كاتب وصحافي

شهد هذا الأسبوع الاحتفالات بالذكرى الـ 130 لميلاد واحد من أبرز شعراء وفناني القرن الـ 20 وأكثرهم مهارة، فقد كان فلاديمير ماياكوفسكي رساماً وكاتباً مسرحياً وممثلاً ومخرجاً وكاتب سيناريو، لكنه كان بطبيعة الحال وقبل ذلك وذاك شاعراً استحوذ على كل جوانب العصر يؤمن بالأفضل ويرفض الأسوأ، وقد جاءت ذكرى ميلاد “عبقري عالم الدعاية والإعلان السوفياتي” أو “شاعر ثورة أكتوبر” لتبدو خير فرصة لتصحيح بعض “المفاهيم” التي كثيراً ما جمعت الأدبيات العربية بينها وبين بعض سيرة الشاعر والفنان الكبير، وكان كثير من الأدباء والكتاب العرب ساروا في سياق ما انتهجته “ويكيبيديا” من خطأ كتابة اسم البلدة التي ولد بها شاعرنا الكبير “بغدادي”، فيما نسبت أصوله إلى “التتار” بينما الحقيقة تقول إن الاسم هو “بغداتي”، أما الأصول فتضيع بين نسبها إلى الجورجية والأرمنية والأوكرانية والروسية التي اجتمعت تحتها أصول الأم الأوكرانية والأب الجورجي إلى جانب الثقافة القوقازية الروسية التي اكتسبها “شاعر ثورة أكتوبر” الاشتراكية منذ انتقاله إلى العاصمة موسكو.

ولد فلاديمير ماياكوفسكي خليطاً بين مختلف الأجناس والأعراق الجورجية والأوكرانية والأرمنية والقوقازية، لينتهي به المطاف روسياً وشاعراً غنائياً لثورتها الاشتراكية.

ولم يمض من الزمن كثير حتى وضع بنفسه حداً لهذا “الخلط المتعمد” في قصيدته التي صاغها عام 1924 تحت عنوان “فلاديقوقاز – تفليس” واعترف فيها بأصوله الجورجية، ليؤكد لاحقاً في عام 1927 أنه “ولد عام 1893 في القوقاز عن أب قوزاقي وليس قزاخياً كما تورده بعض الأقلام العربية، وأم أوكرانية بينما كانت لغته الأم هي الجورجية”.

وها هي الذكرى الـ 130 لميلاد فلاديمير ماياكوفسكي تدهم محبيه ومريديه ممن اجتمعوا للاحتفال بهذه المناسبة في مواقع مختلفة، فمنهم من اختار ذلك المنزل الذي استأجره والده عام 1889 في بلدة “بغداتي” التي شهدت مولد الصغير ليتخذوه مقراً لمتحف تذكاري كانت رسائل الشاعر الكبير التي صاغها باللغة الجورجية أولى معروضاته، بينما كانت العاصمة موسكو اختارت “أرض المعارض” في أطرافها موقعاً لبرنامج أدبي تعليمي اختاروا له عنوان “ماياكوفسكي – رودتشينكو والشغب ضد الشرائع”، شمل عرضاً لروائع الإعلانات السوفياتية التي كانت بعيدة المنال حتى بعد 100 عام، فضلاً عن قاعة الكرملين الكبرى للمؤتمرات التي وقع عليها خيار المسرحيين من عشاق الشاعر الكبير، لتكون المنصة المناسبة لتقديم بعض أشعاره ونماذج من أعماله.

أما عن فلاديمير ماياكوفسكي الذي استمد شهرته من أشعاره التي صاغها تمجيداً وإجلالاً بأمجاد “ثورة أكتوبر” الاشتراكية عام 1917، وكذلك من بعض محطات سيرته الذاتية شديدة التميز والفرادة، نشير إلى تاريخ مولده في الـ 19 من يوليو (تموز) عام 1893 في بلدة “بغداتي” التابعة لكوتايسي في جورجيا. ولكم كان من الغريب أن تظهر أولى مواهب ماياكوفسكي في مجال الفنون والرسم في وقت باكر من سنوات عمره، فلم يبدأ الصبي كتابة الشعر إلا في الـ 15 من العمر، وكان ما كتبه قصيدة “ثورية بشكل لا يصدق وقبيحة على حد سواء نشرها في مجلة مدرسية غير قانونية”. حدث ذلك على رغم اهتمامه بالفن الذي واصل اعتناءه به بعد انتقاله إلى العاصمة موسكو التي رحل إليها مع شقيقته لودميلا ماياكوفسكايا، حيث قرر درس الرسم هناك وقام بتغيير عدد من المعلمين قبل التحاقه بمدرسة موسكو للرسم والنحت والعمارة والانضمام إلى المؤلفين الطليعين الذين أصدر معهم أول أعماله الشعرية، “صفعة على وجه الرأي العام”، الذي انتقد فيه مجمل الأوضاع السياسية في روسيا.

وكان فلاديمير ماياكوفسكي خبر تجربة السجن مع وصول الموجة الأولى من الثورة الروسية إلى جورجيا، ولم يكن تجاوز سن الطفولة مما سمح بالإفراج عنه من دون متاعب تذكر، أما المرة الثانية فكانت بعد انضمامه إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي (البلشفي)، واستطاعت الأم الإفراج عنه بكفالة قبل أن يعود لحياة السجون للمرة الثالثة التي قضى بموجبها 11 شهراً في السجن الانفرادي لأسباب تعود لمشاركته في تهريب 13 سجينة سياسية.

وهناك كان اطلاعه للمرة الأولى على أشعار بايرون وشكسبير إلى جانب نماذج من الأدب الروسي لبوشكين وليرمنتوف ودوستويفسكي، وما إن بلغ فلاديمير ماياكوفسكي الـ 20 من العمر حتى بدأت تتحول اهتماماته لتشمل المسرح إلى جانب الشعر والرسم وذلك في عام 1913، فقد سجل ذلك العام ظهوره في مأساة “فلاديمير ماياكوفسكي” التي تولى بنفسه إخراجها ولعب الدور الرئيس فيها، كما أبدى اهتمامه في العام نفسه بعالم السينما فبدأ كتابة السيناريو الذي ألحقه بعد عام بالقيام بدور البطولة في فيلم “دراما في الكاباريه المستقبلي رقم 13” للمرة الأولى خلال سنوات الحرب العالمية الأولى.

لكن مجال الدعاية والإعلان سرعان ما أعاد الشاعر الكبير لحبه الأول وها هو يبدو أكثر غزارة في الإنتاج، فقد كان من الواضح أن هذا كان أكثر سهولة بالنسبة إليه وأنه كان سعيداً باستخدام الفرشاة، وكان الرسم يعني له الراحة ويبدو في تلك اللحظات أشد رقة وأكثر حناناً. سرعان ما كان يبلغ إنتاجه في المجموع 50 ملصقاً وما يصل إلى 100 لافتة، فضلاً عن الأغلفة والإعلانات والرسوم التوضيحية في الصحف والمجلات.

وفجأة يعود الشاعر باهتماماته صوب العمل الثوري ليعلن عام 1922 رئاسته للمجموعة الأدبية “الجبهة اليسرى للفنون”، التي تغير اسمها في وقت لاحق إلى “اليسار” ثم إلى “الثوري”، وسرعان ما أصبحت المجلة التي تحمل اسم الجمعية الإبداعية، ونشرت على صفحاتها النثر والشعر وصور المصورين الرواد والمشاريع المعمارية الجريئة وأخبار الفن اليساري.

وفي عام 1925 انفصل الشاعر عن ليليا بريك عشيقته التي استهوته منذ التقاها عام 1915، وكانت زوجة ناشره وصديقه أوسيب بريك.

كانت بالنسبة إليه التاريخ الأكثر بهجة وملهمته ومحبوبته لما يقارب 10 أعوام، لعبت خلالها كثيراً من الأدوار المحورية، ومعها اتخذ كثيراً من قراراته المفصلية، وعنها سجل كثيراً من أشعاره الأكثر تميزاً وإن كانت “غيمة في سروال” التي كان اسمها الأصلي “الحواري الـ 13″، وبدأ كتابتها في نهاية عام 1914 ليفرغ منها عام 1915 وتظل الأهم في إنتاجه الشعري.

وقد أسهمت ليليا بريك في نشر هذه القصيدة بعد الاستماع إليها في مسكنها مع زوجها أوسيب في بتروغراد، ومن المعروف أن ماياكوفسكي خرج عن المألوف في هذه القصيدة الطويلة بتحديده مغزاها ومضمونها في أربع صرخات أوردها في أربعة مقاطع، تخلى فيها عن الوزن والقافية وإن حافظ على الإيقاع في محاولة لاستفزاز مشاعر السامعين وتحريضهم، وفيها كتب يقول:

“فليسقط حبكم. فليسقط فنكم. فليسقط نظامكم ولتسقط ديانتكم”!

ونذكر أن هذه القصيدة كانت نبوءة الشاعر باقتراب ثورة 1917 وإن تأخرت بعض الوقت، لتكون أول ثورة اشتراكية يعلنها ماياكوفسكي بكل قوة “إنها ثورتي”.

انطلق فلاديمير ماياكوفسكي بكل طاقاته ومواهبه يدعو إلى هذه الثورة في ساحات كبرى المدن الروسية، وفي كل التجمعات البشرية يفجر حماسة الجماهير لها من خلال أشعاره ورسوماته التي راح يشارك في تعليقها بنفسه،  وكان ماياكوفسكي يعود من كل العواصم الأجنبية التي زارها أكثر إيماناً بالاشتراكية وقيم الحب والخير في الوطن الذي كثيراً ما حلم به وناضل من أجله، ولكن اصطدام ماياكوفسكي بالمتسللين والمتسلقين والانتهازيين والبيروقراطيين في الحزب والحكومة وضعه في خانة المدافعين عن الثورة ضد البرجوازية وكل أشكال البيروقراطية والانتهازية التي بدأت تتفشى في الحزب والدولة، وقد استغل بعض القريبين من لينين رأيه في جماعة الطليعيين بشكل عام وفي شعر ماياكوفسكي على وجه الخصوص لمحاربته علانية، فضلاً عن استفادتهم من عدم ارتياح لينين لشعر الطليعيين وفوضويتهم، وكان يعد ماياكوفسكي من المحسوبين عليهم.

ونذكر في هذا الصدد أن لينين توجه باللوم الشديد إلى أناتولي لوناتشارسكي المسؤول عن الثقافة لسماحه بطباعة 5 آلاف نسخة من قصيدته، 150 مليوناً، التي حطم فيها ماياكوفسكي القافية والوزن وحافظ على الإيقاع.

على أن الشاعر لم يتخذ الموقف ذاته من لينين ولم يحزن لرأيه في شعره، إذ كتب لمناسبة وفاته قصيدته “فلاديمير إيلتش لينين” التي عدها كثيرون ملحمة في رثاء زعيم الحزب والثورة، كما يعد النقاد هذه الملحمة من أهم روائع ماياكوفسكي على رغم أنه تخلى كثيراً عن فنية القصيدة على حساب المضمون السياسي.

وكانت شعبية ماياكوفسكي تزداد مع كل يوم جديد في مواجهة الحملات المنظمة ضد هذا الثوري الذين قالوا إنه يعبر عن الثورة ضد الشكل والمضمون، ليس في الشعر وحسب بل وعلى كل مظاهر الفساد في أجهزة الدولة وصفوف الحزب، والتي كانت في رأيه “تخون الطبقة العاملة باسم الطبقة العاملة”.

ولم يكتفوا بالنقد اللاذع والتهكم المرير وإلصاق التهم بالشاعر بل سحبوا مؤلفاته من المكتبات ورفضوا طباعة أعماله الجديدة، وقد أسهم كل ذلك في حصار “شاعر الثورة” مما دفعه إلى محاولة الرحيل إلى باريس حيث محبوبته تانيا ياكوفلوفا ذات الأصول الروسية التي ما إن علمت بذلك حتى اتخذت قرار الزواج من الفيسكونت دوبليه، وهو ما كان سبباً في تعميق جراحه وعذابه وزيادة يأسه وآلامه، وذلك ما وفر المقدمة لليوم المشؤوم الذي وجدوا فيه رسالته الأخيرة التي أرادها في صيغة وصية ينهي بها حياته في الـ 14 من أبريل (نيسان) 1930، وقد كتب يقول قبل إطلاق النار على نفسه من مسدس كان بحوزته :

“إلى الجميع، لا تتهموا أحداً في موتي وأرجو الابتعاد من النميمة فالراحل لم يكن يطيق ذلك.

أمي أخواتي ورفاقي سامحوني، هذه ليست الطريقة الصحيحة ولا أنصح بها غيري، ولكن ليس باليد حيلة.

ليليا – أحبيني.

أيها الرفيق الحكومة، عائلتي هي ليليا بريك ماما أخواتي وفيرونيكا فيلتودوفنا بولونسكايا.

إذا دبّرتم لهم حياة مقبولة فشكراً.

أعطوا هذه القصيدة التي ابتدأتها إلى آل بريك وهم سيفهمون.

كما يقال ” trop poivre` ”

فقارب الحب تحطم على صخرة الحياة، لقد فرغت من حسابي مع الدنيا ولا فائدة من تعداد الآلام المتبادلة والمصائب والإهانات. أتمنى لكم السعادة في البقاء.

فلاديمير ماياكوفسكي 12 أبريل 1930

المزيد عن: الفنالشعرفلاديمير ماياكوفسكيثورة أكتوبربغداتيالثورة الاشتراكيةموسكوشاعر

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00