الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » مانيه رسم كليمنصو في لوحتين لم تروقا لنمر السياسة الفرنسية

مانيه رسم كليمنصو في لوحتين لم تروقا لنمر السياسة الفرنسية

by admin

لم يعجبه البورتريه فأرسله إلى متحف اللوفر ونسيه حتى عام رحيله

اندبندنت عربية \ إبراهيم العريس باحث وكاتب

تقول الحكاية، والحكايات تعرف عادة ما تقول وتعنيه حتى وإن نُقلت في معظم الأحيان بصورة قد لا تكون دقيقة، إن السياسي الفرنسي جورج كليمنصو الذي كان يلقب بنمر السياسة الفرنسية، منذ بدايات خوضه عالم السياسة في صفوف اليسار الراديكالي وحتى من قبل أن يصل إلى منصب رئيس الحكومة، فيعتبر من أعظم الرؤساء الفرنسيين في العهود الجمهورية لا ينافسه في ذلك الموقع سوى اثنين جاءا من بعده هما شارل ديغول وفرانسوا ميتران، إذاً تقول الحكاية إنه حين جيء إليه بثاني بورتريه رسمه له صديقه الفنان إدوار مانيه خلال سنوات قليلة، نظر إلى اللوحة وتمتم بشيء من التوجس “لا أحب هذه اللوحة. يمكنكم وضعها في اللوفر”. ونعرف طبعاً أن جدلية التعبيرات التي أُثرت عن كليمنصو منعت مانيه من أن يستشعر أي سوء أو إهانة في تعليق ذلك الصديق الذي كثيراً ما سانده ودافع عنه منذ بداية لقائهما، فهو اعتبر هذا الكلام مدحاً لا انتقاداً ومن الواضح أنه لم يكن مخطئاً.

تجاهل أم نسيان؟

مهما يكن من أمر كان من شأن هذا التعليق أن يزعجه لو أن كليمنصو قاله حين تأمل في بورتريه آخر كان مانيه قد رسمه له في الوقت نفسه تقريباً، أي بين العامين 1879-1880 وكان من حقه أن يقوله، أما بالنسبة إلى البورتريه الذي نتحدث عنه هنا والذي انتهى مصيره أن يعلق في اللوفر بالفعل، لينتقل بعد ذلك إلى متحف الأورساي حيث يعتبر اليوم من تحفه، فلا شك أن كليمنصو كان يمزح، بل بالأحرى كان يعني بجدليته الخطابية التي اشتهر بها، أن ذلك البورتريه المميز يستحق أن يعلق في مكان غير بيته أو مكتبه. في أعظم مكان يمكن أن تعلق فيه لوحة معاصرة. ومع ذلك لا بد أن نعود إلى الحكاية نفسها لنذكر كم أنها تتناقض على أية حال مع حكاية أخرى تتعلق باللوحة المذكورة. وتقول هذه إن كليمنصو فيما كان يقوم بزيارة إلى متحف اللوفر في عام 1929 أي قبل وفاته بشهور، استوقفته اللوحة نفسها فالتفت إلى مرافقيه مبدياً دهشته من وجود هذا البورتريه له في اللوفر متسائلاً عن السبب في ذلك، مذكراً بأنه يفضل عادة أعمال كلود مونيه على أعمال مانيه، مضيفاً “لكني لا أعرف هذه اللوحة مع أنها الأجمل!”. وطبعاً لم يترك كليمنصو وقتاً للمرافقين كي يذكروه بأنه كان هو نفسه، وفي الأقل، قد أمر في عام 1907 بنقل لوحة “أوليمبيا” لمانيه نفسه إلى اللوفر بعدما كان عرضها الأول شكل فضيحة أقامت الدنيا ولم تقعدها في عام 1863!!

إدوار مانيه (غيتي)​​​​​​​

صداقة السياسي والفنان

حكايتان متناقضتان ربما لا تكون أي منهما صحيحة وربما تكونان معاً حقيقيتين، لكنهما تشيران معاً إلى تلك الصداقة التي ربطت بين الفنان والسياسي، وإلى ذلك الشعور بالامتنان الذي رافق مانيه طوال حياته تجاه الحماية التي وفرها له كليمنصو، وكان البورتريهان تعبيراً عن ذلك الامتنان علماً بأن مانيه رسمهما والسياسي الشاب جالس كموديل في محترفه، حتى طالت أيام التنفيذ فتخلى كليمنصو عن الجلوس في المحترف، ما أرغم الرسام على اللجوء إلى صور فوتوغرافية ساعدته على استكمال عمله على اللوحتين في وقت واحد تقريباً. والمدهش أن النتيجة جعلت لكل لوحة شخصيتها الخاصة وكأنهما تنتميان إلى زمنين متباعدين، تباعدهما الجغرافي في زمنهما هذا، إذ إن الأجمل بين اللوحتين ظلت تشغل مكانها في اللوفر حتى افتتاح الأورساي ونقلها إليه، في إطار نقل فنون القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين الفرنسية إلى هذا المتحف المستحدث الذي بات من معالم باريس المهمة اليوم، فيما الثانية دارت في عدة أماكن حول العالم لتصل حيث هي اليوم، إلى متحف “كمبل آرت ميوزيوم” في فورت وورث، تكساس، حيث تعتبر من مقتنياته المهمة. ولعل المهم في الحكاية كلها تفرد مانيه بين الانطباعيين الفرنسيين من جيله بتكريس لوحتين لسياسي، بينما نعرف أن البورتريهات التي رسمها مبدعو هذا التيار كانت لبعضهم بعضاً ولمبدعين آخرين، وربما لزوجاتهم وأبنائهم وأحياناً لمقتني لوحاتهم محليين كانوا أو أجانب خصوصاً روسا، لكنهم نادراً ما رسموا سياسيين. وقد يكون أكثر لفتاً للنظر في بورتريهي كليمنصو أنهما صوراه وهو في عز ممارسة عمله السياسي.

بعيداً من الرغبات السياسية

ولكن، وكما أشرنا، من المؤكد تاريخياً أن مانيه لم يرسم كليمنصو لأنه سياسي، وبالتالي لم يتعامل معه تعامل كبار المبدعين منذ ساحق الأزمنة مع الحكام أو رجال السياسة لنيل رضاهم، أو حتى كما كانت الحال مثلاً مع أفلاطون وابن خلدون وابن رشد وغيرهم من مبدعين كانوا يتطلعون إلى ممارسة نفوذ سياسي ما على بلاط معين أو للقيام بدور سياسي، ولا حتى كنوع من تعامل يشبه تعامل الموسيقي هايدن مع الأمير إسترهازي أو تعامل فاغنر مع لودفيغ ملك بافاريا، بحيث يحظى الواحد منهما برعاية من صاحب النفوذ والمال. مانيه رسم كليمنصو كصديق وكمحب للفنون والثقافة، كان حين رسمه لا يملك سلطة حقيقية أو مالاً. وفي مقدورنا أن ننظر إلى هذا الأمر اليوم بوصفه نقطة في صالح كليمنصو نفسه. وهو الذي تعرّف يوماً على مانيه من خلال أصدقاء مشتركين من بينهم إميل زولا وبول موريس، ولكن بخاصة غوستاف مانيه شقيق إدوار الأصغر، الذي كان عضواً مثل كليمنصو في مجلس بلدية باريس بل حل مكانه في رئاسة المجلس، وكان ذلك حين اندلعت فضيحة لوحة “أولمبيا”، فسارع السياسي الراديكالي الذي كان معروفاً بحبه للفن وحدبه على المبدعين إلى التدخل لصالح مانيه.

رسم الذات من خلال الموديل

وهكذا نشأت تلك الصداقة التي وصلت إلى ذروتها عند بدايات سبعينيات القرن التاسع عشر حين أدى احتراق المبنى المخصص لبلدية باريس إلى انتقال المجلس إلى قصر اللوكسمبورغ، وهناك راح الرسام يراقب أداء كليمنصو وأسلوبه القوي والصلب في إلقائه خطبه العنيفة والمشاكسة. لئن كانت اللوحة التي يفترض أنها رسمت أولاً -أي تلك المعلقة اليوم في المتحف التكساسي- قد عبرت عن ذلك إلى حد ما من خلال وقفة كليمنصو وصلابة تلك الوقفة، فإن مانيه تمكن من التعبير أكثر عن مكانة صديقه السياسي بل ربما أكثر من ذلك عن المسار السياسي والنضالي الذي سيكون مساره، في اللوحة الثانية (لوحة “اللوفر”( ومن خلال ذلك عما يكاد يشبه شخصيته هو نفسه ما سيجعل أندريه مالرو يعلق على ذلك البورتريه لاحقاً بقوله “كان من الضروري لمانيه كي يتمكن من رسم بورتريه كليمنصو أن يجرؤ على أن يجعل من ذاته كل شيء في اللوحة، منكراً على كليمنصو أن يكون أي شيء فيها”. فهل علينا أن نفترض هنا أن كليمنصو بذكائه الشديد وإحساسه القوي فهم هذا قبل أن يفهمه مالرو بسنوات عديدة، وأدرك أن مانيه، مثل كل مبدع صادق وحقيقي، إنما رسم ذاته من خلال ملامح السياسي، فاكتفى هذا بإبداء ذلك الموقف ليس المستهجن للبورتريه بل الزاعم أنه لا يتذكره من خلال إنكاره أنه يتذكر هذه اللوحة؟

وبقيت الصداقة

لسنا ندري طبعاً لكن هذه الفرضية تبدو منطقية حتى ولو أجمع النقاد والمؤرخون على أن ذلك البورتريه يمكن اعتباره واحداً من أجمل البورتريهات التي رسمها فنان كبير لسياسي يضاهيه مكانة، في الفترة الفاصلة بين القرن 19 والقرن العشرين في الأقل. ومهما يكن من أمر يمكننا ضمن منطق إبداعي ما أن نختم هذا الكلام هنا بالإشارة إلى أن الصداقة بين الرجلين بقيت مثالية، حتى وإن كان كليمنصو سيستنكف لاحقاً عن حسبان مانيه بين رساميه المفضلين.

المزيد عن: جورج كليمنصو \ فرنسا \ فن تشكيلي \ إدوار مانيه \ متحف اللوفر \ متحف الأورساي

 

 

You may also like

15 comments

adhd Private assessment 11 فبراير، 2022 - 6:45 ص

The initially the symptoms is extreme sadness or excessive crying.
A person suffering out of this symptom will often state that they do not know why they are upset or crying.
Frequently even feel overwhelmed that everything will probably
be wrong.

Here is my site … adhd Private assessment

Reply
cheap seeds uk 11 فبراير، 2022 - 6:45 ص

It’s always a good idea to do some research before purchasing
cheap seeds uk in the
UK. The prices will differ depending on the type of seeds you’re searching for.

There are some websites that provide a large choice, while other
sites offer less choices.

Reply
lipstick 11 فبراير، 2022 - 6:46 ص

What makes a lipstick beautiful?
The pigments and dyes used to produce them. Both are
insoluble materials which impart color. There are
a variety of pigments, as well as various types of liquids
and waxes.

Reply
clothes every month 11 فبراير، 2022 - 6:46 ص

clothes every month girl dreams to become
the belle of the ball, you’ve not heard of formal prom gowns won’t go
out of style. Floor-length gowns make women of all ages look mature, dignified and
chic.

Reply
cbd chocolate for Sale 11 فبراير، 2022 - 6:46 ص

You might also need to become a minute patient because you head off into
the brave rainforest of online dating.

Also visit my web blog … cbd chocolate for Sale

Reply
cbd for Sale 11 فبراير، 2022 - 6:46 ص

CBD is a well-known and popular supplement that is used to lower anxiety and other mood disorders.

The benefits of cbd for Sale are well-known, and research
has suggested that it could help fight certain diseases.
It is crucial to take it with care.

Reply
Dexter 11 فبراير، 2022 - 6:46 ص

Stand on prom night; don’t prefer the same run-of-the-mill evening dresses.
To obtain more tips for your prom dress, begin looking around 90 days before the prom.

my website – monthly clothing box (Dexter)

Reply
Collection make up 11 فبراير، 2022 - 6:47 ص

For brighter, larger eyes, line just the bottom top. When you’re doing your regular makeup look,
despite black eyeliner on greatest lid, your website bit of white for
the inside of one’s lower sport bike helmet.

my web site – Collection make up

Reply
clothes Service Monthly 11 فبراير، 2022 - 6:47 ص

Revive a number of times by tipping your hat into the bride’s high school
days. Check up all those slightly embarrassing hits through
your year she graduated — let’s the 80s.

Look at my web site … clothes Service Monthly

Reply
Enriqueta 11 فبراير، 2022 - 6:47 ص

As soon as the key is inserted in the ignition of this car, it automatically connects
with the security device within the car. The security device sends signals to your key using radio wave frequency.

Also visit my web site; 24hr locksmith (Enriqueta)

Reply
seo search engine Optimization 11 فبراير، 2022 - 6:47 ص

seo search engine Optimization is often a very effective and extremely targeted way of marketing – Unlike expensive TV,
radio and press advertising, SEO marketing is actually cheap and cost effective.

Reply
monthly clothing Box 11 فبراير، 2022 - 6:47 ص

Purchasing bargain wedding gowns can be made at
a bridal go shopping. Head for the formal dance dress
drawers. You will see dresses which usually for formal dances including prom at these snowchains.

Here is my homepage … monthly clothing Box

Reply
Search Engine Optimization Seo 11 فبراير، 2022 - 6:48 ص

Many look as if believe that link building will get you the desired ranks
almost instantly. That is quiet wrong.

Review my homepage; Search Engine Optimization Seo

Reply
Game Yang Menghasilkan Uang tanpa modal 11 فبراير، 2022 - 6:49 ص

Slot Gacor
Bocoran Slot Gacor
If you are seeking a new location to play slots, you can take a look at Slot Gacor.

This Internet-based gambling club offers a large variety of
games to its players including free and premium video slots.

my blog; Game Yang Menghasilkan Uang tanpa modal

Reply
how to get the Keys out of a locked car 11 فبراير، 2022 - 6:50 ص

Advice: To be able how to get the Keys out of a locked car time,
checking all among the feeding avenues for jammed paper. Research for paper over-fill beyond
the laws. Make sure it is inserted squarely, and doesn’t have crimped edges likewise allows buckle
in feed.

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00