ماريا كالاس (1923 – 1977) الحقيقية (غيتي) ثقافة و فنون ماريا كالاس تحت ملامح الفاتنة أنجلينا جولي by admin 1 مارس، 2025 written by admin 1 مارس، 2025 17 حكاية من القرن الـ20 تتأرجح بين فن الأوبرا والمغامرات العاطفية والتأمل الأخلاقي اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب ا بعد شارل آزنافور، سيد الرومنطيقية وشؤون الحياة اليومية في الأغنية الفرنسية، وبوب ديلان، فتى “الروك” و”الفولك” المدلل في الغناء الأميركي وصاحب جائزة نوبل الأدبية بصورة غير مسبوقة، ها هي السينما المعاصرة تصل عبر فيلم “ماريا” للأرجنتيني بابلو لورين، إلى أسطورة الغناء الأوبرالي في القرن الـ20، ماريا كالاس، مع تركيز لا بد منه هنا على أن أنجلينا جولي هي التي تقوم بالدور في الفيلم الذي نختتم به في هذه الزاوية حديثنا عن ثلاثية سينمائية بديعة حققت نجاحات مشجعة منذ الخريف الماضي، ثلاثية تضم إلى “ماريا” فيلمي آزنافور وديلان بالتأكيد. والحقيقة أن ثمة ما يميز فيلم “ماريا” ويأتي إلى حد ما، من خارج موضوعه وحبكته، وهو أن البطولة فيه معقودة لتلك الفاتنة السينمائية التي لا تتوقف عن إبهار متفرجي السينما بأدوار متنوعة وقوية تلعبها، وبقوة أدائها لتلك الشخصيات، مما يجعلها واحدة من كبيرات فن التمثيل في هذه الحقبة. وبحسب المرء أن يقارن بين ناتالي بورتمان التي لعبت دور جاكلين كينيدي أوناسيس في فيلم “جاكي” للورين مخرج فيلم “ماريا” نفسه، وبين أنجلينا وهي تؤدي دور كالاس في الفيلم الأخير. لقد بدت بورتمان مقنعة، لكنها لم تتمكن من أن تنسينا كونها أقرب دائماً لأن تكون مراهقة مبدعة، بينما بدت ماريا تحت ملامح جولي أكثر من ذلك بكثير. بدت وكأنها خلقت لتلعب هذا الدور. ولعل لعبها الدور نقطة القوة الرئيسة في فيلم يتكامل مع “جاكي” ليس فقط لأن المخرج واحد والمرحلة الزمنية واحدة، بل لأن ثمة قواسم مشتركة عدة بين الفيلمين أهمها التجايل الزمني بين النجمتين جاكي وماريا، وبخاصة كونهما كانتا امرأتين متتاليتين لملياردير اليونان أوناسيس، بحيث كانت ماريا “حب حياته”، فيما باتت جاكلين من بعد مقتل زوجها الكبير جون كينيدي، امرأته الأخيرة كبديلة لماريا في حياته، وهو الذي لم يكن أولاً وأخيراً أكثر من عجوز مُتصابٍ يشكل ماله وحضوره الاجتماعي في العالم المخملي خلال الربع الثالث من القرن الـ20، نقطة الجذب الرئيسة لديه. بين فيلمين متوسطي الجودة أو ذلك ما يقترحه فيلما بابلو لورين على أية حال، ولو بصورة غلبت عليها المواربة، وبصورة تقترح نوعاً من تكامل بين الفيلمين، يبدو أنه لم يُثر اهتمام المتفرجين كثيراً، اللهم إلا من ناحية أداء أنجلينا لدور ماريا كالاس. ومن هنا لئن كان هؤلاء المتفرجون يميلون إلى نسيان حضور أوناسيس في كلا الفيلمين، فإن ما يبقى من الفيلم الثاني هو ذلك التماهي الذي عرفت أنجلينا جولي كيف تخلقه بينها وبين ماريا كالاس على رغم كل الفوارق الشكلية والجسدية، بينهما. فوارق تمكن أداء جولي الداخلي من محوها. والحقيقة أن المقارنة بين “جاكي” و”ماريا”، والتي فرضت نفسها بقوة، يمكن أن تتوقف هنا مع أن من الممكن لها أن تشغل صفحات طويلة. ففي النهاية لا بد لحديثنا أن ينصب على فيلم “ماريا” الذي، يبدو مميزاً لكونه يتشارك مع “جاكي” في أنه فيلم يعيد إلى سينما “السيرة” اعتبارها كما يعيد ذاكرة الجمهور إلى بهاء القرن الـ20 وحياته الاجتماعية الصاخبة والحافلة بالدراما التي كانت لها روعتها وسطوتها على الأحاسيس العامة، مقابل تهافت القرن التالي له، والذي نعيش فيه سطوة وسائل التواصل الاجتماعي ومخاوف الذكاء الاصطناعي وفقدان القيم الأخلاقية والأفكار الكبيرة. والمهم على أية حال أن فيلماً عن ماريا كالاس كان منتظراً وبإلحاح منذ زمن بعيد، ولسوف تقول أنجلينا جولي إنها هي الأخرى كانت تنتظر مشاهدة حياة ماريا كالاس “أو في الأقل جزءاً من تلك الحياة على شاشة ذكية” دون أن يخطر في بالها أنها ستكون بالنسبة إلى فيلم كهذا، أكثر من متفرجة. ومن هنا كانت “مفاجآتي كبيرة حين عرض عليَّ بابلو (لورين) القيام بالدور”. والحال أن ذلك العرض وصل إلى الهوليوودية الفاتنة في وقت كانت قد قررت فيه أن تبتعد بعض الشيء عن الكاميرا والعمل لتتفرغ لتربية “أطفالها” الكثر بعد تخلي براد بيت عنها. أنجلينا جولي في “ماريا” من إخراج بابلو لورين (نتفليكس) الولادة من الشغف والحقيقة أن ما حسم الأمر بصورة إيجابية كان قراءة أنجلينا للسيناريو. غير أنها لا يقول اليوم ما يقوله كثر من أن نيات الفيلم كانت أفضل مما أسفرت عنه أفلمته من نتائج، بل حسبها أن الفيلم أعاد إلى مسرح الحياة والفن، امرأة استثنائية وحقبة استثنائية وصوتاً استثنائياً. ففي نهاية الأمر تبدو أنجلينا جولي وكأنها تقول، “تريدون فيلماً عن المرأة في عظمتها وتعبيرها المأسوي عن داخلها، عن الفن وطغيانه على إحباطاتنا وتعبيره عن تعلقنا بالحياة، عن الموت وكونه جزءاً من الكينونة لا خاتمة لها… إليكم إذاً هذا الفيلم، وتوقفوا عن المطالبة الدونكيشوتية بما يمكن أن ترونه أفضل!”. ويقيناً أن هذا الفيلم يمثل بالنسبة إلى بطلته نوعاً من “الولادة بدءاً من الشغف”. والفيلم على أية حال يتابع ذلك الشغف، إذ يقيم توازناً في غاية الدقة بين ما ينتمي إلى الحياة وما ينتمي إلى الفن، بين ما هو اجتماعي عام وما هو حميمي خاص، في زمن كان ثمة فيه حاجز يحاول أن يقاوم بين عالمي الخارج والداخل. وربما يبدو وكأنه، على شاكلة ما يمكن ملاحظته في فيلم “جاكي” على أية حال، يمهد لـ”فصل أخير” في الصراع بين ما هو عام وما هو خاص، أوصلته إلى ذروته مأساة مقتل أميرة الشعب، الأميرة الإنجليزية ديانا في مشهد حياتها الأخير وسط العاصمة الفرنسية. وطبعاً ليس ثمة مجال هنا للتوقف عند هذا البعد الأخير، لكنه فرض نفسه بالتأكيد، ولا سيما من خلال الاطلاع على تعليق لأنجلينا جولي يتحدث عن موافقتها “الفورية” على أداء الدور هي التي تقول إنها “تأثرت كثيراً بمصير تلك اليونانية العذبة التي لم تصبح سيدة كبيرة من سيدات فن الغناء الأوبرالي إلا بدفعها ثمن ذلك غالياً، وكان الثمن حياتها التي أمضتها في الألم والمعاناة الصامتين من دون عيش حياة حقيقية، بالتالي من دون أن تعرف حباً حقيقياً في حياتها…”. آخر سنوات السيدة ونعرف الآن بعد مشاهدتنا الفيلم أنه وكما يجدر بسينما السيرة أن تفعل، لا يتحدث إلا عن تلك السنوات، بل حتى عن الأيام الأخيرة من حياة ماريا كالاس تلك الأيام التي بلغت فيها صورتها العامة ذروة الذرى، لكن حياتها الخاصة تدهورت فيها إلى الحضيض، إذ بدأ المرض ينهشها، وبات من العسير عليها أن تعاود الظهور على المسرح مكتفية بتسجيلات داخل الاستوديوهات، وراحت الوحدة تنخرها بعدما راح أوناسيس، “حب حياتها الوحيد” يتخلى عنها، مفضلاً ارتقاء المزيد من سلالم الشهرة بالارتباط الرسمي بأرملة الرئيس الأميركي الراحل، وباتت العزلة عن الآخرين سم حياتها اليومية فاكتفت بالعيش بين خادم ووصيفة أمينين راحا يديران حياتها بينما تبدو هي أمامهما طفلة صغيرة عاجزة وسط نزواتها وتقاوم سطوة “الوالدين” عليها. ويقيناً إن أجمل ما في هذا الفيلم كان مشهده الأخير، حيث يقف الثنائي المؤلف من الخادم والوصيفة خارج دارة السيدة بعد موتها يشهدان أخذ رجال الإسعاف جثمانها إلى مثواها الأخير، وهم جميعاً يعلمون أنهم بدفنهم امرأة إنما يخلقون أسطورة… وأيضاً انطلاقاً من الشغف نفسه. ومن الأمور ذات الدلالة القصوى في هذا السياق هنا ما نقل عن أنجلينا جولي من أنها إنما أحست بالكثافة المطلقة لوجودها في هذا الفيلم، ولجدوى ذلك الوجود، بخاصة في ذلك المشهد الذي لم يكن لها وجود حقيقي فه، بل لا تذكر حتى أنها شاركت في تصويره. فهي لا “تحضر” هنا إلا كجثة تصورها كاميرا المخرج من على بعد يكفي من خلاله وجود بديلة مما يلغي ضرورة حضور ما لها فيه. ما يبدو هنا في إطار الفيلم تعبيراً مطلقاً عن عزلة “الديفا” التامة، تلك العزلة التي هي بعد كل شيء موضوع الفيلم الأساس ودرسه القاسي. المزيد عن: ماريا كالاسأنجلينا جوليناتالي بورتمانجاكلين كينيديالملياردير اليوناني أوناسيسجون كينيدي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post رمزية التزامن بين صوم المسلمين والكاثوليك والأرثوذكس next post محمد بن عيسى… روح “أصيلة” تدخل الأبد You may also like محمد بن عيسى… روح “أصيلة” تدخل الأبد 1 مارس، 2025 رمزية التزامن بين صوم المسلمين والكاثوليك والأرثوذكس 1 مارس، 2025 كردي أعاد الاعتبار للنثر العربي 1 مارس، 2025 غموض يلف ظروف وفاة الممثل جين هاكمان وزوجته…... 28 فبراير، 2025 إضاءات على حياة رامبو في عدن 28 فبراير، 2025 الروسي أندريه ماكين يستعيد سقوط الحلم البولشفي 27 فبراير، 2025 “مجهول تماما” سيرة سينمائية جديدة لبوب ديلان 27 فبراير، 2025 العثور على الممثل جين هاكمان وزوجته ميتَين في... 27 فبراير، 2025 “مسرح ما بعد الدراما” يدعو الى إنهاء سلطة... 27 فبراير، 2025 أم كلثوم تكسر حاجز اللغة التركية وتحدى تغريب... 27 فبراير، 2025