عرب وعالمعربي ماذا سيحصل في جزائر ما بعد الثاني عشر من ديسمبر؟ by admin 11 ديسمبر، 2019 written by admin 11 ديسمبر، 2019 77 لا يمكن للجزائريين القبول بواحد من الشخصيات الخمسة التي اختارتها العصابة، وبقيت تدير حملاتها داخل أماكن مغلقة بعيدة عن الجمهور، ليكون رئيسا لبلد المليون ونصف المليون شهيد القدس العربي / نزار بولحية – كاتب وصحافي من تونس ليس متوقعا أن تحدث معجزة تبدل شعبا بشعب أو تغير بين عشية وضحاها نظاما بنظام. ولكن جزائر ما بعد الثاني عشر من ديسمبر الجاري لن تكون هي نفسها جزائر ما قبله. فمهما توهم النظام أنه نجح في مسعاه للهروب إلى الأمام بفرض انتخابات الأمر الواقع، فسيكون عاجزا عن الوصول إلى مخرج موثوق من ورطة ستزيد حتما من حدة الرفض الشعبي لبقائه. لكن سيكون على الطرف المقابل أيضا أن يفعل المزيد ويبذل جهدا مضاعفا حتى يحصل على ما يراه الآخرون تنازلات صعبة وثقيلة، وربما غير مقبولة بالمرة. ومن يدري فلعله سيصدق المثل المأثور فتكون المسرحية الانتخابية ضارة ونافعة في الوقت نفسه، وفرصة لظهور تلك الجزائر الجديدة المختلفة عن جزائر ما قبل الانتخابات، ويتبدد كل ذلك الضباب الذي يلف مجريات معركة الشد والجذب بين النظام والحراك، ويثق المشككون والمرتابون في جدوى استمرار الشارع في نضالاته ومطالبه وضغطه، في أن العاقبة لن تكون على اي حال للظالمين والمستبدين واللصوص. لكن هل سيكون الطرف الأقوى على الورق، أي السلطة، قادرا وفي المرحلة التي تسبق ذلك على أن يحصل على ما لم يقدر على انتزاعه بالاعتقالات والملاحقات وتكميم الأفواه وشراء الضمائر، من خلال انتهاج أسلوب الخداع والتضليل واستثمار انتخاباته الصورية والشكلية، لفرض استتباعاتها ونتائجها على الجزائريين؟ أم أن الحراك سينزل بثقله ليقلب ما يبدو رضوخا وتسليما بالأمر الواقع ويحول المهزلة إلى انتصار للإرادة الشعبية الحرة على محاولات التدجين والتوجيه والتركيع؟ في المشهد الكاريكاتيري الذي يرسمه قادة الجيش الجزائري اليوم، وهم الماسكون بالسلطة الفعلية في البلاد، يظهرون وكأنهم يقودون شعبا بأكمله إلى جنة الحرية والديمقراطية، مكبلا بالأغلال والسلاسل . فمرة بعد أخرى يبررون ما يفعلونه بأنهم يستجيبون فقط لواحدة من أهم تطلعات ومطالب الحراك الشعبي، وهي تنظيم انتخابات حرة وشفافة، ولكن أليست الصورة مقلوبة في الأصل؟ ألا يرفض الجزائريون المسرحية ويهتفون بقوة ضد المخرج والمنتج، وضد جميع الممثلين المشاركين فيها؟ اليس مستحيلا وغير ممكن بنظرهم أن تجرى انتخابات حقيقية في ظل بقاء الوجوه القديمة، واستمرار صناع الملوك في تحريك من يشاؤون وتوجيههم من وراء الستار؟ ثم ألم تكن فبركة الانتخابات وصناعتها على المقاس، هي الداء العضال الذي عانت منه الجزائر لعقود وثارت ضده؟ لقد أسقطوا قبل شهور وبفعل تصميمهم وضغطهم رئيسا مريضا وعاجزا، وقيل وقتها إنه استقال. وفيما بدأ بديله في التهيؤ لخلافته في عهدة رئاسية جديدة يفترض أن تبدأ بعد إجراء انتخابات غد الخميس، فإنه لن يكون مستبعدا ابدا أن لا يمضي مرشح المنظومة، أو ما يسميها الجزائريون بالعصابة، في منصبه بعيدا أو يستمر لوقت طويل أمام الإرادة القوية والواضحة لهؤلاء في التحرر والتخلص من كل الرموز والوجوه المنسوبة لحقبة الاستبداد، ومن دون استثناء. ويبدو أن هناك جزءا من تاريخ مشترك مع الجوار يوشك على أن يتكرر ولو بصيغة تختلف عن الأخرى. ففيما ظن التونسيون قبل سنوات أنهم طردوا مستبديهم من الباب، سرعان ما رأوهم يعودون ليتسللوا اليهم من الشباك. وشاهد الجميع كيف غير هؤلاء جلودهم باقصى سرعة، بعد أن هرب الرئيس المعزول بن علي واختفى المقربون منه، وفرّ وانكفأ معظم مؤيديه وأنصاره ليعودوا بقوة واضعين أيديهم على مفاصل الدولة من جديد، وكأنه لم تقم ثورة لطردهم. لكن الوضع يبدو مختلفا تماما في الجزائر، فباقتراع الغد سيدخل رئيس من بقايا نظام بوتفليقة قصر المرادية ومركز السلطة من بابه الواسع، في شبه كرنفال يطلق عليه النظام انتخابات حرة وديمقراطية. فما الذي سيفعله الجزائريون إذن، وهل سيسلمون بسهولة بانتصار العصابة ويخلون الشوارع والساحات ويقبلون الفتات الذي قد يرميه لهم الرئيس الجديد، على شكل مبادرات قد تكون شكلية للانفتاح على مطالبهم، وإيهامهم بأنه ومثلما ردد أحد المرشحين، فيما وصف بالمناظرة التلفزيونية، خادمهم؟ من الواضح أن ما عبروا عنه مع بدء عملية الاقتراع في الخارج، لا يدع مجالا للشك في قوة وصلابة إرادتهم في الرفض. فخلافا لما ردده قائد الجيش من أن» الجالية الجزائرية في الخارج صنعت صورا مؤثرة ومعبرة» عند الشروع في أداء ما وصفه «واجبها وحقها الانتخابي» فقد رأى الجميع وبوضوح، كيف أن نسب الإقبال كانت هزيلة جدا وضعيفة، وشاهدوا جيدا أيضا كيف احتشدت بالمقابل أمام أكثر من قنصلية جزائرية، أعداد من المتظاهرين الرافضين للمسرحية الانتخابية والمنددين بها. ولكن الرسميين ليسوا قادرين أو راغبين في الإقرار بذلك، ولعلهم يرغبون في أن يقللوا وبأي طريقة من أهمية ما يرونه، وقد ينعتون الرافضين لانتخاباتهم، مثلما فعل وزير الداخلية قبل ايام بالـ»خونة ومرتزقة ومثليين جنسيا وبقايا الاستعمار»، أو أنهم قد يعتبرون، مثلما فعل رئيس سلطة مراقبة الانتخابات في حديثه الأخير إلى قناة «العربية الحدث» أن «فئات الشعب التي تدعم الانتخابات الرئاسية اكثر من تلك التي ترفضها، والدليل خروج آلاف المتظاهرين إلى العديد من المدن يوميا لتأييد المسار»، على حد ما جاء في تصريحه. غير أن كل ذلك لن يطمس الحقيقة أو يجعل أحدا داخل الجزائر، أو حتى خارجها يقتنع بأن الرئيس المرتقب سيحظى بالشرعية المطلوبة، وسيجلب الاستقرار لبلاده والعدل والأمان لشعبه والدفع المنتظر للمغرب الكبير. لا يمكن للجزائريين أن يقبلوا بواحد من الشخصيات الخمسة التي اختارتها العصابة، وبقيت شبه معزولة تدير حملاتها داخل اماكن مغلقة بعيدة عن الجمهور، ليكون رئيسا لبلد المليون ونصف المليون شهيد. ومع أن التصادم الذي قد يحرض عليه البعض، أو يسعى لتحقيقه يظل فرضية مطروحة، إلا انه لن يكون الطريق الاسلم، إذ سيكون على الحراك أن يتحلى الآن بالذات بكثير من الصبر والحكمة ويتجنب السقوط في الفخاخ المنصوبة له هنا وهناك. فالانتخابات لم تكن في الاصل سوى ثمرة خطة وضعها النظام على مدى شهور، لشق صف المحتجين وتشتيتهم وافراغ دعواتهم من اي مضمون. ولن يكون الرد عليها إلا بمزيد دعم الجبهة الداخلية وتقويتها وتحصينها من كل الاختراقات والخيانات، والإعلان باسرع ما يمكن عن قيادة شعبية تؤطر الاحتجاجات وتقودها وتكون على استعداد لان تدير في الوقت المناسب حوارا أو مفاوضات سيسعى النظام نحوها، بعد أن تطير سكرته وفرحته بالانتخابات ويصطدم بعجزه عن حل الأزمة أو تطويقها. ولا شك أن السقف الذي رفعه الجزائريون لمطالبهم برحيل كل رموز العصابة كان على عكس جيرانهم عاليا ومرتفعا، ولاجل ذلك فانهم سيكونون مطالبين في مقبل الشهور بأن يثبتوا للعالم بأن ما أقدموا عليه لم يكن مغامرة طائشة ومجنونة، وأنهم سيصنعون حقا ولو بعد حين بلدا جديدا حرا وابيا ووفيا بالفعل لارواح من ضحوا لتحيا الجزائر. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “اجتماع باريس”: لبنان يواجه “انحلالا فوضويا” للاقتصاد next post مكان إخفاء «جثة خاشقجي» محور لمكالمة صادمة بين ترامب وبن سلمان كشفت فحواها CNN You may also like “الأوضاع المزرية” تجبر لبنانيين فروا إلى سوريا على... 23 نوفمبر، 2024 ماذا ينتظر غزة… حكم عسكري إسرائيلي أم لجنة... 23 نوفمبر، 2024 طهران ترد على قرار “الطاقة الذرية” باستخدام “أجهزة... 23 نوفمبر، 2024 كارين هاوس: مساعدو صدام حسين خافوا من أن... 23 نوفمبر، 2024 مصادر:الغارة الإسرائيلية استهدفت رئيس قسم العمليات بحزب الله 23 نوفمبر، 2024 غارات عنيفة تهز بيروت وتوسع العمليات البرية وأنباء... 23 نوفمبر، 2024 شاهد : من هو “حزب الله”؟ متى وكيف... 22 نوفمبر، 2024 إيطاليا تحمل “حزب الله” مسؤولية إصابة 4 جنود... 22 نوفمبر، 2024 إسرائيل تنهي الاعتقال الإداري لمستوطني الضفة 22 نوفمبر، 2024 لماذا أصدرت “الجنائية الدولية” مذكرة توقيف ضد نتنياهو... 22 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.