طفل برفقة والديه في أحد مستشفيات مدينة هانغتشو في الصين (شاتر ستوك) صحة ما سر الفيروس الجديد الغامض الذي يجتاح الصين والعالم؟ by admin 9 يناير، 2025 written by admin 9 يناير، 2025 14 هل تحاول بكين التقليل من خطورة الوضع في مقاطعاتها الشمالية ومدى القلق الذي ينبغي أن يعتري بقية دول العالم مع ارتفاع إصابات الفيروس التنفسي واكتظاظ وحدات العناية المركزة؟ اندبندنت عربية / زوي بيتي لم تمر سوى أيام قليلة على احتفالات العام الجديد عندما أخذت تظهر أخبار عن زيادة كبيرة في أعداد المصابين بنوع جديد من الفيروسات، فقد بدأ مرض تنفسي يسبب أعراضاً تشبه أعراض الإنفلونزا أو نزلات البرد في التفشي عبر مقاطعات شمال الصين، وقد شهد تصاعداً ملحوظاً طوال فصل الشتاء وخصوصاً بين الأطفال دون سن الرابعة. وتحدثت تقارير إخبارية عن اكتظاظ في أعداد إصابات تواجهه المستشفيات ووحدات العناية الطبية المركزة، إضافة إلى اتخاذ إجراءات وتدابير جديدة لمراقبة الوضع وتتبع انتشار الفيروس، وقد ازدادت المخاوف عندما بدأت تظهر علامات تفشي المرض. ورصدت الهند أعداداً أكبر من الحالات، فيما بدأت ماليزيا وكازاخستان في الإبلاغ عن مرضى أصيبوا بالفيروس، وبحلول الثلاثاء الماضي، السادس من يناير (كانون الثاني) الجاري، أفادت بعض التقارير أن الحالات في الولايات المتحدة تضاعفت إلى 300 إصابة، وفي المملكة المتحدة يبدو أن سلالة شديدة الخطورة من الإنفلونزا وأمراض أخرى تطال الجهاز التنفسي منتشرة في كل مكان، وكثيرون سواء في أماكن العمل أو المنازل تعرضوا لهذا المرض الذي يسبب مشكلات صحية كبيرة. وفي الظاهر فقد جلب الفيروس معه أصداء القلق الذي هزّ العالم قبل خمسة أعوام عندما بدأت في يناير 2020 تنتشر أخبار غير مؤكدة وغير مدعومة بتأكيدات رسمية عن تفشي فيروس مميت في الصين آنذاك، ومع بدء ظهور صور المستشفيات المكتظة والمرافق الطبية الطارئة التي أقيمت لاستيعاب المرضى والحالات الحرجة، ومرّ شهر كامل قبل أن تعلن “منظمة الصحة العالمية” (WHO) الاسم الرسمي للسلالة “كوفيد- 19”. وفي ذلك الوقت لم تكن الإنفلونزا تثير قلقنا، وكلنا نعلم المأساة التي قاساها العالم لاحقاً، وبعد مرور بضعة أسابيع صرنا جميعاً نعرف هذا الاسم مع ظهور الإصابات في مختلف أنحاء أوروبا، وبعد وقت قصير فرضت معظم دول العالم إغلاقات عامة [إذ استحدثت قيوداً صارمة على الحركة والأنشطة ومنعت السفر وأغلقت حدودها والأماكن العامة]. وبعد مرور خمسة أعوام أصبحنا أكثر إدراكاً للعواقب التي ربما نواجهها في حال تجاهلنا الإشارات ولم نأخذ التحذيرات على محمل الجد، وربما لهذا السبب عندما ظهرت العناوين الرئيسة حول وجود فيروس في الصين “يشهد ارتفاعاً حاداً” هذا الأسبوع، وكان كثيرون أكثر وعياً وأعطوا التطورات الاهتمام اللازم. وبينما تتابع البلدان والسلطات بعناية واهتمام التطورات المتعلقة بالفيروس والوضع الصحي [لضمان اتخاذ التدابير اللازمة في الوقت المناسب] بدأت تكهنات وإشاعات ومعلومات مضللة تنتشر بصورة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتدعو الهيئات الرسمية الصين الآن إلى توخي مزيد من الشفافية ولا سيما أنها في مرحلة ما قللت من خطورة جائحة “كوفيد-19″، قائلة إن على بكين أن تكون أكثر وضوحاً في شأن البيانات لديها، ولكن إلى أية درجة يجب أن نكون قلقين حقاً؟ أولاً وقبل كل شيء، وبخلاف “كوفيد-19″، الفيروس المنتشر في الصين ليس جديداً، بل هو “الفيروس التنفسي البشري المخلوي” المسبب لالتهاب الجهاز التنفسي (اختصاراً “إتش أم بي في” HMPV). وهو فيروس قديم رصد هولندا حالات منه في عام 2001، وفي الواقع يصاب به معظم الناس قبل أن يبلغوا الخامسة من العمر، ويقدر الباحثون أن نحو 10 إلى 12 في المئة من أمراض الجهاز التنفسي لدى الأطفال سببها “إتش أم بي في”، إضافة إلى أنه ليس معدياً على عكس “كورونا” (وتراوح فترة حضانته بين ثلاثة وستة أيام)، حتى إنه ليس شديد الخطورة، على رغم الصور [المثيرة للقلق] التي تصلنا من الصين [مثل المستشفيات المكتظة وحالات المرضى الحرجة]. وكذلك معدلات وفيات “إتش أم بي في” أقل بأشواط مقارنة مع وفيات “كورونا”، أما الأعراض فأبرزها السعال والحمى واحتقان الأنف والتعب، وعلى رغم أن معظم الحالات تكون خفيفة فإن الفيروس يسبب أحياناً التهابات في الجهاز التنفسي السفلي مثل الالتهاب الرئوي، والأكثر شيوعاً أنه يؤدي إلى تفاقم حالات صحية محددة مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن (“سي أو بي دي” COPD)، وفي الوقت الحالي لا يتوافر لقاح أو علاج مضاد للفيروسات ضد “أتش أم بي في”. مرضى يتلقون العلاج عبر الحقن الوريدي في أحد مستشفيات شنغهاي وسط ارتفاع حاد في أمراض الجهاز التنفسي (غيتي) ومن غير المستغرب أن ترتفع أعداد الإصابات بفيروس “أتش أم بي في” بسرعة أكبر خلال فصلي الشتاء والربيع من كل عام، فيما يؤكد الخبراء هذه الحقيقة بصورة مستمرة، وفي المملكة المتحدة ليس من الصعب أن نلاحظ أنه حتى السكان الأكثر مقاومة بيننا يقعون ضحية الفيروس المنتشر هذه الأيام. كان الشتاء حتى الآن قاسياً جداً وجلب معه أمراضاً كثيرة، على رغم أن الإحصاءات الحكومية الأحدث تكشف أن معدل دخول المستشفيات بسبب “كوفيد- 19” في الأسبوع الماضي كان الأدنى مقارنة بالفترة نفسها في جميع فصول الشتاء التي مرت بعد الجائحة، ةظهرت بسرعة أمراض فيروسية أخرى من بينها الإنفلونزا و”فيروس التنفسي المخلوي” (“آر أس في” RSV)، إضافة إلى الإسهال والتقيؤ وفيروس “نوروفيروس” (يُعرف أحياناً بفيروس القيء الشتوي). وأظهر الأسبوع الأول من بدء تسجيل الإصابات (منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي) زيادة بنسبة 352 في المئة في إشغال الأسرة بمرضى الإنفلونزا في المستشفيات العامة وتلك المخصصة للحالات الحادة، ويُقال إن معدل انتشار فيروس “إتش أم بي في” في “تزايد طفيف” مع مستوى نشاط “متوسط” [ظهور إصابات أقل كثافة]. وتذكيراً، خلال جائحة “كوفيد”، كانت الحكومة تراقب جزئياً معدلات العدوى الفيروسية باستخدام نفايات الصرف الصحي والتي يكشف تحليلها عن اتجاهات [انتشار] الفيروسات الجديدة. وفي حين أظهرت هذه البيانات الأولية حول فيروس “أتش أم بي في “وجود زيادة واضحة في أعداد المرضى الذين دخلوا المستشفيات بسبب أمراض الشتاء”، أشارت أيضاً إلى أنه “من غير المؤكد ما إذا كنا نشهد الشتاء الأسوأ حتى الآن في ما يتعلق بالضغط الذي تفرضه الإنفلونزا” على النظام الصحي، ومع ذلك يبقى عدد الأسرة التي يشغلها مرضى الإنفلونزا في الأسبوع الثاني من الشتاء الأعلى “منذ الإعلان الأول عن هذا المؤشر” [عن الأسرة المشغولة بمرضى الإنفلونزا] في 2020-2021. وتحدثت في هذا الشأن الرئيسة التنفيذية الموقتة لدى “أن أتش أس بروفايدرز”، التي تمثل المستشفيات ومؤسسات الإسعاف التابعة لـ “هيئة الخدمات الصحية الوطنية”، سافرون كورديري، فقالت إن “العدد الإجمالي للمصابين بالإنفلونزا والفيروسات الأخرى في المستشفى أعلى كثيراً مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، في وقت تواجه “هيئة الخدمات الصحية الوطنية” ضغوطاً مهولة”، مضيفة أنه مع عودة الأطفال إلى المدارس والموظفين إلى المكاتب مرة أخرى فيبدو أن “الوضع الصحي سيتدهور قبل أن يتحسن”. وفي المملكة المتحدة يسجل “أتش أم بي في” أيضاً ارتفاعاً طفيفاً من أسبوع إلى آخر، ومجدداً يحرص الخبراء على طمأنة الناس وتهدئة أي مخاوف لديهم من أن التاريخ قد يعيد نفسه [الخوف من أن تتكرر تجربة جائحة كورونا] والحقيقة أنه خلال الأعوام الخمسة التي مضت منذ ظهور “كوفيد-19″، تغير كثيراً تفكيرنا في شأن الأمراض الفيروسية [أصبحنا أكثر وعياً وحذراً تجاهها]، ففي عام 2018 كان من الصعب أن تجد أصدقاء أو زملاء يتحدثون عن ارتفاع حالات الإنفلونزا في أي مكان في العالم، ولكن الآن طرأ تحول كبير في وعينا الجماعي. “أعتقد أن جزءاً من القلق الحالي مرده تأثير الأحداث القريبة في الذاكرة والمرتبطة بظهور فيروس كورونا في الصين، والناس يراقبون الوضع ويرون ما يبدو لهم ربما تحيزات وتمييزاً [ضد بعض الدول والفئات السكانية]، أو ربما يعاودهم الخوف من المجهول الذي من شأنه أن يتصاعد وندخل في متاهة جائحة جديدة مرة أخرى”، يقول عالم السلوكيات والباحث في الصحة العامة والمحاضر في علم النفس في “جامعة سوانسي” في المملكة المتحدة الذي عمل أيضاً مستشاراً لدى “منظمة الصحة العالمية”، الدكتور سايمون ويليامز. ويشير الدكتور ويليامز إلى وجود كثير من الجوائح المحتملة الأخرى بينها إنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة التي تنطوي على خطر أعلى بأشواط مما يمثله فيروس “أتش أم بي في” حالياً، وخلال الأسابيع القليلة الماضية ظهر في جمهورية الكونغو الديمقراطية فيروس جديد غامض أثار مخاوف مماثلة، ليتبين لاحقاً أنه الملاريا، ويقول إن الحذر والاطلاع على معلومات إضافية خطوتان ضروريتان قبل البدء في التكهنات. “علينا أن نعتمد على البيانات التي يعكف الخبراء على جمعها وتحليلها على المستوى العالمي [وتتبادلها الدول والمنظمات العالمية فيما بينها] كي يعرف الناس في مختلف أنحاء العالم مستوى الأخطار التي تتهددنا، وتعتبر تلك المستويات الرسمية للأخطار أساساً للتواصل مع الناس، وللأسف حقيقة أننا مررنا بجائحة ولم ننته منها عملياً بعد وإن كنا على أعتاب نهايتها، لا تعني أننا لن نشهد جائحة أخرى في حياتنا، ونحتاج إلى بيانات دقيقة وموثوقة تساعدنا في التصدي لأي تهديد محتمل”. كان هذا النقل الواضح للحقيقة أو غيابها، الإرث المؤسف لجائحة “كوفيد-19″، ففي تلك الفترة ومنذ البداية كانت التكهنات حول أصل الفيروس في الصين والتي تعتبر الآن المعلومات المتاحة الأكثر أهمية لمنع أي تفش آخر، منتشرة بصورة واسعة، فالحكومة الصينية (المعروفة بتوخي السرية الشديدة وعدم الشفافية تجاه المصادر الخارجية) و”منظمة الصحة العالمية” في تحقيقاتها الخاصة تعرضتا كلتاهما لانتقادات صريحة من صحيفة “نيويورك تايمز”، إذ إن أسئلة من قبيل الطريقة التي انتقل بها فيروس كورونا من الحيوانات إلى البشر ولماذا أخفقت الصين في احتواء الفيروس بقيت من دون إجابة، ومع مرور الشهور وجدت المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة جمهوراً واسعاً تسيطر عليه. وعلى رغم مرور خمسة أعوام يشير ويليامز إلى أن هذا الاتجاه من شأنه أن يسهم في تعزيز خطر انتشار مرض ما مرة أخرى، وفي المملكة المتحدة ثمة انخفاض ملاحظ في إقبال الناس على أخذ اللقاحات المضادة، وقد تراجعت الأرقام عن الإقبال الذي سجله العام الماضي حتى بين صفوف موظفي “هيئة الخدمات الصحية الوطنية”، وهو ما يعزوه إلى الاستهتار والتردد الناجم عن تجربة الجائحة السابقة. ويقول ويليامز إنه “من جهة نشهد ظهور فيروس’ أتش أم بي في’ هذا الأسبوع يرافقه شكل من الخوف الباكر من نشوب جائحة أخرى بسبب التقارير الأولى التي تثير تساؤلات الناس ومخاوفهم، ولكن من جهة أخرى لدينا تهديدات موسمية ومستمرة يطرحها كل من الإنفلونزا و’كوفيد- 19′ إذ يرى الناس في بعض الحالات أنهما لا يستحقان الاهتمام الكافي، ولهذا السبب ربما نشهد انخفاضاً في أخذ اللقاحات المضادة [مما يجعلنا أكثر عرضة للخطر]، ولا يأخذ الناس إجازة لبضعة أيام إذا شعروا بالمرض، ومجدداً بدأ يظهر سلوك معين يتمثل في أننا [عندما نصاب بالمرض] نستمر في العمل كما كنا نفعل عام 2019 [قبل جائحة ‘كوفيد-19’]”. ويضيف، “ربما يكون لدينا حل وسط أو توازن ما بين الخوف المبالغ فيه من تفشي جائحة جديدة وبين التجاهل الكامل للأخطار، وينبغي ألا نعيش في خوف دائم من الأوبئة القادمة، ولكن في الوقت نفسه لا يجب أن نغفل عن ضرورة الاستعداد واليقظة في مواجهة التهديدات الصحية”. ومع توالي التقارير حول فيروس “أتش أم بي في” فربما يشكل ذلك تذكيراً بأن جائحة ما ربما تجتاح العالم مرة أخرى. ربما نكون مهتمين بتطورات [تفشي الأمراض أو الفيروسات] في دول أخرى، ولكن في الوقت نفسه علينا أن نكون أكثر يقظة وحرصاً في بلادنا، ويبقى أن الدرس المستفاد من عام 2020 [جائحة كورونا] هو ضرورة أن نأخذ التهديدات [الفيروسات وغيرها] على محمل الجد بغض النظر عن مصدرها أو شكلها. © The Independent المزيد عن: الأمراض التنفسيةالإنفلونزافيروس كوروناجائحة كوروناالجائحةالتطعيمالفيروس التنفسي المخلويالصينانتقال العدوىالفيروساتأتش أم بي فيالحكومة الصينية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post لبنان يشهد “أغرب” جلسات انتخاب رئيس للجمهورية next post وليام هوغارث يغزو بيوت لندن بلوحات شكسبيرية You may also like الصحة المصرية تنصح بارتداء الكمامات للتعامل مع “الفيروس... 6 يناير، 2025 «أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»… جديد الأطباء لعلاج الأورام... 6 يناير، 2025 بريطانية تخضع لإزالة 8 أعضاء أثناء علاجها من... 6 يناير، 2025 باحثون يكتشفون «نقطة ساخنة» للشيخوخة في الدماغ 5 يناير، 2025 صرخات الرضع في مصر تقرع أبواب الحكومة 4 يناير، 2025 وسط انتشاره بأميركا… ماذا نعرف عن «نوروفيروس»؟ وكيف... 4 يناير، 2025 ينتشر عبر الملابس.. خبراء يحذرون من فيروس “نورو” 4 يناير، 2025 “بدأتُ رفض علاج بعض المرضى”: جدل في مصر... 4 يناير، 2025 دعوة أميركية لوضع تحذيرات من السرطان على المشروبات... 4 يناير، 2025 اختبار بسيط يحدد نوعا لمرض تنفسي يصعب تشخيصه 3 يناير، 2025