تدبير معقد: شير وسوني بونو، زوجها السابق وشريكها في أغاني البوب في 1966 (غيتي) ثقافة و فنون ما حدود قدرة كُتاب الظل على نقل التجارب الشخصية للآخرين؟ by admin 2 ديسمبر، 2024 written by admin 2 ديسمبر، 2024 30 لجأت المغنية الأسطورية شير إلى أربعة كتاب مختلفين لمساعدتها في وضع كتاب سيرتها الذاتية الجديد في جزأين، لكن للأسف تبين أن قلقها من صياغة الكتاب بشكل لا يشبه صوتها كان في مكانه، فأين هي جرأتها المشاكسة؟ اندبندنت عربية / آدم وايت صحافي @__adamwhite . هل سمعتم قصة [المغنية الأميركية الشهيرة] شير وسلفادور دالي ولعبة الهزاز الجنسية على شكل سمكة؟ دُعيت المغنية وزوجها آنذاك سوني بونو صاحب التسريحة الشهيرة الذي دخل بعد ذلك معترك السياسة اليمينية إلى أستوديو دالي الفني أثناء رحلتهما إلى نيويورك، حيث وجدا الفنان السريالي منهمكاً في التنظيف بعد حفلة جنسية مع مجموعة فرنسيين غريبي الأطوار. كان نمره الأليف موجوداً، كما كان فرانسيس فورد كوبولا حاضراً بطلب من سوني وشير، في نهاية ستينيات القرن الماضي، في حال لم تكتشفوا ذلك بعد، وبدأت شير تعبث بآلة غريبة الشكل وجدتها محشورة خلف وسادة مقعدها. تتذكر شير “كانت سمكة مطاطية جميلة وملونة ومزودة بجهاز تحكم عن بعد صغير، وأنا أعبث بها فيتحرك ذيلها ذهاباً وإياباً، وكنت أعتقد أنها لعبة أطفال، فقلت لسلفادور ‘هذه مسلية حقاً’ فأجابني ‘إنها مذهلة عندما تضعينها على البظر'”. ولاحقاً أثناء العشاء استمر فصل الجنون، “كانت مساعدة دالي موجودة واسمها ألترا فيوليت، وظلت تحك عصاها بي وفكرت في نفسي، سوف أكسر هذه العصا على رأس هذه العا***”. هذه القصة التي روتها شير في مقابلة مع ريبيكا نيكولسون في صحيفة “ذي غارديان” عام 2013، وأنا أحسدها عليها، هي من نوع القصص المفضلة لدي عن شير، فهي مليئة بالنجوم ومجنونة وجريئة من دون أن تكون مبتذلة. في القصة تسمي شير شخصاً بـ “العاهرة”، أفكر فيها على الدوام وفي طريقة سرد شير لها وتوقيتها وعرضها النكتة، لكنها حضرت في ذهني بشكل خاص هذا الأسبوع عندما وجدت القصة نفسها مذكورة في كتاب السيرة الذاتية المُنتظر لشير، وهو مؤلف من 432 صفحة يبلغ وزنه وزن حيوان صغير، (المضحك في الموضوع أنه ليس سوى الجزء الأول- ومن المتوقع إصدار الجزء الثاني العام المقبل). يروي الكتاب تاريخاً مختصراً لعائلة شير ذات الـ 78 سنة ونشأتها الفوضوية وزواجها بسوني بونو (المتملك والمخادع والمسيء عاطفياً)، وغريغ آلمان (المزاجي والمدمن والمؤذي عاطفياً) والتقلبات في بداية مسيرتها المهنية في عالم موسيقى البوب، وينتهي نص “شير: السيرة الذاتية، الجزء الأول” عند لحظة ذروة وتشويق عام 1981 حين تضع شير نصب عينيها الشهرة في عالم التمثيل السينمائي. (وهو ما تحقق بعد سبعة أعوام عندما فازت بجائزة الأوسكار عن فيلم “مونستروك” Moonstruck الرومانسي المؤثر). أفرد الكتاب صفحتين لسرد قصة دالي، لكن الفارق شاسع بين أسلوب شير عندما قصتها على نيكولسون والطريقة التي تقصها فيها على الورق، فأسلوب الكتاب متكلف بشكل غريب ويفتقد إلى عامل التشويق واللعب والكلام البذيء، وجاء في نص الكتاب الذي مر على ما يبدو على عدد من الكتاب الخفيين Ghostwriters [‘الكاتب الخفي’ هو الذي يقوم بالكتابة والتأليف لمصلحة شخص آخر] “انضمت إلينا الفنانة الفرنسية الأميركية آلترا فيوليت، وكانت ترتدي قميصاً رجالياً وربطة عنق فوق تنورة مخملية، وجلست بالقرب مني وظلت تنقر رجلي بعصاها من دون أن تنبس ببنت شفة، وفكرت في نفسي أنها لو أعادت الكرة فسوف أصفعها”. والمشكلة الكبرى بالتالي هي أن “شير: السيرة الذاتية” لا يشبه شير أبدا بل كأنه نسخة مخففة عنها، فشير فاترة وشير بتصرف وتهذيب بعد تدخل محرر مبالغ في الاجتهاد. وفي النص بعض الشتائم المتناثرة هنا وهناك، وتهديد واحد مضحك بالخنق موجه لوالدتها، وبعض لمحات الازدراء البسيطة الموجهة إلينا نحن المملين وغير الأنيقين، لكن بشكل عام يُسرد الكتاب بأسلوب تقليدي جداً، فهو يضم وصفاً أشبه بصفحات ويكيبيديا لشخصيات كثيرة مشهورة تلتقي بها شير (“أضيف اسم جيمي هندريكس إلى سلسلة طويلة من الموسيقيين والمغنيين وخبراء القطاع الذين توفوا بالطريقة المسماة ’وفيات روك أند رول’ في أواخر ستينيات القرن الماضي [غالباً ما كانت هذه الوفيات مرتبطة بالتجاوزات المرتبطة بأسلوب حياة الروك أند رول، بما في ذلك جرعات زائدة من المخدرات وإدمان الكحول وأخطار أخرى]، وكان بينهم براين جونز الملائكي وجانيس جوبلن وبراين إبستين”). تدبير معقد: شير وسوني بونو، زوجها السابق وشريكها في أغاني البوب في 1966 (غيتي) كما تُفرغ النكات الجنسية من أي حس إثارة بعد إضافة تلطيف غير ضروري، وتستذكر شير موقفاً فتقول “زعمت (الصحافة الصفراء) أنني أواعد إلفيس وروبرت ردفورد، وهما رجلان لم ألتق بهما في حياتي مع أنهما كانا ليشكلا مسندين عظيمين (دعابة)”. شكراً يا محرر لأنك شرحت لنا أن شير تلقي دعابة! من المعروف أن شير تعاني عُسر القراءة الشديد، وهو السبب في أن حسابها على “منصة إكس” كان في وقت ما سيركاً لا بد من متابعته بسبب ما احتواه من خليط عجيب من الارتباك وصور الإيموجي العشوائية. في 2012 نشرت لمستخدم باسم @GagasApostle (اجلس على وجهك اللعين! أنا مشغولة! ” (النص حرفياً)، فلا شك إذاً أنها كانت لتواجه تحدياً كبيراً في كتابة مذكراتها، لكن عندما أوكلت المهمة إلى كتّاب آخرين فقد الكِتاب جوهره بعد انتقاله من يد إلى يد، وغاب عنه حس شير، إن صح التعبير. ووفقاً لـ “نيويورك تايمز” فقد كان احتمال عدم خروج الكِتاب بصوتها من أكبر مخاوف شير عندما وافقت على وضع سيرة ذاتية تكشف فيها كل أسرارها، وقالت إن النسخة الأولى التي كتبها كاتب خفي لم تشعرها بأنها “تشبهها”، ثم استقدم كاتبان آخران وأعيدت صياغة النص بسرعة خلال أربعة شهور، وبعد ذلك قضى محرر أسبوعاً رفقة شير لمراجعة التفاصيل. هذا الأمر ليس بغريب في عالم السير الذاتية للمشاهير، إذ تمتلك كايتي برايس مكتبة كاملة من كتب السيرة الذاتية التي ألفها أشخاص نيابة عنها، فيما وُضعت السيرة الذاتية للأمير هاري، “سبير”، بقلم الصحافي الأميركي جيه آر مورينغر، البالغ من العمر 59 سنة، ويُزعم أن كتاباً خفيين عدة وضعوا السيرة الذاتية لبريتني سبيرز، “المرأة داخلي”، التي صدرت العام الماضي، وحاول كل واحد منهم أن يجمع كل جوانب قصة نجمة البوب في قالب واحد متماسك. لكن المشكلة في محاولة تقليد صوت شير كتابة هي أنه خاص جداً وفريد من نوعه، فهو مزيج من البراءة والصراحة غير المصقولة والغرور الذكوري إلى حد ما. أتذكرون القصة التي أخبرتها للمرة الأولى في عام 1996 عن أن والدتها اقترحت عليها أن تستقر وتتزوج رجلاً ثرياً؟ ردت عليها شير بوقاحة عندها “لكن يا أمي أنا رجل ثري أساساً”، وهناك أيضاً ذلك الصوت العميق المخملي، شيء يثير المشاعر حتى عند تفريغ نص مقابلة، كما لو أن الرب أراد أن يخلق صوتاً يمكن تقليده بسهولة من قبل “دراغ كوين” في العالم أجمع (الذكور الذين يرتدون ملابس نسائية)، وانطلق منه في الاتجاه المعاكس حتى خلق المرأة التي وُلدت باسم شاريل سركيسيان. هذا الصوت هو المفقود إجمالاً في سيرة شير الذاتية (حتى الكتاب الصوتي تقرأ جزءاً منه الممثلة ستيفاني جي بلوك التي أدت دور النجمة على مسرح برودواي بسبب معاناة شير من عسر القراءة)، أما على الورق فأكثر الفصول جنوناً من حياة شير تُسرد بطريقة واقعية مملة، ونصادف في النص لحظة من ستينيات القرن الماضي حين كانت شير في منتصف مراهقتها تحضر “حفلة للمثليين” رفقة صديقها ستيف، وهو مثلي كان يكتم ميوله، فتداهم الشرطة الحفل ويهرب الثنائي من نافذة المرحاض وتلاحقهما الشرطة، وبعد عودة شير للمنزل تعاقبها جدتها. كتاب مذكرات شير الجديد بعنوان “الجزء الأول” ويصدر الجزء الثاني منه العام المقبل (هاربر كولينز) من المفترض أن تكون هذه القصة مليئة بالتشويق والإثارة، فهي المرة الأولى التي يُحاط فيها رمز من الرموز المستقبلية للمجتمع المثلي بجمهوره، لكنها تبدو مملة بصورة غريبة، وما يضاعف خيبة الأمل هو أن المادة الخام التي تجعل من كتاب شير كتاباً مذهلاً متوافرة بالفعل، فحتى لو وضعنا كل شيء آخر جانباً يذكرنا “شير: السيرة الذاتية” جميعاً أن الشخصية التي يتمحور حولها موجودة منذ الأبد، وأول حفلة موسيقية حضرتها كانت لإلفيس وكانت في عمر الـ 15عندما حاول وارن بيتي وعمره 25 سنة آنذاك أن يتقرب منها، وكانت قد حققت الشهرة وبلغت سن الـ 17 حين قُتل جون إف كينيدي، وهي مشهورة منذ الأزل فعلياً لدرجة أن أحدهم يعرّفها، في إحدى المراحل التي يقصها الكتاب، على موسيقيين اثنين صاعدين وجريئين هما ميك جاغر ودولي بارتون، كما أن ذكرياتها عن سوني بونو تضيف مستوى من التعقيد المثير لهذا التعاون الذي اعتُبر لفترة طويلة أحد أكثر الشراكات إبهاجاً وسعادة في عالم البوب. وضع الثنائي أغاني حب وحنين مثل “أنت لي يا حبيبتي” (I Got You Babe) وصوّرا برنامج منوعات تلفزيوني خاص بهما وكانا يرتديان سترات من الفرو الصناعي ويعطيان انطباعاً بأنهما مثال السعادة الهيبية، لكن شير تذكر بونو على أنه رجل بوجوه عدة، رومانسي إلى أبعد الدرجات وموهوب مُبدع من جانب، وقادر على أن يكون مسيطراً وعدوانياً ومتلاعباً من جانب آخر. كان بونو كاتب أغان ومنتجاً عمره 27 سنة عندما التقى للمرة الأولى بشير التي كانت تبلغ من العمر 16 سنة (مع أنها كذبت وادعت أنها أكبر سناً)، وافتتنت به وسرعان ما وقعا في الغرام، لكن مع تسليط الضوء أكثر فأكثر على شير في استديو التسجيل، أولاً كمغنية ثانوية عملت مع فرق مثل The Ronettes والثنائي The Righteous Brothers، ثم باعتبارها جزءاً من ثنائي مع بونو، بدأ بالانغلاق على نفسه، وتكتب أنه “في بداية علاقتنا كان يطرح علي أسئلة كثيرة ويشاركني الكثير عن نفسه، وبدا أنه يستمتع باكتشافي كشخص، لكن ذلك خف مع الوقت”. كانت شير تعشق الرقص لكن بونو بدأ بالتوقف عن اصطحابها إلى النوادي، “أدرك بأنني أرقص أفضل منه فشعر بعدم ارتياح”، وأصرّ أن ترتدي ثياباً محتشمة ولا تتعاطى مع رجال آخرين، وحين اكتشفت شير أن بونو يخونها مع أخرى قال لها “لم أكن لأضطر إلى البحث خارج إطار الزواج لو كنت مكتف جنسياً”. بعد ذلك بفترة طويلة وبعد انفصالهما اكتشفت من خلال صديقها الحميم قطب الإعلام ديفيد غيفين أنها كانت موظفة متعاقدة مع بونو خلال فترة زواجهما، وبالكاد جنت أي أرباح من الموسيقى أو البرنامج التلفزيوني الذي أنتجاه، وتكتب “كان فيه شيء لم أفهمه أبداً، شيء يحوله من شخص مذهل ومضحك إلى شخص قادر على سلبي كل شيء”. كل هذه أسرار كاشفة ومذهلة وإن كانت مكتوبة بصورة تفتقر إلى الزخرفة أو الشخصية الحقيقية، وإن كان من المزعوم كتابة الجزء الثاني من سيرة شير الذاتية بقلم الكتاب الخفيين نفسهم فالأرجح أن يتعزز هذا الشعور، وهو شيء علينا أن نخشاه، فلو اعتبرنا أن رجلاً صعباً واحداً قد طبع الفصل الأول من حياة شير، فالثاني مطبوع بها إلى حد بعيد، وهو شير بكل معنى الكلمة. شير بشعرها الكثيف الأشعث وثيابها الأغرب من الغرابة، وشير مركز المدينة ومديرتها، وفيها حقبة النجومية السينمائية وعودتها لعالم البوب وأغنية “آمن” (Believe) التي تستخدم محسن الصوت الإلكتروني وخلافاتها الكثيرة، ونتشوق للوصول إلى صدامها مع بيتر بوغدانوفيتش وجورج ميلر، كما إلى ذلك الوقت الذي ألقت فيه نظرة واحدة إلى الممثلة التي تؤدي دور ابنتها في الدراما الكوميدية حوريات البحر Mermaids عام 1990، وأصرت أنها لا تشبهها البتة وطردتها فوراً واستبدلتها بواينونا رايدر في غضون أيام، ولدينا فيلمها الكارثي “بورليسك” ولدينا “ماما ميا 2”. تخيلوا لو كانت هذه المراحل من حياتها مكتوبة بقلم شخص لا يمكنه استحضار صوتها وتجسيده، ففي الأقل لا يزال أمامنا وقت لتصحيح المسار، وفي هذا الوقت من العام المقبل أريد أن أرى شير على الورق وهي تنسف نصف هوليوود، وأريد شير القاسية والشريرة، ما أريده هو شير! ‘شير: السيرة الذاتية: الجزء الأول’ متوافر الآن في الأسواق. © The Independent المزيد عن: كتابة السيرة الذاتيةالسيرة الذاتيةالكاتبكاتب سريتجارب شخصيةسلفادور داليموسيقى البوب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post كندا تضيف جماعة ’’أنصار الله‘‘ الحوثية إلى قائمة الإرهاب next post مهى سلطان تكتب عن: الفن والجنون وجهان لعبقرية تفتح بابا على الماوراء You may also like هل هناك مدرسة فلسفية مغربية؟ 3 ديسمبر، 2024 “الجميلات النائمات” في رحلة الحب والموت 3 ديسمبر، 2024 “أعراس” لسترافنسكي: تقاليد الريف الروسي تغزو الموسيقى الأوروبية 3 ديسمبر، 2024 العراقي قيس الزبيدي ترك اثرا كبيرا في السينما... 3 ديسمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: لُقى «سمهرم» في محافظة... 3 ديسمبر، 2024 “أيام الرخص” تسترجع الأربعينيات الليبرالية في مصر 2 ديسمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الفن والجنون وجهان لعبقرية... 2 ديسمبر، 2024 برامانتي بصحبة ليوناردو سنوات بداياته في خدمة آل... 2 ديسمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 2 ديسمبر، 2024 الأفلام العربية المرشحة في أوسكار 2025… هموم وتطلعات 2 ديسمبر، 2024