عرب وعالمعربي لماذا تكشف الاستخبارات الأميركية والوكالات الفيدرالية عن أسرارها كل عام؟ by admin 1 أغسطس، 2022 written by admin 1 أغسطس، 2022 28 تحتفظ الحكومة بحق إبقاء المعلومات الحساسة سرية لأجل غير مسمى اندبندنت عربية \ طارق الشامي صحافي متخصص في الشؤون الأميركية والعربية @tarek21shamy في منتصف ليل 31 ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، تنشأ لحظة فاصلة للباحثين الذين يدرسون التاريخ الخفي للحكومة الأميركية، حين يتم رفع السرية عن مئات الملايين من صفحات الوثائق السرية، وتفقد المستندات السرية التي يبلغ عمرها 25 عاماً وضعها السري من دون جرة قلم، إلا إذا سعت الوكالات الفيدرالية للحصول على إعفاءات أو استثناءات تسمح بأن تظل هذه المعلومات سرية، وقد تظل المعلومات الحساسة سرية إلى الأبد، فلماذا تكشف الحكومة الأميركية عن أسرارها، وهل تكون هذه العملية شفافة أم مقيدة؟ عقود من رفع السرية في أعوام 1995 و2003 و2006 أصدر الرؤساء الأميركيون أوامر تنفيذية رئاسية لرفع السرية عن مليارات الصفحات التي تخص الوكالات الفيدرالية الأميركية بما فيها وكالات الاستخبارات والأمن القومي ووزارة الخارجية والبيت الأبيض، وتحتوي على معلومات اعتبرها المسؤولون حساسة للغاية بحيث يتعذر نشرها على الملأ، كونها تشمل تاريخاً خفياً من الحروب والدبلوماسية، والجواسيس والأسلحة السرية وكواليس قرارات الرؤساء الأكثر مصيرية، غير أن عام 2006 تميز بنشر وثائق حكومية ضخمة، إذ تم رفع السرية عن أكثر من مليار صفحة، سلطت الضوء على أزمة الصواريخ الكوبية، وحرب فيتنام، وشبكة العملاء السوفيات في الحكومة الأميركية، فضلاً عن 270 مليون صفحة من مكتب التحقيقات الفيدرالي، واستغرق الأمر سنوات طويلة كي يطلع الباحثون والصحافيون على المواد التي رفعت عنها السرية بموجب هذه العملية والتي مثلت التاريخ السري لفترة بالغة الأهمية من الحرب الباردة بما في ذلك التعامل مع الأسلحة النووية، والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية ودور وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في إيران خلال سنوات جيمي كارتر فضلاً عن توثيق اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. فهم التاريخ لكن بدءاً من عام 2009 أصبح نشر الوثائق المصنفة سرية عملاً دورياً، بحكم الأمر التنفيذي رقم 13526 الذي أصدره باراك أوباما، والذي يلزم الوكالات الفيدرالية في الولايات المتحدة بوضع علامات على المستندات السرية لرفع السرية عنها تلقائياً بعد فترة زمنية تتراوح بين 10 و25 عاماً، باستثناء تلك التي ترى الوكالات بعد مراجعتها أنها يجب أن تبقى سرية لفترة أخرى من الوقت أو لأجل غير مسمى لاعتبارات حماية الأمن القومي الأميركي أو أشخاص بعينهم، أو حفاظاً على العلاقات مع دول أخرى. ويعتبر كثيرون من المراقبين ومنهم جون ديسيكو، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة ولاية “تينيسي” أن الوثائق الحكومية التي يجري رفع السرية عنها تعد حيوية للغاية لفهم تاريخ سياسة الأمن القومي للولايات المتحدة، لأنها نوافذ على الأعمال الداخلية للحكومة الأميركية ومؤسسة الأمن القومي، وتقول وزارة العدل الأميركية على موقعها الرسمي إن عملية رفع السرية بشكل تلقائي تزيد من إمكانية الإفراج المحتمل عن معلومات الأمن القومي المصنفة سرية سابقاً لعامة الناس والباحثين، ما يعزز معرفتهم بالمؤسسات الديمقراطية للولايات المتحدة وتاريخها، مع ضمان في الوقت نفسه أن المعلومات التي لا تزال تسبب ضرراً للأمن القومي لا تزال محمية. مفيد للاستخبارات ويقول لاري فايفر وهو من المخضرمين في مجتمع الاستخبارات الأميركية ويشغل حالياً منصب مدير مركز “مايكل هايدن” للاستخبارات والسياسة والأمن الدولي في جامعة جورج “ماسون”، إن رفع السرية يفيد بالفعل وكالات الاستخبارات الأميركية، لأنه يساعد الجمهور الأميركي على فهم ما تفعله وكالات الاستخبارات، ولماذا تعد مهمتها حيوية وخطيرة. ويشير فايفر إلى أن التسامح العام مع سرية عمل وكالات الاستخبارات أصبح أقل عما كان عليه في الماضي، إذ يطالب الناس بأن يكون لديهم فهم أكبر لما تقوم به وكالاتهم الاستخباراتية بالفعل، والتي أصبحت قوية بشكل لا يصدق، وسرية بشكل شنيع، ولكي يستمر مجتمع الاستخبارات في أن يكون قادراً على فعل العمل الذي تقوم به لحماية أميركا فإنه يحتاج إلى ثقة الشعب الأميركي، ومن أجل الحصول على هذه الثقة، يجب أن يكون مجتمع الاستخبارات مستعداً لرفع السرية قليلاً وإظهار ما هو عليه حقاً ليصل إلى الناس. الحبر السري ومع ذلك، فإن هذه الوثائق قد يستغرق ظهورها سنوات عديدة، ففي عام 2011 على سبيل المثال، رفعت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السرية عما قالت إنه أقدم وثائق سرية للحكومة، فقد ظلت إحداها سرية منذ عام 1917 أي لمدة نحو قرن كامل، حيث وصفت الوثائق طرقاً لإنشاء حبر غير مرئي وفتح المظاريف المغلقة، والتي اعتبر مدير وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك ليون بانيتا أنها معلومات تجاوزها الزمن وأصبحت قابلة للنشر لأن التطورات الحديثة في التكنولوجيا جعلت هذه المعلومات غير حساسة على الإطلاق. ومع ذلك، فإن لدى الحكومة الأميركية كثيراً من الأسرار، لدرجة أن غربلتها ومعرفة ما هو مؤهل للإفراج عنه يعد مهمة شاقة، ففي عام 2017، وهو آخر عام تتوفر عنه إحصاءات، استعرضت الوكالات الفيدرالية 83.8 مليون وثيقة، لكنها رفعت السرية عن 46 مليون وثيقة فقط أي أكثر من النصف بقليل. الإعفاء من رفع السرية أما باقي الوثائق فتظل سرية لأجل غير مسمى، ووفقاً لوزارة العدل، يشار إلى المعلومات المصنفة سرية في السجلات التي تتطلب حماية مستمرة باسم “الإعفاء”، إذ يجوز لرؤساء الوكالات إعفاء السجلات المصنفة سرية ذات القيمة الدائمة التي تتجاوز 25 عاماً من رفع السرية تلقائياً، عندما يتم تحديد المعلومات على أنها من فئات الإعفاء الواردة في الأمر التنفيذي الرئاسي، وتشمل الإعفاءات الكشف عن هوية مصدر سري، أو استخبارات بشري، أو علاقة مع جهاز استخبارات أو جهاز أمن تابع لحكومة أجنبية أو منظمة دولية، أو الكشف عن المعلومات التي من شأنها أن تساعد في تطوير أو إنتاج أو استخدام أسلحة الدمار الشامل، وكذلك رفع السرية عن المعلومات التي من شأنها إضعاف أنظمة التشفير الأميركية، أو المعلومات التي تضعف تطبيق أحدث التقنيات داخل نظام سلاح أميركي، أو الكشف عن خطط الحرب العسكرية. كما تتضمن الإعفاءات الكشف عن معلومات الحكومات الأجنبية، والتي من شأنها أن تسبب ضرراً خطيراً للعلاقات بين الولايات المتحدة والحكومات الأجنبية، أو الأنشطة الدبلوماسية المستمرة للولايات المتحدة، وكذلك المعلومات التي من شأنها أن تضعف القدرة الحالية لمسؤولي الحكومة الأميركية على حماية الرئيس ونائبه، أو رفع السرية عن المعلومات التي من شأنها أن تضر بخطط الاستعداد للطوارئ الأمنية الوطنية أو تكشف عن نقاط الضعف الحالية للأنظمة أو التركيبات أو البنى التحتية المتعلقة بالأمن القومي الأميركي. حذر واضح ولهذا، فإن الوكالات الفيدرالية والاستخبارات الأميركية تتعامل بحذر بالغ قبل اتخاذ قرارات رفع السرية، وعلى سبيل المثال، راجعت وكالة الاستخبارات المركزية عام 2006 أكثر من 100 مليون صفحة، لكنها لم ترفع السرية سوى عن 30 مليون صفحة فقط يمكن الوصول إليها عبر الأرشيف الوطني، كما كشفت وكالة الأمن القومي، وهي وكالة التنصت وفك الشفرات، عن نحو 35 مليون صفحة، من بين عشرات الملايين من الصفحات، بما في ذلك مجموعة شاملة عن حادثة خليج تونكين التي أدت إلى تصعيد حرب فيتنام. ويحذر جون ديسيكو أستاذ العلوم السياسية بجامعة “تينيسي”، من أن المستندات التي يجري رفع السرية عنها لا توفر دائماً القصة الكاملة، فغالباً ما تحتوي على معلومات منقحة، ما يعني أن المستند غير قابل للقراءة بالكامل، وقد تحتوي وثيقة معينة على وجهة نظر مسؤول أو وكالة واحدة حول وضع معقد، ولهذا من الضروري فحص المستندات التي رفعت عنها السرية من أكبر عدد ممكن من المكاتب والإدارات ذات الصلة، حسب قول ديسيكو، لكن على الرغم من أن معظم المستندات مستثناة، فإنه يمكن في حالات معينة طلبها بموجب قانون حرية المعلومات في الولايات المتحدة. كيف تطلع على المعلومات؟ ونظراً إلى أن المستندات السرية يتم إصدارها للجمهور فقد تظهر في أي من قواعد البيانات أو مواقع الويب العديدة، حيث لا يوجد موقع أو قاعدة بيانات واحدة توفر تغطية كاملة لجميع الوثائق المفرج عنها في مختلف المجالات، وعلى سبيل المثال، يمكن البحث عن الوثائق عن طريق الكلمات الرئيسة والتاريخ في موقع وزارة الخارجية الأميركية، والتي تتضمن مثلاً رسائل البريد الإلكتروني المثيرة للجدل لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ونصوص هاتفية لهنري كيسنجر، ومشاريع رفع السرية عن تشيلي، والأرجنتين، والسلفادور، وغواتيمالا. ملفات الخارجية في الشرق الأوسط وتعد العلاقات الخارجية للولايات المتحدة هي السجل التاريخي الوثائقي الرسمي لقرارات السياسة الخارجية الأميركية الرئيسة التي تم رفع السرية عنها وتحريرها للنشر، وتبدأ من عام 1861 وتضم الآن أكثر من 350 مجلداً، كما تعد الملفات المركزية لوزارة الخارجية الأميركية مصدراً مهماً للتقارير الدبلوماسية الأميركية حول التطورات السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم في القرن العشرين، وعلى سبيل المثال، تغطي فترة الستينيات، الملفات الخاصة بمصر وتفاصيل كبيرة عن الهيكل السياسي المصري الذي هيمن عليه جمال عبد الناصر، كما تم تناول القضايا السياسية بتفصيل واسع في الملفات الخاصة بإيران والعراق ولبنان وفلسطين والسعودية واليمن ودول الخليج، فضلاً عن إسرائيل، حيث تابع موظفو وزارة الخارجية التطورات في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، والثروات السياسية لأعضاء مهمين في الحكومة الإسرائيلية، والوضع الأمني لإسرائيل. اكتشافات مفاجئة ومن بين الاكتشافات المفاجئة التي ظهرت في السنوات الأخيرة من وثائق رفعت عنها السرية، والتي يتوفر عديد منها على الموقع الإلكتروني لأرشيف الأمن القومي التابع لجامعة “جورج واشنطن”، وضع الجيش الأميركي خططاً لإنشاء قاعدة على القمر في عام 1959، لتطوير تقنيات في المراقبة القائمة على القمر للأرض والفضاء ولمواجهة الطموحات الإقليمية المتوقعة للسوفيات على سطح القمر، كما بحثت إدارة الرئيس جون كينيدي غزو كوبا في عام 1962، متوقعة خسائر فادحة في أعقاب أزمة الصواريخ الكوبية. كما كشفت الوثائق عن أن أحد الهجومين المفترضين من فيتنام الشمالية على السفن الأميركية في خليج “تونكين” عام 1964 والذي استخدمته إدارة الرئيس ليندون جونسون مبرراً لتصعيد هائل في حرب فيتنام لم يحدث قط في الواقع، وأنه كان هجوماً مزيفاً، إضافة إلى مراقبة الحكومة الأميركية كبار الشخصيات من الأميركيين والذين تم التنصت على اتصالاتهم الخارجية من قبل الحكومة من عام 1967 إلى عام 1973 من بينهم مارتن لوثر كينغ ومحمد علي كلاي، والسيناتور الديمقراطي فرانك تشرتش والسيناتور الجمهوري هوارد بيكر. المزيد عن: الاستخبارات الأميركية\الوكالات الفيدرالية\الحكومة الأميركية\الجواسيس\الأسلحة السرية\خليج تونكين\الأمن القومي الأميركي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post وليد شقير: أغسطس الخطير على لبنان في الترسيم البحري وانتخابات الرئاسة next post الكونغرس يستهدف «الكبتاغون السوري» You may also like المجلة تنشر النص الحرفي لإعلان “وقف الأعمال العدائية”... 28 نوفمبر، 2024 أسئلة وقف النار في لبنان… أي انتصار؟ أي... 28 نوفمبر، 2024 خمسة تساؤلات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل... 28 نوفمبر، 2024 كيف غيّر “حزب الله” شروطه بين بدء الحرب... 28 نوفمبر، 2024 بعد قرار “الجنايات”… المصريون حائرون: هل “الإخوان” إرهابية؟ 28 نوفمبر، 2024 النزاع الإيراني- الإسرائيلي: دور روسيا “المحايد” على المحك 28 نوفمبر، 2024 بعد إعلان نتائج الانتخابات البلدية… هل حن الليبيون... 28 نوفمبر، 2024 مناطق لبنان المدمرة… قنابل موقوتة بما تحويه 28 نوفمبر، 2024 كيف قرأ سياسيو لبنان اتفاق وقف النار وهل... 28 نوفمبر، 2024 خريطة الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان وسيناريوهات الانسحاب 28 نوفمبر، 2024