الملكة كاميلا راعية جائزة بوكر (رويترز) ثقافة و فنون لماذا تعد “جائزة بوكر” للرواية الخيالية مهمة ليس فقط للفائزين؟ by admin 26 نوفمبر، 2023 written by admin 26 نوفمبر، 2023 341 قد تكون الجائزة بمثابة مكافأة للخيال، كما يرى كاتب المقال الذي فاز بها عام 1991 لكن أهميتها تكمن في قدرتها على تشكيل عالم الواقع اندبندنت عربية / بن أوكري يعد أي كاتب فائزاً حتماً بمجرد إدراج اسمه ضمن قائمة الترشيح القصيرة لنيل “جائزة بوكر” Booker Prize [تمنح سنوياً لأفضل رواية خيالية مكتوبة باللغة الإنجليزية نشرت في المملكة المتحدة وإيرلندا]. فهذه الجائزة المرموقة والمحبوبة عالمياً تتمتع بسحر فريد من نوعه. ويعد الوصول إلى القائمة القصيرة في حد ذاته بمثابة انتصار، وهي النقطة التي يصبح عندها كل متنافس فائزاً. وبعد هذه المرحلة، تتكشف تطورات إيجابية، ويصبح مسار النجاح بين يديك. مرتين في السنة -في منتصفها وآخرها- تضع “جائزة بوكر” العالم في حال من الترقب، للكشف أولاً عن 12 كتاباً في القائمة الطويلة، ثم عن ستة كتب ضمن القائمة القصيرة، وتنتهي بتتويج عمل روائي استثنائي. وتستمر هذه الطقوس، وهي تقليد خالد يمارس بغض النظر عما يحدث في العالم. إنها محطة بسيطة لكنها عميقة لحكاية خيالية، تمنح العالم هدية أدبية ثمينة. من حسن طالعنا أننا حظينا على مدى أعوام برعاية ملكة لا تتمتع بشغف القراءة فحسب، بل تدافع بحماسة عن الحق الأساسي للكتاب في التعبير عن أنفسهم بحرية ومن دون قيود. فالحكاية الخيالية ليست مجرد وهم يحدث في عالم واقعي، بل هي مسعى تحويلي يحصل في عالم غالباً ما يقاوم التغيير. ويصبح السحر ممكناً على وجه التحديد لأن الواقع الصعب يمثل تحديات كبيرة. وتتكشف جميع القصص الخيالية على خلفية ما وصفه الفيلسوف آرثر شوبنهاور بالمعاناة المتأصلة في الحياة. وهذه الهدية التي تمنح لنا كل سنة -في خضم معاناة الحياة، وفي مواجهة الصراعات التي لا يمكن التغلب عليها، من حروب، وظلم، وحزن، وعدم المساواة- تأتي من خلال طقوس تنطوي على فرص الاختيار. وتتمثل مهمتنا في التعمق بستة كتب واختيار ذلك الذي يتردد صداه بشكل أعمق في العصر الذي نعيشه، ويمنحنا أقصى درجات المتعة لرواية رائعة، تُسرد من خلال لغة تكون أكثر غنى وأشد صدقاً. الجوائز غالباً ما تكون مثيرة للجدل، لكن الحالة الإنسانية تتطلب مستوى من النضج لتكون قادرة على اتخاذ الخيارات. الخيار هو القدر. وفي مواجهة الاحتمالات الكثيرة، نحن ملزمون باختيار مسار واحد. سواء كان الأمر يتعلق بكشف السرد، أو مسار الخط، أو اتجاه المعادلة، يجب علينا في النهاية أن نتخذ قراراً حاسماً والاختيار من بين مجموعة من الاحتمالات. العبقرية، كما يعرفها البعض، لا تعني بالضرورة امتلاك ذكاء متفوق، بل تتمثل في قدرة الفرد على أن يقوم وسط متاهات عمله المعقدة، باتخاذ الخيارات الصحيحة وانتقاء أفضلها. ومن بين عدد لا يحصى من الخيارات، هناك واحد فقط يعد مناسباً. فقد أكد غوستاف فلوبير [روائي فرنسي من رواد الواقعية الأدبية] على الأهمية الوجودية للاختيار من خلال الكلمة المناسبة. وفي عالم التأليف، تتطلب كل لحظة اختيار كلمة واحدة من بين عدد من الاحتمالات. يتعين علينا في كل لحظة أن نختار مصيراً. ففي كل يوم، يجد العالم نفسه أمام لحظة اختيار بين السلام والحرب، وبين إظهار مزيد من الكراهية أو السعي إلى تحقيق مصالحة صعبة، وبين فرض مزيد من الهيمنة أو بدلاً من ذلك، إظهار الاحترام واحتضان التعاون. وفي هذا الإطار، يحدونا أملٌ في أن يتحلى قادتنا بالحكمة اللازمة لاتخاذ أفضل الخيارات لمواطنيهم وأوسعها تأثيراً عليهم. ففي كل لحظة وعند كل منعطف، يتوجب علينا أن نقرر ما إذا كنا نبني حقاً عالماً مستداماً أو عالماً مستحيلاً. يرتبط الأدب بالاختيارات والعواقب والنتائج. وتذكرنا رواية القصص الاستثنائية بضرورة إحداث تحول صعب في عالم مقاوم للتغيير -عالم مليء بالكيانات والعناصر المترددة حيال التغيير، لكنه يخضع لقوى التحول التي لا هوادة فيها. ولهذا السبب، في مواجهة حتمية الموت والوعد الخفي بالخلاص الذي لا يمكن إدراكه، تتكشف الحياة كقصة خيالية تدور في غياهب نفق من المجهول. وهذا هو السبب الذي يجعل التقاء الكتّاب معاً في مجتمع “جائزة بوكر” مؤثراً بشكل خاص. نحن أعضاء في كوكبة متواضعة من الأفراد الذين يؤمنون بأن الكلمات تمتلك قوة الخلاص. وهنا أتوجه بالتحية والامتنان لكل فرد منكم، بغض النظر عن الدور الذي تضطلعون به في كرم الكلمات والقصص هذا. وأناشدكم، وسط الأحداث المضطربة في العالم، أن تتمسكوا بثبات بالقصة الخيالية الأساسية التي تمثل نقطة مضيئة وسط الظلام المنتشر في كل ما هو قائم. لا شك في أن هناك عدداً لا يحصى من النقاط المضيئة الأخرى تمسها الخيوط السردية التي تحوكونها، وتربطنا جميعاً بنسيج قصة الحياة الكبرى. أحيي أيضاً المخضرمين من أصحاب الجائزة والكتاب الناشئين الذين يتسلقون قمم الإنجاز الأدبي. نحن جميعا نتشارك عضوية أخوية مميزة. نحن مرتبطون بالتزامنا الصادق بقوة الكلمة. نحن نعلم أن القصص التي تسرد بشكلٍ جيد وصادق، لديها القدرة على أن تهز الكوكب وتطلق التحرر الصامت. وفي عالمٍ يتزايد فيه الظلام باستمرار، نقف متحدين في الإيمان بأن الأدب يمثل قوة تعمل من أجل الخير. هذه نسخة مختصرة من كلمة ألقاها السير بن أوكري، الذي فاز كتابه “الطريق الجائع” The Famished Road بـ”جائزة بوكر” لعام 1991. وسيُعلن عن الفائز بهذه الجائزة للسنة 2023، يوم الأحد في الـ26 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. يمكن متابعة الحدث الذي يبث مباشرة في التاسعة مساء على “قناة جائزة بوكر على يوتيوب” Booker Prize YouTube © The Independent المزيد عن: الملكة كاميلاالرواية الخياليةجائزة بوكر البريطانية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أورويل شاهد ومؤرخ غاضب في كتابه “تحية إلى كتالونيا” next post الغموض يحيط بمصير المكتب التمثيلي لكيبيك في تل أبيب You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024