خبير اللوحات ومؤرخ الفنون أنتوني بلنت رفقة الملكة إليزابيث قبل عقود خلال مناسبة في لندن (أ ب) منوعات لماذا أخفت الاستخبارات عن الملكة إليزابيث قصة الجاسوس السوفياتي؟ by admin 15 يناير، 2025 written by admin 15 يناير، 2025 23 علاقة العائلة المالكة بالأجهزة الأمنية معقدة جداً وإن كانت تعمل أحياناً في اتجاهين اندبندنت عربية / أحمد مصطفى صحافي متخصص في الشؤون الدولية أزاحت وثائق لجهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (إم آي 5) أزيلت عنها السرية أخيراً، الستار عن أن ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية لم يجر إبلاغها بوجود جاسوس للاتحاد السوفياتي بين موظفي القصر الملكي إلا بعد اعترافه بنحو تسعة أعوام، وكشفت الوثائق التي ستعرض في الأرشيف الوطني بمنطقة “كيو” غرب لندن، ضمن معرض خلال الربيع المقبل، عن طريقة عمل جهاز الاستخبارات. وفي السياق أن خبير اللوحات ومؤرخ الفنون أنتوني بلنت الذي يعمل ضمن موظفي البلاط الملكي في مجال مراجعة المقتنيات الفنية كان اعترف لأجهزة الأمن السري بالعمل لمصلحة الاستخبارات السوفياتية في أبريل (نيسان) 1964، لكن الملكة الراحلة لم تبلغ بأنه كان جاسوساً إلا عام 1973، وكان ذلك مع مرضه واحتمال وفاته وتخوف الأجهزة الأمنية من أن يسرد الإعلام مسألة اعترافه ضمن تغطية وفاته، فتعرف الملكة من الصحف وليس من أجهزة الدولة. وتقدم الوثائق السرية صورة عكس ما شاع في الإعلام وفي كتب تالية تناولت قصة بلنت ضمن ما عرف إعلامياً بقضية “خمسة كامبريدج”، وهم العملاء الذي جندهم جهاز الاستخبارات السوفياتي حينها (كيه جي بي) من جامعة كامبريدج المرموقة وتولوا مناصب في الحكومة البريطانية، ولعل الجاسوس الأشهر في تلك المجموعة والذي كان عميلاً مزدوجاً أيضاً هو كيم فيلبي الذي نشرت حوله قصص كثيرة وكتب ووثائقيات. أسرار ومصلحة عامة لم تكن الملكة إليزابيث الثانية تجهل تماماً بموضوع أنتوني بلنت، إذ إنها أُبلغت سريعاً قبل اعترافه بأن أجهزة الأمن تراقبه وتحقق في شأنه وأنه سيخضع للاستجواب، لكنها لم تبلغ باعترافه بعمالته للاتحاد السوفياتي لأن أجهزة الأمن رأت وقتها أنه ليست هناك ضرورة لإزعاج الملكة، كما أن أجهزة الأمن البريطانية وبالاتفاق مع كبير موظفي القصر الملكي، أبقت على بلنت في وظيفته حتى تقاعده. ولم يكن في “المصلحة العامة” وقتها إثارة الذعر بأن للروس جاسوساً يجمع معلومات من القصر الملكي، حتى إن رئيس الوزراء في ذلك الوقت أليك دوغلاس هوم لم يبلغ باعتراف بلنت عام 1964، ولم يعرف إلا بعدما كشفت رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر عام 1979 علناً الاعتراف، وأن أنتوني بلنت كان عميلاً مزدوجاً. ظلت الملكة إليزابيث الثانية واحدة من أكثر الشخصيات تأثيرا في دوائر الحكم (غيتي) وتحسباً لنشر اعترافه ومنحه حصانة من الإدانة بعد وفاته، طلبت حكومة رئيس الوزراء إدوارد هيث من السكرتير الخاص للملكة مارتن تشارتريز إبلاغها بالأمر عام 1973، وبحسب مذكرة من مدير جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني وقتها مايكل هانلي فإن تشارتريز قال عن رد فعل الملكة لدى إبلاغها باعتراف بلنت إنها “تلقت الأمر بهدوء شديد ومن دون دهشة حتى، وتذكرت أنه كان محل شك منذ زمن بعد قضية برغس وماكلين مباشرة، وعلى ما يبدو أن أحداً ذكر لها شيئاً مطلع الخمسينيات، وعلى الأرجح بعد توليها العرش بقليل”. وكان هانلي طلب من كبار موظفي القصر قطع العلاقات مع بلنت قبل اعترافه بأربعة أشهر بأنه عميل للسوفيات، بينما يعمل ضابطاً أيضاً في “أم آي 5” منذ تجنيده في الثلاثينيات من جامعة كامبريدج، لكن بلنت ظل في منصبه ومنح وساماً ملكياً بعد اعترافه، ولم يكن يعرف في القصر سوى تشارتريز ونائبه فيليب مور. جاسوس تحت العين وبحسب الوثائق التي أزيلت عنها السرية فإن “تشارتريز اعتقد أن الملكة لم تعرف بأمر اعتراف بلنت، وليست هناك فائدة من إبلاغها بذلك الآن، لأنه لن يؤدي سوى إلى زيادة قلقها”، وحينها كان بلنت على وشك التقاعد من وظيفته في القصر عند سن 65 سنة، وأكد تشارتريز أن “الملكة على أي حال لا تراه إلا نادراً”، وكل ما فعلته أجهزة الاستخبارات عام 1964 أنها أبلغت السكرتير الخاص للملكة وقتها مايكل أدين بنيتها استجواب بلنت على أساس أدلة جديدة، لكن السكرتير أدين لم يبلغ باعتراف بلنت إلا عام 1967، ثم في عام 1971 أبلغت وزارة الداخلية مدير الاستخبارات هانلي بأن “الملكة لا تعرف شيئاً عن السجل الأمني لبلنت”، وهنا يذكر هانلي “قلت أنه عند وفاته قد تعرف (الملكة) الكثير من الصحف”. كان أنتوني بلنت المتوفى عام 1983 عن عمر 75 سنة واحداً من “خمسة كامبريدج”، إضافة إلى كيم فيلبي ودونالد ماكلين وغاي بيرغس وجون كيرنكروس، وأصبح بلنت محل شك عند الاستخبارات الداخلية البريطانية منذ فرار بيرغس وماكلين إلى موسكو عام 1951 وجرى استجوابه 11 مرة خلال تلك الفترة، وفي الـ 23 من أبريل 1964 واجهه عميل “أم آي 5” آرثر مارتن في شقته بلندن بشهادة مايكل ستريت، وهو أميركي جنده بلنت من كامبريدج. اعتراف الجاسوس المزدوج تكشف الوثائق المفرج عنها عن رد فعل بلنت حين جرت مواجهته وأن “خده الأيمن كان ينقبض بشدة” وهو ينفي ما اعترف به ستريت، وحين عرض مارتن عليه الحصانة من الإدانة جلس صامتاً بعض الوقت. وتضيف الوثائق، “كانت إجابة بلنت أمهلني خمس دقائق كي أحكم ضميري، وخرج من الغرفة وتناول مشروباً ثم عاد ووقف عند النافذة الطويلة المطلة على ميدان بورتمان”، ويكتب مارتن “أمهلته بضع دقائق أخرى من الصمت ثم طلبت منه أن يزيح الأمر كله عن صدره، فعاد إلى مقعده وحكى قصته كلها”. وخلال اعترافه بدا أنتوني بلنت عصبياً، وتمضي الوثائق أنه “كان كل سؤال يتبعه فترة صمت بدا خلالها أن بلنت يفكر بينه وبين نفسه كيف سيجيب عليه، وفي النهاية بداً محطماً تماماً”، وأثناء الاستجوابات وصف بلنت كيف أن بيرغس الذي كان يعمل في السفارة البريطانية لدى واشنطن مع فيلبي عاد فجأة لبريطانيا عام 1951 ليحذر ماكلين الذي كان يعمل بوزارة الخارجية من أن أمره كُشف ويجب أن يذهب إلى الاتحاد السوفياتي. يلتقط مصور صورة لبورتريه خاص بالملكة إليزابيث (أ ف ب) كان بيرغس مدمناً على الشراب، وحسب وصف بلنت كان “في حال يرثى لها ويتصرف كالمذعور”، ويضيف بلنت أنه أبلغه أن “السوفيات أبلغوني أن عليّ أنا أيضاً الذهاب إلى موسكو”. وتشكك بلنت في الأمر لأن رحيل بيرغس يمكن أن يكشف فيلبي ويكشفه هو أيضاً، وبرأي بلنت أن بيرغس ربما أقنع مشغله الروسي يوري مودين، واسمه الحركي بيتر، أن يدعه يرحل إلى موسكو لأنه أدرك “أن حياته في بريطانيا انتهت”. بعد ذلك وجد بلنت نفسه في عهدة مشغل بيرغس المدعو بيتر، ويذكر أنه التقاه مرتين، وحين التقاه قال له بيتر إنه “ألقى له حزماً من الدولارات والجنيهات الإسترلينية وأبلغه تعليمات جنونية فعلاً”، إذ طلب منه التوجه إلى باريس ثم هلسنكي ومنها إلى موسكو، لكن بلنت لم تكن لديه نية للرحيل، بحسب ما أبلع آرثر مارتن في التحقيق. القصر والاستخبارات وعلى رغم ما كشفته الوثائق السرية من إخفاء الأجهزة اعتراف الجاسوس المزدوج أنتوني بلنت عن الملكة إليزابيث الثانية، فإن علاقة الأجهزة بالعائلة المالكة ظلت مهمة جداً، وبحسب كتاب “الجاسوسية والتاج” لمؤلفيه ريتشارد أولدريتش وروري كورماك الصادر عام 2021 فإن العلاقة بين العائلة المالكة وأجهزة الاستخبارات تسير في اتجاهين، بمعنى أن القصر يتلقى معلومات استخباراتية من الأجهزة وأيضاً توافر العائلة المالكة معلومات مهمة للأجهزة في الوقت ذاته، وهكذا فالقصر “مستهلك ومورد للمعلومات الاستخباراتية”. الملكة إليزابيث على ظهر أحد الخيول الخاصة بها في الحديقة الملكية (رويترز) ويكشف الكتاب الضخم الذي يبدو في أجزاء منه وكأنه من فصيل روايات الجاسوسية المثيرة، كيف تعمل أجهزة الاستخبارات والأمن على حماية العائلة المالكة، وفي الوقت نفسه تتجسس على العائلة وعلاقاتها، وكيف أن العائلة المالكة تستخدم ما يتاح لها من معلومات من الأجهزة لحماية أفرادها والحفاظ على تماسكها، وأحياناً حتى للتغطية على بعض مكاسبها، ويبقى أن كل ذلك يجري حسابه بمعيار “المصلحة العامة” التي تخضع في النهاية لتقديرات المسؤولين عن أجهزة الأمن والجهات الحكومية وكبار موظفي البلاط الملكي، إنما الدلالة الأهم من الوثائق التي أزيلت عنها السرية أنها تكشف عن حقيقة أن كثيراً مما ينشره الإعلام وتتضمنه الكتب عن عمل أجهزة الاستخبارات ليس دقيقاً تماماً. المزيد عن: بريطانياروسياالقصر الملكيالملكة إليزابيث الثانيةالاستخباراتجاسوسوثائقأزمة وثائق 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post غضب في ليبيا بعد تسريب مشاهد تعذيب أعادت للأذهان سجن “صيدنايا” next post السلطات السورية تعتقل متشددا مصريا بث تسجيلات هدد فيها حكومة بلاده You may also like القاتل المتسلسل ونظيره العشوائي “تبادل الجرائم” بدم بارد 15 يناير، 2025 قصور فجيج التاريخية… عندما ابتكر المغرب تجمعات سكنية 15 يناير، 2025 الجواري والموسيقى.. وجهان لثراء الحياة في قصور الخلافة... 12 يناير، 2025 مصريون أموات في السجلات أحياء على الأرض 12 يناير، 2025 خبرات المصريين تعيش في أمثالهم الشعبية… المندثرة 12 يناير، 2025 من الحب ما قتل… كيف لعلاقة زواج أن... 10 يناير، 2025 الذكاء الاصطناعي والجريمة… البربرية بأحدث التقنيات 10 يناير، 2025 ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول... 7 يناير، 2025 جنبلاط متمسك بقائد الجيش ودعواتٌ لإنجاح الجلسة 7 يناير، 2025 الألقاب الطبقية في مصر… تشريف وسخرية وتخليص مصالح 6 يناير، 2025