يحاول لبنان جاهداً مواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي على رغم إمكاناته المحدودة (اندبندنت عربية) الذكاء الاصطناعي لبنان يحاول اللحاق بالركب العالمي للذكاء الاصطناعي by admin 14 مارس، 2025 written by admin 14 مارس، 2025 16 تخصيص وزارة بالحكومة الجديدة وتغيير المناهج التعليمية والتوسع في عمليات التدريب اندبندنت عربية / كارين اليان ضاهر صحافية لبنانية @eliane_carine خلال قمة باريس للذكاء الاصطناعي الأخيرة التي أقيمت خلال فبراير (شباط) الماضي، كشفت فرنسا عن استثمارات للقطاع الخاص في الذكاء الاصطناعي تقارب 109 مليارات يورو، أي ما يوازي 112.5 مليار دولار أميركي. وشمل التمويل خططاً لشركة استثمار كندية بقيمة 20 مليار يورو (21.74 مليار دولار) في مشاريع الذكاء الاصطناعي داخل فرنسا، وتمويلاً من الإمارات قد يصل إلى 50 مليار يورو (54.34 مليار دولار) للأعوام المقبلة، ويقضي بتمويل مركز بيانات بطاقة واحد غيغاوات، خصوصاً أن الذكاء الاصطناعي يتطلب كميات ضخمة من الطاقة لتشغيل مراكز البيانات الكبرى. من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن استثمارات بقيمة 500 مليار دولار (543.4 مليار دولار) أميركي في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي طوال الأعوام الأربعة المقبلة، حفاظاً على مراكز متقدمة لها على الصين وغيرها من الدول المنافسة في السباق العالمي بمجال الذكاء الاصطناعي. وفيما تتنافس الدول في هذا المجال الذي أصبح يشكل أولوية على صعيد عالمي، وبات يلعب دوراً مهماً في مختلف القطاعات نظراً إلى التطور السريع الحاصل فيه، يبدو أن لبنان يقوم بخطواته الأولى فيه للانطلاق بهذا المسار بإمكانات شبه معدومة لديه، فيما يتساءل كثر حول قدرة البلاد على اللحاق بالركب العالمي في هذا المجال. للمرة الأولى وزارة للذكاء الاصطناعي كان لافتاً في تشكيل الحكومة برئاسة نواف سلام استحداث وزارة جديدة لم يسبق أن وجدت في حكومات سابقة هي وزارة “شؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي”، وكانت من المؤشرات الإيجابية المرافقة لتشكيل الحكومة الجديدة، وبدت خطوة واعدة لوضع لبنان على خريطة التطور الرقمي وتعزيز دوره في عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ثمة مساعٍ جدية لوضع لبنان على الطريق الصحيح حتى يواكب التطور الرقمي العالمي والتطور المتسارع في الذكاء الاصطناعي، ليبدل المسار الذي كان يمشي فيه بعيداً من باقي الدول التي باتت في مراحل متقدمة منهز وأتى استحداث هذه الوزارة بمفاجأة سارة للبنانيين لاعتبارها قد تتمكن من تأدية الدور المحوري في تطوير البنى التحتية الرقمية ومساعدة قطاعات معينة على بلوغ مستويات متقدمة من التقنيات العالمية، إضافة إلى دورها في دعم الاقتصاد الرقمي وخلق فرص عمل جديدة، وتشجيع الابتكار والريادة في قطاع التكنولوجيا وتحسين كفاءة المؤسسات الحكومية وتقديم خدمات للمواطنين بسرعة كبرى وشفافية. وفي المقابل، تساءل كثر حول قدرة لبنان على مواكبة هذا التطور نظراً إلى إمكاناته المحدودة، إذ لا تزال الدولة ترزح تحت وطأة تداعيات الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي عصفت بالبلاد، وتسببت بانهيار اقتصادي طال القطاعات كافة ومنها قطاع التكنولوجيا والاتصالات، كما أن مظاهر عديدة في لبنان تؤكد أن التحديات قد تكون كثيرة، خصوصاً أن البلاد خرجت للتو من الحرب الإسرائيلية الكبرى التي تسببت في خسائر بمليارات الدولار. ويواجه البلد صعوبة في مواكبة التقدم التكنولوجي الدولي لأسباب سياسية واقتصادية، وقد صنف في المرتبة الـ76 من أصل 193 دولة في العالم خلال عام 2023 وفق مؤشر جهوزية الحكومات للذكاء الاصطناعي. وعلى رغم ذلك، يعد الخبراء الذكاء الاصطناعي ومواكبة التطور فيه قد يشكل فرصة للبنان لإعادة بناء الدولة بهدف تطوير الخدمات، وتعزيز الحوكمة الإلكترونية، وتعزيز مجالات العمل في البلاد، بما أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دوراً جوهرياً في تطوير مختلف القطاعات ويعد الاستثمار فيه جوهرياً للدولة، لمواكبة ما حققته الدول المتطورة في هذا المجال، والاستفادة من تجاربها. نظرة إيجابية على رغم التحديات أظهر وزير شؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي كمال شحادة نظرة متفائلة حول المستقبل الرقمي للبلاد في أول تصريح له بعد تعيينه، وانطلاقاً من خبرته الواسعة في مجالي الاتصالات والتكنولوجيا، أكد أنه يضع استراتيجية لتعزيز قدرات الدولة اللبنانية في مجال تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، مؤكداً أهمية المجالين في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وواعداً بتحويل لبنان إلى منصة رقمية على رغم التحديات. وفي حديثه مع “اندبندنت عربية” لم ينكر شحادة وجود عوائق عديدة وتحديات في لبنان على رأسها تلك التي ترتبط بقلة الموارد المادية والإمكانات التي يمكن الاستعانة بها للعمل على تحقيق الأهداف المرجوة في هذا المجال، فالكل يعلم أن الإمكانات محدودة جداً في لبنان، خصوصاً منذ بداية الأزمة الاقتصادية، إضافة إلى التأخير الحاصل في لبنان في المجال الرقمي والتكنولوجي خلال الأعوام الأخيرة، وفي الحوكمة الرقمية ما انعكس سلباً بصورة واضحة على عمل الإدارات الحكومية وعلى عملية إنجاز المعاملات وتسهيلها للمواطنين، وترك هذا التأخير آثاراً واضحة في مختلف القطاعات. وأضاف الوزير “غياب الميكنة من المشكلات التي لا يمكن أن نغفل عنها، إضافة إلى تحديات أخرى عديدة أسهمت في تأخير لبنان عن المسار التكنولوجي في العالم، وعلى رأسها انقطاع الأموال والصيانة لمواقع الوزارات خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية خلال الأعوام الأخيرة، وأخيراً في ظل الحرب الإسرائيلية على لبنان. وفي حال عدم تخطي هذه العوائق والتحديات، من المتوقع أن يذوب القطاع ويبقى لبنان في مراتب متأخرة على مختلف الصعد، فيما تبدو مواكبة التطورات فيه حاجة ملحة في أيامنا هذه”. تخصص الدول مليارات الدولارات للذكاء الاصطناعي (رويترز) وتابع “ثمة أهمية قصوى لمواكبة التطور في المجال الرقمي والذكاء الاصطناعي كمختلف كدول العالم التي بلغت مراتب متقدمة فيه، نظراً إلى انعكاساته على مختلف القطاعات في البلاد، أما التخلف عن ذلك فلن يكون لمصحة لبنان أبداً”. ولا يعد شحادة المضي في مسار التطور التكنولوجي والغوص في عالم الذكاء الاصطناعي مسألة اختيارية خلال أيامنا هذه، بل باتت ضرورة ملحة، وفي مقابل كل التحديات التي يواجهها لبنان والتي قد تزيد من الصعوبات في مواكبة التطور التكنولوجي العالمي، يعول على الكفاءات العالية بين شبابه لتحقيق النجاح في هذه التجربة. ويمكن لهذه الطاقات أن تبرز وتحقق نجاحات كبرى داخل هذه المجالات وفي “المغامرة” التي يخوضها لبنان هنا. أما عن الدور الذي سيلعبه القطاع الخاص وما إذا كان لبنان سيعتمد عليه بصورة أساس في خطته في مسار التكنولوجيا والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، شدد شحادة على أن الدور الريادي هو للقطاع الخاص في هذا المجال، إلا أنه سيكون على الدولة أن تقوم بدورها في وضع التشريعات والقوانين التي تسمح بتحقيق القطاع الخاص النجاح وليكون تنافسياً في القطاع، فبغياب التشريعات المناسبة التي تأتي بالمستوى المطلوب لن تُمكن مواكبة التطور العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي والمجال الرقمي، وستكون الشركات اللبنانية في وضع تنافسي صعب وموقع أضعف مقارنة مع الشركات العالمية التي بلغت مراحل متقدمة، وهنا يبرز دور الدولة في تمكين القطاع الخاص والعمل على جذب الاستثمارات في هذا الاتجاه وتأمين التمويل. كانت الوزارة أثارت جدلاً من لحظة الإعلان عنها في الحكومة الجديدة، وتباينت ردود الفعل في شأنها في ظل التدهور الاقتصادي الحاصل داخل البلاد وتأخر البلاد في مختلف القطاعات والمجالات، ما يجعل مهمة الوزارة في غاية الصعوبة بما أن البلد متهالك اقتصادياً ويفتقر البنى التحتية. وعلى رغم تساؤلات كثر حول جدوى وزارة تعنى بمجال يبدو لبنان بعيداً كل البعد منه، وحول قدرتها على تحقيق التحول الرقمي، أتى وجودها كحاجة ملحة استجابة للتطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي الذي أحدث ثورة في مختلف القطاعات في العالم. ورداً على الجدل القائم في شأن دور الوزارة، تحدث الوزير عن مستقبل رقمي واعد للبنان، مشيراً إلى ركائز الخطة الوطنية ألا وهي وضع التشريعات والأنظمة، وتعاطي الوزارات بخصوصية مع المعلومات، والأمن السيبراني، والتحول الرقمي، إضافة إلى العمل على تأمين التمويل والبنية التحتية، وإقامة الشراكات مع القطاع الخاص والشركات التكنولوجية الكبرى حول العالم وفي المنطقة التي باتت رائدة في هذا المجال، مع أهمية الاستفادة من تجارب ناجحة لدول المنطقة والعالم في المجال الرقمي والذكاء الاصطناعي، بحسب شحادة. ومن الخطوات التي تضمها الخطة الوطنية إدخال مادة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المناهج التربوية وتحديثها لمواكبة التطور، وإنتاج طلاب يرغبون في دخول هذا المجال الذي باتت تعتمد عليه سوق العمل. وتعد هذه الخطوة من أولويات الوزارة وطرحتها وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء، لاعتبارها من الخطوات الجوهرية التي يجب الاعتماد عليها في القطاع لتحضير الطلاب وشباب المستقبل لخوض غمار عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بعد أن أصبح جزءاً لا يتجزأ من مختلف القطاعات. حجر الأساس في القطاع التربوي لأن الذكاء الاصطناعي يحتل حالياً أعلى المراتب في قائمة التقنيات التي يمكن أن تحدث تحولاً في مختلف جوانب الحياة بما لها من إمكانات هائلة، ومن ضمنها العملية التربوية، يبدو أداة استراتيجية يمكن أن تعيد تعريف أساليب التعليم، وتهيئة الأجيال القادمة لمواجهة التحديات في المستقبل بفاعلية، والاستعداد لمتطلبات سوق العمل التي في حال تحول سريع وبارز. لذلك، يبدو إدخال الذكاء الاصطناعي في العملية التربوية وفي المناهج التعليمية حاجة ملحة للبنان، إذا ما أراد أن يواكب العالم في التطور التكنولوجي في مسيرته نحو التحول الرقمي. وطرحت وزيرة التربية ريما كرامي ومديرة المركز التربوي للبحوث والإنماء هيام إسحاق فكرة إدخال الذكاء الاصطناعي في المناهج الجديدة لتعزيز الإلمام به وبدوره لدى الطلاب. وحالياً، تطرح تساؤلات حول قدرة هذه المناهج التي لم تحدث من عام 1997 على مواكبة هذا التطور. لدى التواصل مع إسحاق أكدت في حديثها أن المركز المسؤول عن وضع المناهج يركز حالياً على المناهج الجديدة لتحديثها، وتعمل لجنة التكنولوجيا على المواد المتعلقة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بهدف توفير الكفاية الرقمية للطلاب. في الوقت نفسه توضح أن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لا تحصر بإطار مادة معينة، بل هي كفاية يجب إدخالها في المواد كافة ليكسبها الطلاب لأنها ترتبط بمختلف المواد من علوم ولغات وغيرهما، مما يسمح للطالب ببلوغ مرحلة يصبح فيها متمكناً في هذا المجال وقادراً على مواكبة التطورات الحاصلة فيه. ويركز الخبراء في هذه المجالات على العمل على المناهج حالياً، مع ترجمة للحاجات الملحة في المجتمع والقطاع التربوي في الكتب المدرسية، ومن الخطوات التي سيجري العمل عليها تدريبات الأساتذة في مختلف المراحل التعليمية، ليواكبوا هذا التطور الحاصل في التقنيات التعليمية المعتمدة والمناهج الجديدة، وفق ما ذكرت هيام إسحق. وبعد انتظار دام عقوداً وفي ظل الانتقادات الكثيرة حول المناهج التعليمية البعيدة كل البعد من الواقع، تؤكد إسحاق أنه من المتوقع أن تصدر المناهج الجديدة خلال مهلة أقصاها ستة أشهر، أي إنه من المتوقع أن تكون جاهزة للعام الدراسي المقبل، وكان من المتوقع أن تجهز للعام الحالي إلا أن ظروف الحرب وغيرها من التحديات أعاقت تجهيزها خلال الوقت المناسب، فيما عادت الأمور الآن إلى المسار الصحيح، أما اللجنة التي تعمل على إتمام العمل المرتبط بوضع المناهج فتضم خبراء من أهم الجامعات في مجالاتهم، وهم يستفيدون من تجارب ناجحة لدول متقدمة في المجال التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. وتابعت “يعد إدخال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية في غاية الأهمية لمواكبة التطور، خصوصاً في التعليم الرسمي، فداخل المدارس الخاصة بصورة عامة هناك تحديثات ومواكبة مستمرة، لكن يبقى ذلك ناقصاً في التعليم الرسمي والتعليم الخاص الذي يتبع المنهج اللبناني في ما عدا الاستثناءات، وهذا ما يؤدي إلى تأخر شريحة كبرى من الطلاب في هذه المدارس، وفي كل الحالات سيتمكنون في يوم من الأيام من مواكبة التطور، إلا أن إعدادهم من المراحل الدراسية الأولى يخفف من الصعوبات بالنسبة لهم حتى يكتسبوا الكفايات اللازم ويندمجوا في عملية التطور السريع في هذا المجال”. وأوضحت أن “التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أصبحت أساساً في مهن عديدة حالياً هي الأكثر رواجاً في سوق العمل، وبات دور الذكاء الاصطناعي أساساً ومن الممكن أن يسهم في استبدال مهن بغيرها، لذلك، يجب التركيز على إعداد الطلاب ليتسلحوا بالمعرفة بوجود الذكاء الاصطناعي السريع التطور”. المزيد عن: نواف سلامالذكاء الاصطناعيلبنانمناهج التعليمفرنسا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post دلال البزري تكتب عن: سورية ما بعد الأسد في امتحان المواطنة الجديدة next post هل نجحت الصين في ابتكار أول ذكاء اصطناعي يضاهي البشر؟ You may also like هل نجحت الصين في ابتكار أول ذكاء اصطناعي... 14 مارس، 2025 الرجال الآليون الصغار يكتبون مستقبل الطب 12 مارس، 2025 نماذج ذكاء اصطناعي تتواصل بلغة سرية وتثير مخاوف... 9 مارس، 2025 لماذا فشل الذكاء الاصطناعي في كتابة الشعر؟ 27 فبراير، 2025 «أوبريتور» وكيل الذكاء الاصطناعي الجديد؟ 25 فبراير، 2025 كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في الاحتيال وفبركة الفيديوهات؟ 23 فبراير، 2025 برنامج للذكاء الاصطناعي حدثني عن مستقبلي وربما غير... 23 فبراير، 2025 الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في مراقبة إيقاع... 19 فبراير، 2025 الذكاء الاصطناعي يشكل مستقبل الصناعات الدفاعية 15 فبراير، 2025 منصة “Le Chat” تضع فرنسا على خريطة الذكاء... 13 فبراير، 2025