الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الرئيس اللبناني جوزاف عون بالديوان الملكي في قصر اليمامة في 3 مارس الماضي (واس) عرب وعالم لبنان على هامش التسويات الكبرى… غائب بإرادته أم مغيب؟ by admin 24 مايو، 2025 written by admin 24 مايو، 2025 17 أظهرت جولات الرئيس عون الخارجية أن العالم مستعد للسماع لكنه غير جاهز لمساعدة بلده ما لم يلمس تغييراً حقيقياً في التوازنات الداخلية اندبندنت عربية / سوسن مهنا صحافية @SawsanaMehanna تشهد منطقة الشرق الأوسط حالياً ديناميكيات سياسية متسارعة نحو تفاهمات جديدة تعيد رسم خريطة النفوذ الدولي والإقليمي، إلا أن لبنان يبدو وكأنه خارج المقررين الرئيسين على الطاولة، ويعود ذلك لأسباب عدة. خرق دبلوماسي بلا ترجمة سياسية منذ انتخابه تحرك الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون على أكثر من محور خارجي، في مشهد بدا كأنه محاولة لإعادة وضع لبنان على الخريطة الدبلوماسية، بعد سنوات من العزلة والتهميش. جال على عواصم القرار العربي والدولي، والتقطت له صور في باريس والرياض والقاهرة وأبوظبي والدوحة والكويت، لكن السؤال الجوهري يبقى: هل شكلت هذه الجولات خرقاً حقيقياً في موقف العالم من لبنان، أم أنها مجرد إعادة فتح قنوات بلا مضمون سياسي فعلي؟ ومما لا شك فيه أن مجرد استقبال عون كرئيس شرعي للبنان في عواصم عربية وغربية يعد تطوراً مقارنةً بالجمود الذي ساد خلال الشغور الرئاسي أو خلال العهد السابق، وقرئ هذا الانفتاح الخارجي، خصوصاً العربي، كـ”فرصة” للبنان للعودة للحضن الإقليمي والدولي والعربي، لكن هذه الجولة اصطدمت بعدم قدرة الرئيس على فرض أجندة داخلية، إذ إنه لا يملك حتى اللحظة كتلة نيابية حاسمة، ولا حزباً داعماً، ولا سلطة تنفيذية موالية، مما يجعل كل مكسب دبلوماسي مجرد رصيد رمزي، تصعب ترجمته سياسياً. وهذا ما يؤشر إلى أن هناك “رفضاً دولياً” للتعامل مع لبنان كدولة مكتملة، إذ تعتبر معظم العواصم أن “حزب الله” ما زال هو اللاعب الفعلي في لبنان، وبالتالي فإن أي دعم للحكومة اللبنانية يجب أن يمرر عبر شروط تتعلق بالإصلاح والسيادة، وهي ملفات لا يمكن لجوزاف عون وحده حسمها. لم يتصد لبنان حتى الآن بجدية لنزع سلاح “حزب الله” (موقع الجيش اللبناني) العالم مستعد لسماع لبنان، ولكن… صحيح أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، استقبلت الرئيس عون، لكن هذا لا يعني إطلاق الدعم السياسي أو المالي. السعودية مثلاً لا تزال تتعامل بحذر شديد مع لبنان، وتربط أي انفتاح فعلي بكبح نفوذ “حزب الله” وضبط الحدود مع سوريا، وهما ملفان يتجاوزان صلاحيات الرئيس اللبناني. بمعنى آخر أظهرت جولات عون أن العالم جاهز لسماع لبنان، لكنه غير مستعد بعد لمساعدته ما لم يلمس تغييراً حقيقياً في التوازنات الداخلية، وحتى اللحظة هناك شعور في الداخل اللبناني، أن التسويات الكبرى “تقفز” فوق لبنان. وعلى رغم هذه الجولات لم يدع عون إلى القمم الحاسمة، ولا يبدو أنه طرف في أية صفقة إقليمية كبرى، كما حدث أخيراً في قمة الرياض الثلاثية، التي جمعت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع، مما يعني أن انفتاح الخارج عليه لا يعني إشراكه في القرار الإقليمي، وهو مقبول كشخص، لا كرمز لدولة ذات سيادة فاعلة. وهذا مؤشر على أن الرئيس اللبناني نجح في كسر جدار العزلة الشكلية، لكنه لم ينجح بعد في تثبيت لبنان كلاعب فعلي في معادلات المنطقة. وذلك يتطلب تغييرات أعمق في الداخل، وتوازناً جديداً، وحكومة متماسكة، وربما تفاهماً وطنياً على دور لبنان وموقعه. وحتى ذلك الحين، سيبقى الرئيس اللبناني ربما يطرق أبواب الخارج، لكن من دون مفاتيح الداخل. لبنان… ملف مؤجل يرى عدد من المتابعين للشأن اللبناني أن الدولة المركزية ما زالت غائبة، فلبنان اليوم بلا قرار مركزي واضح في السياسة الخارجية، وهناك انقسام عمودي بين من يعتبر لبنان جزءاً من “محور الممانعة”، ومن يسعى إلى تحييده، مما يجعل من المستحيل تقديم موقف موحد للانخراط في أية تسوية جدية. أضف إلى ذلك أنه ما زالت هناك هيمنة من “حزب الله” على القرار السيادي، وأية تسوية إقليمية تبنى على الحد من النفوذ الإيراني، وهو ما يتعارض مع واقع لبنان، إذ للحزب اليد العليا سياسياً وأمنياً، وهذا يجعله في نظر واشنطن والرياض “جزءاً من المشكلة لا طرفاً في الحل”. كما أن هناك العامل الأهم وهو أن الدول الكبرى تركز ضمن أولوياتها على الملفات الأكبر، وذلك لحسم الملفات الثقيلة، كالعلاقة بين سوريا وإسرائيل، أو تطبيع إيران، أو إعادة ترتيب أوضاع العراق، ولبنان في هذه المعادلة ليس مركزياً بل ملفاً مؤجلاً أو تابعاً لتطورات أكبر. الاهتمام منصب على سوريا الآن وللغوص أكثر في هذا التحليل، تحدثت “اندبندنت عربية” مع الإعلامي والباحث السياسي علي حمادة، الذي أشار إلى أنه “بالنسبة إلى وضع لبنان على الخريطة العربية، إستناداً إلى زيارة ترمب، والقمم الخليجية من الرياض إلى الإمارات إلى قطر، هناك ما يفيد بأن لبنان موجود على الخريطة، ولكن العامل السوري هو العامل الأهم في المعادلة الآن، مما يعني أن الاهتمام اليوم منصب على الدولة السورية، وهذا طبيعي نظراً إلى حجم ومكانة سوريا وتأثيرها في المنطقة”. من جهته يقول الكاتب محمد حمية إن “الأميركيين يعتقدون أن الحرب والحصار وسلاح العقوبات على سوريا منذ عام 2011 أتت بمفاعيلها المطلوبة، وبالتالي يجب إسقاطها على لبنان و’حزب الله‘ تحديداً، ولم يكن محض صدفة أنه في اليوم الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي رفع العقوبات عن سوريا، فرضت واشنطن حزمة عقوبات كبيرة على شخصيات مالية من الحزب، مما يؤشر إلى أن سياسة العقوبات على لبنان مستمرة لفرض الشروط الخارجية عليه، وفي مقدمها نزع سلاح ’حزب الله‘ والتطبيع مع إسرائيل تحت مسمى التفاوض على ترسيم الحدود عبر اللجان الثلاثية”. ويتابع حمية “ولم يشفع للبنان أن العهد الجديد فيه جرى التوصل إليه برعاية أميركية، لكي تعلن الولايات المتحدة فك الحصار والعقوبات عنه، ولا حتى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للانسحاب من الجنوب، ووقف عدوانه وخروقه للقرار 1701 وإعلان وقف إطلاق النار، بل تعلن المندوبة الأميركية مورغان أورتاغوس بأن لإسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها، فيما تفرض واشنطن عقوبات جديدة على الحزب الذي التزم بتطبيق القرار 1701 في جنوب الليطاني بشهادة رئيس الجمهورية وقائد الجيش اللبناني (العماد رودولف هيكل)، وكذلك تطرح واشنطن شروطاً سياسية لا يحتملها العهد الجديد ولا التركيبة اللبنانية، كنزع سلاح ’حزب الله‘ والتطبيع مع عدو لا يزال يحتل أرضاً لبنانية ويقتل ويغتال من دون رادع، إلى حد لم تستطع الحكومة اللبنانية حتى انتزاع وعد من واشنطن، بمنع الاعتداء على الجنوب لمدة 24 ساعة فقط خلال الانتخابات البلدية في الجنوب السبت المقبل”. لبنان غاب عن قمة الرياض التاريخية على رغم أهمية لقاء الرياض، الذي جمع بين الرئيسين ترمب والشرع وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر شبكة الإنترنت، غاب لبنان الرسمي عنه، وذلك بسبب عدم دعوته أصلاً، وعلى رغم أن الرئيس عون يحظى بثقة عربية ودولية، فهو لا يزال محاصراً بتركة داخلية تمنعه من التحرك إقليمياً بحرية كاملة. وما زالت المملكة تعتبر أن حل الأزمة اللبنانية يتطلب أولاً تفاهماً داخلياً وتحجيم دور “حزب الله”، وهو ما لم يحصل. وبالتالي فإن إشراك لبنان في قمم كهذه قد يعطيه حجماً لا يتناسب مع واقعه المنقسم، ومن غير المستبعد أن إدارة ترمب، على رغم دعمها لعون عسكرياً، لا ترى في لبنان اليوم شريكاً فاعلاً يمكن أن يقدم التزامات أو تعهدات في ملفات حساسة كالتطبيع أو الأمن الإقليمي. لبنان يراوح مكانه يشير الكاتب علي حمادة إلى أن “بالنسبة إلى عدم دعوة الرئيس عون إلى الرياض فلا يتعلق الأمر بشخصه، بل لأنه ليس هناك من جديد يمكنه إعلانه في الرياض، إذ لم يقم لبنان بعمل لافت لكي يقال إن هناك قمة ستعقد وسنعلن خلالها شيئاً جديداً ومهماً وتاريخياً واستراتيجياً على علاقة بلبنان، ذلك أن الأمور لا تزال على حالها منذ ستة أشهر”. ويتابع حمادة “على رغم أنه على صعيد العمل الحكومي هناك عمل لائق ومحترم من رئيس الحكومة نواف سلام، وهناك رئاسة جمهورية محترمة ومقدرة عربياً وعالمياً وتقوم بما يتوجب عليها في الأمور العادية، لكن ليس هناك من جديد تحت الشمس، لبنان لم يتصد حتى الآن بجدية لسلاح ’حزب الله‘، ولم يبدأ بالحديث الجدي بما يتعلق بالمعادلات الإقليمية الجديدة. هناك فارق بين ما يقوم به الرئيس السوري أحمد الشرع وما وعد به، وما يمكن أن يقوم به، وبين ما تقوم به الدولة اللبنانية التي تسير بمسار كلاسيكي نعرفه واختبرناه في المراحل السابقة في مسألة السلاح وتطبيق القرارات الدولية. ومما لا شك فيه أن هناك بطئاً، يسميه بعضهم تباطؤاً وبعضهم الآخر يسميه عدم جدية، لكن ليس هناك ما يبرر انعقاد لقاء على مستوى القمة بوجود الرئيس اللبناني، لأنه ليس هناك من إعلان لافت وجديد سوى الوعود التي أطلقت، وتطلق باستمرار في المحافل الدولية. وبالتالي كان أمراً طبيعياً ألا يكون للبنان مقعداً على الطاولة في الرياض، مع العلم أن هناك تقديراً لشخص الرئيس عون ولشخص رئيس الحكومة سلام، لكن هناك تساؤلات عربية ودولية حول الإنجازات، وهذا ما نسمعه في دوائر القرار العربي والغربي لا سيما الأميركي”. حل الأزمة اللبنانية يتطلب أولاً تفاهماً داخلياً وتقليص دور “حزب الله” (أ ب) مسار الإصلاحات يسير ببطء شديد بالمقابل يرى الكاتب محمد حمية أن “الولايات المتحدة مستمرة بالضغط على لبنان وتربط بين الدعم المالي وبين تنفيذ الشروط الخارجية، لا سيما الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تمكنت الحكومة والبرلمان من تحقيق جزء منها، لكن وفق معلوماتي ليست كافية، وسمع الوفد اللبناني الذي شارك في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أن مسار الإصلاحات يسير ببطء شديد والمطلوب أكثر. أما في ما يخص سلاح ’حزب الله‘، فالضغط الأميركي مستمر وستأتي أورتاغوس أواخر الأسبوع لتسأل المسؤولين عما أنجزوه في مسألة السلاح والإصلاحات، لكن لم يعرف إذا كان السقف الأميركي سيبقى عالياً، أم سيكون أقل حدة بعدما أثارت مواقف المبعوثة الأميركية وتصرفاتها استياء مرجعيات سياسية عدة في لبنان، لا سيما النائب السابق وليد جنبلاط ووصلت أصداؤها إلى واشنطن، وقد تطلب منها إدارتها تخفيف حدة التصريحات والأداء، لكن هل تلتزم بالمسار الذي رسمه رئيس الجمهورية لمسألة السلاح، وهو الانسحاب الإسرائيلي ووقف الخروق وتثبيت الحدود ثم الحوار المباشر مع الحزب حول حصرية السلاح واستراتيجية الأمن الوطني أم سترفع سقف الضغوط بما يؤدي إلى هز الاستقرار والسلم الأهلي؟”. وعن عدم مشاركة الرئيس اللبناني في لقاء الرياض التاريخي، يقول حمية “إن عدم أولوية الملف اللبناني الآن وأهمية الملف السوري نظراً إلى موقع الدولة السورية في المنطقة وما يمكن أن تقدمه، في ملف الإرهاب ودحر ’داعش‘ وملف النازحين، أيضاً في مسار التطبيع والسلام مع إسرائيل، ولبنان ما زال بعيداً كل البعد من هذا المسار، لذلك أعطيت سوريا أولوية”. في المحصلة يبدو أن لبنان حالياً خارج نادي اللاعبين الأساسيين في تسويات الشرق الأوسط، وتحولاته مرهونة ليس فقط بقرارات خارجية، بل قبل ذلك بقدرته على استعادة قراره الداخلي وتحقيق حد أدنى من الإجماع الوطني. أما غياب الرئيس جوزاف عون عن القمة فيعكس الواقع السياسي، لبنان موجود في الحسابات الأمنية لا السياسية، ومطلوب منه أن “ينضج داخلياً” قبل أن يدعى مجدداً إلى طاولة القرارت الإقليمية. المزيد عن: لبنانالتسويات الكبرىالشرق الأوسطسورياأحمد الشرعجوزاف عونحزب اللهالسعوديةالأمير محمد بن سلمان 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “المخطط الفينيقي”: مغامرة بصرية برؤية ويس أندرسون الخالصة next post التهجير شرط لنهاية الحرب… فلماذا لا تسمح إسرائيل بمغادرة الغزيين القطاع؟ You may also like بدء تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان الشهر المقبل…... 24 مايو، 2025 السلاح الفلسطيني في لبنان… مِن «اتفاق القاهرة» إلى... 24 مايو، 2025 فرصة تاريخية أمام لبنان لدفن “اتفاق القاهرة” بعد... 24 مايو، 2025 التهجير شرط لنهاية الحرب… فلماذا لا تسمح إسرائيل... 24 مايو، 2025 المخدرات تجارة مزدهرة في غزة وتهرب عبر الدرون... 23 مايو، 2025 إدارة ترمب تمنع “هارفارد” من قبول الطلاب الأجانب 23 مايو، 2025 إلى أين سيقود التصعيد الأوروبي ضد إسرائيل بسبب... 23 مايو، 2025 علي بردى يكتب من واشنطن.. هوكستين لـ«الشرق الأوسط»:... 22 مايو، 2025 «مصنع الجواسيس»… كيف كشفت البرازيل أكبر عملية سرية... 22 مايو، 2025 «فخاخ» المكتب البيضاوي قد تدفع القادة الأجانب بالتفكير... 22 مايو، 2025