Getty Images / ، شهدت صناعة الزجاج ازدهاراً كبيراً في العصر الإسلامي. ثقافة و فنون كيف أصبحت صناعة الزجاج في العصر الإسلامي جسراً بين الفن والعلم؟ by admin 10 مارس، 2025 written by admin 10 مارس، 2025 72 سلمى حسين / بي بي سي – دلهي/BBC تُعرف الفترة الممتدة من القرن السابع إلى القرن الثالث عشر بالعصر الذهبي للإسلام على مستوى العالم، حيث كان لواء الإسلام يخفق في كل ركن من أركانه. ولم يكن حكام فترات تلك العصور الإسلامية حكاماً بارعين في إدارة البلاد فحسب، بل كانوا شغوفين بالفنون والعلوم والصناعة، وقد أولوا اهتماماً كبيراً وقدّموا دعماً سخياً لمجالات العلوم والفنون والصناعة والحرف. عُرف العصر الإسلامي بتنوع الصناعات، بما في ذلك فن صناعة الزجاج. وقد عمل الملوك والخلفاء الفاطميون والعباسيون على رعاية هذا الفن ودعمه، بدءاً من صناعة عدسات تحسين الرؤية التي ابتكرها ابن الهيثم وصولاً إلى الأوعية الحرارية التي تحفظ درجة حرارة السوائل والمواد الكيميائية، إضافةً إلى المصابيح والشمعدانات المتقنة التي زيّنت المساجد والمدارس في كل مكان. Salma Hussain / لا تزال فنون الزجاج تحظى بشعبية كبيرة حتى يومنا هذا. وبلغ فن صناعة الزجاج أوج ازدهاره في مطلع القرن الثامن، وزُخرفت قصور الملوك والنبلاء بقطع فنية زجاجية بديعة، وتلألأت المدن بأنوار المصابيح، كما أسهم التطور في مجالي العلوم والكيمياء في إضفاء حياة جديدة ودفعة لهذا الفن. وجذب هذا الفن عقول وجهود المسلمين وغير المسلمين على حد سواء على نحو أسهم في تطويره، وحرص الملوك على تقديم دعمهم للجميع دون تفرقة تُذكر. لذا نشأت مراكز تصنيع جديدة، بالإضافة إلى المراكز التقليدية، وبدأ تصنيع المعدات الطبية، مما أسهم في تحقيق تقدم في مجال الطب، فجمعت هذه الأدوات بين الجمال والفائدة العملية معاً. وبمرور الوقت، تطورت الصناعة وتحوّل الزجاج الشفاف إلى زجاج ملون، واستخدم الفنانون هذا الزجاج الملون في تزيين نوافذ وأبواب القصور ومآذن مساجد النبلاء والوزراء والحكام، ليُضفي لمسة جمالية آسرة، مع توفير حماية فعّالة من وهج الشمس الحارقة في الخارج. Getty/Eric LAFFORGUE / يمكن رؤية أمثلة مذهلة من فن الزجاج الملون في مساجد وكنائس العصور الوسطى. وتدريجياً أدخل الفنانون فكرة النقش على الزجاج الملون، ولم يقتصر الأمر على زخرفة المزهريات فحسب، بل امتد ليشمل نقش صور النبلاء والوزراء، فضلاً عن مشاهد اللهو والمرح في البلاط الملكي، ومن هنا بدأ استخدام الزجاج الملون أو المعتم، الذي لا يزال يُستخدم حتى يومنا هذا. وتعلمت الدول الأوروبية فن استخدام الزجاج الملون من هذه المنطقة، ولا تزال الكنائس المزينة بالزجاج الملون ذي النقوش والزخارف البديعة شاهدة على هذا الإبداع حتى الآن. كما أصبح الزجاج، بمرور الوقت، يُزخرف بالمينا والنقوش الذهبية والفضية، ويُرصّع بالأحجار الكريمة، على نحو أشبه بعروس فاتنة، تتزين بكل ما أمكن لها من أبهى الزينة، وواصل فنانو العالم الإسلامي في إبهار العالم بفنونهم. Salma Hussain / مثال لنقش زخرفي على مزهرية زجاجية. وتفوقت دول مثل فارس ومصر والشام على غيرها من البلدان في مجال ابتكار هذا الفن، وجاءت أعمال تشكيل ونقش الزجاج البلوري ثمرة إبداع فكري لفناني تلك الدول من المبدعين. وكان حجر البلور يأتي من أفريقيا، بيد أن عمليات نحته وتشكيله ونقشه كانت تُجرى في مصر والشام. وأبدع الفنان مزهريات بلورية وشمعدانات وكؤوس النبيذ والأباريق بروعة فائقة، أدهشت كل من رأها. وفي عهد الخليفة العزيز بالله الفاطمي، في مصر، بدأت أعمال نحت أحجار البلور، وإلى جانب تزيين الأواني الزجاجية بنقوش الزهور والنباتات، ظهرت فنون النقش والزخرفة الأخرى بالخط العربي. ولا يزال عرض الأعمال الفنية الإسلامية في أروقة المتاحف العالمية يُثير الدهشة والإعجاب حتى الآن، نظراً لأنه في ذلك العصر لم تكن هناك آلات، بل كان الفنانون يبدعون تلك الأعمال الفنية يدوياً بالكامل. Salma Hussain ، قدم الفنان العربي تصاميم مختلفة لكؤوس النبيذ في جميع أنحاء العالم. وتضم العديد من المخطوطات التركية صوراً لزجاجات أدوية وأوعية طبية مصنوعة من الزجاج. وقد اعتُبر الوعاء الزجاجي المزيَّن بالمينا الملونة، والذي صُنع في البلدان الإسلامية، نموذجاً رائعاً للحرف اليدوية في القرن الرابع عشر، إذ بِيع بمبلغ يتراوح بين 2 إلى 3 مليون جنيه إسترليني. ومع تطور العلوم، تمكن صانعو الزجاج من ابتكار التلسكوب والمجهر والنظارة الطبية، الأمر الذي أحدث ثورة في الأوساط العلمية، ونجح الحرفيون في البلدان الإسلامية في تغيير مسار تاريخ فن صناعة الزجاج، الذي لم يقتصر على الصناعات الزخرفية فحسب، بل أصبح أساساً لاختراعات علمية. والغريب أنه في خضم كل ذلك التطور لم تعرف الصين، خلال الفترة الممتدة من القرن الرابع عشر إلى القرن التاسع عشر، فن صناعة الزجاج، بل كانت تستخدم الورق بدلاً من الزجاج في تزيين نوافذها، بل لم يسعَ عُمّالها إلى محاولة صناعة الزجاج. المزيد عن: المسلمونفنونعلم الآثارالتاريخالإسلام 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post لماذا تشعر إسرائيل بالتهديد من الفيلم الفائز بالأوسكار؟ next post مسؤولون أميركيون يكشفون “ما يريده” ترامب من زيلينسكي You may also like تاريخ بأسره وإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس وفيلم... 11 مايو، 2025 محمد أبي سمرا يكتب عن: “لعنة باب عكا”... 11 مايو، 2025 عن الازدراء الفلسفي للوجود بعين الكاميرا السينمائية 10 مايو، 2025 أهم إصدارات الكتب في بريطانيا لشهر مايو 2025 10 مايو، 2025 أرتيميسيا تلميذة كارافاجيو التي تفوقت عليه تستعيد مكانتها... 10 مايو، 2025 شعراء من العالم يلتقون في مهرجان كازابلانكا الدولي 10 مايو، 2025 تاريخ إيران من خلال مئة ألف بيت من... 10 مايو، 2025 صناعة السينما في بريطانيا تئن تحت وطأة رسوم... 10 مايو، 2025 القطار الأخير إلى الحرية: حكاية الخادمة تكتب فصلها... 8 مايو، 2025 مهى سلطان تكتب عن: متحف نابو يوثق ذاكرة... 8 مايو، 2025