ثقافة و فنونعربي كراهية رولينغ للمتحولين جنسيا ترتد على روايتها الجديدة by admin 14 سبتمبر، 2022 written by admin 14 سبتمبر، 2022 23 دعوة عنيفة إلى مقاطعة الكاتبة ومواجهة سخريتها من “الرجل الذي يرتدي فستاناً” اندبندنت عربية \ سناء عبد العزيز فور صدور رواية “القلب الأسود للحبر” (The Ink Black Heart)، أحدث أعمال الكاتبة البريطانية الشهيرة جي كي رولينغ التي اجتذبت ملايين القراء حول العالم بسلسلة هاري بوتر، وكذلك بقصة كفاحها الحافلة بالمعاناة والفشل ومحاولات التهميش، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع مثل غودريدز والأمازون بتعليقات القراء الذين ينصحون بعدم شرائها، على الرغم من وصولها إلى منافذ البيع الثلاثاء الماضي الـ30 من أغسطس (آب)، وامتدادها على أكثر من ألف صفحة، وهو ما يعني ببساطة أن هؤلاء الناصحين لم يتسن لهم قراءة الرواية بعد، والتي صدرت عن دار “ليتل براون بووك” وبالإسم المستعار الجديد الذي تستخدمه رولينغ في السلسلة الجديدة. مع رولينغ ضد رولينغ قبل عامين تقريباً تورطت رولينغ في جدل مثير عبر الإنترنت بسبب تعليقها الساخر على مقال وردت فيه تلك العبارة “الأشخاص الذين يحيضون”، في معارضة حقيقية لعدم استخدام كلمة نساء، “أنا واثقة أن هناك كلمة تصلح لتسمية هؤلاء. أليس هناك من يساعدني”، وطفقت تشتق بنفسها من مفردة امرأة مقاطع تهكمية، تكشف عن عدم استساغتها فكرة تحول الذكر إلى أنثى، فما تفعله الهرمونات بأجسادهم لا يمت بصلة إلى الطبيعة البيولوجية للمرأة، فضلاً عن السجل المتراكم منذ الأزل في حواس كل أنثى. رواية رولينغ الجديدة بالإسم المستعار روبيرت غالبريث (أمازون) أثارت تلك التغريدة كثيراً من ردود الأفعال، وظهر هاشتاغ “مع رولينغ”، في مقابل هاشتاغ “ضد رولينغ”، يصنفها ضمن النسوية التي تستبعد المتحولات من دفاعهن عن حقوق المرأة، لا سيما بعد أن دعمت مايا فورستاتر، مختصة الضرائب التي فقدت وظيفتها بسبب تغريدات اعتبرت “كارهة للمتحولين جنسياً”، مما جعل فورستاتر تضطر إلى رفع قضيتها إلى محكمة العمل. وهناك سألت القاضي أن يدلي بحكم في ما إذا كان الاعتقاد الفلسفي بأن الجنس يتم تحديده من خلال علم الأحياء محمياً بموجب القانون، فما كان منه إلا أن أقر بعدم وجود ذلك. لا تثق برجل يرتدي فستاناً إلى جانب ما سبق أبدت رولينغ إعجابها بالتغريدات التي وصفت النساء المتحولات بـ”الرجال في الفساتين”، وكتبت بياناً مطولاً حول أسباب “قلقها في شأن نشاط المتحولين الجدد”. وحتى مع تنامي رد الفعل العنيف استمرت في تصعيد موقفها، متسائلة، “لو كنت ولدت بعد 30 عاماً، هل كنت سأسعى أنا أيضاً إلى التحول؟ كان إغراء التخلي عن الأنوثة سيصبح قوياً”. واحتجت أخيراً على مشروع قانون يهدف إلى الاعتراف بالنوع الاجتماعي في اسكتلندا، والذي من شأنه أن يساعد في تبسيط العملية للأشخاص الذين يغيرون جنسهم قانونياً. وراحت تشكك في استخدام الهرمونات عبر “تويتر”، “تم الآن تتبع المخاطر الصحية الطويلة المدى للهرمونات الجنسية عبر فترة طويلة”. “غالباً ما يتم التقليل من هذه الآثار الجانبية أو إنكارها لدى النشطاء المتحولين جنسياً… لا شيء من ذلك قد يزعجك أو يزعج إيمانك بصلاحيتك، ولكن إذا كان الأمر كذلك فلا يمكنني التظاهر بأنني أهتم كثيراً برأيك السيئ عني”. في 14 سبتمبر (أيلول) 2020 أثار كتابها “اضطراب الدم” نوبة أخرى من الغضب، لأنه يتبع محققاً يبحث عن قاتل متسلسل متخف في زي امرأة، بغرض مطاردة نساء رابطة الدول المستقلة وقتلهن. وصفته ناقدة في “التيليغراف” بأنه “كتاب يدعو إلى عدم الثقة أبداً برجل يرتدي فستاناً”. ومنذ ذلك الحين تتلقى رولينغ رسائل تهددها بالقتل، حتى إنها اتهمت أخيراً ثلاثة نشطاء باستهدافها عندما نشروا صوراً لأنفسهم يحملون لافتات مؤيدة لحقوق المتحولين خارج منزلها في اسكتلندا، فضلاً عن نشر مجموعة من الصور من داخل البيت مصحوبة بعنوانها تفصيلاً، لكن تحريات الشرطة لم تسفر عن شيء، فمنزلها المذكور يعتبر معلماً سياحياً. هوجمت رولينغ بسبب آرائها غير المتفهمة لطبيعة أشخاص لم يتسن لها أن تجرب مشاعرهم، كائنات وقفت قبلها بمسافة لتحديد نوعها، حين أحست بأنها سجينة جسد آخر، وقد استغرقت وقتاً في الإدراك، ووقتاً كذلك في محاولة التصريح ووقتاً أطول في استجداء قبول الآخر. من هنا فقدت رولينغ كثيراً من قاعدتها الجماهيرية التي تضم عدداً كبيراً من المثليين كانوا السبب في أسطرتها، وجني أرباح خيالية من الكتابة لم ينعم بها كاتب قبلها، لكن اللافت حقاً في تلك القضية أن تنقلب عليها شخصياتها التي خلقتها من بنات أفكارها. تمرد أبطال رولينغ عليها بطلها هاري بوتر، مجسداً في دانيال رادكليف، كان أول من أصدر بياناً حول تعليقاتها، جاء فيه، “في حين أن رولينغ هي المسؤولة بلا شك عن المسار الذي اتخذته حياتي، وكشخص تشرفت بالعمل معها على مدى العقد الماضي، وكإنسان، أشعر أنني مضطر إلى قول شيء ما في هذه اللحظة. النساء المتحولات هن نساء بالفعل، وأي بيان يخالف ذلك يمحو هوية وبل كرامة الأشخاص المتحولين جنسياً، ويتعارض مع كل النصائح التي تقدمها جمعيات الرعاية الصحية المهنية التي تمتلك خبرة أكبر بكثير في هذا الموضوع من رولينغ ومني. ووفقاً لمشروع تريفور، أبلغ 78 في المئة من الشباب المتحولين جنسياً وغير المزدوجي الجنس عن تعرضهم للتمييز بسبب هويتهم الجنسية. من الواضح أننا بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لدعم الأشخاص المتحولين جنسياً، وليس إلغاء هوياتهم، وعدم التسبب في مزيد من الضرر”. وتابع، “إلى كل الناس الذين يشعرون الآن أن تجربتهم مع الكتب قد تشوهت أو تضاءلت، أتأسف بشدة على الألم الذي سببته لكم هذه التعليقات”. على المنوال نفسه أصدر ريدماين، أحد أبطال سلسلة رولينغ “الوحوش الرائعة” الذي لعب دور امرأة متحولة في “الفتاة الدنماركية”، بياناً مطولاً في مجلة “فاريتي”، ذكر فيه أن “احترام المتحولين جنسياً ضرورة ثقافية، وبصفتي شخصاً عمل مع كل من رولينغ وأعضاء مجتمع المتحولين جنسياً، أردت أن أوضح تماماً وجهة نظري. أنا لا أتفق مع تعليقات رولينغ. النساء المتحولات نساء بالفعل، والرجال المتحولون هم أيضاً رجال، والهويات غير المزدوجة لا غبار عليها. لا أرغب أبداً في التحدث نيابة عن المجتمع، لكنني أعلم أن أصدقائي وزملائي المتحولين جنسياً قد سئموا من هذا التساؤل المستمر عن هوياتهم، والذي غالباً ما يؤدي إلى العنف وسوء المعاملة. إنهم يريدون ببساطة أن يعيشوا حياتهم بسلام، وقد حان الوقت للسماح لهم بذلك”. لم تعدم رولينغ من يدافع عنها، ويتساءل بغضب ما الذي حدث بحق الجحيم للخطاب الحر؟ لقد تم تحوير كلامها وإخراجه من سياقه من أجل سرد سام مغرض. لا يوجد في الكتاب كلمة واحدة عن الكراهية. فكرة ارتداء القاتل ملابس النساء كتب عنها آخرون من قبل. فإذا كتب شكسبير عن النساء في هاملت “بطريقة معينة” فهو كاره للنساء ويثير ثقافة الووك WOKE، ويقصد به التنبيه إلى التحيز والتمييز العنصريين، ما أدى إلى تعرض الممثل الكوميدي ديف تشابيل لإطلاق النار لدفاعه عن رولينغ. لم تستطع رولينغ أبداً، حتى في أوج خيالها الذي جلب لنا هوغورتس وهاري بوتر، توقع وحشية الاستيقاظ، ولا تخيل انقلاب الثلاثي الذهبي، دانيال رادكليف وروبرت جرينت وإيما واتسون يوماً عليها. ويعتقد البعض أن كلام دانيال رادكليف تحديداً أملي عليه باعتباره دمية يتم تحريكها للنيل ممن صنعته، تماماً كما تفعل “هوليوود” دائماً، لدرجة أن إحدى القارئات وجهت إليه تلك العبارة المسيئة “أنت لا تعض اليد التي أطعمتك”! السجال مستعر بين رولينغ وخصومها (صفحة رولينغ – فيسبوك) قلب أسود الحبر قد يبرر ما سبق غياب رولينغ الملحوظ عن احتفالية هاري بوتر في الذكرى العشرين، التي تم بثها يوم رأس السنة الجديدة 2022، على الرغم من توجيه الدعوة لها. وإن تعمدت أن تقول ببساطة لإذاعة “راديو شو” إنها لم تهتم بالحضور، لأنها ترى الاحتفالية “تتعلق بالأفلام أكثر من الكتب”، ولكن مع صدور روايتها الجديدة التي تعتبر الجزء السادس من سلسلتها “كورموران سترايك” انكشف الجرح المطمور تحت قناع الاستهانة. يركز الكتاب على فنانة تشكيلية تدعى أيدي ليدويل تعمل في موقع “يوتيوب”، وتتعرض لموجة من ردود الفعل العنيفة على الإنترنت بعد أن تم اعتبار أعمالها عنصرية ومتحاملة وتشي بكراهية المتحولين جنسياً. ونتيجة لذلك، يتم اقتحام الشخصية بنشر صور منزلها على الإنترنت، مع تهديدات بالقتل والاغتصاب بسبب إبداء رأيها، لتنتهي الأحداث بالعثور على جثتها مطعونة في مقبرة. لا يمكن الجزم ما إذا كان كل ما حدث مجرد وسيلة من كاتبة الإثارة والتشويق للترويج لروايتها أم أن فكرة الرواية لم تبرز إلا بعد تعرضها لانتقادات بالفعل؟ أياً ما يكن الأمر، فرولينغ تنفي بحزم أن تكون روايتها رد فعل على ما حدث لها، وتدعي أنها كتبتها قبل الهجوم عليها، “أود أن أكون واضحة للغاية أنني لم أكتب هذا الكتاب كرد على أي شيء حدث لي… وأولئك الذين قرأوا الكتاب بالفعل في شكل مخطوطة سألوني، إن كنت مستبصرة فأجبت أنني لست مستبصرة، لكن الحياة كثيراً ما تحاكي الفن أكثر مما يظن المرء”. هل يستطيع الكاتب أن يتنبأ بما سيحدث له شخصياً في رواياته؟ ربما نعم، سبق لمارك توين أن فعلها حين كتب يقول إنه جاء إلى الدنيا مع مجيء مذنب هالي، وسيكون أكبر إحباطات حياته إن لم يذهب معه في زيارته المقبلة. مات توين في 1911 مع مرور المذنب التالي في ذلك العام بالسكتة القلبية. وفي روايته “قهوة باليورانيوم” تنبأ الكاتب المصري أحمد خالد توفيق كذلك بموته ودفنه يوم الثالث من أبريل (نيسان) بعد صلاة الظهر، وهو ما حدث بالضبط على أرض الواقع. لكن لارك مالاكاي غراي، المضيف المشارك لبودكاست هاري بوتر للإذاعة الوطنية العامة، يجد أن موقف رولينغ “محرج للغاية”، “لقد نشرت قصة عن نفسها باعتبارها ضحية في ما يزيد على 1000 صفحة. إنه نوع من السلوك الذي تتوقعه من مراهق شرير، وليس من شخص بالغ يتمتع بثروة وقوة هائلتين”. ويضيف، “ليس لدي أي فكرة عما توقعته، لكن رؤية الإنترنت ممتلئة بالنكات حول الكتاب كانت متعة مطلقة بعد كل الأذى الذي تسببت به لمجتمعي على مدى السنوات العديدة الماضية”. وبالمثل شجب النقاد الكتاب باعتباره يقدم ذاتاً مضطهدة بشكل مضحك، مع لفت الانتباه إلى مشكلات العالم الحقيقي التي تواجه المتحولين جنسياً، مستهزئين بطول الكتاب وحشوه بتغريدات “تويتر”، لتكتمل الأسباب التي تدعو إلى مقاطعته ومقاطعة مؤلفته. وعلى الرغم من صدور الرواية قبل أيام فحسب، فيمكن شراؤها الآن بنصف الثمن من متاجر وترستون التي أعلنت عن تخفيض سعرها من دون أن تبدي أسباباً واضحة. المزيد عن: ج. ك. رولينغ\هاري بوتر\رواي\ةالتحول الجنسي\حملة\وسائل التواصل الإجتماعي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فيضان النيل يعيد التماسيح إلى السودان فكيف يراها الموروث الشعبي؟ next post قصص من إريتريا المنسية تسترجع الهوية في المنفى You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024