الصراع داخل الفاتيكان حول المنصب الأول (ملف الفيلم) ثقافة و فنون كاهن من كابول يطمح في أن يكون البابا في “اجتماع سري” by admin 30 يناير، 2025 written by admin 30 يناير، 2025 15 فيلم فضائحي لمخرج ألماني يفتقر إلى الجدية والعمق مرشح لـ8 جوائز أوسكار اندبندنت عربية / هوفيك حبشيان يعكس فيلم “اجتماع سري” إحدى الأزمات التي باتت تعانيها السينما في الزمن الراهن، كأن نرى نقداً من دون عمق فكري أو وعي تاريخي كاف. والمخرج برغر، الذي يفتقر إلى الحجة السينمائية المقنعة، يكتفي بعرض شخصيات كنسية سطحية، وكأن الفساد يعني حتماً الغباء أو السذاجة، وذلك في إطار تركيبة سينمائية مشوقة تنتهي بمفاجأة مثيرة للسخرية تخضع لأجندات سياسية. الفيلم مقتبس من رواية لروبرت هاريس ويتكئ في شكل مفرط على عناصر شكلية مثل الموسيقى المستخدمة كلازمة سمعية والتصاميم البصرية الفخمة، محاولاً إضفاء جاذبية مصطنعة على حبكة لا تقدم سوى حوارات مطولة ومشاهد مكررة. أما القصة فهي تبدأ بعد وفاة البابا في ظروف غامضة، مما يدفع الكرادلة للاجتماع في الفاتيكان لاختيار خليفة جديد. يتولى الكاردينال لورنس (رالف فاينز) قيادة عملية الانتخاب وسط مناورات سياسية وصراعات عقائدية بين تيارات متباينة داخل المؤسسة الكنسية، المواجهة تدور بين أصوات تنادي بالانفتاح وأخرى متشبثة بالتقاليد. وبينما يبدو الصراع محسوماً لمصلحة القوى التقليدية، يظهر مرشح غير متوقع يقلب المعادلة ويهدد بإحداث تغيير جذري في مسار الانتخابات. هذا الرجل الذي لم يكن أحداً من الكرادلة يعرف بوجوده، يأتي من كابول (أفغانستان)، ويطمح إلى أن يصبح رأس الكنيسة الكاثوليكية. مشهد من ساحة الفاتيكان (ملف الفيلم) على رغم محاولة تقديم هذه الأحداث كدراما سياسية دينية تتلف الأعصاب، في انتظار صعود الدخان الأبيض من الفاتيكان، يفشل الفيلم في الوصول إلى عمق القضايا التي يمر عليها بسطحية تامة. فعوضاً عن تحليل الصراعات الفكرية أو تقديم رؤى جريئة، يكتفي بتزيين المشاهد بعناصر بصرية من دون مضمون فعلي، في حين عين المخرج دائماً على الوافد الجديد من خارج العائلة التقليدية الذي سيصبح ذا شأن مع اقتراب الفيلم إلى ختامه. يحاول الفيلم الانضمام إلى موجة السينما “التقدمية” التي تعيد النظر في المؤسسات التقليدية، لكنه يسقط في فخاخ كثيرة ليصبح في الختام ضحية نفسه. الكنيسة الكاثوليكية تقدم ككيان مترهل تسوده المؤامرات والنفاق، لكن هذه النظرة ليست جديدة أو جريئة كما يظن صانعوه، إذ سبق أن هاجمت السينما الكنيسة بطرق أكثر جرأة وشراسة وسخرية. نبرة تفخيمية يعتمد الفيلم تلك النبرة التفخيمية وكأنه يعدنا برحلة جريئة تقتحم أروقة الفاتيكان حيث تصنع القرارات المصيرية، ولكن سرعان ما يتضح أن هذا الوعد ليس سوى وهم، مع انزلاق القصة إلى خيارات سينمائية تعود للفيلم بالضرر. المخرج إدفارد برغر وكاتب السيناريو بيتر ستروغان يعتمدان أسلوباً يمنحان من خلاله الإحساس بأنهما يقولان أشياء بالغة الأهمية، لكنهما في الحقيقة لا يدركان أن هذه “الجرأة” عفا عليها الزمن، فالمحرمات التي كان يمكن كسرها في الماضي لم تعد قائمة. ومع ذلك، يتصرف الثنائي وكأنهما يقدمان اكتشافاً سينمائياً مذهلاً، وهذا قبل أن نجد أنفسنا نحن المشاهدين، في متاهات تحرف الفيلم عن مساره، على إثر الانجرار وراء نزعات معاصرة مستوحاة من ثقافة “الصحوة” الأميركية، وتقديم خطاب يعكس محاولة يائسة لمجاراة العصر. هذه الاستراتيجية لا تسهم في تعميق القصة، بل تحولها إلى سرد متكلف لا يضيف شيئاً سوى رسائل وعظية مبتذلة. بوستر الفيلم (ملف الفيلم) هذا النوع من الإنتاجات، يفتقر إلى الصدقية ويعتمد على شعارات جوفاء، وأصبح في زمننا الحالي أهلاً لترشيحات “الأوسكار”. لا حاجة إلى حبكة متماسكة أو أبحاث جادة بعد الآن، قليل من اللمسات السياسية وشعارات عصرية، كفيلة بفتح أبواب الجوائز على مصراعيها. شخصية الكاردينال لورنس، الذي يجسده رالف فاينز بصفته صوت العقل والضمير داخل متاهة من الصراعات الكنسية، تطرح بدورها إشكالية أخرى. فهذا الكاردينال ليس طامعاً في السلطة، ولا يتظاهر بالقداسة، إنما هو رجل يعيش في ظل تساؤلات عميقة حول الإيمان الولاء، وما تعنيه السلطة داخل مؤسسة فقدت بوصلتها الروحية. ولكن على رغم الإمكانات الدرامية الغنية لهذه الشخصية، فهي غير مستغلة جيداً، إذ يفضل الفيلم الانغماس في حبكة تسير نحو نهاية محسومة سلفاً ومتوقعة منذ البداية، على رغم محاولات السيناريو اليائسة إيهامنا بالعكس. بدلاً من البناء على تعقيدات شخصية لورنس، يشتت الفيلم نفسه بمحاولات سطحية للإيحاء بأن الكاردينال يصبح البابا الجديد، لكن هذه المناورة تفقد كل تأثير مع ظهور ذلك “الغريب” من كابول ليقلب الطاولة ويجعل كل هذا التشويق مجرد مضيعة للوقت. يظهر المأزق الحقيقي مع محاولة الفيلم فرض رسائل سياسية وأخلاقية مباشرة، هذا النمط من الكتابة السينمائية يحول الشخصيات إلى أبواق لما يريد صناع الفيلم قوله. أحد الأمثلة الصارخة هو إدخال حادثة إرهابية تنسب إلى إسلاميين خلال اجتماع الكرادلة، هذا الحدث يبدو مفبركاً ولا يخدم السرد إلا كذريعة لإطلاق نقاشات نمطية حول التسامح وقبول الآخر والسلام والمحبة بين البشر، محولة الفيلم إلى منصة لخطاب وعظي تقليدي لا يقدم ولا يؤخر. المزيد عن: فيلمجائزة أوسكارسينماالفاتيكانالبابافيلم فضائحيمخرج المانياقتباس 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “ما وراء التلال” فيلم روماني عن المنافس الوحيد الذي لن يهزمه الحب next post أعمال والت ويتمان الكاملة عربها عابد إسماعيل مع مقدمة شاملة You may also like أعمال والت ويتمان الكاملة عربها عابد إسماعيل مع... 30 يناير، 2025 “ما وراء التلال” فيلم روماني عن المنافس الوحيد... 30 يناير، 2025 التلوث يغرق العالم في “البخارة” والممثلون يبحثون عن... 30 يناير، 2025 ظاهرة الزواج العصري المأزوم في مقاربة فلسفية 30 يناير، 2025 “موجز تاريخ الأدب البولندي” يرصد محطات الشيوعية وما... 30 يناير، 2025 فيلم “الخرطوم”: توثيق إرث ضائع وسط لهيب الحرب 30 يناير، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: أفاعي موقع مسافي في... 28 يناير، 2025 جماليات التجريد الغنائي في لوحات جنان الخليل 28 يناير، 2025 قضايا الحرية والهوية والاغتراب تشغل 5 مجموعات قصصية 28 يناير، 2025 ياباني يكتب رواية صينية معاصرة عن الذاكرة الثقافية 28 يناير، 2025