ثقافة و فنونعربي قصص حب غير اعتيادي خلال الحرب العالمية في الأدب المعاصر by admin 30 أبريل، 2023 written by admin 30 أبريل، 2023 23 لطالما برز الكتاب المثليون في شعر الحرب العالمية الأولى، فلماذا ما زلنا ننظر إلى الحرب على أنها شيء ذكوري سوي الميول الجنسية؟ نتحدث إلى كاتبين يثيران أسئلة عن الحرب والبطولة والهوية الجنسية اندبندنت عربية \ ماركوس فيلد تتحدث أليس وين عن روايتها الأولى “في ذكرى” In Memoriam، وهي قصة حب بين ضابطين شابين تدور أحداثها في خنادق الحرب العالمية الأولى. تقول: “ليس الأمر كما لو أنني تمكنت من العثور على مصادر رئيسة تصف ما كانت عليه المثلية الجنسية في الجبهة، لكن يبدو أن حدوث [مثل هذه العلاقة] غير مستبعد أبداً”. لديها وجهة نظر صائبة [لا تجافي الصواب في ما تقوله]. من الواضح أن المشاعر المثلية، إن لم تكن اللقاءات الفعلية، للضباط مثل سيغفريد ساسون وويلفريد أوين موثقة بوضوح في قصائدهم ورسائلهم. بعبارات ملموسة أكثر، جرت محاكمة 270 جندياً بريطانياً خلال النزاع بتهمة “الفحش الفاضح” كما كانت تعرف حينها الأنشطة الجنسية المثلية غير القانونية، لذا نعم، بالطبع كانت هناك ممارسات جنسية مثلية في الجبهة. رواية وين، التي تتخيل تلك الأنشطة بطريقة بأسلوب مثير وواضح، هي واحدة من كتابين جديدين يهدفان إلى تحدي الصورة النمطية للذكورة البريطانية في الحربين العالميتين اللتين شهدهما القرن العشرين. كتاب “رجال في الحرب” Men at War للكاتب لوك تيرنر الذي سيصدر في نهاية الشهر الجاري، هو عبارة عن مزيج بين التأريخ وكتابة المذكرات، يستكشف الطيف الذكوري المعقد، لكن غير المناقش بما يكفي الذي طبع الحرب العالمية الثانية. يشكك الكتابان في النموذج المثالي للجندي صاحب الميول المغايرة والمتوافقة جنسياً الذي تصوره السينما والقصص الخيالية غالباً على أنه البطل الحقيقي الوحيد في الصراعات. يتوضح لنا في هاتين الروايتين الجديدتين أن الهويات الجنسية المرنة والحرّة (كوير) ليست عائقًا أمام الأعمال الشجاعة. تقول وين، كاتبة سيناريو(30 عاماً) تعيش في نيويورك، إن الإلهام الأولي لكتابها جاء من قراءة الأرشيف الرقمي لصحيفة مدرستها سابقاً، مارلبورو، حيث كان ساسون تلميذاً أيضاً. تقول: “قرأت بنهم كل الصحف من عام 1913 إلى عام 1919، ولم يشبه ذلك أي شيء قرأته من قبل”، ما أثار إعجابها بالصحف هو التقارير الآنية عن الحرب التي كان التلامذة الأكبر سناً والسابقون في المدرسة يرسلونها. تقول: “كان الجميع متحمساً في البداية، ثم راحوا يكتبون عن حالات الموت الشجاعة، وتغير الأمر لاحقاً مع بدء الرعب”. يوفر هذا الأرشيف الغني جزءاً كبيراً من الخلفية لرواية “في ذكرى”، لكن أبرزها قصة هنري غونت وسيدني إيلوود، وهما صديقان في المدرسة تتطور علاقتهما الجنسية خلف خطوط المواجهة الأمامية مباشرة. تشرح وين قائلة، “كنت قد قرأت للتو رواية (وداعاً لكل ذلك) Goodbye to All That التي يستعرض فيها روبرت غريفز رؤياه عن الحرب، لذا فإن غريفز وساسون يشكلان الحمض النووي لغونت وإيلوود… لقد غيرت شخصيتيهما تماماً، لكنني أدخلت بعض صفاتهما”، في حين كانت علاقات ساسون المثلية موثقة بشكل جيد، كان غريفز، الذي تزوج مرتين، متحفظاً على مشاعره الجنسية تجاه الرجال الآخرين، واصفاً نفسه بأنه “مثلي زائف” كان “عفيفاً وعاطفياً بشرف”. لا يظهر هنري جونت، الذي يشارك جريفز العديد من أوجه التشابه، مثل هذه الموانع بمجرد وثوقه من أن مشاعره متبادلة. توضح وين أن غرانت وإيلوود ليسا مجرد مراهقين مرتبكين، بل رجلان مثليان مغرمان، كما أنهما بطلان، مثلهما مثل ساسون وأوين، يقودان غارات جريئة على مواقع العدو وحاصلان على أوسمة شرف عسكرية ربما بسبب وجود عديد من الأفلام والروايات التي تتناول الرجل القوي في الحرب العالمية الثانية، فإن صورة الجندي أو الطيار البطل في ذلك الصراع هي صورة ذكورية أكثر نمطية، هذا هو الاعتقاد الخاطئ الذي يهدف تيرنر إلى تصويبه في كتاب “رجال في الحرب”. أثناء طفولته في الثمانينيات، كان تيرنر مفتوناً بأي شيء له علاقة بالحرب العالمية الثانية، حيث كان يستمتع بمشاهدة الأفلام الشوفينية ويبني طائرات مقاتلة وقاذفات بألعاب إيرفيكس التركيبية. على كل حال، وبمجرد ما بدأ في استكشاف ميوله الجنسية المرنة، راح يثير تساؤلات عن الصورة المثالية للبطل وعن الأدوار التي ربما لعبها رجال يمتلكون هويات جنسية وجندرية أقل وضوحاً في النضال ضد الفاشية. يقدم كتابه بعض القصص الرائعة التي اكتشفها، والتي تتخلل تاريخ عائلته. أخبرني تيرنر: “أشعر أن الخروج قليلاً عن الذكورة الافتراضية أو “المعتادة” يمنحك نظرة ثاقبة عليها… لم أتأقلم أبداً مع الميول الجنسية المغايرة أو المثلية أو المزدوجة بشكل أكبر، لذلك أجد الذكورة ساحرة لأنني لا أشعر بأنني أنتمي إلى أي مجموعة”. بالنسبة لتيرنر، فإن الظروف “المختلفة تماماً عن عالمنا اليوم” التي كانت سائدة زمن الحرب تمثل فترة في بريطانيا وجد كثير من الناس أنفسهم فيها متحررين من الأعراف الاجتماعية القمعية وقادرين على استكشاف مشاعرهم بشكل أكثر صدقاً. يقول “لقد كانت فترة متطرفة جداً عندما يتعلق الأمر بالجنس”، لكن أكثر ما يبرز في كتابه، ليس فقط التجارب الجنسية المثلية أو مزدوجة الميول لأبطال الحرب، بل الصورة غير الناضجة للطيف الواسع للذكورة التي ما زلنا نراها حتى في يومنا هذا. يقول تيرنر: “كنت مصراً بشدة على أنني لم أرد أن يكون هذا كتاباً عن الجنس فقط … أردت أن أشمل الرجال الذين كانوا مغايرين جنسياً أيضاً، ولكن الذين لا تنطبق عليهم توقعات الرجولة العنيفة كتلك التي نجدها في الحرب”. لذا، وفي حين يتضمن الكتاب قصصاً عن رجال مثليين مثل إيان غليد، بطل سلاح الجو الملكي البريطاني وبطل “معركة بريطانيا”، وضابط الجيش المثلي والروائي دان بيلاني، يستكشف تيرنر أيضاً حياة الرجال الشجعان الذين لم يلتزموا بالقوالب النمطية الجندرية. من بين هؤلاء بيرترام وار، الشاعر الكندي الشاب والمناهض للحرب الذي جاء إلى إنجلترا قبل الحرب، والذي خدم في سلاح الجو الملكي البريطاني، بعد صراع مع ضميره، كموجه للطائرات القاذفة للقنابل في الغارات الليلية على ألمانيا، وهي واحدة من أخطر الوظائف في الصراع. لقي حتفه في غارة عام 1943، تاركاً وراءه مخطوطات من الشعر الوجودي. بطل آخر غير تقليدي يعرفنا عليه تيرنر هو هنري دانتون، الذي أصبح راقص باليه بعد طرده من الخدمة العسكرية في عام 1940. لما كان دانتون في عمر 101 سنة (توفي عن عمر 102 سنة في عام 2022) أخبر تيرنر في مقابلة أنه فشل كضابط بالجيش لأنه كان لديه نفور نفسي من القتل، على رغم أنه لم يكن معترضاً على الخدمة العسكرية بدافع الضمير. يقول تيرنر: “لم يكن مثلياً، لكنه كان شديد التعقيد، شديد الثقة بجسده لكنه يعلم أنه لا يستطيع القتال، ولكن من الواضح أنه شجاع جداً لدرجة أنه في إحدى الأمسيات واصل الرقص على خشبة المسرح عندما سقطت قنبلة من الجو وكان الجمهور بأكمله مختبئاً تحت المقاعد”. بالنسبة لتيرنر، الدافع الرئيس لتأليف الكتاب هو الاحتجاج على الطريقة التي يشعر بها أن الحرب العالمية الثانية قد استغلت من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) ووباء كورونا ووقت الحرب في العراق وأفغانستان”، حيث اعتبر المحاربون القدامى كصيغة موحدة للذكورة البريطانية. يقول “لا يمثل هذا جميع الفئات ويضر بأولئك الرجال حقاً… لهذا السبب حرصت على الاحتفاء بدور الحرب في ريادة جراحة التحول الجنسي”، يتابع تيرنر الذي يتضمن كتابه قصة روبرتا كويل، طيار طائرات نفاثة في سلاح الجو الملكي البريطاني الذي تحول بعد الحرب وأصبح أول امرأة بريطانية متحولة جنسياً تجري أول جراحة مهبل تجميلية في عام 1951. ويقول تيرنر: “التقنيات المستخدمة الآن في جراحة التحول الجنسي جاءت مباشرة من العلوم العسكرية، وأعتقد أن هذه قصة مذهلة وليست معروفة بشكل جيد حقاً”. يدرك تيرنر الخلافات المحتملة التي قد يثيرها كتابه. من بينها، كما يقول “أن بعض الأشخاص في دوائر مجتمع الميم-عين لا يريدون أن يكون المثليون محاربين. أعتقد أنه يوجد أحياناً شعور بأن هذا سلوك ذكوري عدواني، لكنني أعتقد أنه خاطئ، بقدر ما تعتبر وجهة النظر المعادية للمثليين بأن الأشخاص المثليين لا يمكنهم القتال خاطئة”. كذلك يقول إنه ليس كتاباً مناهضاً للحرب، موضحاً: “أعتقد أن القتال ضرورة في بعض الأحيان. لا أظن أنه كانت هناك أي طريقة أخرى لوقف النازية. كان عليَّ سؤال نفسي ما إذا كنت من مناهضي الحرب، وكانت الإجابة لا”. أصبحت كتب وين وتورنر الآن جزءًا من تاريخ وأدب متنامي يوفر تصحيحًا للروايات السابقة. يعد “في ذكرى” في مصاف ثلاثية “إحياء” Regeneration، سلسلة الروايات التاريخية للكاتبة بات باركر التي يظهر فيها ساسون وغريفز وأوين كشخصيات تقوم بخدمة قيمة تتمثل في تذكيرنا بأن الرجال المثليين الواقعيين الذين ألهموا هذه الكتب كانوا على الأرجح يتصرفون ببطولة في الخنادق مثلهم مثل الرجال أصحاب الميول الجنسية المغايرة الذين كانوا يقاتلون إلى جانبهم. في هذه الأثناء، ينضم كتاب تيرنر إلى الكتاب التاريخي الرائد “الصبيان الفاتنون” The Glamour Boys للنائب كريس بريانت الذي يحكي قصة برلمانيين مثليين عارضوا المهادنة ثم حاربوا بشجاعة ضد النازيين. في زمن توصف الذكورة غالباً بأنها سامة، يقول تيرنر إن مراجعته الإصلاحية للتاريخ تقدمها كشيء يستحق الاحتفاء، موضحاً: “أعتقد أن هذا يجعل الكتاب معاصراً للغاية… أنا أرفعه وأقول إنه ليس ثنائية جندرية كما يفترض الناس. هناك أمور إيجابية كثيرة هنا”. صدرت رواية “في ذكرى” للكاتبة أليس وين عن دار فايكينغ، وتباع النسخة الواحدة منها بسعر 14.99 جنيه استرليني. وسيصدر كتاب “رجال في الحرب: الحب والشبق والقتال والذكرى 1939 – 1945” للكاتب لوك تيرنر عن دار ويدنفيلد أند نلكلسون في 27 أبريل (نيسان) وتباع النسخة الواحدة منه بسعر 18.99 جنيه استرليني. © The Independent المزيد عن: المثلية الجنسية\الكتب\الكويري\ةمجتمع_الميم_عين\الحرب العالمية الثانية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عودة أفلاطون الكبرى في عصر النهضة تحت رعاية حاكم متنور next post “مباهج الانتحار” لسليم بركات متاهة يجتازها القارئ بمتعة You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024