نشأت البورصة على قارعة الطريق قبل أن تنتقل إلى قاعات التداول (غيتي) عرب وعالم قصة البورصة… دراما المال التي لا تكل الصعود والهبوط by admin 9 أبريل، 2025 written by admin 9 أبريل، 2025 17 من الحماسة الاقتصادية إلى لحظات الدراما البشرية نستكشف تاريخ البورصات وتطورها وتأثير التقنيات الحديثة في الأسواق اندبندنت عربية / داليا محمد صحافية الأربعاء 9 أبريل 2025 14:02 نشأت البورصة على قارعة الطريق قبل أن تنتقل إلى قاعات التداول (غيتي) ملخص البورصة ليست مجرد ساحة لبيع وشراء الأسهم، إنها مرآة تعكس الحالة النفسية والاقتصادية للمجتمعات، ومحرك حيوي في شرايين الاقتصاد العالمي في الأيام الأخيرة، لم يعد الحديث عن البورصة مقتصراً على شاشات الخبراء أو فقرات الاقتصاد في نشرات المساء. مع كل هزة في الأسواق العالمية، وكل سهم يهوي أو يقفز بصورة مفاجئة، بدا وكأن العالم بأسره صار يتابع المؤشرات الحمراء والخضراء مثل نشرات جوية تحدد مصير الأيام المقبلة. في المقاهي، وعلى وسائل التواصل، وبين رسائل الأصدقاء، تجد من يناقش الأسهم وكأنه خبير مخضرم، على رغم أنه لم يشتر في حياته نصف سهم، ولم تطأ قدمه يوماً موقعاً (أو تطبيقاً) للأسواق المالية. لكن البورصة، شاء الناس أم أبوا، أصبحت حديث الساعة. فما البورصة أصلاً؟ ببساطة، هي مؤسسة مالية منظمة تتيح بيع وشراء الأوراق المالية مثل الأسهم والسندات، وفق قواعد واضحة وشفافة، تضمن عدالة التداول وتكافؤ الفرص بين المستثمرين. هي المكان – في العالم الافتراضي أو الواقعي – الذي تلتقي فيه الشركات الباحثة عن تمويل مع الأفراد أو المؤسسات الراغبة في الاستثمار. لكن البورصة ليست مجرد ساحة لبيع وشراء الأسهم، إنها مرآة تعكس الحالة النفسية والاقتصادية للمجتمعات، ومحرك حيوي في شرايين الاقتصاد العالمي. من خلالها تمول الشركات وتخلق الوظائف وتبنى الثروات أو تضيع. في صعودها أمل، وفي هبوطها إنذار. حركة الأسهم قد تجلب الثراء أو تؤدي إلى الفقر، بورصة هونغ كونغ عام 1970 (أ ب) البدايات التاريخية تعود أصول البورصات للقرنين الـ15 والـ16 في أوروبا، ففي مدينة بروج البلجيكية خلال القرن الـ14، كان التجار يجتمعون في ساحة تعرف باسم “تير بورسي” نسبة إلى عائلة “فان دير بورسي” التي كانت تدير فندقاً هناك. في هذا المكان، تم تداول مختلف السلع والأوراق المالية، مما أدى إلى نشوء مصطلح “بورصة” الذي نستخدمه اليوم. مع انتقال النشاط التجاري إلى مدينة أنتويرب البلجيكية، تم إنشاء مبنى مخصص للتداول التجاري في عام 1531، عرف باسم “هانديزبورس” (Handelsbeurs). يعتبر هذا المبنى أول بناء مخصص للتداول في العالم، إذ اجتمع فيه التجار لتبادل السلع والأوراق المالية، وتشير بعض المصادر إلى أن هذا المبنى كان بمثابة أول بورصة رسمية في التاريخ. نشأت البورصات كاستجابة لحاجة التجار والمستثمرين إلى منصة منظمة تتيح لهم تداول السلع والأوراق المالية وتبادل المعلومات المالية. أسهمت هذه المنصات في تحسين شفافية الأسعار وتقليل أخطار التجارة، مما أدى إلى تعزيز الثقة بين المتعاملين. إضافة إلى ذلك، لعبت البورصات دوراً حيوياً في تمويل المشاريع الكبيرة، إذ تمكنت الشركات من جمع رؤوس الأموال اللازمة للتوسع والابتكار من خلال إصدار الأسهم والسندات، وأسهم هذا التطور بصورة كبيرة في تعزيز التجارة الدولية وتكامل الأسواق المالية عبر الحدود. في عام 1602، تأسست شركة الهند الشرقية الهولندية ومنحت حق احتكار التجارة في آسيا. لتمويل رحلاتها التجارية، قامت الشركة بإصدار أسهم قابلة للتداول، مما أدى إلى إنشاء بورصة أمستردام. تعتبر هذه البورصة أول سوق مالية حديثة، إذ تم فيها تداول الأسهم والسندات بصورة منظمة. تميزت بورصة أمستردام بتقديم أدوات مالية متقدمة مثل العقود الآجلة والخيارات، وفقاً لدراسة في منشورات كلية كولومبيا للأعمال، فإن هذه البورصة شهدت معاملات معقدة ومبتكرة، مما جعلها نموذجاً للأسواق المالية الحديثة. شارع البورصة في لندن (ويكيميديا) تطور عبر الزمن مع انطلاق القرن الـ19، شهدت البورصات تحولاً نوعياً من جلسات تداول غير رسمية تعقد في المقاهي والساحات، إلى مؤسسات مالية مركزية تعمل ضمن أطر قانونية وتنظيمية أكثر صرامة. لعبت بورصة نيويورك، التي تأسست عام 1792 بموجب اتفاق “بوتنوود” الشهير، دوراً محورياً في هذا التحول، إذ أصبحت نموذجاً يجسد صعود الرأسمالية الحديثة في الولايات المتحدة. أما في القارة الأوروبية، فعزز كل من بورصة لندن (التي أعيد تنظيمها رسمياً عام 1801) وبورصة باريس التي تأسست في عام 1742 من حضورهما كمراكز عالمية لتداول الأسهم والسندات ضمن أسس قانونية أكثر صلابة. يشير المؤرخ الاقتصادي البريطاني رينالد ميشي في كتابه “السوق العالمية للأوراق المالية” إلى أن بورصات القرن الـ19 باتت تشكل قلب النظام المالي العالمي، وفضاء تلتقي فيه رؤوس الأموال مع المشاريع الصناعية الناشئة. وفي هذا الإطار، أدت الثورة الصناعية إلى تسريع وتيرة نمو البورصات، إذ إن الصناعات الجديدة مثل السكك الحديد وصناعة الصلب واستخراج النفط، تطلبت تمويلاً ضخماً لم يكن متاحاً إلا من خلال الأسواق المالية. على سبيل المثال، يوضح الاقتصادي الأميركي باري إيشينغرين، في دراسة صادرة عن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، أن البورصات أسهمت في تعبئة رأس المال اللازم لتنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى التي غيرت معالم الاقتصادات الغربية. وتحول امتلاك الأسهم حينها إلى وسيلة فعالة لتمويل الشركات، مما أتاح تفاعلاً حيوياً بين الاستثمار والتوسع الصناعي. غير أن هذا التوسع لم يخل من العثرات، إذ شكلت الأزمات المالية الكبرى محطات فاصلة في تاريخ البورصات، وأبرزها “الكساد الكبير” عام 1929، حين انهارت الأسواق الأميركية بصورة متسلسلة، مما أدى إلى إفلاس آلاف المصارف والشركات. ويفسر الباحث الأميركي تشارلز كيندلبيرغر، في كتابه “هوس، وذعر، وانهيارات مالية”، هذه الانهيارات بأنها نتيجة مباشرة للمضاربات المفرطة وضعف الرقابة المالية وانتشار الذعر الجماعي في أوساط المستثمرين، لقد كان ذلك الانهيار بمثابة لحظة وعي مؤلمة بضرورة وجود آليات تنظيمية صارمة للأسواق. وتحت ضغط تلك الأزمات، بدأت الحكومات في سن تشريعات حازمة لتنظيم عمل البورصات والحؤول دون تكرار الانهيارات. ففي الولايات المتحدة، أنشئت “هيئة الأوراق المالية والبورصات” عام 1934 لضمان الشفافية ومنع التلاعب في الأسواق. وتشير دراسة من جامعة هارفرد حول حوكمة الشركات إلى أن إنشاء هذه الهيئة شكل منعطفاً مفصلياً في استعادة الثقة بالأسواق المالية الأميركية، وسرعان ما تحولت إلى نموذج يحتذى به عالمياً. تبعتها في ذلك دول أوروبية عدة سنت قوانين مماثلة لحماية المستثمرين، مع الحفاظ على حرية السوق. عبر القرنين الـ19 والـ20، وبينما كانت البورصات تنهض بقوة خلال فترات الازدهار الصناعي، كانت تنهار تحت وطأة الأزمات، لكنها تعلمت من كل انتكاسة، وعادت لتنهض على أساس تنظيمي أكثر نضجاً ووعياً بدورها المحوري في استقرار النظام المالي العالمي. بورصة نيويورك تحدد طبيعة حركة التجارة العالمية (أ ب) التقنيات الحديثة في البورصات مع تطور التكنولوجيا، شهدت البورصات تحولات جذرية في آليات عملها، انتقالاً من الأساليب التقليدية إلى أنظمة إلكترونية متقدمة. في عام 1971، أطلقت “ناسداك” كأول سوق أسهم إلكتروني عالمي، مقدمة نظاماً يعتمد على الحواسيب لعرض أسعار الأسهم، مما مهد الطريق للتداول الإلكتروني. وفي عام 1982، قدمت بورصة شيكاغو نظام “ماكس” MAX للتنفيذ الآلي للطلبات، مما جعلها من أوائل البورصات التي توفر تنفيذاً آلياً بالكامل. مع انتشار الإنترنت في التسعينيات، ظهرت منصات التداول عبر الإنترنت، متيحة للمستثمرين الأفراد الوصول المباشر إلى الأسواق المالية وتنفيذ الصفقات بسهولة. تطورت هذه المنصات لتشمل تطبيقات مثل “روبن هود” و”إيتورو”، التي جعلت الاستثمار أكثر شعبية بين جيل الشباب. في السنوات الأخيرة، أحدثت تقنيات مثل التداول الخوارزمي والذكاء الاصطناعي تأثيراً كبيراً في الأسواق المالية. تستخدم هذه الأدوات لتحليل كميات هائلة من البيانات واتخاذ قرارات تداول في أجزاء من الثانية، مما يزيد من كفاءة الأسواق. ومع ذلك، يشير صندوق النقد الدولي إلى أن هذه التقنيات قد تؤدي أيضاً إلى زيادة التقلبات في الأسواق، بخاصة في فترات التوتر. من جهة أخرى، أدى الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في التداول إلى تحديات جديدة، مثل الأخطار المرتبطة بالأمن السيبراني. تتطلب هذه التحديات من البورصات والمستثمرين تعزيز أنظمة الحماية والامتثال للتنظيمات الحديثة لضمان سلامة العمليات المالية. “ناسداك” أطلقت اول سوق إلكتروني للأسهم في العالم (أ ب) الهيكل التنظيمي للبورصات تضم البورصات مجموعة متنوعة من المشاركين الرئيسين، مثل الشركات المدرجة، وهي الشركات التي تطرح أسهمها للتداول العام، فيتيح لها ذلك جمع التمويل اللازم لتوسيع أعمالها. والمستثمرون الأفراد الذين يستثمرون أموالهم الشخصية في الأسهم والسندات، سواء لتحقيق أرباح قصيرة الأجل أم لبناء ثروات على المدى الطويل. ومديرو الاستثمار المحترفون الذين يديرون صناديق استثمارية مجمعة نيابة عن العملاء، ويشكلون جزءاً كبيراً من حجم التداول في الأسواق. وصناديق التحوط التي تستخدم استراتيجيات استثمارية متقدمة لتحقيق عوائد مرتفعة، وغالباً ما تتداول بكميات كبيرة من الأوراق المالية. وصناع السوق وشركات التداول الذين يوفرون السيولة للأسواق من خلال تقديم عروض مستمرة لشراء وبيع الأسهم، مما يضمن تنفيذ الصفقات بكفاءة. تتم عمليات التداول في البورصات عبر آليات محددة تشمل أوامر تجارية متنوعة تتوزع بين أوامر السوق التي تعني التنفيذ الفوري للشراء أو البيع بأفضل سعر متاح حالياً، وأوامر الحد التي تقوم بتحديد سعر معين للشراء أو البيع، لكن لا يتم فيها التنفيذ إلا عند الوصول إلى هذا السعر أو سعر أفضل، وأوامر الإيقاف التي تصبح فعالة عند وصول السعر إلى مستوى محدد، وتستخدم غالباً للحد من الخسائر. الآلية الثانية هي تنفيذ الأوامر، إذ تقوم البورصة بمطابقة أوامر الشراء والبيع بناء على السعر والوقت، وعند التوافق، تنفذ الصفقة وتسجل تفاصيلها. الآلية الثالثة هي التسوية وتعني نقل ملكية الأوراق المالية من البائع إلى المشتري، وتحويل الأموال المقابلة، عادة خلال فترة تسوية محددة. في القرن الـ21، شهدت البورصات توسعاً في المجالات المتداولة لتشمل العملات الرقمية، إذ ظهرت بورصات متخصصة لتداول العملات الرقمية التي أضافت بعداً جديداً للأسواق المالية، والسيارات الكهربائية، إذ أصبحت شركات السيارات الكهربائية، مثل تسلا محور اهتمام المستثمرين، مما زاد من تداول أسهمها في البورصات التقليدية. وكذلك شهدت شركات التكنولوجيا الفضائية، مثل سبيس إكس، اهتماماً متزايداً، مع بحث المستثمرين عن فرص في هذا القطاع الناشئ. وهناك أسواق متخصصة لتداول بعض السلع، مثل الذهب مثلاً الذي يجري تداوله في أسواق مثل سوق لندن للسبائك، إذ يجري التعامل غالباً بين المؤسسات المالية الكبيرة. أما النفط فيجري تداوله عبر عقود آجلة في بورصات مثل بورصة نيويورك التجارية. في بعض الحالات، قد يكون الوصول إلى هذه الأسواق محدوداً للمستثمرين الأفراد، ويتطلب وسطاء ماليين معتمدين. لكن في قاعات التداول، إذ تصطخب الشاشات وتعلو الأصوات، تتحول الأرقام إلى نبض، وتصبح الأسهم أكثر من مجرد خطوط حمراء وخضراء، إنها رهان على المستقبل، ولحظة اختبار للثقة والخوف والطمع البشري. ربما سيأتي يوم لن ننسى فيه ما تتعرض له الأسواق المالية حالياً، تماماً كما لم ننس مشهد غوردن بلفورت في فيلم “ذئب وول ستريت” وهو يصرخ بجنون متحدياً الانهيار: “لن أرحل!”. فصرخته تلك، أو بالأحرى صرخة الطمع والنجاة معاً، أصبحت مرآة لما يعيشه المتداولون في زمن العواصف الاقتصادية. ولا يقل تأثيراً عنها المشهد الصامت العاصف في مسلسل “الصفقة” حين تواجه البطلة فرح العاصفة وحدها في سوق لا يرحم، وكل سهم يتحرك كأنه قرار مصيري. هكذا، تظل البورصة مسرحاً للأمل والخيبة، للربح الفاحش والخسارة الفادحة، وللدراما البشرية في أنقى صورها. وربما بعد سنوات، حين تهدأ العواصف وتعاد كتابة الأرقام، سنروي لأجيال جديدة عن أيام كانت فيها السوق تشبه الأفلام، لكن النهاية لم تكن معروفة بعد. المزيد عن: قصة البورصةالأسواق العالميةسوق الأسهمالأوراق الماليةالسنداتالاقتصاد العالميمدينة بروج البلجيكيةبورصة لندنبورصةالكساد الكبيرناسداك 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الإيرانيات يقبلن على عمليات تجميل الأنف لتحسين فرصهن next post الطبقة العاملة بين مخرج فرنسي وتشارلي شابلن You may also like ترمب: المحادثات النووية مع إيران تمضي على نحو... 13 أبريل، 2025 الحكومة اللبنانية تقر مشروع قانون لإعادة هيكلة المصارف 13 أبريل، 2025 مسؤول أميركي: لا أحد يعرف مستقبل سوريا 13 أبريل، 2025 أكثر من “النووي” أقل من الحرب… حدود محادثات... 13 أبريل، 2025 جثث “معلقة” في الخرطوم بين تكريم الموتى وضياع... 13 أبريل، 2025 نائب رئيس حكومة لبنان: قرار حصر السلاح لا... 13 أبريل، 2025 محادثات نووية بين طهران وواشنطن وعصف الرسوم الجمركية... 13 أبريل، 2025 غسان شربل في حوار مع الجميل: خدام كان... 13 أبريل، 2025 غسان شربل في حوار مع أمين الجميل: نظرة... 12 أبريل، 2025 ما تأثير التنافس التركي – الإسرائيلي على العملية... 12 أبريل، 2025