عندما تم الإعتراف الرسمي باللغة الأمازيغية في الجزائر (رويترز) ثقافة و فنون في الجزائر أم واحدة ولغتان عربية وأمازيغية تتواجهان by admin 22 فبراير، 2025 written by admin 22 فبراير، 2025 26 الفرنسية تحل في الوسط وتمنح الكتاب فرصة للهروب من الرقابة وتحقيق العالمية اندبندنت عربية / سارة النمس في عصرنا الراهن، عصر العولمة والقرية العالمية، باتت الشعوب تتشابه على رغم التباعد الجغرافي والسوسيولوجي المفترض. وصار الناس يتبعون أساليب متشابهة في العيش و اللباس والسلوك، ويتبادلون الثقافة الاستهلاكية نفسها. وبلغ أمر التعولم حد اكتساب لغات جديدة تطغى أحياناً على اللغة الأم، خصوصاً في الدول النامية. فبدلاً من أن يكون اكتساب اللغة الأجنبية في المجتمعات ضرورة للتقدم والتطور، أصبحنا نراه نوعاً من أنواع التغرب والتباهي، خصوصاً في المجتمعات الغنية. وأصبح مدعاةً للفخر مثلاً أن يتحدث الطفل بطلاقة اللغة الإنجليزية أو الفرنسية بل أفضل مما يتحدث لغته الأم! وهذه الأخيرة التي لا يقتصر دورها على التواصل فحسب، بل هي كما وصفتها “يونيسكو” “الوعاء الذي ينقل ميراث الشعوب الأقوى لحفظ التراث”. فتحول إذاً اكتساب هذه اللغات إلى خطر يهدد اللغات الأم باندثارها وقلة استخدامها، في حين تستمر اللغات الأجنبية بالانتشار على حساب الأولى. واحتفاء منها باللغة الأم، أقرت “يونيسكو” الـ 21 من فبراير (شباط) عام 1999 يوماً عالمياً تحتفي به الشعوب بلغاتها. وجاء الإعلان عن اليوم العالمي للغة الأم بعد مبادرة من بنغلاديش التي قدمت اقتراحاً لتخليد ذكرى حركة اللغة البنغالية التي حدثت في الـ21 من فبراير عام 1952، عندما ناضل الطلاب والشعب البنغالي من أجل الاعتراف بلغتهم الأم كلغة رسمية في باكستان. النضال الأمازيغي اللغة الأمازيغية (صفحة فيسبوك) شهدت الجزائر أيضاً نضالاً طويلاً للاعتراف باللغة الأمازيغية التي هي بمثابة لغة أم للشعب الأمازيغي كلغة رسمية، مما تحقق في عصر الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة الذي أقرها رسمياً عام 2002. ولا يزال كثيرون يجهلون أن الأمازيغية ليست مجرد لهجة عامية، بل هي لغة مستقلة بذاتها وبحروفها وقواعدها النحوية ويتحدث بها ملايين من البشر، سكان مدن كاملة في شمال أفريقيا وفي تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا وحتى في مناطق من مصر. أما المواطن الجزائري، فهو عندما يولد يكتسب من والديه إما العربية المتمثلة في لهجته الجزائرية التي معظم مفرداتها عربية، وإما الأمازيغية التي تتنوع لهجاتها بين القبائلية والشاوية والمزابية والطوارقية. وعلى رغم أن هذا التعدد اللغوي يعزز التنوع الثقافي في البلاد، فمن المؤسف أن يستمر الجدل بين من يعتبرون الجزائر بلداً أمازيغياً بأصوله ومن يؤكدون هويته العربية بعد الفتوحات الإسلامية. صراع قديم تغذيه تراكمات تاريخية وسياسية لا يزال يثير نقاشات حادة حول الهوية الوطنية بين أبناء الأم الواحدة. الهوية اللغوية في الجزائر بين الأصالة والتاريخ والتأثير الاستعماري الجزائر واحدة (أ ف ب) يقول العلامة عبدالحميد بن باديس “نحن أمازيغ عربنا الإسلام”، وتلخص هذه المقولة واقع الهوية وتاريخ اللغات في الجزائر التي كانت في بدايتها، أرضاً أمازيغية بلغتها وتراثها وهويتها المتجذرة في ثقافة السكان الأصليين. ومع الفتوحات الإسلامية في القرن السابع الميلادي بدأ انتشار اللغة العربية، ليس فقط كلغة دين وعبادة ولكن أيضاً كلغة حضارة وتواصل، غير أن التفرقة الحقيقية ومحاولات طمس الهوية تصاعدت بحدة في عهد الاستعمار الفرنسي (1962-1830) الذي سعى إلى محاربة اللغة العربية وفرض اللغة الفرنسية بهدف تحويل الجزائر إلى مقاطعة فرنسية يعامل فيها السكان الأصليون كمواطنين من الدرجة الثانية، مسخرين لخدمة المستعمرين. مبدأ الهوية اللغة الأم والطفولة (صفحة فيسبوك) بين العربية والفرنسية أسهم الكتاب الجزائريون ضمن المشهد الأدبي في الكتابة باللغتين العربية والفرنسية، فاعتبر كاتب ياسين اللغة الفرنسية “غنيمة حرب”، وهو وصف تبناه كثير من الكتاب الفرنكفونيين، وكان وصفاً يناسب حاجتهم واضطرارهم إلى الكتابة بالفرنسية، فاختارها “معظمهم” حينذاك كوسيلة للتعبير عن قضاياهم الوطنية والمحلية باستثناء قلة معروفة برزت أخيراً تبنت اللغة الفرنسية افتتاناً بثقافة المستعمر السابق وحنيناً إلى زمنه الكولونيالي، إضافة إلى من يتم إغراؤهم بالجنسية والجوائز وتجنيدهم ثقافياً لتعمد الاستفزاز بتصريحات سياسية وخطابات أيديولوجية واضحة وموجهة ضمن أعمال أدبية وروائية. وتباينت المواقف إزاء هذه الازدواجية اللغوية في الجزائر منذ أعوام الاستقلال، فمالك حداد مثلاً، رأى في الفرنسية “منفى” حين قال “الفرنسية هي منفاي” وأضاف “أكتب بالفرنسية كي أقول للفرنسيين إنني لست فرنسياً”، فهو كان عاشقاً للغة العربية وتمنى لو كان قادراً على التعبير بها، حتى إنه اتخذ قراراً حاسماً باعتزال الكتابة بسبب ذلك العجز وتوقف فعلاً عن الكتابة باللغة الفرنسية بعد الاستقلال. أما الروائي محمد ديب، فعبر عن علاقته باللغة المتبناة، قائلاً إنه حين يكتب أو يتحدث يشعر بأن لغته الفرنسية معالجة وتتحكم فيها لغته الأم بطريقة يصعب شرحها، وذكر أن همه الأكبر يتمثل في أن تشارك لغته الأم اللغة الفرنسية وتكمل كل منهما الأخرى لتشكيل لغة واحدة هي لغة الكتابة. في المقابل عبر الروائي ياسمينة خضرا في نص قائلاً “إننا أحرار في استخدام اللغة كأداة للتحرر”، بينما رد الكاتب القبائلي جان عمروش “حتى لو كتبت بالفرنسية فليس بوسعي أن أبكي إلا باللغة الأمازيغية”. على الضفة الأخرى من الأدب، يعتبر الكاتب عبدالحميد بن هدوقة رائد الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية، وهو أول من نشر كتباً بالعربية بدءاً بدراسة عنوانها “الجزائر بين الأمس واليوم” عام 1959 ثم صدرت له مجموعة قصصية بعنوان “ظلال جزائرية” عن دار الحياة في بيروت عام 1961 أي قبل سنة واحدة من استقلال البلاد. وأجاد كاتب رواية “ريح الجنوب” اللغات الثلاث، العربية والأمازيغية والفرنسية. ولحقت به الكاتبة زهور ونيسي بإصداراتها العربية بين مجموعات قصصية ورواية واحدة عنوانها “لونجة والغول”. ثم واصل بعدهما جيل تألق على الساحة الأدبية مثل واسيني الأعرج، الحائز أهم الجوائز العربية، وأحلام مستغانمي التي حققت نجاحاً شعبياً كبيراً بثلاثية “ذاكرة الجسد”، وفضيلة الفاروق التي كتبت بجرأة عن المسكوت عن ورسمت لنفسها مساراً مختلفاً في كتابة الرواية وغيرهم ، مما عزز حضور الرواية الجزائرية في المشهد الأدبي، العربي والعالمي. كل لغات العالم هي أمهات شعوبها وتستحق الاحتفاء والنضال من أجل الاعتراف بها والحفاظ عليها من خلال ترسيمها كي تستخدم في الدوائر الحكومية، ويكون التعليم بها ممكناً، فتبقى وتحتفظ بها الأجيال التالية كجزء أصيل من الهوية وواجب الانتماء. المزيد عن: الجزائراللغة العربيةالأمازيغيةصراع لغويالثقافةالحضارةالهويةالفرنسيةالاستعمارالرقابة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post كيف نحافظ على اللغة الأم في عصر العولمة والذكاء الاصطناعي؟ next post قضية غزة تثير سجالا سياسيا في مهرجان برلين You may also like “كونتيننتال 25” يواجه الأنظمة المعاصرة في برلين 23 فبراير، 2025 ما سر حضور الفيلسوف كيركغارد في الثقافة العربية؟ 23 فبراير، 2025 مهى سلطان تكتب عن: الرسام هنري ماتيس يعود... 23 فبراير، 2025 عندما دخلت “أفلام التحريك” عالم السياسة واللؤم الاجتماعي 23 فبراير، 2025 بول شاوول يكتب عن: “كتابة الأنا” بين الأدب... 22 فبراير، 2025 محمد أبي سمرا يكتب عن.. عباس بيضون: العالم... 22 فبراير، 2025 فادي أبو خليل الشاعر الذي قرّر أن يختفي 22 فبراير، 2025 قضية غزة تثير سجالا سياسيا في مهرجان برلين 22 فبراير، 2025 كيف نحافظ على اللغة الأم في عصر العولمة... 22 فبراير، 2025 أوسكار وايلد يفضح في “زوج مثالي” نفاق المجتمع... 22 فبراير، 2025