كامب ديفيد سجلت آخر الحروب مع مصر بأقلامهم فاروق يوسف يكتب عن: عودة إلى زمن السادات by admin 15 يوليو، 2024 written by admin 15 يوليو، 2024 102 يكثر الحديث عن الموقف السلبي لمصر من حرب غزة، كما لو أن المطلوب من مصر أن تدخل حربا بناء على تعليمات من حركة حماس. The Middle East Online / فاروق يوسف كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات على يقين من أنه لو أخبر أخوته الملوك والرؤساء العرب بعزمه على زيارة إسرائيل لما وافقه أحد. أما قرار عزل مصر وإقصائها فلم يكن أسوأ قرار اتخذه العرب مجتمعين بقدر ما كان حاضنة لكل قراراتهم السيئة التي اتخذوها فيما بعد. إذا ما كان السادات قد انطلق من فكرته عن آخر الحروب فإن العرب حين عزلوا مصر انتقاما من السادات حفروا الخندق الأول في سلسلة خنادقهم التي رسخت قطيعتهم، بعضهم عن البعض الآخر. وبالعودة إلى حرب تشرين 1973 فإنها إن لم تكن نصرا على العدو الإسرائيلي فإنها لم تكن هزيمة على الأقل. وهو ما كان يجب أن يُحسب لمصر قبل أن يُحسب للسادات. كان مفهوم “آخر الحروب” انتقالة ذكية في تاريخ، ملأته المزايدات الفارغة كلاما صنعت أناشيده المدرسية أجيالا لا تفرق بين ما هو حقيقي وما هو زائف. وليس جديدا القول أن كل البيانات التي حملت الانقلابيين إلى واجهات في دول عربية عديدة أخذت من فلسطين شطرا من تعاستها لتصنع منه حلوى لزمن قادم. لم يخذل السادات العرب حين أقدم على خطوته المتهورة. العرب هم الذين خذلوا مصر حين تخلوا عنها منطلقين من إصرارهم على تمكين الوهم من الحقيقة. لا أريد أن أحكم فيما إذا كان بطل العبور سياسيا واقعيا خسر سمعته بسبب واقعيته أو أنه كان رجل دولة ماهرا في نصب المكائد لإعدائه. كل حديث عن خيانته للقضية الفلسطينية لا معنى له. فالسادات حارب من أجل أن تستعيد مصر شيئا مهما من كرامتها التي فقدتها عام 1967. لم يقل أنه ذاهب إلى إسرائيل من أجل الشعب الفلسطيني بل كان هدفه أن يضع حدا لصراع، عرف أنه لن ينتهي إلا عن طريق مبادرات “جريئة وشجاعة”. لقد انهى السادات حالة اللاحرب واللاسلم بالحرب والسلم معا. حطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر ووهب مصر نصرا كما أنه وقف أمام العالم باعتباره رجل سلام. ما الذي فعله الآخرون بعد أن أحرجوا أنفسهم وفضحوا رثاثة وسقم تفكيرهم السياسي حين عزلوا مصر؟ فعلوا الأسوأ. ذلك لان فلسطين تراجعت في العقل السياسي العربي وصار العرب هامشيين بالنسبة للعقل السياسي الفلسطيني. حتى لو كان السادات على خطأ في ما سُمي بـ”زيارة العار” فإن التخلي عن مصر وهي قلب العروبة كان بمثابة الثغرة التي تسللت من خلالها كل الأفكار التي مهدت لإنطفاء وهج الفكر الوحدوي العروبي. لم يكن احتلال الكويت منتصف عام 1990 إلا نتيجة متوقعة ولم يكن شعرة معاوية كما قيل يومها. كان ذلك أشبه بقميص عثمان الذي سيظل يرفرف مثل راية. اليوم يكثر الحديث عن الموقف السلبي لمصر من حرب غزة، كما لو أن المطلوب من مصر أن تدخل حربا بناء على تعليمات من حركة حماس. ومصر وهي دولة كبرى سبق لها وأن عانت كثيرا من مؤامرات جماعة الإخوان المسلمين لا يمكنها سوى أن يكون لها موقف مستقل. ذلك ما يجب أن يُفهم على نطاق واسع. ولا تنفع المزايدات العاطفية في إخفاء التآمر. ومثلما لم يتخل السادات عن فلسطين حين قرر أن يحل السلام محل الحرب فإن مصر اليوم أكبر من أن تُجر إلى فخ، يفقدها مصداقيتها الوطنية والقومية. لست هنا في مجال الدفاع عن النظام المصري الحالي. غير أنني أفهم أن الكوارث التي يعيشها العالم العربي هي ليست من النوع الذي يمكن أن يُغطى بالأناشيد. وإذا ما كانت حرب غزة كارثة حلت بفلسطينيي القطاع فإنها ليست إلا حلقة من حلقات الكارثة التي صنعتها الأنظمة القومية العربية التي عزلت مصر حين شعرت بالإحراج في مواجهة خطوة السادات التي فضحت نفاقها. قبل هزيمة حزيران عام 1967 كان الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة قد دعا إلى تبني حل الدولتين الذي نص عليه قرار مجلس الأمن حين قُسمت فلسطين. اليوم يعود ذلك الحل إلى الواجهة فيما لا يملك العرب القوة على فرضه أو الدفاع عنه غي مواجهة آلة الاستعمار الإسرائيلي. فرض السادات سلامه على إسرائيل وكان منتصرا. أما وقد سمح الانهيار السياسي الذي يعيشه العالم العربي لحركة حماس ومن ورائها إيران بإدارة ملفات الحرب والسلام فإن العرب لا يملكون سوى أن ينتظروا. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حميد رضا عزيزي يكتب عن: طموحات إيران البحرية الجديدة next post أزمة مالية أقرب للإفلاس تضع إخوان المغرب على حافة التفكك You may also like رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024 نادية شادلو تكتب عن: كيف يمكن لأميركا استعادة... 14 نوفمبر، 2024 جهاد الزين يكتب من بيروت عن: تأملات ثقافية... 12 نوفمبر، 2024 نبيل فهمي يكتب عن: وماذا بعد؟ 12 نوفمبر، 2024 ماري ديجيفسكي تكتب عن: لماذا تفادى الناخبون الأميركيون... 12 نوفمبر، 2024