ألو.. هذه آخر أخبار مصائبنا بأقلامهم فاروق يوسف يكتب عن : حتى الحروب مملة by admin 11 يوليو، 2024 written by admin 11 يوليو، 2024 80 لا أظن أن أحدا في العالم يفكر في الحروب إلا إذا كانت مصائبها تقع على رأسه. The Middle East Online / فاروق يوسف في ثمانينات القرن الماضي دخل الإيرانيون والعراقيون حربا كان يمكن تفاديها. فقد العالم الاهتمام بها بعد أسبوعين، بالرغم من أنها استمرت ثمان سنوات. وافق العراق يومها على قرار مجلس الأمن بوقف القتال ولم توافق إيران المحمولة على حماسة سيدها الجديد لتصدير ثورته وتحرير القدس مرورا بكربلاء. وجد صدام حسين الذي تحول إلى رجل حرب في تلك الكارثة فرصة لتأكيد احترافه فن الحرب بعد أن منح نفسه أعلى رتبة في تاريخ المؤسسة العسكرية العراقية. كل الصواريخ البالستية التي سقطت على رؤوس المدنيين في البلدين لم تنقذ تلك الحرب من النسيان فصارت الإشارة إليها تتم عن طريق عنوانها “الحرب المنسية”. أكثر من أربعين سنة تفصل ما بين الاسبوعين اليتيمين التي اهتم العالم بحرب الخليج الأولى وبين حرب غزة ولم يتغير شيء في المزاج البشري، سريع العطب. تبدأ الحروب بـ”إثارة” قوية صادمة ثم تنتهي إلى رتاية وتكرار يجعل أخبارها لا جديد فيها. بالتأكيد ذلك أكثر قسوة من الحرب ولكنه ما يحدث مع كل حرب. في الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 سنة بدءا من عام 1975 حولت الأخبار الأطراف المتحاربة إلى ما يشبه فرق كرة القدم. سباق عبثي إلى الموت. في حرب من ذلك النوع يتحول المراهقون إلى محترفين. وبعد أن كانت البندقية أكثر طولا من المراهق يتمكن في النهاية من السيطرة عليها وقد احترف مهنة القتل. وبالرغم من أن الحرب هي ماكنة لإنتاج القتلة فإن الجيوش بريئة مما فعلته. مشعلو الحرائق وحدهم يتحملون المسؤولية. نادرا ما اعترف العالم بتلك الحقيقة. بعد حرب تحرير الكويت عام 1991 والتي أدت إلى تدمير العراق وإبادة أكثر من ربع مليون من منتسبي جيشه، انتشرت في الأسواق ألعاب مستوحاة من أحداثها. الحرب تجارة. بالنسبة لمحترفيها وهم المنتفعون منها لا يهم عدد القتلى والجرحى والمشردين وليس مهما الخراب الذي ينتج عنها. هناك أرقام تتحرك في البنوك هي الأهم. كل الذين توهموا أن الحروب ستكون فرصتهم لدخول التاريخ حققوا أملهم لكن بطريقة سلبية. لم يكونوا أبطالا ولم يحققوا نصرا. هتلر وستالين في السلة نفسها. حين بدأت حرب روسيا على أوكرانيا لم يتسع خيال فلاديمير بوتين إلا لإسبوع أو إسبوعين ليضع المزعج فلوديمير زيلينسكي في القفص. ولكن الممثل الكوميدي صمد حين جلب الغرب كله إلى بلاده. كان بطلا على سبيل النكتة فيما كانت بلاده تحترق وانضم الأوكرانيون إلى قائمة اللاجئين. مَن يفكر في اللاجئين؟ ربحت انجيلا المستشارة الألمانية ميركل سمعة لن ينافسها عليها أحد حين استقبلت مليون لاجئ سوري ولم تغامر بمستقبلها السياسي. ولكن ألمانيا التي سلمتها ميركل لآخرين تنكرت لإنسانيتها حين اتخذت قرارا بالوقوف مع حرب الإبادة التي يتعرض لها أهل غزة. لكل حرب ميزانها وما من معيار إنساني. لا أظن أن أحدا في العالم يفكر في الحروب إلا إذا كانت مصائبها تقع على رأسه. أتذكر شخصيا الصواريخ الإيرانية التي كانت تقع على بغداد وأفكر في الصواريخ العراقية التي كانت تقع على طهران وسواها من المدن الإيرانية. ولكن ليس المطلوب من السبعة مليارات آدمي هم سكان الكرة الأرضية أن يتأكدوا فيما إذا كان حوثيو اليمن على حق في حربهم على الناقلات التي تمر بشواطئ بلادهم. يهرب اليمنيون والسوريون والسودانيون والليبيون واللبنانيون والفلسطينيون والعراقيون لأن هناك حروبا مشتعلة في بلدانهم أو أنها على وشك الإشتعال. لا معنى لذلك بالنسبة للأوروبي. فالمغاربة والمصريون والتونسيون وسواهم من أبناء القارة الأفريقية يهربون من بلدانهم التي لا تشهد حروبا ويمكن اعتبارها بلدانا مستقرة. ليست الحكمة في الحرب التي تقع بل في فكرتها. هناك حروب خفية. هي تلك الحروب التي تطحن المجتمعات من غير أن يظهر دم في الشوارع. ولكن الإنسانية بطبعها لا تفكر في الحروب لأنها فكرة غير مسلية. في ذلك نوع من تغليب المزاح على الموقف الجاد. والبشر ليسوا على استعداد للتضحية بأوقاتهم. الحروب التي تعنينا لا تعني الآخرين. لذلك تبدو الحرب، كل حرب مملة ومضجرة. مَن يتابع أخبار الحروب فإنه إما شخص لا يملك شيئا يفعله أو مجنون مولع بالقسوة. ذلك تبسيط تتخلى الإنسانية من خلاله عن أصغر شروطها. ولكنها الحقيقة التي يجب أن يتعرف عليها مشعلو الحرائق. كل حريق هو صورة لا بد أن تحل محلها صورة أخرى. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حزب الله يراهن على هدنة محتملة في غزة لالتقاط أنفاسه next post مدونون يتعرضون لانتهاكات بسبب منشورات تنتقد “7 أكتوبر” You may also like ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024