الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
Home » عندما تحدث الكاتب الكوبي آليخو كاربانتييه عن تأثيرات عربية في إبداع أميركا اللاتينية

عندما تحدث الكاتب الكوبي آليخو كاربانتييه عن تأثيرات عربية في إبداع أميركا اللاتينية

by admin

 

عمران وقداسات بالأندلسية القديمة وآلات موسيقية أكثر من أن تحصى وألحان لا تغيب

اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب

نعرف أن ما من كاتب من المشاركين في فورة ازدهار الرواية الأميركية اللاتينية منذ أواسط القرن الـ20 كان مماثلاً للكوبي الكبير آليخو كاربانتييه في الاهتمام بالموسيقى، وليس فقط كحضور أساس في بعض أشهر رواياته وأكثرها نجاحاً، بل بخاصة في جعل الموسيقى في أحيان كثيرة جزءاً من جوهر الموضوع نفسه كما الحال في “الكونشرتو الباروكي” الرواية البديعة التي تدور تحديداً حول عمل موسيقي يتكون خلال مجرى أحداث الرواية.

ولأكثر من كبار كتاب تلك القارة، من الأرجنتيني جورج لويس بورغيس إلى الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز وغيرهما كانوا لا يتوانون عن التركيز على أن “ألف ليلة وليلة” بصياغاتها العربية الأصيلة والأكثر اكتمالاً تمثل جزءاً من تكوينهم الحكائي والفكري، فإن كاربانتييه يتوسع في حديثه عن مجالات الإبداع والفكر العربية الماثلة في الحياة الثقافية الأميركية بقوة، إلى درجة أنه لا يتورع عن الإشارة إلى مجالات في ذلك الحضور تبدو في نهاية المطاف غير متوقعة.

ونرصد من خلال الفقرات التالية التي تستند أصلاً إلى كتابات وتصريحات لكاربانتييه نشرت في حوارات عدة أجريت معه انطلاقاً من هموم موسيقية تتعلق بجذور اهتماماته الخاصة في هذا المجال.

تأثيرات موغلة

والحقيقة أن كاربانتييه لا يتوقف في حديثه عن تلك المؤثرات العربية وأحياناً الإسلامية في الحياة الإبداعية لقارته الأم، على كون تلك المؤثرات آتية من خلال هجرات فئات كثيرة من السكان الحاليين في شتى بلدان أميركا اللاتينية، وهو أمر يحضر بقوة في عديد من الأعمال الأدبية وبخاصة البرازيلية كما أنتجها جورج آمادو واصلاً بها إلى ذروة من خلال واحدة من رواياته الأخيرة التي كتبها لمناسبة مرور 500 سنة على ما يسمى “اكتشاف” القارة الأميركية، “كيف اكتشف الأتراك أميركا” وتحدث فيها عن وصول أول سوريين وكانا يحملان طبعاً الجنسية التركية نظراً إلى احتلال العثمانيين بلاد الشام حينها، إلى كوبا ومنها إلى قلب القارة اللاتينية، بيد أن كاربانتييه لا يتوقف هنا بل يمد حديثه ليشمل جذوراً تغوص أبعد كثيراً في الزمن.

تراث المستعربين

فهو في حديثه عن الجذور التي كونت الموسيقى الأميركية اللاتينية كما تتجلى اليوم في حاضر تلك الموسيقى ولا سيما الكاريبية منها، وهي الموسيقى التي من الواضح أن هذا الكاتب الكبير يعرفها أكثر من أية موسيقى أخرى بالنظر إلى أن الموسيقى الكوبية تعتبر مرآتها الكبرى والأكثر تشعباً.

يذكر صاحب “اقتسام المياه” و”اللجوء إلى المنهج” وغيرهما من شوامخ القص اللاتيني، أن المهاجرين الإسبان حين راحوا يقصدون العالم الجديد من القرنين الأولين لتكون قارتهم اللاتينية، حملوا معهم تراثاً موسيقياً مزدوجاً يتكون من تلك الألحان الأندلسية التي شكلت جزءاً من التراث الموسيقي الإسباني الذي ازدهر بشكل رائع خلال الوجود العربي في الأندلس ثم اندمج كلياً في الموسيقى الإسبانية، بل بات عنصراً طاغياً فيها ولا يزال حتى الآن معبراً عنه بأروع ألحان الفلامنغو بخاصة بأعظم ما وصلت إليه ألحان الفادو التي تمت بصلات قرابة مباشرة إلى فن الموال ذي الأصول العربية.

ومن هنا يرى كاربانتييه أن ثمة جذوراً لا يمكن نكرانها للحضور العربي في موسيقى أميركا اللاتينية، غير أن الكاتب سرعان ما يوسع دوائر هذا القول ليذكر أن أولئك المهاجرين الإسبان الذين تحركوا في ارتحال جماعي نحو الجانب الجنوبي من العالم القديم، لم يحملوا معهم موسيقاهم وحدها وقد تبقت لديهم حتى بعدما ترسخ في وجودهم الإيمان الكاثوليكي المسيحي وباتت غائبة عنهم جذور إيمانهم الإسلامي عموماً، واليهودي بصورة خاصة، علماً أن مسلمي الأندلس ويهودييها كانوا سواء في المعاملة الاضطهادية التي عوملوا بها من قبل الكاثوليك الذين حين استعادوا إسبانيا نصروا شعوبها بالقوة غالباً.

حدث هنا ما يحدث دائماً في مثل تلك الحالات، بقي ما يتعلق بالثقافة على حاله فيما تبدلت كل شؤون حياتهم الأخرى، مما يعني لنا هنا أن ما تلقوه من تراث ثقافي عربي إسلامي ظل يشكل جزءاً أساسياً من حياتهم اليومية وهو ذلك الجزء الذي حملوه معهم إلى مهاجرهم الجديدة، ولقد انطبق ذلك بتأكيد العدد الأكبر من الآلات الموسيقية التي حملوها معهم لتشكل جزءاً من الحياة الموسيقية الكلاسيكية في شتى بلدان تلك القارة.

ديون عربية

ومن هنا ما يذكره لنا كاربانتييه في هذا المجال تحديداً من كون مناطق العالم الجديد تلك تدين بتراثها الموسيقي بخاصة لما جاء به المهاجرون من الأندلس وكانوا في معظمهم وبحسب شرح كاربانتييه من “المستعربين”، أي تحديداً من الأندلسيين الذين كانوا في الأصل إما من البربر أو العرب الذين وصلوا أو وصل جدودهم العرب والبربر بدورهم رفقة القوات الآتية من طريق شمال أفريقيا مع طارق بن زياد، من ثم في رفقة المجموعات التي “فتحت الأندلس” ثم الاستقرار فيها طوال مئات من السنين التي شهدت ازدهار الفتح العربي الإسلامي لتلك المنطقة من العالم.

وهو وجود يذكرنا آليخو كاربانتييه به وبكونه قد عرف كيف ينشئ في أجزاء كبيرة من الجزيرة الإيبيرية تلك الحضارة الأندلسية، التي أحدثت انقلاباً هائلاً في تلك المنطقة من العالم ولا سيما في المجالات الحضارية والإبداعية بين جملة من شؤون أخرى.

ولعل الجديد في هذا السياق الذي يركز عليه كاربانتييه حديثه هنا “طالما أن ملف التأثيرات العربية التي نجدها حتى اليوم ماثلة في الإبداع الأميركي اللاتيني بكل هذا الزخم الذي يبدو لنا أن الوقت قد حان لدراسته دراسة جدية”، بحسب ما يفيدنا الكاتب الكبير، لعل الجديد هو ما يتذكره كاربانتييه بصورة شخصية ندر أن طالعنا ما يشبهها في أية نصوص أخرى تناولت هذا الأمر بالتحديد.

قداسات قديمة

كاربانتييه يتذكر من ضمن ما يتذكره كيف أنه شهد بنفسه في مستهل شبابه قداسات في كنائس مختلفة تقع في أربع مناطق قيض له أن يعيش متنقلاً بينها لأسباب مختلفة، وهي سان دومنغو وكوبا نفسها وكاراكاس في فنزويلا، ثم بخاصة في بويبلو بلوس أنجليس المكسيكية.

وهناك و”دائماً في كنائس جعلت الصدف بناءها ينجز في تلك المناطق في أزمنة كنت أقيم فيها استمعت إلى القداديس تقام بلغات تمت إلى لغات المستعربين الإسبان بصلات مباشرة، كما استمعت إلى الألحان الموسيقية التي تصحب القداديس تبدو لي أشبه بموالات أندلسية، حينها إذ راح هذا الأمر، بغرابته بالنسبة إليَّ يلفت نظري، لذا وجدتني، وفي كل مرة من جديد، أنساق بعد انتهاء المراسم إلى تأمل الهندسة المعمارية التي هيمنت على بناء الكنائس، فتبين لي أنها تتألف جميعاً من معمار قوطي يحمل كثيراً من سمات العمران العربي المشرقي”.

ويقول هنا كاربانتييه أن ذلك كله قد جعل الدائرة تكتمل بالنسبة إليه، أي جعله يعيد النظر في جملة الهندسة المعمارية القوطية التي طبعت العمران في أميركا اللاتينية بطابعها الخاص الذي كثيراً ما تساءل كثر عن جذوره، معتبرين إياه، على أية حال، جزءاً من تطور طاول الحركة العمرانية في عديد من مناطق أميركا اللاتينية.

إجابات لأسئلة حائرة

أما بالنسبة إليه فإنه وبغض النظر عن الحضور الطاغي للعناصر الأدبية بما فيها “ألف ليلة وليلة” والمقامات والرواية البيكارية وقد وصلت إلى هناك مروراً من طريق “دون كيشوت”، تعمق في الموضوع ليجد جذور ذلك التقارب الكبير والمهم بين ما يمت بصلة، في شتى الفنون وما يعود إلى الجذور العربية الإسلامية للمهاجرين “حتى ولو كانوا هم أنفسهم غالباً ما يجهلون تلك العلاقة” كما سيقول دائماً منبهاً، والحاضر الإبداعي لأميركا اللاتينية.

هو أمر دعا كاربانتييه إلى العودة لدراسته لأن “من شأن ذلك أن يمكننا من الإجابة عن قدر كبير من أسئلة لا تزال تحتاج إلى إجابات من دون أن تنحصر في سبيل ذلك بعمل أدبي كبير من هنا، وبتأثيرات موسيقية، محدودة أو غير محدودة، من هناك”!

المزيد عن: كوباأميركا اللاتينيةآليخو كاربانتييهغابريال غارسياألف ليلة وليلة

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00