الإثنين, مايو 12, 2025
الإثنين, مايو 12, 2025
Home » عندما تتحكم “البيضة” في سلة السياسة الأميركية

عندما تتحكم “البيضة” في سلة السياسة الأميركية

by admin

 

مواطنون يواجهون غلاء البقالة بالالتزام الصارم بقوائم التسوق وكبح شهوة الاقتناء ونزول سلم السوبرماركت الطبقي

اندبندنت عربية / أمينة خيري

السيارات في ساحة الانتظار تشهد تغيراً لافتاً في الموديل والفئة والحالة. لم تعد “كيا” الصغيرة و”نيسان” العتيقة و”مازدا” موديل 2008 المسيطرة على الأجواء، بل أصبح في الإمكان لمح “لينكولن نافيغايتور” و”كاديلاك سي تي 5″ و”بويك لا كروس” بين الحين والآخر. حتى “تيسلا” و”سايبرتراك” صارتا معتادتين في ساحة “سوبرماركت العروض والتخفيضات”.

حالة نزوح جزئي تشهدها سلاسل سوبرماركت الأغنياء وشبه الأغنياء. ليس نزوحاً كاملاً بعد، لكن التحركات واضحة. محلات مثل “هول فودز ماركت” و”إيريهون” (وأغلب فروعها في كاليفورنيا) و”دين أند ديلوتشا” و”ذو فرش ماركت” وغيرها من السلاسل التي تستهدف من يملك المال اللازم لشراء أفخر السلع الغذائية، ومن ثم أغلاها تشهد تغيراً ملحوظاً.

أجبان من مشارق الأرض ومغاربها، لحوم مدخنة، أسماك نادرة، خضراوات وفواكه عضوية، قهوة هي الأفضل، وشاي هو الأشهر تشهد انصرافاً جزئياً من قبل جانب من عملائها، في ما يعتقد إنها هجرة اضطرارية موقتة نحو محلات سوبرماركت التخفيضات والعروض، لا سيما أقسام البقالة. إنه حراك السوبرماركت الطبقي الحادث بفعل الاقتصاد والضرائب وعدم اليقين.

أرقام المبيعات تشير إلى أن تباطؤاً لم تتحدد ملامحه النهائية بعد تشهده مبيعات البقالة في محلات السوبرماركت الأميركية، ما يعني انخفاضاً في هوامش الربح أيضاً. مؤسسة “كورسايت ريسيرتش” الأميركية تتوقع تباطؤاً في النمو السنوي لمبيعات البقالة في السنوات القليلة المقبلة، ترجعه بشكل عام إلى التضخم وتغير تفضيلات المستهلكين والمنافسة المتصاعدة من أصحاب المحلات الأصغر والأقل سعراً، وربما الأقل جودة.

حين تقف الجودة في مواجهة مع تدني وضعف القدرات الشرائية، فإن غالبية المستهلكين غالباً تضحي بالجودة، أو بجزء منها، في سبيل الحصول على حاجاتها لا سيما الأساسية. وهذا يعني أيضاً تخلياً عن نوعيات فاخرة من المواد الغذائية، وأصنافاً مستوردة أو عضوية من الخضراوات والفواكه، ومنتجات مصنعة من دون سكر أو بدقيق لوز أو جوز هند بدلاً من القمح ومن دون إضافات ضارة بالصحة.

صحوة صحية تعثرت

الولايات المتحدة الأميركية من أكثر الدول التي تشهد صحوة في مجال الاهتمام بنوعية الغذاء والشراب، لا سيما بين العائلات الشابة والأجيال الأصغر سناً. بعد عقود من اكتساب الأميركيين ألقاباً يدور الكثير منها حول الأكثر سمنة والأقل من حيث المكونات الصحية في جبال البرغر وتلال الآيس كريم وهضاب الصلصات والمحسنات وغيرها، ظهرت ملامح اختيار حياة أفضل بمستويات صحة أعلى ومكونات غذائية أفضل، وهي اختيارات تسهم القدرات المادية، إضافة إلى الثقافية، بقدر غير قليل في الإبقاء عليها واستدامتها.

فبين أنظمة غذائية نباتية، وتركيز بروتين أعلى، وخفض الأغذية المصنعة، والاستعانة بمكونات غذائية صيحة من ثقافات أخرى لا سيما الآسيوية، وحتى اختيار المطاعم التي تقدم وجبات صحية وهي أغلى بكثير من مثيلتها “غير الصحية”، قطع جانب من الأميركيين شوطاً لا بأس به على طريق حياة صحية عبر مكونات غذائية أفضل ولو كانت بكلفة مادية أعلى.

في الأشهر القليلة الماضية، شهدت “بقالة” الأميركيين تغيرات عدة. ظهور سيارات فارهة في ساحات انتظار محلات السوبرماركت متوسطة ومنخفضة الأسعار يتزايد. ولجوء أصحاب السيارات متوسطة الحال إلى ساحات انتظار سلاسل السوبرماركت الموجهة للطبقات الدنيا اقتصادياً صار ملحوظاً أيضاً.

قصص وتجارب

أما القصص المحكية اجتماعياً والتجارب المتشاركة عبر منصات الـ”سوشيال ميديا”، فالكثير منها يشير إلى تغيرات في بنود المشتريات معظمها يتراوح بين تقليل كميات واستبدال النوعيات الأغلى بأخرى أرخص، وغيرها من مؤشرات تدل على نزول بطيء لكن ملحوظ على سلم المشتريات الطبقي.

يُعرض البيض على رف في متجر بقالة سبراوتس، 11 أبريل 2025 في سان رافائيل، كاليفورنيا (أ ف ب)

 

تقارير إعلامية أميركية نقلت نتائج استطلاع أجرته شركة “ليندينغ تري” (منصة إقراض على الإنترنت) قبل أيام، وجاء فيه أن 25 في المئة من مستخدمي خدمة “اشتر الآن، وادفع لاحقاً” أصبحوا يعتمدون عليها لشراء البقالة، وذلك بزيادة 14 في المئة مقارنة بعام 2024، كذلك فإن 41 في المئة من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم تأخروا في سداد قرض هذه الخدمة العام الماضي، مقارنة بـ34 في المئة خلال العام السابق.

وخلص الاستطلاع إلى أن أعداداً متزايدة من المستهلكين الأميركيين يواجهون صعوبة في شراء الضروريات، وعلى رأسها البقالة التي تعتبر عماد أي بيت، وذلك تحت ضغط ارتفاع الأسعار وأسعار الفائدة. وأشار إلى أن كثيرين يشعرون بعدم اليقين، لا سيما في ظل عدم وضوح آثار التعريفات الجمركية وغيرها من الإجراءات الاقتصادية التي تم الإعلان عنها أخيراً. وخلصت إلى أن ذلك سيدفع أعداداً متزايدة إلى البحث عن سبل وبدائل بأي طريقة ممكنة، سواء كانت قروضاً أو تغيرات كبرى في أنماط الإنفاق.

مضطرون للتوفير

كما يجد المستهلكون أنفسهم مضطرين إلى توفير المال أكثر من ذي قبل، وبينهم من قرر الاعتماد على شراء قائمة البقالة “أون لاين” لكبح شهوة شراء لوح شوكولاتة أو إضافة ثمرة بطيخ أو أناناس يمكن الاستغناء عنها بعيداً من إغراءات تكدس ما لذ وطاب وغلا ثمنه على أرفف العرض.

وأشار الاستطلاع إلى أن قطاعاً عريضاً من الأميركيين غيروا طريقة تسوقهم في محلات أو أقسام البقالة، إذ ظهر ميل متصاعد نحو العلامات التجارية العامة وغير المعروفة والاقتصادية وكذلك السلع المخفضة، بدلاً من العلامات التجارية الشهيرة والمشتريات الاندفاعية.

كما زاد معدل التقيد بما ورد في قائمة التسوق المعدة مسبقاً، والالتزام الصارم بمحتوياتها من دون شطط. وزادت أعداد من يستخدمون قسائم التخفيض، والعروض المجانية، وتلك التي يتم التسويق لها عبر طباعتها خلف الفواتير والتذاكر، وذلك بين فئات من المستهلكين لم تكن تلتفت لها كثيراً في الماضي القريب.

وكان الإعلان عن أن نحو 60 في المئة ممن اشتروا تذاكر لحضور مهرجان “كوتشيلا” الفني الأشهر في كاليفورنيا هذا العام قد لجأوا إلى خدمات وأنظمة القروض لشراء التذاكر، وهو ما يعني أن علامات استفهام وتعجب عدة تحوم حول الأحوال الاقتصادية التي تدفع البعض لشراء تذكرة مهرجان بالتقسيط أو عبر قرض متناهي الصغر، والكثيرون يتعثرون في السداد، حتى إن البعض يرفع ساخراً راية “اشتر الآن، وتعثر لاحقاً”.

وإذا كان حضور “كوتشيلا” يقتصر على نحو ربع مليون شخص، ويظل مهرجاناً فنياً لا خدمة صحية طارئة أو منصة تعليم لا بد منها، فإن قوائم البقالة التي يحتاج إليها الجميع من دون استثناء تعد مؤشراً مهماً على قدرات الأميركيين العاديين هذه الآونة.

كذلك تم رصد مؤشرات متصاعدة لـ”القلق المادي” لدى المتسوقين من أصحاب الدخول المنخفضة. وقال نحو 74 في المئة ممن تقل دخولهم السنوية عن 30 ألف دولار إنهم يشعرون بالتوتر جراء المتغيرات الاقتصادية.

شروخ في الطلب

عمليات رصد نوعيات السيارات المترددة على ساحات انتظار محلات السوبرماركت وفئات راكبيها ومحاولة قراءة حجم وقوة ارتطاماتهم الاقتصادية تظل مشاهدات شخصية. ونتائج استطلاعات الرأي وقياسات التوجه تتهم أحياناً بالتوجيه لأغراض سياسية. أما التحذيرات التي يطلقها أصحاب الشأن والقائمون على أمر البقالة ومحتوياتها وسلاسل التوريد وإجراءات الاستيراد والتعليب والبيع والشراء فلا يمكن تجاهلها أو إنكارها. تتصاعد تحذيرات يطلقها القائمون على شركات أميركية كبرى من أن الإجراءات الاقتصادية المعلن عنها في الأسابيع الماضية وآثارها الاقتصادية قد تؤدي إلى فراغ أرفف المتاجر وارتفاع الأسعار بشكل متسارع وخارج السيطرة فليست شخصية، بل اقتصادية صادرة عن اقتصاديين ورجال أعمال.

وتشير تقارير صحافية إلى أن رئيسي مجلس إدارة “وول مارت” و”تارغت” التقيا الرئيس ترمب في اجتماع مغلق قبل أيام، وحذراه من أن سياساته وقراراته التجارية من شأنها أن تعطل سلاسل التوريد، وتضع كلاً من الشركات ومعها محلات السوبرماركت وموظفيها والمستهلكين جميعاً في “خانة اليك”.

بيض بيض بيض

قد وجد البيض نفسه في قلب هذه العاصفة الدائرة رحاها في الولايات المتحدة، فبين دجاجات أميركية فقدت قدرتها على وضع البيض بسبب موجات من إنفلونزا الطيور، و”شعور” أميركي أعرب عنه الرئيس ترمب قبل أشهر بأن ملكية غرين لاند (منطقة دنماركية تتمتع بالحكم الذاتي) يجب أن تؤول إلى أميركا وإنها ضرورة مطلقة، وهو ما قوبل بالرفض من كل من حكومة الدنمارك ورئيس وزراء غرين لاند ميوت إيغيدي، ثم تحول ترمب لطلب البيض من الدنمارك لسد العجز بين المطلوب والمعروض في السوبرماركت الأميركية، وجهود مضنية تبذلها وزارة الزراعة الأميركية لتحصل على البيض المنشود من دول أوروبية مثل ألمانيا وإيطاليا وبولندا والسويد، والإعلان عن شحنات آتية من تركيا وكوريا الجنوبية، والإعلان عن أن أميركا أنتجت 720 مليون بيضة أقل في فبراير (شباط) الماضي مقارنة بالشهر نفسه عام 2024، وهو انخفاض بنحو 10 في المئة، تضاف إلى آلام البقالة لدى الأميركيين أوجاع ارتفاعات كبيرة في أسعار البيض.

تقف دجاجة بجانب أكوام من البيض في قن دجاج بمزارع صن رايز في بيتالوما، كاليفورنيا، 18 فبراير 2025 (أ ف ب)

 

يكاد لا يخلو بيت من بيض، سواء كان بيضاً عضوياً يبلغ سعر الواحدة دولاراً في “فريش فوودز ماركت” الموجه للأثرياء أو 40 سنتاً في “ألدي” الموجه للبسطاء. وبحسب الأرقام الرسمية، يستهلك الشخص الواحد في أميركا نحو 280 بيضة سنوياً للفرد، أو نحو 110 مليارات بيضة للجميع سنوياً.

على مدار أشهر، تتعالى شكاوى الأميركيين من ارتفاع أسعار البيض. ومنذ تقلد الرئيس ترمب مهام الرئاسية مطلع العام الحالي، تم توجيه هذه الشكاوى صوبه، لا سيما من قبل معارضيه، وهو ما تلقفته معظم المنصات الإعلامية والصحافية غير الداعمة للرئيس، أو الواقفة على الجبهة الديمقراطية (لا الجمهورية) بشكل أو بآخر، وتبنت “حرب البيض” لتقذف بها الرئيس.

في لقاء للرئيس ترمب مع شبكة أخبار “أي بي سي” الأميركية قبل أيام، نفى كل ما يتم توجيهه له من انتقادات في ملف البيض. وقال: لقد هاجموني في الأسبوع الأول قائلين: بيض بيض بيض، وكأن الأمر خطأي. لم أتسبب في هذه المشكلة. هذه المشكلة سببها بايدن”، مضيفاً، “أسعار البيض انخفضت”.

أدلجة البيض

المستهلكون المعارضون للرئيس يجزمون: لم تنخفض. المستهلكون المؤيدون للرئيس يؤكدون: انخفضت كثيراً، أو انخفضت قليلاً. الخبراء المؤدلجون جهة الديمقراطيين يقولون: لم تنخفض، بل زادت، والمؤدلجون جهة الجمهوريين يقولون: بل انخفضت. أما الباقون على حياد الأرقام وعلم العرض والطلب وواقع السوق، فيقولون إن أسعار البيض ترتفع على مستوى تجار التجزئة، لا الجملة، وهذا ما يهم المستهلك العادي الذي يريد أن يأكل بيضة مسلوقة أو مخفوقة أو مقلية، لا أن يفهم أسس العرض والطلب وقواعد الجملة والتجزئة. هؤلاء يقولون أيضاً إنه من عدم الإنصاف والإمعان في التسييس إلقاء اتهام زيادة أسعار البيض على بايدن أو ترمب أو أوباما أو حتى جورج واشنطن (أول رئيس أميركي). مهام الرئيس ومسؤولياته لا يمكن الإفراط في تبسيطها لتشمل تسعير البيض اليوم.

الحراك الحادث على قوائم بقالة الأميركيين هذه الآونة قد يكون موقتاً، فيستقر ويعود إلى سابق عهده بعد اتضاح الرؤية الاقتصادية والضريبية. وقد يكون بداية لما هو أكثر فيتحول إلى أسلوب حياة وإعادة رسم للطبقات والفئات وما يأكله هؤلاء وما لا يشربه أولئك، كما قد يكون مدعاة لتغيير توجهات تسويقية مجنونة ومنزوعة المنطق، لكن قادرة على جذب هواة الغرابة والباحثين عن التفرد ولو كان قائماً على وهم وخيال.

التغيرات الحادثة في تغير نمط الشراء بين الأميركيين هذه الآونة سلط الضوء على الفروق الشاسعة في أسعار السلعة الواحدة من محل لآخر. عوامل مثل المنتجات العضوية، وتلك الخالية من مكسبات الطعم أو السكر أو المكونات المصنعة تشرح جزءاً من الفروق، لكن الجزء المتبقي غير قابل للشرح أو التحليل.

فحين تعرض ثمرة فراولة مرتكزة على قاعدة ملونة في علبة بلاستيكية أنيقة مرفقة بلافتة: ثمرة فراولة عضوية واحدة بـ18.9 دولار، في مقابل نصف كيلوغرام من الفراولة بأربعة دولارات في “تريدر جوز”، فإن هذا يعني أن إما الفراولة تعاني معضلة، أو إن شاريها لديه- أو كان لديه- فائض مادي ضخم.

المزيد عن: أميركاالأميركيينالسوبرماركتالبقالةنمط الشراءالبيضالأسعارالقروضالتقسيطالدنماركترمب

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili