ثقافة و فنونعربي عميد لارتان اسم مستعار يدخل متاهة السلطة الجزائرية ليفضحها by admin 16 نوفمبر، 2019 written by admin 16 نوفمبر، 2019 14 رواية بوليسية ترتكز على فضيحة مالية حقيقية اندبندنت عربية / انطوان جوكي كيف يمكن سرد الفظاعة حين يكون مرتكبوها حكّام بلدٍ يُدار كل شيء فيه بالسرّ والخديعة والعنف، كما هو الحال في الجزائر منذ فترة طويلة؟ الجواب يقدّمه موظّف سابق كبير في الحكومة الجزائرية في رواية بوليسية وقّعها باسم مستعار هو عميد لارتان، خوفا من أي اعتداء قد يتعرض له، وصدرت في باريس عن دار “لو ميتيلييه” بعنوان “تحليق الصقر الأخضر”، حتى أن دار النشر الفرنسية لم توزع له اي صورة شخصية عملٌ رائع على أكثر من صعيد صدرت طبعته الثانية حديثاً، بعد نفاد نُسَخه، ويستحقّ أن ننفض الغبار عنه اليوم نظراً إلى قيمته الأدبية الأكيدة، وأيضاً لأن موضوعه الرئيس لم يفقد شيئاً من راهنيته: فساد حكّامنا وعدم توانيهم عن استخدام جميع الوسائل لبلوغ مآربهم. وفعلاً، يستعيد “لارتان” في هذه الرواية الموثَّقة قضية الفساد الشهيرة التي تورّط فيها أرفع المسؤولين السياسيين الجزائريين في نهاية التسعينيات، لكن لم يُحاكم فيها سوى رفيق خليفة، رجل الأعمال الذي تمكّن في ظروفٍ مشبوهة من تأسيس أمبراطورية مالية شملت مصرفاً وشركة طيران وشركة تصدير أدوية وقناة تلفزيونية وأملاكاً عقارية لا تحصى…، قبل أن تنهار بعد سنوات قليلة حارِمةً آلاف الجزائريين من مدخّراتهم. أحداث الرواية تنطلق عام 1998، أي في الفترة التي كانت الجزائر تخرج فيها بصعوبة من حقبة العنف اليومي للجماعات الأصولية المسلحة والعسكر. وتستحضر “الصقر الأخضر” في عنوانها ببداهة “النسر الأزرق” الذي كان شعار “الخطوط الجوّية”. أما بطلها، الشاب علمان مقدّم، فيشكّل بورتريه واقعياً ساخراً لرفيق خليفة الذي يظهر في الرواية على حقيقته، أي كشخصية تلمع بتباهيها بالثراء أكثر منه بذكائها، وتغذّي حلماً ساذجاً في تأسيس مصرف خاص وشركة طيران من أجل التمكّن من معاشرة نجوم السينما وأثرياء العالم. المشكلة أن علمان لا يملك المال الضروري لتحقيق حلمه. لكن لحسن حظّه، يلحظ الجنرالات المتربّعون على السلطة في بلده أهمية مثل هذا المشروع لتحسين صورة الجزائر في الخارج، ولملء جيوبهم في آنٍ واحد، وفي مقدمّهم الجنرال المتقاعد لمّين بوترامين، الذي يستحضر بنفوذه وطبيعة شخصيته الجنرال العربي بلخير، صاحب القرار السياسي في التسعينات وصانع الرؤساء. هدف بوترامين؟ تأسيس “أوّل إمبراطورية جزائرية خاصة” تسمح في تأمين ديمومة النظام السياسي المفترِس الذي أسّسته حفنة من كبار الضباط مباشرةً بعد الاستقلال وبقي مستمرّاً مذّاك. ولبلوغ هدفه وتمويل هذا المشروع، لن يتوانى عن “شفط” الأموال الموجودة في صندوق التقاعد ومؤسسات حكومية كبرى أخرى عبر “إفهام” مديري هذه المؤسسات بـ “واجب” تحويل ما تملكه من سيولة إلى “مصرف خليفة”. السجن او الفرار لكن لا تظنَّن أن الأمر بهذه السهولة. إذ يجب قبل أي شيء “إقناع” بعض الموظّفين الحكوميين الكبار الذي ما زالوا يحترمون القوانين أو لا يفهمون مدى نفعية هذا المشروع. ولتحقيق ذلك، الحجج التي ستُستخدَم عديدة ومختلفة: التهديد، الخيانة، التشهير، العنف الذي غالباً ما تلجأ السلطات لممارسته إلى عناصر “جهادية” تم تدجينها… حُجَج تضع معارضي المصرف الجديد وتطلّعات صاحبه أمام واحد من هذه الخيارات الثلاثة: الموت، السجن أو الفرار من البلاد. باختصار، “تحليق الصقر الأخضر” بحثٌ سياسي واقتصادي كاشِف بقدر ما هو رواية بوليسية حول الجزائر المعاصرة. نصٌّ يفتن بأسلوبه الكلاسيكي الصائب الذي لا يخلو من طرافة شديدة الفعاليّة، كما يفتننا بطريقة تشييده المحكَمة وطريقة سرد قصّته التي تقوم على قفز الراوي ــ الكاتب من شخصية إلى أخرى، من رجل اختار الانخراط في صفوف الأصوليين إلى آخر يحتل منصباً سياسياً أو عسكرياً أو إدارياً مرموقاً، وبالتالي بالموضوعات الكثيرة التي يقاربها، وأبرزها: السلطة السياسية وكواليسها، الجنس والمال الملازمان لممارستها، وفي المقابل، “نضال” الجماعات المتشددة دينياً والعنف المجاني الوحشي الملازم له. عناصر تمنحنا مجموعة صورة دقيقة لبلد يعاني من حالة انحراف أخلاقي مخيف، حيث الجميع يهاب الجميع، وحيث ينشط بكثرة سفلة يطفحون بالطموح ومستعدون لفعل أي شيء من أجل الظهور كأقوياء وذكوريين في عيون الآخرين. وفعلاً، أكثر من مجرّد محاولة ناجحة وجريئة لكشف الأسرار التي ما زالت تلفّ فضيحة مالية مجلجِلة كلّفت الجزائريين أكثر من خمسة مليارات يورو، الرواية فرصة فريدة لغوص مدوِخ في قلب متاهة السلطة في الجزائر من أجل تعرية نظام سياسي لا يملك الرؤساء والوزراء والموظفون الحكوميون الكبار فيه سوى السلطة التي يمنحها لهم “أصحاب القرار” الحقيقيون، أولئك الذين يقبعون في الظل ولا يوجّهون الأوامر لأحد خطّياً، بل شفهياً بواسطة رسائل مشفَّرة يفهم مَن يتلقّاها فوراً ما هو المطلوب منه وينفّذها بحذافيرها كي لا يعرف نهاية وخيمة. وفي هذا السياق، يأخذ كل معناه وصفُ الكاتب الطريقة التي استخدم فيها أصحاب القرار آنذاك بعض المجموعات الإرهابية لتصفية أي مسؤول ظنّ بأنه قادر على العصيان، متوقفاً عند كلفة هذا الاستخدام الرهيبة التي تمثّلت بمجازر لا تحصى ولا توصف في حق الأبرياء. يأخذ كل معناه أيضاً الاسم المستعار للكاتب الذي لم يختره كيفما اتّفق، فـ “عميد” هو رتبة ضابط كبير، كما نعرف، أما “لارتان” فهو اسم دواء مستخدم في الطب النفسي يخلّف لدى مَن يتناوله بكثافة شعوراً بقوة لا تُقهَر، ونعرف أن المسؤولين عن القوات الخاصة في الجيش الجزائري كانوا يوزّعونه على عناصرها التي لم يعد مخفياً اليوم أن الجرائم التي ارتكبتها آنذاك تقارع تلك التي ارتكبتها الجماعات الأصولية المسلّحة. المزيد عن: رواية جزائرية/حركات اصولية/ادب فرنكوفوني 5 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post محمد الصفدي كما يراه محتجو طرابلس… رجل من المرحلة الماضية next post المتظاهرون الإيرانيون: إلى متى ستذهب أموالنا الى غزة ولبنان؟ You may also like مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 5 comments Dawn 11 أغسطس، 2020 - 12:10 ص Woah! I’m really enjoying the template/theme of this website. It’s simple, yet effective. A lot of times it’s tough to get that “perfect balance” between user friendliness and appearance. I must say that you’ve done a fantastic job with this. In addition, the blog loads super quick for me on Firefox. Outstanding Blog! My page – best web hosting sites Reply Chelsea 24 أغسطس، 2020 - 10:59 ص Unquestionably believe that which you stated. Your favorite justification appeared to be on the internet the simplest thing to be aware of. I say to you, I certainly get annoyed while people consider worries that they just don’t know about. You managed to hit the nail upon the top as well as defined out the whole thing without having side effect , people can take a signal. Will likely be back to get more. Thanks my web page … cheap flights Reply Antony 25 أغسطس، 2020 - 6:28 ص Hi, I desire to subscribe for this webpage to take hottest updates, so where can i do it please help. cheap flights 34pIoq5 Reply Hershel 28 أغسطس، 2020 - 9:10 ص Hello there! Would you mind if I share your blog with my twitter group? There’s a lot of folks that I think would really enjoy your content. Please let me know. Cheers Also visit my website: black mass Reply Krystyna 5 سبتمبر، 2020 - 2:22 ص I like the valuable information you provide in your articles. I’ll bookmark your weblog and check again here frequently. I’m quite certain I’ll learn many new stuff right here! Best of luck for the next! my web site :: content hosting Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.