Xمن البشرعربي علي خامنئي من مثقف إلى طاغية by admin 22 مارس، 2022 written by admin 22 مارس، 2022 82 لا يمكن فهم شخصية المرشد الإيراني من دون الاطلاع على أبعادها السياسية والفكرية والنفسية اندبندنت عربية \ يوسف عزيزي كاتب وصحفي @yazizibenitorof يبدو لي أنه لا يمكن فهم ما يجري في إيران وأسباب عدم نجاح انتفاضات شعوبها من دون فهم شخصية علي خامنئي بأبعادها السياسية والفكرية والنفسية كافة، وهو الذي يحكم البلاد منذ العام 1989. ولد علي حسيني الخامنئي عام 1939 بمدينة مشهد عاصمة إقليم خراسان الذي لعب إلى جانب أصفهان وطهران دوراً رئيساً في التاريخ السياسي المعاصر لإيران، وخراسان منبت اللغة الفارسية وحاضنة العديد من الشعراء والأدباء الفرس. وعلى الرغم من أن علي خامنئي ولد في مشهد، فإن جذور عائلته تعود إلى مدينة “خامنه” في إقليم أذربيجان الإيراني، وكان والده جواد حسيني الخامنئي تركياً أذرياً هاجر من تبريز إلى مشهد، ولهذا السبب يتقن علي خامنئي التركية جيداً، وهناك أفلام تظهره ينشد الشعر ويقرأ المراثي لضحايا واقعة كربلاء بهذه اللغة. وذكر لي أحد الشعراء الأذريين أنه يعرف أوزان وبحور الشعر الشعبي التركي الأذري. نشأ علي خامنئي وترعرع في بيئة سياسية وأدبية فارسية في مشهد، وتزامنت فترة شبابه مع بدايات نشاط المفكر الديني علي شريعتي هناك، إذ اختلط مع شعراء ومثقفين علمانيين ودخن الغليون وعزف الكمان، وقد ترك الدراسة في الصف الثامن للثانوية والتحق بالحوزة الدينية بمشهد والنجف وقم، وإثر ذلك تطورت لغته العربية وتعرف على الأدب العربي وشغف بقصائد الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري الذي زار طهران عام 1992 لدفن زوجته في مشهد بالقرب من ضريح الإمام الثامن للشيعة هناك، والتقى المرشد خامنئي فيها لكنه رفض اقتراح الأخير منحه فيلا على شواطئ بحر قزوين ليقضي باقي عمره هناك ورجح العودة لدمشق. سجن خامنئي مرات عدة، منها مع سجين سياسي يساري ومع ناشط أرمني شيوعي ينتمي لحزب “تودة” وسجناء أحوازيين كانوا يسعون إلى استقلال عربستان. ويقول خامنئي في مذكراته “إن السجين محيي الدين آل ناصر كان يعلمه الإنجليزية في سجن قزل في طهران أوائل الستينيات من القرن الماضي، وتعرف على الشعر الشعبي الأحوازي من سجين آخر اسمه سيد باقر النزاري، وقد أصدرت سلطات نظام الشاه حكم الإعدام بحق محيي الدين آل ناصر وعيسى المذخور ودهراب أشميل الذين كانوا معتقلين مع خامنئي بتهمة تأسيس تنظيم يعرف باسم حركة تحرير عربستان، وتم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم في مدينة الأحواز عام 1964. وفي 1969 ترجم علي خامنئي كتاب “في ظلال القرآن” للداعية الإخواني المصري سيد قطب ونشره آنذاك، وأعيد طبعه مرة أخرى عام 2019 في طهران. وقد نفى الأمن خامنئي إلى محافظة بلوشستان التي تقطنها أغلبية سنية أواخر عام 1977، حيث تمتع هناك باستضافة الشعب البلوشي الذي احتضنه ودعمه عاطفياً ومعنوياً، وفق ذكرياته التي نشرها على موقعه. ويكتب الصحافي والناقد السينمائي هوشانج أسدي الذي كان معتقلاً مع خامنئي في زنزانة واحدة زمن الشاه، “أنه كان نحيفاً مرحاً ثرثاراً يمقت بعض الروائيين الإيرانيين الذين ينعتهم بالعبثيين، ويحبذ الشاعرين الخراسانيين أخوان ثالث وشفيعي كدكني”. وعن الأدب العالمي “قرأ خامنئي من فيكتور هوغو وليون تولستوي وميخائيل شولوخوف، كما أنه، وهو المعروف باحترافه قراءة الروايات، يفضل الروائي اليساري أحمد محمود على سائر الروائيين الإيرانيين”. ولا ننسى أن صدام حسين ومعمر القذافي أيضاً كانا مولعين بالأدب، بل وكتبا الرواية والقصة. ويذكر هوشانج أسدي في مذكراته “أن خامنئي قال له ذات مرة في السجن الانفرادي إنه إذا وصل الإسلام إلى السلطة فلن تذرف عيون المظلومين الدموع”، وأخبرني مُنظّر الحركة الإصلاحية سعيد حجاريان الذي كان نائباً لوزارة الاستخبارات الإيرانية في فترة رئاسة خامنئي للبلاد، “أنه ذات مرة دخل عليه في مكتبه الرئاسي ورآه يقرأ كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني بالعربية”. كل ما ذكرناه من نماذج تظهر الخلفية الثقافية والدينية لعلي خامنئي، ويبدو أنه نسي أو تناسى كل ما فعله الأحوازيون والبلوش واليساريون بحقه عند الضيق في عهد الشاه، بعد أن تبوأ مناصب مهمة في إيران بعد الثورة الإسلامية، وفي “أوتوبيا” خامنئي، أي الجمهورية الإسلامية، لم تذرف العيون الدموع وحسب، بل ذرفت الدم وسالت أنهار من دماء المناضلين الذين كانوا إلى جانب خامنئي والإسلاميين ضد الشاه، وليس اليساريون والشيوعيون وحسب، بل الإسلاميون المختلفون مع السلطة، وكذلك القوميون من الشعوب غير الفارسية، وجميع أصحاب الرأي الآخر، ومذبحة السجون الإيرانية في صيف 1988 وإعدام نحو 5000 سجين، من منظمة “مجاهدي خلق” والأحزاب اليسارية الذين كانوا يقضون فترة اعتقالهم، تنسف كل ما كان يدعيه خامنئي وزملاؤه الدينيون في عهد الشاه، وقد حدثت هذه المذبحة إبان تصديه لرئاسة الجمهورية في إيران. عام 1992 اتهمت محكمة في ألمانيا المرشد علي خامنئي ومسؤولين آخرين بالضلوع في اغتيال زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني صادق شرفكندي واثنين آخرين من قياديي الحزب وهما همايون أردلان وفتاح عبدلي، وكتبت صحيفة “نيويورك تايمز” أن المنشق من وزارة الاستخبارات الإيرانية عبدالقاسم مصباحي اتهم خامنئي بأنه العامل الرئيس في تفجير مبنى “آميا” واغتيال 85 أرجنتينياً من أصل يهودي العام 1994. وتؤكد عمليات الاغتيالات السياسية في الداخل والخارج وإصدار أوامره بقمع الانتفاضات والاحتجاجات السلمية خلال العقود الثلاث الماضية، مدى تحول خامنئي من مثقف “مرح وثرثار” إلى “طاغية دميم”. وفي العام 2000 صنفته لجنة حماية الصحافيين على أنه “أحد الأعداء الـ 10 لحرية التعبير”، وفي العام 2021 صنفته منظمة “مراسلون بلا حدود” ضمن “مفترسي حرية الإعلام في العالم”. وأكد لي قبل سنوات زميل في صحيفة “همشهري” وهو مقرب لبيت خامنئي، أنه يرفض إشادة علي شريعتي بالتشيع العلوي ونقده لنظيره الصفوي في كتابه “التشيع العلوي والتشيع الصفوي”، بل إن خامنئي يشيد بالسلالة الصفوية بسبب دورها في استقرار المذهب الشيعي في بلاد فارس. ويبدو لي أن تلك السلالة هي مصدر إلهامه في طموحاته التوسعية إلى الدول المجاورة، وانعكاس قمعه الدامي للعديد من التظاهرات والاحتجاجات، وأهمها التي حدثت في أعوام 2009 و2017 و2019. يريد خامنئي أن يقول للإيرانيين إنه لا يشبه الشاه في انعطافه وتنازله أمام التظاهرات التي عمت البلاد وأدت إلى سقوطه عام 1979، ويعتقد بعض المتخصصين في الفلسفة السياسية الإيرانية أن مبدأ “ولاية الفقيه المطلقة” المنصوص عليه في دستور الجمهورية الاسلامية ويطبقه خامنئي بحذافيره، هو استمرار للـ “شاهنشاهية” الاستبدادية المطلقة التي كانت سائدة لقرون عدة، ولم تستطع حتى ثورة جماهيرية عظيمة مثل ثورة فبراير (شباط) 1979 أن تستبدلها بمبدأ ديمقراطي. ويكشف المخرج الإيراني المنفي محسن مخملباف في فيلمه الوثائقي المعنون بـ”خفايا حياة خامنئي” عن الحياة المترفة التي يعيشها ولي الفقيه خامنئي، “فهو يأكل أفخر أصناف الطعام وينفق الملايين لاقتناء الخيول وجمع أنواع الخواتم المرصعة بأحجار كريمة، بعكس ما يصوّره الإعلام في إيران ويظهره زاهداً ومتواضعاً كي يضفي هالة من القداسة على شخصه”. ويؤكد مخملباف “أن ولي الفقيه ليس سوى شاه آخر مع فارق غير بسيط، وهو أن نظيره المخلوع كان متصالحاً مع فساده بينما هو يدعي العفة، وعلى خطى الأخير المخلوع يسير الجديد الوارث لثرواته في الأكل والشرب والصرف على جمع المقتنيات والهوايات الشخصية ورفاه العائلة والأقارب والحاشية”. وعلى الرغم من وجود الظروف الموضوعية في إيران لحدوث ثورة أو تغيير في السلطة الدينية الشمولية خلال حكم خامنئي، إلا أن فقدان تنظيم معارض مناسب كبديل للنظام، والأهم من ذلك سلوكه الفردي وسيكولوجيته الشخصية، حال دون ذلك، ويبدو أن كتب سيد قطب هي الأكثر تأثيراً في فكر وروح وسلوك خامنئي من الكتب الأخرى التي قرأها طول حياته. المزيد عن: إيران \ علي خامنئي \ المرشد الإيراني \ احتجاجات إيران 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل فتحت الحرب الروسية – الأوكرانية جراح تجاوزات ارتكبت في حق بعض الشعوب؟ next post زاغاري راتكليف تدعو للإفراج عن كل “المعتقلين ظلما” في إيران You may also like سارة نتنياهو… “ديكتاتور” إسرائيل الخفي 31 أكتوبر، 2024 يحيى السنوار… حكاية «الرقم 1» يرويها «رفاق الزنزانة» 18 أكتوبر، 2024 رحلة نصرالله من الأحياء الفقيرة إلى ساحة الصراع 28 سبتمبر، 2024 قصة الطائرة الفرنسية المخطوفة على يد جزائري عام... 29 أبريل، 2024 هكذا هرب جنرال إيراني إلى أحضان “سي آي... 25 أبريل، 2024 هل تقف أوروبا “عاجزة” أمام التجسس الصيني؟ 25 أبريل، 2024 أحمد عبد الحكيم يكتب عن: قصة تحول عقود... 24 أبريل، 2024 “حزب الله”… من النشأة إلى حكم الدويلة والسلاح 23 أبريل، 2024 يوليوس قيصر… هل اغتال نفسه؟ 19 أبريل، 2024 من قتل الفرعون الصغير توت عنخ آمون؟ 12 أبريل، 2024