الإثنين, يناير 13, 2025
الإثنين, يناير 13, 2025
Home » علمانيّة أصوليّة في مواجهة إسلاميّة أصوليّة… تصاعد التّوتر بين أذربيجان وإيران

علمانيّة أصوليّة في مواجهة إسلاميّة أصوليّة… تصاعد التّوتر بين أذربيجان وإيران

by admin

 النهار العربي \ يوسف بدر

يبدو أن العلاقات بين إيران وجارتها الشمالية آذربيجان ذاهبة نحو تصاعد التوتر، بعد تراشق إعلامي وتصريحات مسيئة شبه رسمية، فقد دان نواب في البرلمان الإيراني قرار باكو تعيين سفير لها في تل أبيب، وخرجت التحذيرات لها بألا تربط مصيرها بمصير إسرائيل. 

ومن جانب آخر، اتهم جهاز الأمن الأذربيجاني طهران بالوقوف وراء محاولة اغتيال البرلماني الأذربيجاني فاضل مصطفى، المعروف بمعارضته للنظام الإيراني.

وبينما تقلق إيران من تحول أذربيجان قاعدة عسكرية إسرائيلية لاستهدافها، بدأت باكو هي الأخرى تقلق من تعرض أراضيها لهجوم إيراني، بعدما أعلن قائد القوات البرية الإيرانية، كيومرث حيدري، عن وجودٍ للاستخبارات الإسرائيلية داخل أراضي آذربيجان، وأن هناك عناصر من تنظيم “داعش” جلبتهم أذربيجان من سوريا إلى حربها ضد أرمينيا.

وفي المقابل، حشدت أذربيجان قواتها على الحدود مع أرمينيا، كما تجري مناورة عسكرية في بحر قزوين المشترك مع إيران، وأخرى برية في إقليم ناخيتشيفان قرب حدود إيران، وأيضاً تقوم قواتها الجوية بطلعات ليلية.

 

لا يتعلق هذا التصعيد بالعلاقات بين باكو وتل أبيب، بقدر ما يتعلق بخطط أذربيجان لربط إقليمها المنفصل جغرافياً عنها (ناخيتشيفان) عبر ضم جزء من أراضي أرمينيا إلى أراضيها. وهو ما ترفضه طهران، لأنه يهدد حدودها الشمالية، ويعزز من القومية الطورانية في القوقاز، ويضر بمصالحها وممراتها التجارية.

ولذلك قال النائب في البرلمان الأذربيجاني، سياوش نوروزوف، في 5 نيسان (أبريل)، إن “إيران دولة عديمة الضمير والإيمان، فقد حشدت قواتها قرب إقليم ناخيتشيفان، ونحن مستعدون للقتال هناك”.

لا رغبة في الحرب

لا تريد إيران الحرب مع أذربيجان، إلا إذا اضطرت لذلك؛ لأن هذا يُكلفها الكثير، فهي تعرف أنها حرب لن تكون مع أذربيجان وحدها، بل ستفتح عليها مواجهات مع الداعمين لها (تركيا وإسرائيل والقوى الأوروبية). كما أن إيران لديها مصالح اقتصادية وممرات تجارية نحو روسيا وأوروبا عبر أذربيجان. لذلك لا ترى طهران أن المشكلة في باكو؛ بل في استجابتها للمطالب التركية والإسرائيلية ضدها.

وتكشف المناوشات المتبادلة بين الطرفين، أن طهران تلجأ إلى الآليات التي تريد أن تؤكد لباكو من خلالها، أنها قد ارتكبت خطأً استراتيجياً بانصياعها لخطط أنقرة وتل أبيب وبتجاوزها الخطوط الحمر. فكما أن توحيد أراضي أذربيجان يُهدد إيران بتقسيمها، بخاصة أن محافظتها الشمالية تسكنها عرقية أذرية. كذلك فإن طهران ستلجأ إلى الأدوات نفسها التي تهدد سلامة أذربيجان من الداخل، بخاصة أن طبيعة نظامها بيئة خصبة للاستقطاب الخارجي.

نظام أذربيجان

يحكم جمهورية أذربيجان نظام علماني أصولي أمني تحت قيادة أسرة علييف منذ عام 1993. ولكن الجمهورية التي نالت استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، لديها طوال الوقت هاجس المباغتة وفقدان أراضيها من جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولذلك تتصف أذربيجان بمستوى عال من مطاردة الحريات والاعتقالات والمحاكمات السياسية. وخاصة تجاه الجماعات والأحزاب الشيعية التي تتهمها السلطات في باكو بالعمل لحساب النظام الإيراني.

وكمثال: حلّ الحزب الإسلامي عام 1995، بتهمة التخطيط للانقلاب على نظام الحكم. وأيضاً: اعتقال زعيم هذا الحزب، محسن صمدوف، المعروف بحاجي محسن، لمدة 12 عاماً، بسبب رفضه قانون “حظر الحجاب في المدارس”. إلى جانب التضييق على المراسم الشيعية كالعزاء الحسيني ومناسبات عاشوراء.

وتمثل هذه البيئة التي أفرزها هذا النظام فرصة لاستقطاب التيارات الإسلامية للعمل ضده، بخاصة أن أذربيجان دولة مسلمة ذات أغلبية شيعية، وإن كانت تموج بتيارات مختلفة من القومية واليسارية والإسلامية. لكن السياسة العلمانية الأصولية التي يتبعها الحزب الحاكم (أذربيجان الجديدة) إلى جانب تقاربه مع إسرائيل، تمثل مبررات قوية للمعارضة الإسلامية ضده. إن إيران بحوزاتها الدينية لا تزال تتخذ من حادثة مقتل الشيعة في منطقة نارداران خلال تأديتهم مراسم العزاء الحسيني على يد قوات الأمن الأذربيجانية، عام 2015، مظلومية تقوم بإحيائها كل عام لاستقطاب شيعة أذربيجان والضغط على نظامها.

ولذلك نجد هذه الأيام، وفي ظل تصاعد التوتر بين باكو وطهران، أن أجهزة الأمن الأذربيجانية ألقت القبض على أشخاص اتهمتهم بأنهم مجندون من قبل إيران لإطاحة حكومة باكو العلمانية، وإقامة نظام ديني موالٍ لإيران. كما طالبت الخارجية الأذربيجانية، 6 نيسان (أبريل)، دبلوماسيين إيرانيين بمغادرة البلاد، بعدما اتهمتم بأنشطة خارج العمل الدبلوماسي.

حركة “حسينيون”

إن كان النظام في باكو يفعل كل في وسعه لمنع الطلاب الشيعة من الدراسة في حوزات علمية خارج أذربيجان، لا سيما في إيران، لكنه فشل في أن يمنع إقامة حركة “حسينيون” (حركة المقاومة الإسلامية الأذربيجانية) التي أسسها طلاب تخرجوا في مدرسة قم الإيرانية، والتي شاركت في حرب سوريا تحت قيادة زعيمها، توحيد إبراهيم بيّلي. وقد تم اعتقال بعض أعضائها، وتطلب باكو من طهران تسليم آخرين. وكذلك، كانت لهذه الحركة مواقف موازية لموقف إيران من حرب تحرير مرتفعات ناغورني كراباخ (2020)، فقد أكدت في بيان، أن نظام علييف يجر أذربيجان إلى مستنقع حرب لخدمة مصالح إسرائيل وتركيا.

وهذه الجماعة ليست الأولى التي تمثل نفوذ إيران داخل أذربيجان، فقبلها قام أعضاء من الحزب الإسلامي بعد حلّ حزبهم، وبدعم من فيلق القدس الإيراني، بتأسيس جماعة “جيش الله” عام 1995، التي استهدفت السفارة الأميركية في باكو.

ويشير الطابع الاجتماعي وعضوية النساء في مثل هذه التنظيمات وانتشارها في المناطق الفقيرة والمهمشة، إلى أنها لا تقتصر على مسألة سياسية أو جماعة مسلحة مقاومة؛ بل يرتبط الأمر بقاعدة أيديولوجية تعارض الواقع السياسي والاجتماعي تحت حكم النظام الحاكم في أذربيجان، بخاصة أن دعوات العدالة الاجتماعية وتخوين الأنظمة المتعاونة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، تلقى قبولاً لدى الطبقات الفقيرة والمحرومة في المناطق الجنوبية من أذربيجان، وهي المناطق القريبة من الحدود الإيرانية.

ويدل ظهور حركة سياسية ومسلحة مثل “حسينيون” إلى أن إيران لديها خيارات، يمكنها من خلالها التعامل مع خصومها في منطقة القوقاز بطرق غير تقليدية بعيدة من المواجهة المباشرة.

ناخيتشيفان الذاتية الحكم

إن الطبيعة السياسية لإقليم ناخيتشيفان الذاتي الحكم، الذي تسعى أذربيجان وتركيا إلى ربطه بالوطن الأم (أذربيجان) عبر ممر زنكه زور في محافظة سيونيك الأرمينية الجنوبية؛ من أجل فتح ممر طوراني من تركيا إلى عمق آسيا الوسطى (الوطن الأم للأتراك) وصولاً إلى حدود الصين، ويحكمه مجلس تشريعي منتخب تحت سيادة جمهورية أذربيجان، يمثل عائقاً أمام خطط أذربيجان الأم وفرصة لنفوذ إيران؛ إذ ينص الدستور والاتفاقيات الدولية على أن رئيس المجلس الأعلى هو القائد المطلق لهذه المنطقة.

ولهذا كان يُنظر بعين الريّبة إلى إعلان استقالة رئيس المجلس الأعلى لجمهورية ناخيتشيفان، واصف طالبوف، في كانون الأول (ديسمبر) 2022، والذي كان يتمتع بعلاقات جيدة مع إيران. وفسر البعض الإصلاحات الإدارية التي اعتمدها الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في هذا الإقليم، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، على أنها تأتي في إطار تفكيك طبقات المصالح التي تعمل لمصلحة إيران داخل هذا الإقليم. حتى أن البعض ذهب إلى أن حكومة باكو تسعى إلى إلغاء الحكم الذاتي هناك، إذا ما نجحت في تنفيذ مشروع الممر الطوراني. وهذا أمر قد يشغل الغضب في هذه الجهورية الذاتية الحكم.

التوازن بين أرمينيا وأذربيجان

تكشف التحركات الإيرانية المستمرة داخل أرمينيا، أن إيران لن تتقبل بسهولة الخروج مع معادلة المصالح بين أذربيجان وجارتها أرمينيا، فقد افتتحت قنصلية عامة في مدينة كابان في محافظة سيونيك، قرب ممر زنكه زور الاستراتيجي. كما أن طهران مُتهمة بمد أرمينيا بأسلحة قامت بتهريبها إلى داخل إقليم ناغورني كراباخ؛ تحسباً لأي حرب جديدة قد تشنها أذربيجان على مناطق أخرى من هذا الإقليم المتنازع عليه.

ويشير التغيير الأخير لسفراء إيران في كل من أذربيجان وأرمينيا – أرسلت مهدي سبحاني السفير السابق في سوريا إلى يريفان، ويستعد مجتبي دميرتشي لو، للذهاب إلى باكو- إلى أن طهران منفتحة على كل السيناريوهات، فهي لا تريد خسارة علاقاتها مع أذربيجان. وكذلك أيضاً لا تسعى إلى التورط المباشر في حرب مع باكو، قد تجر عليها عواقب وخيمة، بخاصة أن الموقف الروسي من هذه الأزمة يبدو غير واضح، وكأن هناك اتفاقاً غير معلن بين روسيا وتركيا، أو أن موسكو تجد فائدة لمصالحها من هذا الممر التجاري في ظل الحصار الغربي الذي تعانيه.

ولذلك، وعلى غرار الدور الإيراني في الحرب الأوكرانية ودعمها روسيا في مقابل الدعم الغربي لأوكرانيا، تحاول إيران الحفاظ على ميزان القوى والوضع القائم بين أذربيجان وأرمينيا، بما لا يسمح بتضخم أذربيجان بدعم من تركيا في التهام أرمينيا.

وهذه النقطة هي التي لطالما تشدد عليها طهران لحكومة يريفان، بأن عواقب منح أذربيجان ممر زنكه زور أبعد من مجرد تحقيق مكاسب اقتصادية تحت اسم الممر الطوراني الذي سيربط بين أوروبا وما وراء بحر قزوين؛ بل سيؤدي مستقبلاً إلى انكماش أرمينيا لمصلحة الصعود الأذربيجاني الطوراني.

المحصّلة

عززت الحرب الأوكرانية، وكذلك الموقف الإيراني المساند لأرمينيا ضد أذربيجان، من رؤية القوميين الأذربيجانيين الذين يرون في النظام الإيراني تهديداً لسلامة أراضي بلدهم أذربيجان واستقلاله، وهو ما عزز من تقاربهم من تركيا وإسرائيل. وتصاعد التوتر بين إيران وأذربيجان هذه الأيام هو في إطار الاستفادة من أدوات الضغط، قبل الحديث عن الاستعداد للحرب.

ترى الرؤية البراغماتية في إيران، أن أذربيجان هي الدولة الوحيدة التي لديها القدرة على الاتحاد والشراكة مع إيران، أكثر حتى من أي دولة شيعية أخرى مثل العراق. بسبب المشتركات الجغرافية والتاريخية والشعبية والثقافية والدينية. ولكن ما يعيق ذلك هو الطموحات الطورانية لتركيا والصهيونية لإسرائيل التي تدفع إيران لاعتماد أساليبها المعادية.

إن حل الخلافات بين إيران وأذربيجان ليس بالشيء المستحيل، بخاصة أن طهران كانت سابقاً داعمة لجمهورتي أذربيجان وناخيتشيفان خلال الصراع مع السوفيات. وإن تجربة العلاقات بين إيران وطاجيكستان التي توطدت بعد سنوات من الصراع والتوتر، يمكن تكرارها مع حالة أذربيجان، بخاصة أن إيران إذا نجحت في تحقيق أهمية العلاقة الاقتصادية بين الشمال والجنوب، فإن هذا سيغير من قواعد العلاقات الجيوسياسية مع جيرانها، ومنهم أذربيجان.

المريد عن : آذربيجان\ باكو وتل أبيب\ أسرة علييف\ “حسينيون”\ ناخيتشيفان \النظام الإيراني

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00