روايات مغربية مترجمة إلى الفرنسية (فناك) ثقافة و فنون علاقة الذات بالآخر في ترجمة الرواية المغربية الى الفرنسية by admin 6 ديسمبر، 2024 written by admin 6 ديسمبر، 2024 31 لغة موليير وسيط للتعريف بالأدب العربي في أوروبا اندبندنت عربية / علي عطا تنطلق الناقدة المغربية فاتحة الطايب من ملاحظة حول تزايد عدد الروايات المغربية المترجمة إلى الفرنسية منذ العام 1992، في سياق مرتبط على نحو ما، بتنامي الاهتمام بترجمة الأدب العربي إجمالاً عقب فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل والذي تزامن مع بداية النشاط الفعلي لمعهد العالم العربي في باريس، ومن ثم استمرار الفرنسية في أداء دور الوسيط الأدبي في أوروبا رغم زحف اللغة الإنجليزية. وترى الباحثة أنّ، على الرغم من بعض التراجع الذي تشهده بين الحين والآخر ترجمة الإبداع العربي إلى الفرنسية لأسباب سياسية واختارت روايات “دفنّا الماضي” لعبد الكريم غلاب، و”الغربة” لعبد الله العروي، و”الخبز الحافي” لمحمد شكري، و”بيضة الديك” لمحمد زفزاف، ولعبة النسيان” و”الضوء الهارب” لمحمد برادة، و”عين الفرس” للميلود شغموم، و”مجنون الحكم” لبنسالم حميش. ورأت أن أهداف ترجمة هذه الروايات ترتبط بانتماء المترجمين، “فإن كان المترجِم مغربياً فإنه يعمل من خلال الترجمة على التعريف بالرواية المغربية وبمؤهلات وإمكانات الذات المغربية، وإن كان فرنسياً صرَّح بأنه يعمل على توطيد ثقافة التسامح والتعارف وتبادل الحوار” ص 11. ومع ذلك فإن تلك العملية؛ “تكرس بوعي وبغير وعي واقع التمايز، وتؤكد انعدام التلازم الآلي بين التطور المادي للمجتمع ومستوى الإبداع الفني في الثقافة واللغة الواحدة”. وفي سياق هذه الأطروحة تطرقت الباحثة، ليس فقط إلى إشكاليات ترجمة الروايات المغربية إلى اللغة الفرنسية، وإنما كذلك إلى حركة الترجمة من العربية عموماً، فلاحظت أنها لا تزال “جنينية” وتحتاج – وهي تناضل ضد تاريخ طويل من التهميش، في عصر تسوده المنافسة الشديدة بين إنتاجات ثقافات متعددة – إلى مزيد من الجهد والوقت لكي تؤثر في العلاقات الأدبية العربية – الأوروبية. الكتاب بالترجمة العربية (المركز القومي) وإجمالاً ترى الطايب أن وضع اللغة العربية والنظرة السائدة إليها، أثّرا على استقبال المتلقين الأجانب لترجمات الروايات المغربية في الفضاء الفرنسي، “إذ تجاهلوا مجهودات المترجمين بسبب عدم توفرهم على أول شرط من شروط المقارنة والتقييم، ويتمثل في معرفة اللغة المصدر إلى جانب اللغة الهدف. أما المتلقون العرب، الذين تقع عليهم مسؤولية تقييم الترجمات في هذا الفضاء، فلم يولوا عملية الترجمة ذاتها عناية كافية، وتركز اهتمامهم على التطرق باقتضاب إلى بعض القضايا التي طرحتها ترجمة بعض الروايات”. نقد الترجمة وأوضحت الباحثة المغربية أنّ إذا كان الفضاء المغربي قد أبدى اهتماماً أكبر يالقضايا التي تطرحها الترجمة بين العربية والفرنسية، فإن هذا الاهتمام الذي يترجم في المجمل حاجات الذات إلى رد الاعتبار لنفسها يعيقه عدم توفر ممارسي نقد الترجمة على الأدوات اللازمة التي تمكنهم من القيام بدراسات تساهم بفعالية في تطوير عملية الترجمة من العربية. وتستنتج الباحثة من دراستها لمجموعة مقالات عن روايات مغربية ترجمت إلى الفرنسية، أن الفضاء الذي صدرت فيه أثَّر عموماً في طبيعة خطابها. ولاحظت أن تلك المقالات الصادرة في فرنسا عكست عملية الشد والجذب بين التأثير الإيجابي للبنية الفنية للروايات الأصلية، وسلطة الركامات التاريخية والنفسية التي يعمقها تفاوت المستوى المادي بين العالمين المرسل والمستقبل، من زاويتين: الأولى زاوية الآخر الذي ينتظر من إنتاج صادر عن بلد شرقي أن يغذي تصوراته الجاهزة عن الإنسان والثقافة الشرقييْن، والذي لا يسعه في المقابل تحت تأثير مفاجأة الاكتشاف سوى الاعتراف بإنتاجية الضفة الأخرى من المتوسط، التي لم يكن إلى عهد قريب ينتظر منها جديداً”. كتاب من المغرب العربي يكتبون بالفرنسية أو مترجمون إليها (فناكا) واعتبرت أن ذلك مما يؤشر في العمق، ولو بنسبة متواضعة، إلى بوادر التحول في النسق الثقافي الفرنسي، بفعل التواتر الذي تعرفه عملية الترجمة من العربية، منذ حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل. أما الزاوية الثانية؛ فهي زاوية الذات، التي تندد بإهمال الآخر لإنتاجها مستندة في ذلك إلى أهمية هذا الإنتاج من الناحية الفنية، والتي تنتهي مع ذلك إلى مخاطبته باللغة التي ترضيه بهدف ترغيبه في هذا الإنتاج. أما المقالات الصادرة في المغرب، فيدل اهتمامها بالبنية الفنية للروايات المترجمة – بحسب الطايب – على “تعطش الذات التي أرهقها الإحساس بالنقص لرد الاعتبار لنفسها، بصفتها ذاتاً منتجة بإمكانها منافسة الآخر في المكانة العالمية التي يحتلها”. ولاحظت أن بعض المقالات انتهت إلى عكس ما كانت ترمي إليه؛ “بسبب النقص المعرفي الذي يعاني منه كتابها في هذا المجال أو ذاك”. عملية جنينية ورأت أن من إيحابيات عمليات ترجمة الرواية المغربية إلى الفرنسية – المنخرطة في مسار ترجمة الأدب العربي الحديث إلى هذه اللغة – انتقال الذات المغربية إلى موقع المُرسِل، وانتزاعها بعض الاعتراف بتميز الكتابة العربية، ما يستوجب الحرص مستقبلاً على اختيار النماذج الروائية المتميزة. وتستطرد بالقول إن أي رهان على هذه العملية الجنينية بالشكل الذي تتم به حالياً، للدفع بعجلة طموح النسق الأدبي المغربي إلى تأكيد استقلاليته وتميزه، “يختزل عملية ترجمة الرواية المغربية في أهدافها الكبيرة؛ من قبيل فتح آفاق مستقبلية للأدب المغربي، محاربة المركزية الأوروبية – الأميركية في مجال الإبداع، وخلق حوار ثقافي حقيقي ومتكافئ بين المرسل والمستقبل، ويتغاضى عن معوقات العملية، وعن الشروط الموضوعية التي يجب أن تتوفر لها لتحقق ذلك”. إن عملية الترجمة من العربية إلى لغة غربية، في ظل اختلال موازين القوى بين العالم العربي والعالم الغربي، هي عملية معقدة ومتشابكة الأبعاد، يتداخل فيها الأدبي مع الثقافي العام والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والموروث التاريخي الممتد في الزمن، كما تؤكد فاتحة الطايب. ولعل من أهم المعوقات التي تحول دون تحقق ترجمة الرواية المغربية والعربية عموماً للأهداف المتوخاة منها، فصل الآخر / المستقبِل فصلاً تاماً بين القيمة الجمالية للنصوص الأصلية – التي لم يأل الناشرون والمترجمون وكتاب المقدمات والصحافيون جهداً في الإشادة بها – والنسق الذي انبثقت منه وتعيد تشكيله. وهذا يعني ضآلة تأثير الجانب الفني في تصور المترجمين والوسطاء الفرنسيين للذات والثقافة العربيين، وهو تصور مشروط بالعلاقة التاريخية بين الغرب والشرق العربي. فما سماه إدوارد سعيد بالشبكة العنكبوتية من العرقية، والتنميط الثقافي والامبريالية السياسية والعقائدية، التي تقضي على إنسانية الإنسان، وتأسر العربي تأسر أيضاً الرواية المغربية (والعربية عموماً) المترجمة إلى الفرنسية، وتحد من تأثيرها الإيجابي فنياً؛ إذ يتم تقديم الإنتاج المغربي للقارئ باللغة الفرنسية، من خلال مجمل التشويهات والصور المألوفة لديه عن العالم العربي، مضاعفة بتلك المتوارثة من ماض استعماري قريب. ولاحظت الباحثة أن دور النشر الفرنسية تعزو لجوءها إلى دور نشر محلية لنشر الروايات والكتب العربية، إلى محاولة التغلب على المصاعب المادية التي تواجهها بسبب التكلفة الباهظة للكتاب المترجم في مقابل خجل المبيعات. فهذه الدور تؤكد أنه يستحيل عليها تقريباً بيع إصداراتها من الكتب المترجمة في بلدان المغرب العربي ولبنان بثمن الغلاف، الذي يطالب به الموزع الفرنسي. وبما ن البيع بالثمن المحلي يعادل الإفلاس بالنسبة إلى هذه الدور فهي تحمي نفسها بالتعاون مع دور النشر المحلية، حينما لا تحصل على المساعدات المادية التي تمنحها لها مجموعة من المؤسسات والمعاهد الفرنسية والعربية. ويشار في هذا السياق إلى أن كثيرا من دور النشر الفرنسية لا تقدم على إصدار ترجمات للكتب العربية، إلا إذا تزامن ذلك مع حدث معين لتضمن إقبال قاعدة عريضة من القراء. ومع ذلك يطل أن الذات العربية هي أكبر مستهلك لإنتاجها المترجم إلى الفرنسية، مما يفيد أن النسق المرسل يصبح في حالة ترجمة الأدب العربي الحديث نسقاص مستقبِلاً أيضاً. إلا أن هذا الاستنتاج – تقول فاتحة الطايب – الذي يستوقف المتأمل في عملية ترجمة الإنتاج الروائي العربي عموماً، والإنتاج الروائي المغربي خصوصاً، لا يمنع من الإقرار بأن تكفل دور النشر الفرنسية بنشر ترجمات الروايات المغربية بتعاون مع دور النشر المغربية أو من دونه، يمنح حظوظاً أكبر لانتشار الأدب المغربي المترجم في الحقل الفرنكفوني، ما دام مصير الكتاب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنشر ص 169. يتألف الكتاب من مقدمة يليها تمهيد تحت عنوان “من أجل نقدٍ للأدب العربي المترجم”، ثم ثلاثة أبواب، يتناول عبر ثلاثة فصول أولها النصوص الأصلية وتمثيل الإنتاج الروائي المغربي في سياق قراءة في استقبال النصوص في نسقها الخاص. وجاء الباب الثاني تحت عنوان “الرواية المغربية المترجمة: تعدد الآفاق والمشاريع وواقع الإنجاز”، واشتمل على ثلاثة فصول وحمل الباب الثالث عنوان “خطاب الوساطة الصحافية”. ومن ضمن ما خلصت إليه الدراسة أن ترجمة الرواية المغربية إلى اللغة الفرنسية؛ “تتحدد إجمالاً بقانون العرض والطلب في ظل اختلال موازين القوى بين المرسِل والمستقبِل، كما تتحدد بالعلاقة التاريخية المعقدة والمتشابكة بين الغرب والشرق العربي الإسلامي بوجه خاص” ص 345. ورأت الباحثة في هذا الصدد أن اقتناع الذات بقدرتها على الإنتاج تحد من فعاليته رغبتها الشديدة في الظهور في مرآة الآخر؛ نتيجة وعيها بالمسافة الفاصلة بين النسق الذي تنتمي إليه والنسق الغربي. وخلصت هنا إلى أن مقاومة هذه الرغبة التي تؤدي إلى التساهل وغض الطرف عن مجموعة من الإساءات، ربما تمثل بداية التصالح مع النفس، وتأسيس علاقة صحية ومفيدة مع الآخر. المزيد عن: الترجمةاللغة الفرنسيةالأدب المغربيالروايةدراسةأوروباالذاتالآخرمولييرالحضارة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الأكاديمية الفرنسية تمتنع عن ضم جول فيرن 42 مرة next post ما بين الجولاني الراديكالي وأحمد الشرع “السياسي” You may also like مهى سلطان تكتب عن: جدلية العلاقة بين ابن... 27 ديسمبر، 2024 جون هستون أغوى هوليوود “الشعبية” بتحف الأدب النخبوي 27 ديسمبر، 2024 10 أفلام عربية وعالمية تصدّرت المشهد السينمائي في... 27 ديسمبر، 2024 فريد الأطرش في خمسين رحيله… أربع ملاحظات لإنصاف... 27 ديسمبر، 2024 مطربون ومطربات غنوا “الأسدين” والرافضون حاربهم النظام 27 ديسمبر، 2024 “عيب”.. زوجة راغب علامة تعلق على “هجوم أنصار... 26 ديسمبر، 2024 رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري… الراسخ في... 26 ديسمبر، 2024 محمد حجيري يكتب عن: جنبلاط أهدى الشرع “تاريخ... 26 ديسمبر، 2024 دراما من فوكنر تحولت بقلم كامو إلى مسرحية... 26 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يتابع الكتابة عن العودة إلى دمشق:... 26 ديسمبر، 2024