بأقلامهمعربي عبد الرَّحمن بسيسو : قَبْوٌ وَقُبَّة (8) by admin 23 سبتمبر، 2019 written by admin 23 سبتمبر، 2019 105 “الْعَربُ يَقْبَعُونَ فِي دَيَامِيْسِ أَقْبِيَةٍ مُعْتِمَةٍ بِلَا قَرارْ، وَعَلى مُثَقَّفِيهِم الْحَقِيقِيِّينَ، الْمُنتْتَمِينَ الأَوْفِيَاءْ، وَاجِبُ جَعْلِهَا قِبَابَاً مُنِيْرة” قَبْوٌ وَقُبَّة (8) حَالُ الثَّقَافَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَأَحْوَالِ تَجَمُّعَاتِ الْعَربْ “… وقَدْ كَانَ أَنْ سُمِّيتْ تِلْكَ الكياناتُ الْهَشَّةُ، “دِوِلاً وَطَنِيَّة”، أَوْ دُعِيَتْ “ممَالِكَ”، أو “إِمَاراتٍ، أو زُعِمَ أنَّها “سَلْطَنَاتٍ” و”جُمهُوريَّات”، وَكَانَ أنْ أُسْقِطَتْ عَلَى رُؤوسِ رُؤوسِهَا، وَعَلَى وُجُوهِهم، أَسْمَاءٌ وصِفَاتٌ وَأَلْقَابٌ وأَقْنِعةٌ تَبْجِيلِيِّةٌ تَتَوخَّى تَرْمِيْزَهَا، وتَرْمِيْزِهم، وَذلِك لِتَغْطِيةِ هَشَاشَتِهَا، وتَبْرير طُغْيَانِهِم، وتَأبيدِ تَخَلُّفِهم” *** لَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ إِمْكَانِيَّةٍ فِعْلِيَّةٍ لِلْكَلَامِ عَلَى حَالِ الثَّقَافَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فِي زَمَنِنَا الرَّاهِنِ، مِنْ دُونِ الْبِدْءِ بِتَنَاوُلِ أَحْوَالِ “الْمُجْتَمَعَاتِ” الْعَرَبِيَّة وإدراكِهَا: عُمْقَاً، وامْتِدَادَاً، ومُمْكِنَاتِ مُسْتَقْبَلٍ، وَآفَاقَ وُجُودٍ، وتَحْوِيلِ هَذَا الإِدْرَاكِ الْعَمِيقِ إِلَى خُلَاصَاتٍ مَعْرِفيَّةٍ مُؤَصَّلَةٍ، تُضِيءُ الْوَاقِعَ الظَّلَاميِّ الاستبداديِّ الْقَائِمَ، وَتَفِتَحُ أَمَامَ أَهْلِ بِلادِ الْعَرب سُّبَلَ إدْراكِ وَاقِعٍ تَحرُّرِيٍّ انْعِتَاقيٍّ، مُنِيرٍ ومُمْكِنْ. ولعَلَّه يَكُونُ من الْأَصَحِّ والأصَوبِ، بَادِئَ ذِي بَدْءٍ، أنْ نَسْتَبْدِلَ عبارة أَحْوالِ التَّجَمُّعَاتِ الْأَهْلِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ بِعبارة “أَحْوَالِ الْمُجْتَمَعَاتِ الْعَرَبِيَّة”، ليَشْمُلَ الأمرُ إخَضَاعَ جَميعَ مَا يُسَمَّى تَجَاوُزاً، ورُبَّمَا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ الحَالِمِ أو الْوَعيِّ الزَّائفِ، بـ “الدِّوَلَ الْعَربِيَّةَ”، عَلَى تَعَدُّدِ تَشَكُّلاتِهَا الْمُجْتَمَعِيَّةِ الأَسَاسِيَّة الْقَائِمةِ الآن، وَعَلَى تَنَوُّعِهَا، وتَغَايَرِ مُسْتَوَيَاتِهَا، وتَبَاينِ دَرجَات تَعَقُّدِ بُنَاهَا، واخْتلافِ تَعْريفَاتِهَا مِنْ مَنْظُوراتِ الْعُلومِ الإنْسَانِيَّة ذَاتِ الصِّلةِ، إلى التَّشْخِيْصِ التَّفصِيليِّ والتَّحْلِيلِ الْمَنْهجيِّ ذِي المَدَاخِلِ الْمَعْرِفيَّة المُتَنَوِّعة الَّتي تَبْدَأُ بِعِلْم الإِنَاسَةِ عَلَى تَنوُّع مَجَالَاتهِ وتَعَدُّد تَفرُّعَاتِها، والَّتِي لا تَنْتَهي بِعُلُوم الحَضَارة والتَّاريخِ واللُّغَة والاجْتِمَاعِ والنَّفْسِ والاقْتصادِ والإدارة والسِّيَاسة، وإنِّمَا تَشْمُلُ عَدِيْدَاً غيرها من العُلومِ التَّأْسِيسِيَّة ذاتِ الصِّلة. وَلِذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُؤَسِّسَ، في ضَوءِ مَا أَدْرَكَهُ التَّشْخِيصُ الْعَمِيقُ، والتَّحْلِيْلُ الرَّصينُ، مِنْ مُعَطَياتٍ وحَقَائِقَ وخُلاصَاتٍ مَعْرفِيَّةٍ مُؤَصَّلَةٍ، القَاعِدَةَ الأساسيَّة الرَّاسِخة لِإِعْمَالِ النَّقْدِ الثَّقَافيِّ الشَّامِلِ والمُتَكَامِلِ، والمُؤسَّسِ، طِيْلةَ الْوَقْتِ، عَلَى إِعْمَالِ مَنْهجِ النَّقْدِ الْجَذْريِّ الرَّصِينِ بِأَسَالِيبِهِ وإِجْراءَاتِهِ وَأَدَوَاتِهِ الْعِلْمِيَّة المُجَرَّبة والمُعْتَمدة، في كُلِّ مُعْطىً وَظَاهِرةٍ وَشَيءْ. ومَا ذَلكَ إلَّا لِبَلْوَرَةِ خُلَاصِاتٍ مَعرفيَّة نَقْدِيَّةٍ مُؤصَّلةٍ يُمْكنُ الْوُثُوقُ فِيْهَا عِنْدَ الشُّرُوعِ، اسْتِنَادَاً إِلَيْهَا، في بَلْوَرَةِ رُؤْيةٍ مُسْتقبَلِيَّةٍ تُضِيءُ خَطْوَ التَّواقِين مِنَ العَربِ، ومِنْ أَهْلِ بِلَاد العَرَبِ، إلى مُغَادَرَةِ دَيَامِيسِ الْأَقْبِية السَّوْدَاءِ، إذْ تُمَكِّنُهُمْ مِنَ الشُّروعِ في الخَطْوِ الْواثِقِ صَوبَ مَنَاراتِ الْقِبَابِ، وَمِنَ الجَوسِ الْفَاعِلِ فِي مَجَالاَتها الْحَيَويةِ المُفْعَمةِ بِالْوَعيِّ الإنْسَانِيِّ الحقيقيِّ الذي يَتَكَفَّلُ بِتَحْفيزِ مَالِكِيهِ مِنَ النَّاس عَلَى إنْهاضِ حِرَاكٍ يُمَكِّنهم، عَبْرَ الْفِعْلِ الإنْسَانيِّ الْجَمْعِيِّ، من إدْراكٍ مُسْتَقَبلٍ إنْسَانيٍّ، مُنِيرٍ، وَمُمْكِنٍ، ومَفْتُوحٍ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مَفْتُوح. وَلِئِن كانَ ثَمَّةَ كِيَانَاتٌ اجتماعيَّةٌ وسِيَاسِيَّةٌ، قَائِمَةٌ الآنَ في بِلَادِ الْعَرب، وجَدِيْرةٌ، بِدَرجَةٍ أو بِأُخْرى، بِأَنْ تُسَمَّى “مُجْتَمَعاتٍ” و”دُوَلاً”، فَإِنَّ عَدَدَهَا لا يَعْدُوَ، في الأَرْبِعِ الْجِهَاتِ، عَددَ أَصَابعِ الْيَدِ أو مَا يَزِيدُ، بِأَقَلِّ مِنْهُ، عَلَيْه. ثُمَّ إِنَّ أغْلَبَ هَذِهِ الْكِيَانَاتِ الْهَشَّةِ قَدْ شَرعَ، لأَسْبَابَ عَدِيدةٍ ومُتَدَاخِلَةٍ، فِي فُقْدَانِ الْمَعَايِيرِ التي تُؤَهِّلهُ لمُتَابَعَةِ الاحْتِفَاظِ بِأيٍّ مِنَ اللَّقَبِينِ الاصْطِلَاحِيَّينِ: “المُجْتَمع” و”الدَّولة“، المَوْرُوثِين، مُنْذَ أَزْمِنَةٍ حَضَارِيَّةٍ تَارِيْخِيَّة أَوْغَلتْ فِي قِدَمٍ شَرَعَ، بِدَوْرِهِ، ومُنْذُ زَمَنٍ بَعِيْدٍ، فِي اكْتِسَابِ هَشَاشَة الحُضُور، وَالانْزِوَاءِ، ومَنْ ثَمَّ التَّلاشِي! وَبِطَبِيْعةِ الْحَالِ، فّإَنَّ هَذِهِ الخُلَاصَّةَ الَّتي أَصَّلَتْهَا بُحُوثٌ ودراساتٌ عَدِيْدَةٌ، مُعَمَّقَةٌ ومُتَنّوِّعَةُ المْنَاهِج والمجَالاتِ والمَدَاخِلِ، لَيْسَتْ فِي حَاجَةٍ إِلى مزيدٍ من التَّفحُصِ والتَّدقِيقِ والْبَرْهَنة، غَيرَ أنَّها تَبْقَى مَفْتُوحَةً للتَّأصِيْلِ الْمَعْرفيِّ مِنْ مَنْظُوراتٍ ومَدَاخَلَ وَزَوايَا تَبَصُّرٍ لَمْ يَسْبِقُ إعْمَالُهَا. وَلَعَلَّنَا نُقْدِمُ عَلَى تَنَاولِ هَذَا الأَمْرِ في مَقَالاتٍ قَادِمَةٍ، دَاعِينَ البَاحِثينَ والْكُتَابَ إلى مُتابعة الإسْهَامِ في تَنَاوُلِهِ لإضَاءَةِ ما يَحْتَاجُ إِلى مزيدٍ مِنَ الإِضَاءَة مِنْ جَوانِبِ مُسَبِّبَاتِهِ الفِعْلِيَّة، ولا سيَّما لِجِهَةِ الدَّورِ الَّذِي لعبتهُ السُّلْطَاتُ السِّياسيِّة والْعَسْكريَّة الحَاكِمةُ في الأَعَمِّ الْأَغْلَبِ من بِلَادِ الْعَرَبِ، في جَعلِ كِيَانَاتِ هّذه “الدُّولِ العَربيَّة!” مَحضَ كَياناتٍ سُلْطَوِيَّة هّشَّة ذَاتِ هَيَاِكَلَ فَارغِةٍ إلَّا مِنِ الاسْتِبْدَادِ بِالشَّعْبِ الَّذِي تَحْكُمُهُ، والتَّبعِيَّة والارْتِهَانِ لِقُوى الرَّأسماليِّة العَالميِّة الاستعماريِّة المُتَوحِّشة، المُهَيْمِنةِ بإطلاقٍ عَلَيْهَا مُذْ أَنْشَأَتْها، لِتَتَحَكَّم، بإطْلاقٍ أَيْضَاً، بِشَتَّى مَوارِدِ الْأَرِضِ الَّتي جُعِلَتْ حَيِّزاً جُغْرَافيَّاً لِتْجِسِيدِ كِيَانَاتِهَا السِّيَاسيِّة المُصْطَنَعَة. وفي ظلِّ ما يَسِمُ أحَوالَ هَذِهِ الكيانات مِنْ تَجْزِئةٍ وتفَتُّتٍ، وتَبَعِيَّة ووصَايَةٍ، وقُصُورٍ وحَجْرٍ، ومِنْ اسْتِمْرَاءِ مُتَمَادٍ فِي وَضْعِيَّة الاسْتِهْلَاكِ البَهِيْمِيِّ، والنُّكُوصِ عَنِ الإنْتَاجِ، والإِمْعَانِ فِي تَغْيِيبِ الْعَقِلِ إِلَى حَدِّ تحريم إعْمَالهِ، وَذَلِكَ عَلَى نَحْوٍ يَتَسَاوَقُ مَعْ تَحْريم الإِقْدامِ على أيِّ فِعْلٍ إِنْسَانِيٍّ خَلَّاقٍ وَمُغَيِّر، فِيمَا يُمْعِنُ في تَعْزِيْزِ هَيْمَنةَ أَنْظِمة الْقَمْعِ والْكَبْحِ والتَّحْريم والْمَنْعِ وشتَّى التَّابُوات، سَوفَ لَنْ تَتَوفَّرَ، في ظَلَّ هذا الحَالِ الْكِيَانيِّ الْحَالكِ، أَيُّ إِمْكَانِيَّةٍ فِعْلِيَّة للكلامِ عَلَى حَالِ الثَّقَافَةِ العَرَبِيَّة، مَهْدُورةِ الماءِ وَمُطْفأةِ الْجَذْوةِ، دُونَ الْكَلَامِ عَلَى المِقْصَلةِ المَنْصُوبَةِ لَجزِّ رَأْسِ الثَّقَافَةِ وَرُؤًوسِ المُثَقَّفينِ ونِتَاجَاتِ عُقُولِهم، مُنْذُ زَمَنِ “الاسْتِقْلَالِ” وإنشْاءِ ما تَيَسَّر من “الأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّة” وإعلانِ قِيَامِ ما أُرِيْدَ لهُ أَنْ يَقُومَ مِنَ كياناتٍ هّشَّةٍ، مَنزوعةِ الاستقلاليَّة والسِّيادةِ وعديمةِ الصِّدْقِيَّة الْوَطَنيَّة والإنْسَانِيَّة، لِيَتكَرَّسَ حُضُورُهُا طَاغِيَاً في الْوَهْمِ الرَّغْبَويِّ الشَّعْبِيِّ، وَفِي الْوَاقِعِ الْمُجْتَمَعِيِّ الْمَحَلِّيِّ الْمَحْكُومُةِ قُوَاهُ المُتَنَفِّذةَ بِخِدْمَةِ الْمَصَالِحِ العَشَائِرِيَّةِ والْقَبَليِّةِ، أو الطَّبَقِيَّة، أَوْ الْحِزْبِيَّة الآيدْيُولُوجِيّةِ الْمُغْلَقَةِ عَلَى نَفْسِهَا، والمُتَسَاوقةِ، في كُلِّ حَالٍ وَإنْ على نَحْوٍ مُبَاشِر أو غَيْرِ مُبَاشِرٍ، أَمَقْصُودَاً كَانَ أَم غَيرِ مَقْصُودٍ، مَعْ مَصَالِحِ المُسْتَعْمِرِ الأَجنَبيِّ وقُوَىَ الرَّأْسماليَّة الاسْتِعْمَارِيَّة المُتَوَحِّشَةِ الَّتِي هِيَ، فِي خُلَاصَةِ أيِّ تَحْلِيلٍ سُوسْيُوسِياسِيٍّ، أَوْ اقْتِصَادِيٍّ أَوْ ثَقَافِيٍّ، أَوْ تَارِيْخِيٍّ رَصِينٍ، النَّقِيضُ الْجّذْريُّ لِمَصَالِحِ الأَوْطَانِ، والشُّعُوبِ، وأحْرَارِ النَّاس. وقَدْ كَانَ أَنْ سُمِّيتْ تِلْكَ الكياناتُ الْهَشَّةُ، “دِوِلاً وَطَنِيَّة”، أَوْ دُعِيَتْ “ممَالِكَ”، أو “إِمَاراتٍ، أو زُعِمَ أنَّها “سَلْطَنَاتٍ” و”جُمهُوريَّات”، وَكَانَ أنْ أُسْقِطَتْ عَلَى رُؤوسِ رُؤوسِهَا، وَعَلَى وُجُوهِهم، أَسْمَاءٌ وصِفَاتٌ وَأَلْقَابٌ وأَقْنِعةٌ تَبْجِيلِيِّةٌ تَتَوخَّى تَرْمِيْزَهَا وتَرْمِيْزِهم، وَذلِك لِتَغْطِيةِ هَشَاشَتِهَا وتَبْرير طُغْيَانِهِم، وَتَأبِيدِ تَخَلُّفِهِم، فَاسْتَوْجَبَ عَجْزُ التَّرميز عَنْ تَغْطِيةِ هَذِهِ الْهَشَاشَةِ وتبرير هَذَا الطُّغْيَان، إزاءَ ما يَتَجلَّى في الواقعِ الْفِعِليِّ مِنْ حَقَائِقَ صَادِمَةٍ تُنَاقِضُ دلالات الرُّموز، أَنْ تُغَطِّي تَلْكَ الْكِيَانَاتُ نَفْسَهَا، بآيدْيُولُوجِيَّاتٍ مُصْطَنَعَةٍ زَائِفَةٍ، تَتَعَدَّدُ أَرْدِيَتُهَا وتَتَنَوَّعُ، غَيرَ أنَّهَا تَتَغَطَّى، جَميْعَاً، بِمُمَارسَة الاضْظِهَاد والْقَمْعِ والاسْتِبْدَادِ التَّوَحُّشيِّ الْأَعْمَى عَلَى نَحْوٍ بَدَتْ مَعْه هَذِهِ الُممَارسَةُ غَايَةَ ذَاتِهَا، فَكَانَ أَنْ نَصِبَتْ الْمَقَاصِلُ والْمَشَانِقُ وَآسْتُلَّتِ السُّيُوفُ، بِالْمَعْنَيَنِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازيِّ، لـ “إِعْدَامِ الثَّقَافَة والمثقَّفين” الحَقِيقِيِّين، بَلْ وإعْدامِ الْإِنْسَانِ الْحُرِّ الْكَريمِ، والْمُبْدِعِينَ الخَلَّاقينَ، والمُفَكِّرينَ الْحَقِيْقِيِّين، الدِّيمُوقْرَاطِيْيِّنَ النَّهْضَوِيينَ الْعُضْوِيينَ، طَوَال مَا يَزِيْدُ عَلَى نَصِفِ قَرنٍ ونَيِّفٍ مِنَ الزَّمَانِ الظَّلاميِّ الاسْتِبْدَادِيِّ الْأَسْوَدْ! وَإذْ يَقُولُ واقِعُ الحَالِ الْقَائِمِ الآنَ في بِلَادِ العَرَبِ إِنَّ الأعمَّ الأغلبَ مِنْ هَذِهِ “الْكِيَاناتِ العَرَبيَّة المُصَنَّعَة” لا يَتَوافَرُ عَلَى مَا يَجْعَلُهُ قَابِلَاً لأَنْ يَصِيرَ “مُجْتَمَعَاً مَدَنِيَّاً”، نَاهيكَ عَنْ أَنْ يَكونَ كِيَاناً حَقِيقِيَّاً ذَا وُجُودٍ مُتَعّيَّنٍ يُؤَسِّسُ لاستمرار وُجُودِهِ عِنَدَ انْتِفَاءِ الحَاجَات الوظيفيَّة، أَوْ عُقْبَ تَحَقُّق الغَايَاتِ الاسْتِغْلالِيَّة، الَّتي أَمْلَتْ تصنيعَهُ وإيْجَاده، سَيَكونُ من نافِلِ القَولِ أنْ نذهّبَ إلى إعادةِ تَأْكِيدِ الخُلاصةِ المنطقيَّة الَّتي تَقُولُ إنَّ الفَراغَ لا يُنْتِجُ سِوى الْفَراغ، وأَنْ لَيْسَ لِهَيَاكِلَ سُلْطَويَّة غَاشِمَةٍ أنْ تُسْفرَ عن شَيءٍ، أو أنْ تُنتجَ شيئاً، سِوَى الاسْتِبْدادِ الغَاشِمْ الَّذِي يُمَكِّنَها، وَحْدَهُ، من أَدَاءِ وظَائِفِهَا وتحقيق غَايَاتِ تَصْنِيعِها الَّتِي أَوْجَبَتْ فَرْضَهَا من قِبَلِ قُوى الرَّاسماليَّة الاستعماريَّة العَالَمِيَّةِ المَهَيْمِنَةِ، وذاتِ الذُّيُول المَحَلِّيَّة الْمَحْكُومَةِ بِمَصَالِحِهَا الضَّيِّقَة الرَّخيصة، على حَركةِ الحَيَا’ةِ ومَسَاراتِ التَّاريخِ، وعلى خَيَاراتِ الأَعَمِّ الأَغْلَبِ مِنْ قَاطِني الدِّيْمَاسِ العَرَبِيِّ الجَحِيميِّ الْمَحْكُومِينَ بِوَعيٍّ ظَلامِيٍّ زائِفٍ يُغّيِّبُ الْحَيَاةَ إذْ يُغيِّبُ شَتَّى مَلَكَاتِ الْعَقْلِ، وإذْ يَكْسِرُ أَجْنِحَةِ الخَيَالَ، وإذْ يَسُدُّ كُوى الدَّيَامِيسِ والأَقْبِيَةِ السَّودَاءِ على قَاطِنِيها المُحْتَجَزينِ في سَراديبها، جَاعِلاً من واقِعِهمِ الْقَائِمِ جَحِيْمَاً، وَمِنْ أَحْلَامِهمِ الْمُمْكَنةِ مَحْضَ انْتَظَاراتٍ مَهِيْضَةٍ، وكَوابِيسَ! 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “وردة الأنموروك” لعوّاد علي.. عندما عاتب الأرمن السماء: “أين كنتَ يا الله”؟ next post سياسيون وصحافيون لبنانيون يتضامنون مع “نداء الوطن”… حرية الصحافة مقدسة You may also like ساطع نورالدين يكتب عن: رئيسٌ للبنان..بالتوافقِ الأميركيِ الفرنسيِ... 2 يناير، 2025 كاري أي. لي تكتب عن: مفارقة الردع بين... 2 يناير، 2025 أسلحة سوريا الكيماوية لا تزال في مخازنها 2 يناير، 2025 مايكل هوروفيتز يكتب عن: إسرائيل في الشرق الأوسط... 1 يناير، 2025 حسام عيتاني يكتب عن: الناس بعد تغيير الخرائط 1 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: «طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»:... 1 يناير، 2025 السبيل إلى سوريا أفضل حالا 1 يناير، 2025 غسان شربل يكتب عن: رجال ومنعطفات وبصمات 30 ديسمبر، 2024 بيل ترو تكتب عن: كيف قضى ثوار سوريا... 29 ديسمبر، 2024 كاميليا انتخابي فرد تكتب عن: ما يرد في... 29 ديسمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.