يكشف المعرض الجديد عن كواليس فيلم فنسنت ومعظم الأفلام الطويلة التي أخرجها برتون (رويترز) ثقافة و فنون “عالم تيم برتون” ينسج ملاذا لغريبي الأطوار by admin 9 ديسمبر، 2024 written by admin 9 ديسمبر، 2024 14 يعرض متحف التصميم في لندن أرشيف صانع الأفلام الشهير الذي أخرج أعمالاً كلاسيكية تنتمي إلى النوع السوداوي والمرعب، مثل “بيتيل جوس” و”باتمان” و”إدوارد سيزورهاندز”. والمعرض مخيف وجميل فضلاً عن أنه أهم معارض العام. اندبندنت عربية / آدم وايت صحافي @__adamwhite تيم برتون يفضل نوعاً معيناً من النساء. وامرأته المثالية شاحبة البشرة وممشوقة القوام، شفتاها حمراوان قانيتان وعيناها لوزيتان واسعتان. وهي مغطاة بخيوط العنكبوت بكل تأكيد. ولا يخلُ أي مكان في معرض برتون الهائل من صورة هذه المرأة التي قد تقولون إنها جثة عروس، إذ تجد رسوماً لها خُطت عبر عشرات السنين في دفاتر الرسم وعلى قرطاسية الفنادق والمناديل الورقية وأوراق الدفاتر الممزقة، حتى تكاد تصبح لازمة مرحة. نعم، هنا يمكنك مشاهدة الأيدي ذات المقصات الحقيقية من فيلم إدوارد ذي الأيدي المقصات (إدوارد سيزورهاندز) والاطلاع أيضاً على رسم بسيط لامرأة ميتة ذات ملامح مبالغ فيها ذات صدر عارم!. فإذاً، لا يصطحبنا معرض عالم تيم برتون في جولة عبر مسار التطور المذهل الذي مر به الرجل على مر السنين، بل إن هذا المعرض الذي يترقبه الجميع والذي حطم أرقام المتحف القياسية من ناحية مبيعات التذاكر المسبقة والمستمر لغاية أبريل (نيسان) عام 2025، يعتبر احتفالاً بالشعار القديم: “إن لم يكُن مكسوراً، فلا تصلحه”. ويعتبر المعرض شهادة على عمل صانع أفلام كان إبداعه الأصلي لافتاً جداً في ما مضى، ومع أنه لم يقدم جديداً منذ فترة، إلا أنه ماهر جداً في ما يعني مجموعة خاصة من الأنماط. كائنات غريبة الأطوار! كائنات خارجة عن المألوف! وأشياء جنسية تناسب الشخصيات القوطية الموجودة في حياتكم والمختبئة في الظلال! قلة من أفلام الاستوديوهات الهوليودية نجحت في مخاطبة الغرابة بلا حرج ولا خجل أكثر من فيلمه الحساس إيد وود أو فيلمي باتمان الغريبين اللذين أخرجهما. عندما يقدم عملاً متقناً، يكون إنتاجه بارعاً. ربما حالف الحظ معرض عالم تيم برتون من ناحية توقيته المناسب- إذ ربما لم يكُن لينجح لو افتتح بعد فيلم دامبو الذي خرج مثيراً للضحك من بين أيدي برتون بعد أن أعاد تصويره عام 2019، وليس فيلم بيتلجوس بيتلجوس الذي عرض في سبتمبر (أيلول) الماضي وسجل عودة لنمطه المعتاد. وعلى أي حال، فها نحن أمام معرض العام. في يوم دافئ من منتصف الأسبوع في كنزينغتون، غرب لندن، يسير برتون بخطوات هادئة ليدخل الصالة الرئيسة في متحف التصميم. ويبدو الرجل مرتباً أكثر مما قد يتوقع المرء، لا سيما إن كنتم تذكرون ذلك الرجل الغريب أشعث الشعر الذي كانه منذ 30 عاماً. أما اليوم فالشعر مروض ومصفف ليصبح أجعد مرتباً، والبدلة مفصلة على مقاس الجسم تماماً بينما لمحة الغرابة الوحيدة في مظهره هي جواربه البيضاء والسوداء ذات نقش اللولبي. رسم بسيط لشخصية إدوارد سيزورهاندز وضعه برتون قبل بداية إنتاج فيلمه (استوديوهات توينتيث سينشري فوكس) ويقول لجمع من الصحافيين “عندما تجولت في أنحاء المعرض، شعرت بأنني أسير في بيت مرح غريب وجميل في الملاهي، إما بسبب الإضاءة أو الفنغ شوي أو أي شيء آخر- تلك الانسيابية. شعرت بأن الهدوء حل علي”. تنساب من صوت برتون نبرة أشبه براكب الأمواج- نبرة مقتضبة قريبة من صوت كيانو ريفز وتفوح منها رائحة كاليفورنيا. وليس ذلك مفاجئاً. فالرجل البالغ من العمر 66 سنة ولد هناك، ويعرف عنه أنه شعر في شبابه بالاشمئزاز من المنازل النموذجية المتشابهة ومن الضيق الذي تسببه الشمس في مسقط رأسه، ضاحية بربانك المحاذية لهوليوود في لوس أنجليس. ومنحه الظلام ملاذاً. وبدأ بمشاهدة أفلام من الدرجة الثانية وأفلام يمثل فيها فنسنت برايس، قبل أن يقرر أن يصنعها بنفسه. وأضافت مديرة المعرض ماريا ماك لينتوك التي انضمت إلى برتون على خشبة المسرح أن الفيلم القصير فنسنت (1982) الذي أخرجه برتون في بداياته عن صبي بعمر السابعة يحاول الهروب من واقعه الرتيب، هو أكثر فيلم يوجز نظرة المخرج. وقالت “فيه كل شيء، إذ لديك الصبي الصغير المنبوذ من مجتمع يسيء فهمه، وهو يريد أن يصبح فنسنت برايس. يحب الصبي شقيقته وكلبه وقططه لكنه يفضل قضاء الوقت مع العناكب والوطاويط”. يكشف المعرض الجديد عن كواليس فيلم فنسنت ومعظم الأفلام الطويلة التي أخرجها برتون، وهو يجمع الأزياء والأدوات التي استخدمت فيها وتذكارات من بداية حياته ومسيرة أكثر من 40 عاماً في عالم السينما. وهذه هي المحطة الأخيرة في جولة المعرض العالمية، إذ وصل إلى اليابان وإيطاليا منذ بداية تنقله عام 2014- وفيما لم تحصل أي مدينة أخرى على ملابس المرأة القطة (Catwoman) الممزقة التي أعيدت خياطتها كيفما اتفق وارتدتها ميشيل فايفر في فيلمه “عودة باتمان” الصادر عام 1992، تعرض هذه الملابس المخيفة هنا. في حديثه إلى الصحافة، أشار برتون إلى شعوره بالانفصال بعض الشيء عن المعرض حتى اللحظة وقلقه من استضافته في لندن، منزله الثاني منذ أكثر من 20 عاماً. وقال شارحاً رأيه “ربما أكون أكثر حساسية مما اعتقدت. (فالمعرض) كان على وشك ألا يصبح حقيقياً- إذ تنقل بين أماكن مختلفة ولذلك لم يصبح حقيقة فعلاً (بالنسبة لي)”. رسم بعنوان “محاصر” لتيم برتون يعرض في معرض لندن (تيم برتون) يمكن للمرء أن يتفهم تردده. فعالم تيم برتون يبدو للناظر كمن يسبر أغوار روح المخرج، وهو يعرض نموذجاً واقعياً يحاكي مكان عمله في المنزل، وتذكارات شخصية من أرشيفه، وأشياء ربما لم يكُن من المفترض أن تظهر في العلن أبداً. وهو يتضمن كذلك نماذج مصغرة من إنتاج جثة عروس ومحاولته الفاشلة في صناعة فيلم “سوبرمان” في تسعينيات القرن الماضي (كان من المفترض أن يؤدي نيكولاس كايج دور البطولة)، والفستان الذي ارتدته جينا أورتيغا لتمثيل مشهد الرقص في فيلم “وينزداي” المنبثق من فيلم “عائلة آدامز” الذي أنتجه برتون، وملابس مرسومة باليد من “سليبي هولو”، وقطعاً فنية متقنة مستوحاة من عمله. لكن أبرز ما في المعرض هو الرسوم والخربشات الخاصة التي تغطي جدارين من المتحف وتملؤهما شخصيات الأموات الأحياء والسخافات والنكات الداخلية. وتجد منديلاً عليه رسم شخصين يتدليان من شجرة في يوم مشمس، وسيدة أخرى صدرها عارم كُتبت جنبها كلمات “لوست فيغاس” (فيغاس الضائعة) وعبارة “تي هي” مكتوبة فوق رسم رجل يحترق. ورسم برتون على ورق قرطاسية من فندق ريتز في باريس رجالاً أمواتاً وأرانب يقدمون الخمر بألوان الأسود والأحمر والأزرق. في كل ذلك غرابة طفولية. يحب برتون النكات السوداوية وبعض القص والتلزيق- إحدى الرسومات الأولية لكائن فضائي وضعها تحضيراً لفيلمه الكوميدي “هجمات من المريخ!” الذي أخرجه عام 1996 أُلصق فيها ورق كرتون لامع خلف رأس رجل فضائي يشبه كيس الصفن المقلوب. ويبدو أنه معجب بالأقلام البراقة. ربما تغذي هذه السذاجة إعجاب الأجيال المختلفة به. كانت أعمال برتون على الدوام تحمل مزيجاً من الشقاوة والبراءة وغالباً ما يُصور هذا المزيج بصورة غير واضحة لا يمكن للصغار أن يفهموها إجمالاً. مثلاً، يشكل فيلم “عودة باتمان” من إحدى النواحي قصة بطل خارق يحارب الأشرار التواقين إلى الاستيلاء على مدينة. لكن إن أعدت مشاهدته بعد أن تتخطى عمر التاسعة أو العاشرة تجد فيه مشهدية عنيفة وصادمة تعرض تشويهاً خلقياً مرعباً واختلالات جنسية وممارسات هيمنة وسادية ومازوخية. هل بُنيت أي شخصية في أي فيلم على الإطلاق على مزيج العنف والإثارة الجنسية الذي قدمته فايفر بدور المرأة القطة التي تزداد عتهاً؟. وقال برتون للصحافة “لم أعلم أبداً من يكون جمهوري. حتى في البدايات، كانت التعليقات التي تأتيني من الناس إما ‘آه، أنت تصنع هذا العمل للأطفال’ أو ‘كلا، هذا لا يناسب الأطفال بتاتاً'”. كما قيل له إن فيلم الرعب الغنائي الذي أنتجه عام 1994 كابوس قبل عيد الميلاد، واستند إلى الشعر الذي كتبه في بداياته، لن يلقَ استحساناً من الأطفال وإن عودة باتمان “مخيف جداً” للجمهور الفتي. وأردف “كنت دائماً في حيرة من أمري. لم أستهدف أي شيء فعلاً وكثيراً ما تفاجأت إزاء إعجاب الصغار أو الكبار أو أي أحد بالعمل”. ومع أنه تفادى التعبير المباشر عن ندمه على إنجاز أي عمل، ألمح برتون إلى سنوات الركود الإبداعي التي مر بها، مشيراً إلى شعوره بـ”الطاقة المتجددة” بعد سلسلتي “وينزداي” و”بيتلجوس” اللذين حققا نجاحاً إبداعياً وتجارياً. لكن المعرض نفسه لا يفصل بين إخفاقاته ونجاحاته الكلاسيكية- طبعاً، لا وجود في المعرض لفيلم “كوكب القردة” الرهيب الذي أعاد إنتاجه، لكن “إيد وود” غير موجود كذلك، بحسب ما رأيت. إنما اللافت هو أن الرسمات الأولية التي وضعها في مرحلة ما قبل إنتاج فيلم “دامبو”- وهي تجربة قارنها بـ”السيرك الكبير المريع” الذي كان “بحاجة إلى الفرار منه”- أشبه بكتل غليظة ومملة وتغيب عنها التفاصيل بصورة غريبة. والفيل نفسه لا يعدو كونه كتلة رمادية؛ فيما تتألف الخيمة التي وضع داخلها من خطوط سميكة من التلوين الأحمر والأزرق. وتغيب عنها تماماً التفاصيل الأنيقة الموجودة في رسوم “إدوارد سيزورهاندز” التي وضعها برتون في مرحلة أولية- مع الشعر الأحمر الناري الذي يشبه شعر روبرت سميث من فرقة ذا كيور، والعيون ذات النظرات الثاقبة. يا للراحة إذاً أنه وجد طريق العودة لمساره. إن كان عالم تيم برتون يذكرنا بأي شيء، فهو أن صانع الأفلام هو أحد أهم المواهب الحية- رجل اكتسبت مقاربته غير التقليدية لفن الرواية والتصميم شعبية إلى درجة غير معتادة سهلت أمر اعتباره من المسلمات. من المناسب كذلك أن يستضيف متحف التصميم أعمال برتون بالتزامن مع قرب انتهاء معرض “باربي” الضخم في المتحف. يمكنكم أن تعتبروا المعرضين تجسيداً- بعبارات عامة غير مصقولة طبعاً- لازدواجية الإنسان. فأحدهما موجه للأفراد المذهبين المصقولين والآخر لغريبي الأطوار. وكم من الرائع أننا نعيش في زمن يمكننا فيه الحصول على الوجهين. معرض عالم تيم برتون مستمر في متحف التصميم في لندن حتى 21 أبريل (نيسان) © The Independent المزيد عن: تيم برتونمسلسل وينزدايمعارض فنيةكوكب القردةعودة باتمانالغرابةالأزياء السينمائيةمتحف التصميم في لندنالمسلسلات الخياليةالأعمال الإبداعيةالفن القوطي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post مؤشر جديد قد يساعد في الكشف المبكر عن ألزهايمر والوقاية منه next post استعادة لوصية أمين الريحاني الفكرية والسياسية للعرب You may also like “الممتثل”… بين فضح الفاشية وتحليل النفس البشرية 12 ديسمبر، 2024 الشاعر السوري أدونيس يدعو لتغيير “المجتمع” وليس النظام... 12 ديسمبر، 2024 “ستموت في القاهرة” رواية عن شاه إيران وصراعاته 11 ديسمبر، 2024 بول شاوول يكتب عن: التجديد المسرحي العربي في... 11 ديسمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: طبق نحاسي من موقع... 11 ديسمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: قصة «أيمن» الحقيقي بطل... 11 ديسمبر، 2024 دي ميرابو… مع الثورة ولكن أليست الملكية أعدل؟ 10 ديسمبر، 2024 كيف تثبت الروايات القصيرة مكانتها في الأدب الإنجليزي؟ 10 ديسمبر، 2024 ندى حطيط تكتب عن: نحو تاريخ ثقافي لـ«أوراق... 10 ديسمبر، 2024 آخر كبار ثوريي ستينيات السينما الألمانية يفضل اعتباره... 9 ديسمبر، 2024