ثقافة و فنونعربي “صوتها ليس عورة”… مادحات في حبّ النبي من أم كلثوم حتى “الأبرار” by admin 3 أبريل، 2023 written by admin 3 أبريل، 2023 15 النهار العربي \ القاهرة – إيناس كمال “برضاك يا خالقي لا رغبتي ورضاي… خلقت صوتي ويدك صورت أعضاي”، من منا ينسى ذلك الابتهال الذي أنشدته أم كلثوم عام 1944 بعد أعوام من انطلاقتها الفنية؟ كلمات بيرم التونسي وألحان الشيخ زكريا أحمد، أعادت أم كلثوم إلى بداياتها الأولى مع الإنشاد والمدح. في نهايات القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، لم يكن خروج النساء متاحاً للعمل، ولم يكن يتصور أحد أن تخرج فتاة في الثانية عشرة من عمرها لتتفوق على الرجال في مجال هو حكر عليهم، وهو الإنشاد الديني، فجذب صوتها وإلقاؤها أهل قريتها طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية. كانت أم كلثوم تخترق جلسات الرجال بزي صبياني، بالبنطلون، والعقال، ونالت شهرة واسعة حتى باتت من أشهر المنشدات الصغيرات في بلدتها، ومن هنا كانت انطلاقتها في عالم الفن. ولد الهدى رغم أن التسجيلات المتاحة عبر الإنترنت لبدايات أم كلثوم مع الإنشاد الديني قليلة، إلا أن الثابت هو ما تم تسجيله بعد انطلاقتها مثل “برضاك يا خالقي”، و”وُلد الهدى”، وهي من كلمات أحمد شوقي وألحان رياض السنباطي، وبالطبع كان أشهر ما أنشدت هو “نهج البردة”، من تعاون الفريق السابق نفسه، ولم تتوقف أم كلثوم طوال حياتها عن الدخول إلى ذلك المجال الذي ساعدها صوتها على فتح مساحات كبيرة فيه، بخاصة مع استجابة صوتها لمساحات القرار والجواب وإتقانها فن المقامات. https://youtu.be/U6xgblfNiv8 وبحسب كتاب “ألحان السماء” للكاتب الصحافي محمود السعدني، كانت النساء تحتل مساحة كبيرة في قراءة القرآن الكريم منذ عصر محمد علي، ولم يتوقفن عن ذلك، وفي القرن العشرين كانت تتساوى بالرجال في الظهور علناً، سواء في المناسبات العامة مثل المآتم، أو إذاعة القرآن الكريم، ومنهم الشيخة كريمة العدلية، التي جمعتها قصة حب بالشيخ علي محمود، ومنيرة عبده، وسكينة حسن. حتى في الحرب العالمية الثانية، حينما شن بعض المشايخ حملات ضد المقرآت من النساء في الإذاعة، وقالوا وقتها إن “صوت المرأة عورة”، وأصدرت الإذاعة قراراً بعدم وجود المقرآت، وهو القرار الذي لا يزال معمولاً به حتى اليوم. وتناول الكتاب سيرة الشيخة نبوية النحاس، التي كادت تنافس بصوتها ومكانتها الشيخ محمد رفعت، وبوفاتها في عام 1973 أسدل الستار على صفحة النساء في فن التلاوة والإنشاد الديني، تلاه في هذه الفترة صعود جماعات التيار الديني، مثل “جماعة الإخوان المسلمين” و”الجهاد الإسلامي”، وغيرهما من التيارات السلفية، بشقيها الدعوي والجهادي، الذين سيطروا على المشهد الاجتماعي في مصر. ورغم ندرة التسجيلات لتلك السيدات، لكن المحبين ينبشون دوماً في القديم، فوجدت بعض الحسابات في مواقع “يوتيوب”، و”ساوند كلاود”، تسجيلات نادرة لقارئات قرآن، منهن سكينة حسن، وكريمة العدلية، إلى تسجيل نادر لابتهال بصوت منيرة عبده، التي بحسب “ألحان السماء” كانت تتقاضى أجراً قدره 5 جنيهات، أي نصف ما يتقاضى الشيخ محمد رفعت، في ذلك الوقت، وسجلت العديد من التلاوات للإذاعة المصرية عند افتتاحها عام 1934، لكنها توقفت عن التلاوة بعد ذلك بحوالي عشر سنوات، بسبب صدور فتاوى دينية تحرم على النساء القيام بذلك جهاراً أمام الناس في المحافل أو الإذاعات. https://youtu.be/XNpe_7D0sSY ونشر محبو التراث ابتهالاً نادراً للشيخة منيرة، سجلته لإذاعة BBC في أوائل الأربعينات، بمناسبة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، عن المديح النبوي. ولم تخترق سيدة مرة أخرى مجال الابتهال والإنشاد، إلا ياسمين الخيام، ابنة الشيخ محمود خليل الحصري، التي كادت في يوم من الأيام تنافس أم كلثوم في مكانتها، إلا أنها اعتزلت المجال الفني في أوائل التسعينات، وكانت قبل ذلك بفترة وجيزة تغني أغاني دينية، لتغازل بها الجمهور الذي ضربته موجة التدين. وبعد اعتزالها الغناء، اتجهت لغناء تترات المسلسلات الدينية، مثل: “الأنصار”، و”ساعة ولد الهدى”، و”الإسلام والإنسان”، وغيرها. مداحات السوشال ميديا وظل مجال المدح، بما يضمه من تواشيح، وإنشاد، وابتهالات، وسير شعبية، وغيرها، مغلقاً على النساء المنشدات، أو المبتهلات، أو حتى القارئات، اللاتي كن لا يظهرن بشكل علني، وعلى استحياء كن يحين حفلات في المناطق المحيطة بهن، حتى بدايات وأوائل العشرية الثانية من الألفية، حينما ظهرت منشدات مثل نادية الهلالي، وإيمان الصوالحي. ورغم تحقيقهن شهرة واسعة لعدة أعوام، إلا أنهن اختفين عن الساحة، وكان لكل واحدة منهن لون مميز، وأطلقن ألبومات عدة. وقبل سنوات، ظهرت القادمة من أقصى الصعيد إلى القاهرة، شيماء النوبي، في ثوب صعيدي (الملس) لتعرف نفسها بأول مبتهلة في مصر، تنشد السيرة الهلالية، وابتهالات متنوعة، تتلمذت على يد كبار المشايخ، ومنهم الشيخ زين محمود، الذي أعجب بصوتها في ترنيمة للحلاج، وقال لها: “أنت معنا في الشغل، كنت أبحث عن هذا الصوت من زمان”، وقتها أرسل إليها “مربعات ابن عروس”، وأدتها بصوتها بأكثر من مقام، وبعدها بأشهر قليلة ظهرت شيماء للجمهور، للمرة الأولى، حتى أصبحت مرافقة لحفلات الشيخ زين، والشيخ سيد الضوى، وهما من كبار المنشدين في مصر. قالت شيماء لـ”النهار العربي” إن الأمر بدأ حينما كانت في عمر السادسة، حيث كانت تحب الاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم، وقتها التحقت بعدد من الفرق للتدريب والتعلم، وظلت تتنقل بينها، وسط دعم وتشجيع من أهلها ومعلميها، وكانت تجيد ترديد القراءات التي كانت تستمع إليها في الإذاعة بطريقة الشيوخ نفسها، وكانت تحب مدرسة طه إسماعيل، وطه الفشني، ونصر الدين طوبار، ومحمد عمران، وعلي محمود. بمرور الوقت والتدريب المستمر، زادت خبرة المبتهلة شيماء النوبي، حتى أصبحت من النساء القلائل اللائي يلقين السيرة الهلالية. ترجح النوبي عدم وجود مبتهلات كثيرات، بسبب أنه جرت العادة أن المبتهل هو الشخص الذي يرفع الأذان، وهو ما لم يحدث سوى للرجال، لذلك كان هناك نساء يقرأن القرآن، لكن قليلات منهن دخلن مجال الابتهال، أو الأذان، الذي لم يكن مقبولاً (مجتمعياً) منهن. وأضافت: “هناك سبب آخر، وهو أن المبتهل الرجل، لديه طبقة صوت يبدأ بها، وهي “القرار”، لكن أغلب النساء طبقاتهن “سوبرانو”. الشيخ سيد النقشبندي، كانت لديه طبقة “حريمي”، لذلك أعتقد أن هناك طبقات مطلوبة في الابتهال، ربما لا تتماشى مع المرأة”. وأشارت إلى أنها وجدت في نفسها امتلاكها لهذه الطبقات، التي تؤهلها لأداء الابتهال، كذلك كان عدد من الفنانات، مثل سعاد محمد، وأنغام، وأم كلثوم، وفايزة أحمد، لديهن طبقات قرار “هائلة”، على حد وصفها، أما خضرة محمد خضر، والتي اشتهرت بأداء بعض الأغاني الوطنية، والإنشاد الديني، فترى النوبي أنها “فنانة شعبية” وما تقدمه يدعى “فناً شعبياً”. وعن تعرضها لمضايقات أو اتهامات بأنها ضد الدين، على اعتبار أن “صوت المرأة عورة”، قالت إنها قديماً كانت تنزعج من هذه العبارات، لكن حالياً صار لا يهمها الأمر، بخاصة أن عبارات كتلك، كانت السبب في إقصاء المقرئات عن الإذاعة المصرية. جيل الألفية يقتحم بفضل إفساح المجال على مدار السنوات الماضية، ظهر جيل جديد من المداحات والمنشدات، عُرفن باسم جيل الألفية الجديد، ساعدتهم مواقع التواصل الاجتماعي على الازدهار، وكونوا فرقاً للإنشاد الديني، منها فرقة “الأبرار”، وهي فرقة جميع عضواتها من الفتيات، أصغرهن 9 سنوات، وفقاً لما قالته آية أشرف، مؤسسة الفرقة، في حديثها لـ”النهار العربي”. وأضافت أشرف أنها أسست الفرقة قبل عامين، بعدما تدربت في مدرسة الإنشاد الديني، مع الشيخ محمود التهامي، وحينما وجدت أن هناك العديد من الفتيات مهتمات بهذا المجال، مثلها، قررت أن تجمعهن لتأسيس فرقة، وكان المظهر وقتها لافتاً حينما وجدت أن جميعهن يرتدين ثياباً بيضاء. المنشدة آية أشرف، مهتمة بالإنشاد منذ طفولتها، وشاركت في العديد من الحفلات، بدعم من عائلتها، حتى قررت أن تتعلم في الأوبرا، لكنها لم تجد سبيلاً لمساعدتها حينذاك في تحقيق حلمها، لأن الأوبرا تعلم الغناء، وهي لديها اتجاه ديني. بإلهام مما حدث في حفل تخرجها في مدرسة الإنشاد الديني، قررت أن يكون الأبيض هو الزي الرسمي لفرقتها، مع وشاح أخضر، لأنه “أكثر لون يحبه الرسول محمد”، على حد قولها، فبدأت فرقتها باثنتين فقط، ووصلت الآن إلى 8 عضوات. ساعدتها مواقع التواصل الاجتماعي على الانتشار، حينما كانت تنشر فيديوات إنشاد فرقتها، كان التفاعل كبيراً معها، من دون أن تستخدم خاصية الترويج أو الإعلان، وبدأ الأمر ينتشر ويكبر بسرعة لافتة، وكانت أول مشاركاتهم على المسرح في مهرجان “سماع” الدولي. وحتى تبتعد آية من “الشبهات” – وفق وصفها – قررت أن تكون أناشيدهن بالدف فقط، وقد تعلمن النقر عليه بجهودهن. وأعلنت مؤسسة الفرقة، أنهن سيقمن حفلات خاصة في الفترة المقبلة، وأخرى في “ساقية الصاوي”، وسيحاولن تقديم موشحات بلغات مختلفة، مثل: التركية، والإنكليزية، وغيرهما، حتى تصل رسالتهن إلى أكبر قدر ممكن من الناس، وفقاً لقولها. المزيد عن : قارئات القرآن\ صوت المرأة\ الإنشاد الديني 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post شوقي بزيع يكتب عن : أم البنين ووضاح اليمن… للعشق ثمنه الباهظ وللجمال بئره العميقة next post لا مثيل له.. قوات الإنزال الروسية تتسلم سلاح “الشمس الحارقة” You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024