الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » شاهين اختتم “ثلاثيته” برحلة متأرجحة بين الإسكندرية ونيويورك

شاهين اختتم “ثلاثيته” برحلة متأرجحة بين الإسكندرية ونيويورك

by admin

 

 

مآخذ المبدع العربي على مصنع الأحلام في بلد يعتقد رئيسه أن ليبيا في أميركا اللاتينية

اندبندنت عربية/ إبراهيم العريس باحث وكاتب

 في مثل هذه الأيام قبل عشرين عاماً كان من يلتقي يوسف شاهين يلمس لديه سعادة لم يسبق أن بدا عليه ما يماثلها منذ سنوات طويلة، بل تحديداً منذ نال في دورة العام 1997 أرفع جائزة يقدمها مهرجان “كان” في تاريخه وهي “سعفة الخمسينية الذهبية” التي لم تمنح قبله إلا لمخرجين كبيرين هما الفرنسي جان رينوار والسويدي إنغمار برغمان. وكان هذه المرة سعيداً كذلك لكونه تمكن بعد جهود كبيرة من تحقيق فيلم جديد له هو “إسكندرية/ نيويورك” الذي استكمل فيه ما بات يعرف منذ ذلك الحين بـ”رباعية الإسكندرية”، ما سهل على النقاد والجمهور الأكثر دراية بشؤون الفن أن يقرن ذلك الإنجاز الشاهيني برباعية لورانس داريل المسماة قبل شاهين “الرباعية الإسكندرية”. والطريف أن كاتب هذه السطور سمع من شاهين يومها ملاحظة لافتة تتعلق بالنقد الفرنسي ركزت على كيف أن صحيفة “الأومانيتيه” الناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي “امتدحت الفيلم على رغم أنه تقصد أن يجعل منه فعل تصالح مع هوليوود وأميركا وسينماهما، هو الذي اعتاد دائماً أن يزدري كل شيء أميركي وحتى في أحد اسكتشات فيلم شارك به هو نفسه،عدداً من كبار سينمائيي العالم وكان الهدف منها إعطاء “كارت بلانش للمخرجين يعبرون عن موقف شخصي لكل منهم من عمليات نيويورك الإرهابية”. ولكن شاهين كان يتوقع من النقد بشكل عام ولا سيما اليساري منه أن يهاجم الفيلم الطويل الجديد لـ”أميركيته المعلنة” كما قال، فوجئ “بترحيب الشيوعيين به أكثر من أي فريق آخر”. ومن هنا كان العجيب “في الأمر أن يحبوه أكثر من غيرهم”، متسائلاً: “هي الدنيا انقلبت والا إيه؟”. والحقيقة أن الدنيا كانت انقلبت بالفعل منذ ما قبل ذلك بسنوات لكن مخرجنا الكبير ولمكره المعتاد لعب تلك اللعبة لمجرد أن يحثنا على قراءة ما نشرته الصحيفة.

بين مدينتين

وكان ما يحثنا بالتالي على قراءته حوار نشرته الصحيفة حول “إسكندرية/ نيويورك” سيقول لاحقاً إنه يعتبره من أجمل الحوارات الفرنسية التي أُجريت معه منذ زمن وبخاصة لأنه دخل عميقاً في ثنايا العلاقة التي أقامها الفيلم بين مدينتين عرف دائماً كيف يعشقهما على قدم المساواة ومن دون أن تكونا بالفعل المدينتين اللتين عاش فيهما حقاً وإن كان قد استخدمهما دائماً كنوع من الكناية، على الأقل في فيلمي بداية الرباعية وخاتمتها. ولكن بخاصة بالنسبة إلى المدينة البحرية المصرية التي يخبر قراء الصحيفة المذكورة من جديد ما قاله عنها في الفيلمين الآنفي الذكر من حيث أن الإسكندرية “كانت مدينة التعدد الثقافي الغني والتي لا أتذكر أنني سمعت فيها كلمة كراهية في أية مناسبة. ولعل هذا هو السبب الخفي الذي دفعني إلى تصوير هذا الفيلم. من دون أن أنسى هنا أن نيويورك في المقابل كانت المدينة العالمية التي أحببتها أكثر من أية مدينة أجنبية في حياتي. وبالتالي كان وجودها في الفيلم نوعاً من إعلان حب لمدينة عرفت فيها كثراً ممن أضحوا أصدقائي لاحقاً وشعرت بالأسى يوم 11/9/2001 متسائلاً ما الذي حل بهم يا ترى؟ إذ تذكرت كيف أنني لم أتمكن أبداً من انتزاع ذلك الحب الذي كنت أشعر أنه يتملكني تجاههم منذ كنت في السابعة عشر؛ ولا يزالون يكاتبونني حتى اليوم من دون أن يكونوا قد تخلوا عن تفضيلاتهم السياسية كما حال بقية الأميركيين؛ وهي تفضيلات قد تتناقض تماماً مع تفضيلاتي الخاصة، لكني احترمت اختياراتهم، من دون أن يؤدي بي ذلك إلى احترام رئيسهم الغشاش (جورج بوش) الذي يكذب ولا يعرف كيف يستخدم أكثر من 15 كلمة من اللغة الإنجليزية التي يتكلمها من دون أن يعرف شيئاً عن سحرها. بل يستخدمها كي يقرر بنفسه من هو إرهابي ومن ليس إرهابياً ويتشارك مع نظيره الإسرائيلي شارون في ارتكاب نفس الجرائم”.

بوستر فيلم إسكندرية نيويورك (موقع الفيلم)

 

مجتمع متغير

ويستطرد شاهين: “في مقابل ذلك كان لا بد لي أن أتذكر في فيلمي تلك المدينة التي ولدت فيها وكان كل الذي يعيشون حولي من سكانها يكونون مجتمعاً يتكلمون فيه 14 لغة مليئة بالظرف والكرم واللطف. وحين يتعرف فتى بفتاة نادراً ما يسألها عن دينها الأصلي أو عن جنسيتها. فأنا مثلاً كان والدي “المصري بامتياز” آتياً من تلك المنطقة التي كانت حين بارحها تسمى سوريا لكنها تسمى الآن لبنان. أما جدتي لأمي، فكانت آتية من مسقط رأسها في اليونان”… يعود الحديث إلى السينما حيث يقال لشاهين أن الحلم الأميركي يبدو اليوم طاغياً على الثراء الإسكندري فيجيب ولو بشيء من حسرة ملموسة أن هذا صحيح وقد بات من المستحيل الالتفاف عليه “ففي نهاية الأمر لدى كل واحد منا هنا رغبة حارقة في أن يعرف ما الذي يحصل حقاً في الناحية الأخرى من مصنع الأحلام (الهوليوودي) لكني أقول لكم بكل صراحة أنني لم أرغب أبداً في تحقيق أي فيلم ضمن إطار هوليوود”.

ولكن هذا يفتح على سؤال كان لا بد منه هنا: “أفلا يقال دائماً أن السينما المصرية إنما هي سينما أميركية تنطق بالعربية؟” فيأتي جواب شاهين: “هذا صحيح ولكن ثمة فوارق هائلة بين هذا وذاك. خذوا مثلاً على ذلك: حين سعيت لشراء أغنية فرانك سيناترا التي اقتبست منها عنوان الفيلم جزئياً “نيويورك، نيويورك” أُعلمت فوراً أن ذلك سيكلفني 50 ألف دولار، مقابل ما لا يزيد على أربع دقائق: 20 ألفاً للصورة و30 ألفاً للصوت. فماذا فعلت؟ كتبت أغنيتي الخاصة ولحنتها فلم تزد الكلفة عن بضعة مئات من الجنيهات. هكذا هي السينما وفنونها في مصنع الأحلام. لكن أميركا نفسها تبدلت كثيراً. اليوم بات الأميركيون بدناء إلى حد لا يطاق ويشترون أسخف الأشياء بأسعار مرعبة ويعيش كثر منهم تحت خط الفقر، ما يجعل الفوارق الاجتماعية تتضخم عاماً بعد عام. ويقيناً أن الأمور في سنوات الأربعين كانت مختلفة كل الاختلاف. في أميركا تلك الأزمنة كان ثمة بعد وجود للكرم والجمال. وحتى في باسادينا بولاية كاليفورنيا حيث درست الفن الدرامي كان أكثر ما نلتقيه فتيات يذيبنا جمالهن ورقتهن. فأين صار ذلك كله؟”.

واقع حقيقي وابن خيالي

مهما يكن من أمر يعود شاهين هنا إلى الحديث عن فيلمه الذي حتى وإن كان يعتبره إعلان حب لتلك الأميركا التي يحن إليها، يؤكد أن نسبة 80 في المئة مما يقوله فيه تأتي من حقائق عايشها “أما النسبة الباقية بما في ذلك الابن الذي اخترعته لنفسي بوصفة ثمرة كانت مجهولة بالنسبة إلى علاقتي مع جنجر، أمه التي ارتبطت بها حقاً خلال سنوات شبابي في أميركا وتجدونني في الفيلم أبحث عنه حتى أجده وأصطدم به، فلم يكن هذا سوى من وحي خيالي وأسلوبي في مقابلة الصدمة التي جابهتني خلال زيارة لاحقة قمت بها وأنا كهل ومخرج ذو شهرة إلى ذلك البلد القارة الذي كونني وحملت في شبابي نصيبي من حلمه وخيباتي إزاء ذلك الحلم”، يضيف شاهين وهو يقول على سبيل الختام إن “حكاية تينك المدينتين البعيدتين عن بعضهما البعض جغرافيا، إنما المتشابهتان إلى حد مدهش في الذهنيات والانفتاح على الآخر والقبول بكل اختلاف من دون ضغينة من أي نوع كان، هذه الحكاية تتسلل فكرياً على أية حال في ثنايا رسالتي المتعلقة بالقطيعة الحادة التي نعيشها اليوم. يقيناً للمناسبة أن البلدان العربية تحتاج اليوم إلى انتظار ما يزيد على نصف قرن قبل أن تسودها الديمقراطية. أما اليوم فإن الناس وطالما سيظلون جالسين إلى طاولة واحدة من دون أن يحبوا بعضهم بعضاً، ستبقى الكراهية عنواناً يجمعهم…”.

أين تقع مصر؟ و… ليبيا؟

وفي النهاية ثمة هنا سؤال أخير يطرحه يوسف شاهين جاعلاً منه في نهاية الأمر خاتمة ماكرة لحديثه: “ترى من منا على حق ومن منا على خطأ… نحن أم أميركا؟ حتى فرنسا تبدو اليوم وكأنها تعيش قطيعة ما مع الولايات المتحدة. وما فيلمي في نهاية المطاف سوى كناية فنية تريد أن تعبر عن هذا الوضع الذي يسود عالمنا وفكرنا. العالم الذي يتقهقر فيه الفكر إلى درجة أن ابن مخرج وممثلة، كما حال “ابني” في الفيلم، يجهل اليوم تماماً أين تقع مصر؟ فهل نلومه ونحن نتذكر كيف أن رئيساً لبلاده هو رونالد ريغان كان يعتقد أن ليبيا تقع في أميركا اللاتينية؟”.

المزيد عن: يوسف شاهينمهرجان كانفيلم إسكندرية نيويوركلورانس داريل

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00