بورتريهات صينية للرسام زانغ زياوغانغ (صفحة الرسام - فيسبوك) ثقافة و فنون رواية “تاريخ آخر للضحك” تقارب الواقع أسطورياً by admin 2 أكتوبر، 2024 written by admin 2 أكتوبر، 2024 66 ليو جين يون يحتفي بالأساطير التي تصنع للصين هويتها الخاصة اندبندنت عربية / علي عطا تتعاقب الأجيال، وينتقل الناس من حياة بدائية إلى أخرى متقدمة، على مختلف الصعد، ومع ذلك لا يتزعزع ارتباطهم بالأساطير المتوارثة منذ آلاف السنين، حتى ليبدو أن الحياة ذاتها، طالت أو قصرت، “تمر كلمح البصر”، مثل “نكتة من جملة واحدة”، لتتجدد في سياق أسطوري يبدو بلا انتهاء، كما في عقيدة “الحلول” التي يؤمن بعض الأديان، ويتجدد سؤال من يحياها: “ماذا أفعل؟ ما العمل؟”. وهو السؤال الذي تتمحور حوله “أسطورة الأفعى البيضاء”، المشهورة، كما تتمحور مسرحية “هاملت” لشكسبير حول عبارة، “أكون أو لا أكون، تلك هي المشكلة”. هذا ما تطرحه رواية “تاريخ آخر للضحك” للكاتب الصيني ليو جين يون، والصادرة حديثاً عن “مجموعة بيت الحكمة للثقافة” في القاهرة، مترجمة من الصينية إلى العربية، بتوقيع أحمد السعيد ويحيى مختار. و”أسطورة الثعبان الأبيض”، المعروفة أيضاً باسم “ثعبان السيدة الأبيض”، أو “أسطورة الأفعى البيضاء”، هي واحدة من أشهر أساطير الفلكلور في الصين واليابان، وجرت معالجتها، منذ القرن الـ17، في كثير من الأعمال الموسيقية والأدبية والرسوم الجدارية وتلك المخصصة للطفل، وفي المسرح والسينما والتلفزيون. الرواية الصينية بالترجمة العربية (بيت الحكمة) وهي تعد حالياً واحدة من الحكايات الشعبية الأربع الكبرى في الصين، كما يتم تخليدها بانتظام في “مهرجان قوارب التنين”، وتنطلق منها أحداث رواية ليو جين يون. وفي ضوء قراءة هذه الرواية، يبدو عنوانها ساخراً، بما أن القاسم المشترك بين غالبية شخصياتها هو الحزن والأسى. ومع ذلك، يصح القول إن ارتباط الضحك بالفرح ليس شرطياً، فقد يكون كما يقول المتنبي “ضحكاً كالبكاء”. فأحياناً قد يضحك المرء من خيباته، فنجد أنفسنا بصدد ما يسمى “الكوميديا السوداء”، وقد تدمع عيناه فرحاً، وتنير محياه ابتسامة عريضة، وهي، كما يكرر السارد العليم في غير موضع من الرواية، “أمور بديهية”. تمتد أحداث الرواية لنحو 50 عاماً، من ظهور التلفزيون إلى انتشار الهواتف النقالة، لكنها تستدعي أساطير ومعتقدات دينية وعادات وتقاليد ترتبط كذلك بالطاوية وغيرها من ديانات آسيوية، ترسخت هيمنتها الاجتماعية والدينية والثقافية، بل وحتى السياسية، على مدى آلاف السنين، في الصين، ولا يتوقع أن يهتز رسوخها هذا في ظل تنامي مختلف صور التطور التكنولوجي. أما ليو جين يون فيعد من أكثر الكتاب الصينيين الذين ترجمت أعمالهم إلى اللغة العربية في الأعوام الأخيرة، ومنها “الطلاق على الطريقة الصينية”، التي ترجمت إلى أكثر من 30 لغة، و”رب جملة بـعشرة آلاف جملة”، و”1942″، و”قصة الطبال وعازف البيانو”. الواقع والأسطورة الكاتب الصيني ليو جين يون (بيت الحكمة) تبدأ الرواية بـ”مقدمة”، عنوانها “لوحات العم السادس”، يسردها كاتب مجهول، وقد انتهى من كتابة هذا العمل الذي يمزج الواقعي بالأسطوري. يقول هذا الكاتب إنه كتب هذه الرواية تكريماً لذكرى قريب له يسميه “العم السادس”، وفي محاولة لتعويضه، على نحو ما، عن لوحاته التي أحرقتها زوجته فور موته، وكانت تصور شعوره المأسوي تجاه انفراط عقد الفرقة المسرحية التي اشتهرت في محافظة يانجين بتقديم مسرحية “أسطورة الأفعى البيضاء”، وتعكس في الوقت نفسه أسطورة يزيد عمرها على 3 آلاف عام، مفادها أن جنية تزور أهل هذه المدينة بالذات أثناء النوم وتطلب ممن تظهر له في الحلم أن يلقي عليها نكتة، فإن لم يفعل فإنها تطلب منه أن يحملها على ظهره، لتتحول فجأة إلى جبل يطبق على أنفاسه ليجده أهله في الصباح ميتاً في فراشه. وكان “العم السادس” يعمل عازف ربابة ويرسم لوحات الديكور في أوبرا خنان التي كانت الفرقة التي تقدم “أسطورة الأفعى البيضاء” تتبعها. أما ذلك الكاتب فيتذكر أنه عندما كان في الثامنة من عمره تقدم لمسابقة أعلنت عنها أوبرا خنان لضم مغنيين جدد، لكنه رسب في اختبار القبول، لأن صوته كان “أشبه بصوت دجاجة مذبوحة”. وكان ظهور أجهزة التلفزيون في وقت لاحق سبباً رئيساً في حل الفرقة التي تقدم “أسطورة الأفعى البيضاء”. وبمرور الوقت فقد “العم السادس” مهارته في عزف الربابة بعدما اضطر للعمل سباكاً في مصنع مملوك للدولة، حتى أغلق أبوابه، ثم كميكانيكي في مصنع لغزل القطن، قبل أن يعود لمهارته القديمة في رسم المناظر الطبيعية على الجدران، وتصميم لوحات الاحتفال بالأعياد، كوسيلة لكسب الرزق. جنية الأحلام أما أبطال الرواية ولوحات “العم السادس”، فهم كانوا من قبل أبطال مسرحية “أسطورة الأفعى البيضاء”، ومعهم عديد من الشخصيات في محيطهم الاجتماعي في يانجين، ومعظمهم مرتبطون بشكل أو آخر بأسطورة جنية الأحلام التي تدعى “هوا آرنيانغ”، ومنهم العم “وو ذو الفم الكبير” الذي يبيع حساء لحم الضأن، و”تشو العجوز” الذي يبيع الكوارع والعراف الأعمى “دونغ”، و”قو باوتشن” الذي يكنس الطرقات. وغالبية هؤلاء كانت في عداد الموتى عندما رسمهم “العم السادس”. لكن الكاتب الافتراضي يعيدهم إلى الحياة، في روايته التي يمكن تصنيفها باعتبارها من أدب الواقعية السحرية على الطريقة الصينية، فأبطالها مزيج من البشر والأشباح والشخصيات الأسطورية، ومنهم أيضاً كلب وقرد وصرة فوتوغرافي تتكلم وتسافر من مكان إلى مكان، لتستقر في النهاية في أعماق البحر، متآلفة مع مختلف مخلوقاته. وضمن بداية أحداث الجزء الأول من الرواية تلك يذهب “يانشنغ” إلى العراف “دونغ”، ليساعده على التخلص من “ينغ تاو”، التي سكنت معدته! “يانشنغ” هذا اضطر للعمل بائع مخللات في متجر للمواد الغذائية، بعد حل الفرقة المسرحية التي كان يشارك “ينغ تاو” وزوجها “تشن تشانغ جيه”، في بطولة عرض غنائي شهير لها هو “أسطورة الأفعى البيضاء”، قبل حل فرقتهم التي كثيراً ما اجتذبت جمهوراً كبيراً من أهل محافظة يانجين. أما “ينغ تاو”، فقد شنقت نفسها، وقيل إنها فعلت ذلك لخلاف احتدم بينها وبين زوجها، لكن سيتبين أن فشلها في حكي نكتة لجنية الأحلام كان دافعها الحقيقي للانتحار. وبعد موتها سيصطحب “تشن تشانغ جيه” ابنهما الذي كان في الثالثة من عمره إلى ووهان ليعمل في محطة قطاراتها، وهناك سيتزوج من أخرى. وبعد مرور ثلاثة أعوام “في لمح البصر” ستتلبس “ينغ تاو” جسد “يانشنغ، وتشترط عليه أن يذهب إلى زوجها السابق ويطلب منه نقل رفاتها من مقبرة “يانغين”، لأن ميتاً آخر في المقبرة نفسها يصر على التحرش بها كل ليلة. ويمر مزيد من الأعوام “في لمح البصر” أيضاً بحسب السارد الخارجي، وصولاً إلى اقتراب ابن “ينغ تاو” من الـ50 من عمره، وفشله المستمر في أن يلبي طلب الأم التي كان يؤرقها أنها لن تتمكن من العودة إلى الحياة مجدداً، لأنها ماتت منتحرة. ضحك مميت هذا الابن ويدعى “مينغ ليانغ”، سيذهب إلى يانجين وهو في عمر السادسة، وسيتولى “يانشنغ” رعايته لكنه في سن الـ16 سيقرر العمل في محل “تشو العجوز”، بعدما منعته ظروفه المادية الصعبة من مواصلة الدراسة. وبعدما أتقن طهو الكوارع، سيغادر إلى مدينة أخرى، مضطراً بعدما انتشر بين الناس أن زوجته عملت قبل أن يتزوجها عاهرة في بكين، وبعدما تمكن منه الرعب من احتمال أن تأتيه “جنية النكات” في الحلم ويفشل في تلبية طلبها فيلقى مصير أمه. وعندما يستبد بـ”ينغ تاو” الحنين إلى مسقط رأسه، فإنه يعود إليه وينقل رفات جدته لأبيه التي كانت تمتعه بالحكايات الأسطورية في طفولته إلى مقبرة جديدة، بعدما تقررت إزالة المقبرة القديمة. يتذكر أن بيتها كانت أمامه شجرة عناب معمرة، فيقرر معرفة مصيرها لعله يجد منها بقايا يحتفظ بها كتذكار لها ولعائلة أبيه. سيعرف أن أحدهم اشترى الشجرة، وحولها إلى كراسي وطاولات، أحرقها أحد ورثته، لكن قلب الشجرة نفسها انتقل إلى شخص ثري قرر أن يصنع منه لافتة تعلق على باب داره كتب عليها “اليوم بثلاث سنوات”. لم يعرف مصير تلك اللافتة، لكن “مينغ ليانغ” يحصل على واحدة مثلها من شخص أراد إيهامه بأنها هي نفسها القديمة التي يبحث عنها، فيضعها على باب محل بيع الكوارع الذي يملكه. أما الجزء الخامس والأخير من الرواية فجاء في عبارة موجزة تشكل مقدمة كتاب بعنوان “سيرة هوا آرنيانغ” لمؤلف يدعى “سيما نيو”، “هذا كتاب عن الضحك، وعن الدموع أيضاً، وفي النهاية سيصير كتاباً عن الدماء، فكثيرون ضحوا بحياتهم من أجل نكات مضحكة” ص 367. المزيد عن: روائي صينيروايةترجمةالواقعالأسطورةالهويةالسردالتغريبوقائعتخييل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أسرار جائزة “غونكور” الفرنسية يكشفها كتاب في ذكرى تأسيسها next post اشتعال جبهات الحرب السودانية في العاصمة ودارفور وكردفان You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024