ثقافة و فنونعربي رسالة من آل لافنغ إلى وزير العدل الأميركي تهزم العنصرية في فرجينيا by admin 12 ديسمبر، 2022 written by admin 12 ديسمبر، 2022 23 يوم أرعب غضب الأميركيين الأفارقة هوليوود فكانت النتيجة دورة استثنائية في تاريخ الـ “أوسكار” انربنرنت عربية \ إبراهيم العريس باحث وكاتب قبل ذلك بعام انفجر غضب فناني هوليوود المعروفين بالأميركيين الأفارقة ومعهم كثر من مواطنيهم، لأن الترشيحات لجوائز الـ “أوسكار” وبالتالي خلت لوائح الفائزين من أي فنان أميركي – أفريقي، ما كان ينم في نظرهم عن عنصرية فجة، وراحت الأصوات الغاضبة والمحتجة تتصاعد مما أسفر في العام الذي نتحدث عنه (2017) عن ظاهرة استثنائية تمثلت في وضعية معاكسة تماماً، إذ فجأة برز أكثر من نصف دزينة من أفلام أميركية وبعض الشرائط غير الأميركية أيضاً، جمع بينها كونها إما من إخراج وبطولة مبدعين من “السود” وإما كونها تتحدث بنقد حاد أو بنزعة إنسانية حققها مبدعون من غير “السود” يتعاطفون بقوة مع قضايا هؤلاء. بدا لكثر على الفور أن غضب العام الفائت لعب دوراً أساسياً في تلك “الانعطافة الجذرية التي هيمنت على المزاج الهوليوودي العام، وصحيح أن الفوز كان يومها من نصيب واحد من تلك الأفلام المسماة “سينما الأحلام” وهو “لا لا لاند”، لكن هذا بدا يومها استثنائياً في وقت راحت تطفو على السطح تلك القضايا الشائكة، الاجتماعية خصوصاً وربما السياسية أيضاً، التي كثيراً ما حملتها أفلام هوليوودية وبخاصة غير هوليوودية. يومها ومثلما يحدث في “مهرجان صاندانس” الذي لا شك في أنه أعاد للسينما الأميركية اعتبارها الإنساني، أتت الغالبية العظمى من الأفلام المتنافسة في جوائز أكاديمية الـ “أوسكار”، محملة بالقضايا الإنسانية وبشكل بدا تراكمه ذلك العام غير متطابق على أية حال مع التبدل في الذهنية الاميركية العامة التي جاءت بدونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وعلى رأس هذه القضايا هذه المرة، وبالتناقض، كما أشرنا سابقاً، مع ما حدث في دورة الـ “أوسكار” التي أثارت غضب الأميركيين الأفارقة، قضية السود ووجودهم في المجتمع والمهنة السينمائية بالتالي. والحال أن نحو نصف الأفلام المتنافسة على الـ “أوسكارات” أتت تحمل ما هو متعلق بحياة الأميركيين الأفارقة وهمومهم وصراعاتهم وتاريخهم، سواء كان ذلك في المواضيع أو في انتماء المبدعين أنفسهم، وصولاً إلى الفئات الأكثر إثارة للاهتمام العام عادة، أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثلين وممثلين ثانويين. ولئن كان من بين الأمور اللافتة يومها إمساك الأميركيين الأفارقة بقضاياهم في أفلام مثل “مونلايت” من إخراج باري جنكنز كواحد من قلة من مخرجين سود وصلوا إلى نيل جائزة أفضل مخرج في تاريخ الـ “أوسكار”، أو دنزل واشنطن المرشح كممثل إنما لا كمخرج عن فيلم “حواجز”، أو حتى الهايتي راؤول بيك الذي يظهر في ترشيحات الـ “أوسكار” عن فيلمه الوثائقي “أنا لست زنجيك”، بعدما كان تجول كثيراً في دورات “كان” وغيره، فإن ما يمكن الالتفات إليه هنا كذلك، انصراف سينمائيين غير سود لتحقيق أفلام عن هؤلاء تبرز بقوة ذلك العام. ولعل المثالين الأكثر بروزاً في ترشيحات الـ “أوسكار” الفيلمان المميزان “لافنغ” من إخراج جيف نيكولز الذي عرض في مهرجان “كان” من دون أن يحالفه الحظ في الحصول على السعفة الذهبية التي كان مرشحاً لها، مع أنه كان يستحقها وإلى جانبه “وجوه مخفية” من إخراج ثيودور ملفي، وتمثيل عدد لا بأس به من نجوم سود وبيض. وإذا كان “وجوه مخفية” قد رشح يومها لثلاث “أوسكارات”، بينها أفضل فيلم وأفضل ممثلة مساعدة، فإن “لافنغ” لم يحظ إلا بترشيح واحد له قيمته الكبيرة والرمزية على أي حال، جائزة أفضل ممثلة لروث نيغا التي كانت تبدو من الأوفر حظاً للحصول عليها. والحقيقة أن ترشيح واحدة من شخصيات “وجوه مخفية” وبطلة “لافنغ” لهاتين الجائزتين، أمر يمكن اعتباره، ليس فقط ذا بعد سينمائي استثنائي، بخاصة إذا ما أضفنا إلى ذلك ترشيح فيولا دافيز، فيلم “حواجز” من إخراج دنزل واشنطن ونوومي هاريس عن “مونلايت”، إلى جانب أوكتافيا سبنسر في “وجوه مخفية” وروث نيغا عن “لافنغ”، ووصول ممثلات سوداوات إلى هذه المرتبة الـ “أوسكارية” لا يحدث إلا نادراً، وسيبدو نوعاً من الرد على ظلم لطالما اشتكته نجمات هذه الفئة المميزة من المبدعين. ومع هذا يظل اللافت حقاً كون الفيلمين الأفضل في مجال إعادة الاعتبار لشخصية الأميركي – الأفريقي على الشاشة ومن خلال النساء هذه المرة، أنهما من تحقيق مخرجين، وحتى فريقي عمل، في ما لا يقل عن فيلمين يبدو القاسم المشترك الأساس بينهما كونهما ينتزعان من التاريخ الأميركي حكايتين تقولان أشياء كثيرة، بل تقولان أكثر مما تقول مئات الكتب وعشرات النظريات، فالأول بين الفيلمين وهو “وجوه مخفية” يأتي لنا من سجلات وكالة الفضاء الأميركية بحكاية عن ثلاث عالمات سوداوات حقيقيات أسهمن بإنجازات فعالة في برامج الفضاء والرحلات الفضائية، لكن ذكراهن طويت تماماً لأسباب عرقية تحديداً. غير أننا نفضل أن نتوقف هنا عند “لافنغ” الذي انتزع بدوره من سجلات التاريخ الأميركي الحديث، وبالتحديد من سجلات التاريخ القضائي في الشرق الأميركي، وبالتالي نحن هنا أمام حكاية تاريخية حقيقية أبدع جيف نيكولز في نقلها إلى الشاشة، بخاصة في التركيز على الكيفية التي يمكن للنضال ضد الظلم والعنصرية أن يكون هادئاً حتى ولو استغرق وقتاً. وكما يدل العنوان تدور الحكاية حول عامل البناء الأبيض ريتشارد لافنغ الذي يعيش ويعمل في مقاطعة كارولينا بولاية فرجينيا، وهو يقع ذات يوم في غرام جارة وصديقة للعائلة هي ميلدرد جينز. وإذ يقيمان علاقة في ما بينهما غير منتبهين إلى قسوة “العالم الخارجي” على المحبين، تكتشف ميلدرد ذات يوم أنها حامل، فيقرر الحبيبان عقد القران بينهما، لكن المشكلة تكمن في أن ميلدرد سوداء وريتشارد أبيض، والزواج بين شخصين من عرقين مختلفين ممنوع في تلك الولاية، ولذا يتوجهان إلى واشنطن حيث لا يوجد حظر من هذا النوع، وبالفعل يعقدان قرانهما هناك ويعودان وهما مطمئنان إلى أن كل شيء يتعلق بهما وبعلاقتهما وبالطفل المقبل قانوني، ولكن أبداً، إذ سيقول لهما شريف المنطقة إن هذا القانون “المتسامح” في واشنطن لا يسري في فرجينيا، ومن هنا فإنهما يقيمان فيما بينهما علاقة خارج القانون تكون النتيجة أن تقودهما إلى السجن بتهمة خرق القانون، ومن ثم يحكم عليهما بالسجن لمدة عام، غير أن القاضي الرحيم” يعلق ذلك الحكم شرط أن يبارحا معاً فرجينيا ولا يعودان إليها طوال الـ 25 عاماً التالية. وعلى هذا النحو تبدأ رحلة الزوجين بين أروقة الفضاء والقرية ومحاولات التحايل على القانون، ومن ثم محاولات هذا “القانون” القبض عليهما ومعاقبتهما من دون أن تفتر همة العلاقة بين الاثنين ولو قيد أنملة، ويتابع الفيلم تلك الحياة فيما يزداد عدد أطفال الزوجين ومعاناتهما في الفقر الذي يستبد بهما في وقت لم يعد متاحاً فيه لريتشارد ممارسة عمله، وهو الذي يزداد رفضه كذلك أن يعيش إلى الأبد بعيداً من موطنه الأصلي في منفى لا يمكنه التكيف معه. وجراء ذلك كله يبدو لافنغ وقد بات ممزقاً تماماً، لكن هذا التمزق لم يبدل من طبعه الوديع وحبه لأسرته، ومن هنا وفي وجه شراسة مطبقي القوانين الذين لا يفهمون أنها وضعت لخدمة الإنسان، وفي مجابهة أولئك الذين لا يعرفون شيئاً عن الحب، لا يجد ريتشارد لافنغ وزوجته أمامهما سوى مواصلة معركتهما، وهي معركة ستتواصل فترة طويلة وسيتدخل فيها المحامون والنصابون وجمعيات الحقوق المدنية، وكل هذا وريتشارد وميلدرد صامدان ومصران على الوصول إلى ما يعتبرانه حقهما الطبيعي، إذ في نهاية الأمر تعطيهما المحكمة العليا حقهما الذي قد يبدو لنا اليوم طبيعياً، لكنه في ذلك الحين كان استثنائياً، معتبرة أن القوانين العنصرية التي استندت إليها ولاية فرجينيا لطرد الزوجين غير دستورية، وهكذا ينتصر آل لافنغ في معركتهما التي وصلت تاريخياً إلى ذروتها يوم كتبت ميلدرد لافنغ الحقيقية إلى وزير العدل روبرت كنيدي رسالة لا تزال محفوظة حتى اليوم بين أوراق آل كنيدي، ويوم وقف ريتشارد لافنغ الحقيقي في قاعة المحكمة العليا ليقول إن دفاعه الحقيقي لا يتجاوز الثلاث كلمات: “أنني أحب زوجتي”. المزيد عن:العنصرية\آل لافنغ\أوسكارا\لأميركيون الأفارقة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الكشف عن شبكة إيرانية لتهريب الذهب وتمويل الإرهاب next post الخسارة الحاسمة لروسيا في ساحة المعركة هي وحدها التي ستنهي حرب أوكرانيا You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024
قبل ذلك بعام انفجر غضب فناني هوليوود المعروفين بالأميركيين الأفارقة ومعهم كثر من مواطنيهم، لأن الترشيحات لجوائز الـ “أوسكار” وبالتالي خلت لوائح الفائزين من أي فنان أميركي – أفريقي، ما كان ينم في نظرهم عن عنصرية فجة، وراحت الأصوات الغاضبة والمحتجة تتصاعد مما أسفر في العام الذي نتحدث عنه (2017) عن ظاهرة استثنائية تمثلت في وضعية معاكسة تماماً، إذ فجأة برز أكثر من نصف دزينة من أفلام أميركية وبعض الشرائط غير الأميركية أيضاً، جمع بينها كونها إما من إخراج وبطولة مبدعين من “السود” وإما كونها تتحدث بنقد حاد أو بنزعة إنسانية حققها مبدعون من غير “السود” يتعاطفون بقوة مع قضايا هؤلاء. بدا لكثر على الفور أن غضب العام الفائت لعب دوراً أساسياً في تلك “الانعطافة الجذرية التي هيمنت على المزاج الهوليوودي العام، وصحيح أن الفوز كان يومها من نصيب واحد من تلك الأفلام المسماة “سينما الأحلام” وهو “لا لا لاند”، لكن هذا بدا يومها استثنائياً في وقت راحت تطفو على السطح تلك القضايا الشائكة، الاجتماعية خصوصاً وربما السياسية أيضاً، التي كثيراً ما حملتها أفلام هوليوودية وبخاصة غير هوليوودية. يومها ومثلما يحدث في “مهرجان صاندانس” الذي لا شك في أنه أعاد للسينما الأميركية اعتبارها الإنساني، أتت الغالبية العظمى من الأفلام المتنافسة في جوائز أكاديمية الـ “أوسكار”، محملة بالقضايا الإنسانية وبشكل بدا تراكمه ذلك العام غير متطابق على أية حال مع التبدل في الذهنية الاميركية العامة التي جاءت بدونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وعلى رأس هذه القضايا هذه المرة، وبالتناقض، كما أشرنا سابقاً، مع ما حدث في دورة الـ “أوسكار” التي أثارت غضب الأميركيين الأفارقة، قضية السود ووجودهم في المجتمع والمهنة السينمائية بالتالي. والحال أن نحو نصف الأفلام المتنافسة على الـ “أوسكارات” أتت تحمل ما هو متعلق بحياة الأميركيين الأفارقة وهمومهم وصراعاتهم وتاريخهم، سواء كان ذلك في المواضيع أو في انتماء المبدعين أنفسهم، وصولاً إلى الفئات الأكثر إثارة للاهتمام العام عادة، أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثلين وممثلين ثانويين. ولئن كان من بين الأمور اللافتة يومها إمساك الأميركيين الأفارقة بقضاياهم في أفلام مثل “مونلايت” من إخراج باري جنكنز كواحد من قلة من مخرجين سود وصلوا إلى نيل جائزة أفضل مخرج في تاريخ الـ “أوسكار”، أو دنزل واشنطن المرشح كممثل إنما لا كمخرج عن فيلم “حواجز”، أو حتى الهايتي راؤول بيك الذي يظهر في ترشيحات الـ “أوسكار” عن فيلمه الوثائقي “أنا لست زنجيك”، بعدما كان تجول كثيراً في دورات “كان” وغيره، فإن ما يمكن الالتفات إليه هنا كذلك، انصراف سينمائيين غير سود لتحقيق أفلام عن هؤلاء تبرز بقوة ذلك العام. ولعل المثالين الأكثر بروزاً في ترشيحات الـ “أوسكار” الفيلمان المميزان “لافنغ” من إخراج جيف نيكولز الذي عرض في مهرجان “كان” من دون أن يحالفه الحظ في الحصول على السعفة الذهبية التي كان مرشحاً لها، مع أنه كان يستحقها وإلى جانبه “وجوه مخفية” من إخراج ثيودور ملفي، وتمثيل عدد لا بأس به من نجوم سود وبيض. وإذا كان “وجوه مخفية” قد رشح يومها لثلاث “أوسكارات”، بينها أفضل فيلم وأفضل ممثلة مساعدة، فإن “لافنغ” لم يحظ إلا بترشيح واحد له قيمته الكبيرة والرمزية على أي حال، جائزة أفضل ممثلة لروث نيغا التي كانت تبدو من الأوفر حظاً للحصول عليها. والحقيقة أن ترشيح واحدة من شخصيات “وجوه مخفية” وبطلة “لافنغ” لهاتين الجائزتين، أمر يمكن اعتباره، ليس فقط ذا بعد سينمائي استثنائي، بخاصة إذا ما أضفنا إلى ذلك ترشيح فيولا دافيز، فيلم “حواجز” من إخراج دنزل واشنطن ونوومي هاريس عن “مونلايت”، إلى جانب أوكتافيا سبنسر في “وجوه مخفية” وروث نيغا عن “لافنغ”، ووصول ممثلات سوداوات إلى هذه المرتبة الـ “أوسكارية” لا يحدث إلا نادراً، وسيبدو نوعاً من الرد على ظلم لطالما اشتكته نجمات هذه الفئة المميزة من المبدعين. ومع هذا يظل اللافت حقاً كون الفيلمين الأفضل في مجال إعادة الاعتبار لشخصية الأميركي – الأفريقي على الشاشة ومن خلال النساء هذه المرة، أنهما من تحقيق مخرجين، وحتى فريقي عمل، في ما لا يقل عن فيلمين يبدو القاسم المشترك الأساس بينهما كونهما ينتزعان من التاريخ الأميركي حكايتين تقولان أشياء كثيرة، بل تقولان أكثر مما تقول مئات الكتب وعشرات النظريات، فالأول بين الفيلمين وهو “وجوه مخفية” يأتي لنا من سجلات وكالة الفضاء الأميركية بحكاية عن ثلاث عالمات سوداوات حقيقيات أسهمن بإنجازات فعالة في برامج الفضاء والرحلات الفضائية، لكن ذكراهن طويت تماماً لأسباب عرقية تحديداً. غير أننا نفضل أن نتوقف هنا عند “لافنغ” الذي انتزع بدوره من سجلات التاريخ الأميركي الحديث، وبالتحديد من سجلات التاريخ القضائي في الشرق الأميركي، وبالتالي نحن هنا أمام حكاية تاريخية حقيقية أبدع جيف نيكولز في نقلها إلى الشاشة، بخاصة في التركيز على الكيفية التي يمكن للنضال ضد الظلم والعنصرية أن يكون هادئاً حتى ولو استغرق وقتاً. وكما يدل العنوان تدور الحكاية حول عامل البناء الأبيض ريتشارد لافنغ الذي يعيش ويعمل في مقاطعة كارولينا بولاية فرجينيا، وهو يقع ذات يوم في غرام جارة وصديقة للعائلة هي ميلدرد جينز. وإذ يقيمان علاقة في ما بينهما غير منتبهين إلى قسوة “العالم الخارجي” على المحبين، تكتشف ميلدرد ذات يوم أنها حامل، فيقرر الحبيبان عقد القران بينهما، لكن المشكلة تكمن في أن ميلدرد سوداء وريتشارد أبيض، والزواج بين شخصين من عرقين مختلفين ممنوع في تلك الولاية، ولذا يتوجهان إلى واشنطن حيث لا يوجد حظر من هذا النوع، وبالفعل يعقدان قرانهما هناك ويعودان وهما مطمئنان إلى أن كل شيء يتعلق بهما وبعلاقتهما وبالطفل المقبل قانوني، ولكن أبداً، إذ سيقول لهما شريف المنطقة إن هذا القانون “المتسامح” في واشنطن لا يسري في فرجينيا، ومن هنا فإنهما يقيمان فيما بينهما علاقة خارج القانون تكون النتيجة أن تقودهما إلى السجن بتهمة خرق القانون، ومن ثم يحكم عليهما بالسجن لمدة عام، غير أن القاضي الرحيم” يعلق ذلك الحكم شرط أن يبارحا معاً فرجينيا ولا يعودان إليها طوال الـ 25 عاماً التالية. وعلى هذا النحو تبدأ رحلة الزوجين بين أروقة الفضاء والقرية ومحاولات التحايل على القانون، ومن ثم محاولات هذا “القانون” القبض عليهما ومعاقبتهما من دون أن تفتر همة العلاقة بين الاثنين ولو قيد أنملة، ويتابع الفيلم تلك الحياة فيما يزداد عدد أطفال الزوجين ومعاناتهما في الفقر الذي يستبد بهما في وقت لم يعد متاحاً فيه لريتشارد ممارسة عمله، وهو الذي يزداد رفضه كذلك أن يعيش إلى الأبد بعيداً من موطنه الأصلي في منفى لا يمكنه التكيف معه. وجراء ذلك كله يبدو لافنغ وقد بات ممزقاً تماماً، لكن هذا التمزق لم يبدل من طبعه الوديع وحبه لأسرته، ومن هنا وفي وجه شراسة مطبقي القوانين الذين لا يفهمون أنها وضعت لخدمة الإنسان، وفي مجابهة أولئك الذين لا يعرفون شيئاً عن الحب، لا يجد ريتشارد لافنغ وزوجته أمامهما سوى مواصلة معركتهما، وهي معركة ستتواصل فترة طويلة وسيتدخل فيها المحامون والنصابون وجمعيات الحقوق المدنية، وكل هذا وريتشارد وميلدرد صامدان ومصران على الوصول إلى ما يعتبرانه حقهما الطبيعي، إذ في نهاية الأمر تعطيهما المحكمة العليا حقهما الذي قد يبدو لنا اليوم طبيعياً، لكنه في ذلك الحين كان استثنائياً، معتبرة أن القوانين العنصرية التي استندت إليها ولاية فرجينيا لطرد الزوجين غير دستورية، وهكذا ينتصر آل لافنغ في معركتهما التي وصلت تاريخياً إلى ذروتها يوم كتبت ميلدرد لافنغ الحقيقية إلى وزير العدل روبرت كنيدي رسالة لا تزال محفوظة حتى اليوم بين أوراق آل كنيدي، ويوم وقف ريتشارد لافنغ الحقيقي في قاعة المحكمة العليا ليقول إن دفاعه الحقيقي لا يتجاوز الثلاث كلمات: “أنني أحب زوجتي”. المزيد عن:العنصرية\آل لافنغ\أوسكارا\لأميركيون الأفارقة