مطرب الراب التونسي كافون (صفحة المطرب - فيسبوك) ثقافة و فنون رحيل كافون صوت الشباب المهمش في تونس by admin 14 مايو، 2025 written by admin 14 مايو، 2025 16 مطرب راب مغاربي جمع بين الغضب والأمل وأصر على الغناء بعد قطع ساقيه اندبندنت عربية / عبد الرحيم الخصار يعدّ كافون، الذي غادر عالمنا بعد صراع مع المرض، أحد أبرز الأسماء في عالم الراب في تونس. فهو ينتمي إلى جيل راج فيه هذا اللون الغنائي ذو الطابع الاحتجاجي، فتعددت الأسماء والتجارب، بيد أن كافون كان له نمطه الخاص، إذ مزج في كثير من أغانيه بين الراب و إيقاعات مختلفة مثل الريغي والتيكنو و المزود التونسي. غنى الفنان الراحل في “ديوهات” مع فنانين تونسيين، وكان له طابعه الصوتي الخاص الذي تفرد به، حتى في الأغاني التراثية التونسية، فضلاً عما قدمه في الأغاني المصورة وفي المسلسلات التلفزيوية. وبرز اسمه في أغنية “حوماني” التي تصدرت سلم الرواج في الشارع التونسي، وتجاوزت أغاني كافون حاجز الجيل، فصار مسموعاً من لدن جميع الأجيال في تونس. المغني التونسي المغاربي (صفحة المطرب – فيسبوك) المغني التونسي المغاربي (صفحة المطرب – فيسبوك) كان كافون، مثل معظم مغني الراب، ملتزماً بقضايا الشارع التونسي مثل الحرية والعدل، غير أنه عبر بصورة لافتة في أغانيه، عن حرية الشباب ورغبتهم في التعبير. وتعرض كافون للسجن لمدة تسعة أشهر من أجل استهلاك مادة القنب الهندي، و هو ما عبر عنه كثيراً في أغانيه، مطالباً بتقنين هذه المادة على غرار عدد من الدول الأوروبية. بدأت أزمة كافون الصحية منذ عام 2019، حين أصيب بمرض نادر تسبب في انسداد شرايين قدميه، مما اضطره إلى إجراء جراحة فقد بسببها ساقيه. وعلى رغم هذا الوضع الصحي المعيق، ظل كافون يغني ويواصل نشاطاته، غير أن صحته بدأت بالتدهور تدريجاً، إلى أن غادر عالمنا وهو في أوج شبابه. بين الحرية والرقابة بدأ كافون مسيرته الغنائية في فترة عرفت فيها موسيقى الراب في تونس صراعاً بين الاعتراف والرفض، بين الحرية والرقابة. تمكن بصوته القوي وكلماته الصادقة من كسر الحواجز، وتقديم فن نابع من معاناة الشارع، محمل بقضايا اجتماعية وسياسية تمس المواطن البسيط. تميز كافون بأسلوبه الخاص الذي يجمع بين الغضب والأمل، وبين الاحتجاج والإبداع. أغانيه مثل “حوماني” و”زعمة” لم تكن مجرد موسيقى، بل وثائق فنية تحكي واقعاً اجتماعياً فيه كثير من الألم، ولكن أيضاً من الإصرار على التغيير. ما يجعل تجربة كافون فريدة هو قدرته على البقاء قريباً من جمهوره على رغم الشهرة، وإصراره على عدم الانسلاخ عن جذوره. كما أن تعاونه مع فنانين من مشارب مختلفة أظهر مرونة فنية كبيرة، وفتح له أبواب جمهور جديد. محبة الشعراء يحظى كافون بمكانة خاصة بين شعراء تونس، فهو يشكل امتداداً لأصواتهم، وترجمة لأحلامهم وتقاطعاً مع تصوراتهم للحياة الجديدة ولقيم التحرر والانعتاق. لذلك توجهنا في “اندبندنت عربية” إلى الشاعر عادل المعيزي، للاقتراب أكثر من عالم كافون. يقول المعيزي عن تجربته: “لم يكن هذا الفنان الذي ودعنا إلى الأبد عن عمر يناهز 42 سنة مغني راب فحسب، ولا ممثلاً سينمائياً وتلفزياً فحسب، بل كان بالنسبة إلى شريحة واسعة من التونسيات والتونسيين أحد أبرز الفنانين الشباب المتصدين للثورة المضادة منذ وصول الإسلام السياسي إلى الحكم بعد إطاحة ثورة الشباب بنظام بن علي في 2011، وذلك بأغنيته الأشهر على الإطلاق “حوماني”!، وربما علينا أن نشكر كافون أيضاً على المحاولات القليلة الناجحة إلى حد الآن من أجل أن يكون صوت الشباب المهمش”، يضيف صاحب “قصائد مؤقتة”: “لقد كانت جرأته جرأة مجنونة عابثة خاطفة كما تعبر عن نفسها، وما لا نتوقعه في أغنيته/ قصيدته وما لا نصدقه أنها تأتي بأفعال جسام، بما في ذلك استخفافها وعدم اكتراثها بالأمن والجسد والحياة والترف والصفاء المفزع وعمق اللذة في كل دمار، في كل استمتاع بالنصر وبالهزيمة، وذلك ما كان ينبغي أن يظهر في القصيدة الحديثة المحلوم بها عند شعراء الحداثة العربية”. يرى عادل المعيزي أن ما عاشه كافون وما جربه وما هضمه ليس أكثر بروزاً في الوعي من السيرورة ذات التعرجات المتعددة التي بها جرى غذاؤه بالجسد، هو ما يسميه نيتشة الالتهام بالجسد. “فقد كان إبداعه الفني يلتهم جسده في كل مرة، إذ مع كل عمل فني جديد يضطر إلى بتر قليل من ساقيه بداية بالأصابع فباطن القدم فالكعب فالكاحل فمقدمة الساق فربلتها فالركبة فالفخذ، إلى أن انتهى جسده في أغنية صعدت إلى السماء ثم توزعت، خلال قرن سيأتي، في وجدان الأجيال المتعاقبة، في حين ما زال الأطباء يرددون أنه مصاب بمرض نادر يتمثل في ضيق عروق قدمه، مما لا يسمح بمرور الدم”. ويرى الشاعر رضوان العجرودي أن كافون كان تجربة فنية فريدة، وصوتاً غنائياً مشغولاً برسالته، وهي رسالة تحرر في الأساس وانعتاق من كل ضغط اجتماعي وسياسي وأيديولوجي. يضيف صاحب “فرح يختفي في المرآة”: “كثيراً ما يتردد في الوسط الشعري التونسي أن القصيدة المغناة الشعبية تتجاوز أحياناً القصيدة الفصحى نثراً كانت أو تفعيلة، وأنا أرى أن كافون تمكن من التقاط كلمات و مناخات دائماً ما يتحاشاها شاعر الفصحى التونسي. بالنسبة إلي كان كافون علامة موسيقية مهمة في الشارع التونسي و المنطوق اليومي أيضاً، وأسهمت موسيقاه الخفيفة في أن تجد الكلمة مكانها أمام سطوة اللحن في غالب الأمر”. يؤكد العجرودي أن كافون، في اختيار كلمات أغانيه، كان متحرراً من كل محاذير الشعر الذي ينشر، لذلك وصلت معاني أغانيه إلى فئات وشرائح مختلفة، ويجمع شعراء كثر من تونس أن كافون كان نمط راب مختلف عن البقية. يضيف الشاعر التونسي رضوان العجرودي: “بحكم أن كافون يعتبر من جيلي، وتجمعنا صداقات مشتركة فإني أعتبر أحمد العبيدي أو كما يحلو للأصدقاء مناداته ’حمد‘ قبل أن يظهر باسم كافون، اعتبره صوتاً متفرداً عايش فترات مهمة في سنوات الشباب الذين عايشوا عام 2011 والتغير السياسي والاجتماعي بتونس، لقد كان صوت الشباب وصوتنا جميعاً لكن بصورة مختلفة ومؤثرة”. فنان الهوامش وفي تصريح خاص بـ”اندبندنت عربية” يقول الإعلامي التونسي محمد بالطيب: “يمثل كافون قصة استثنائية في تاريخ الراب التونسي، من خلال خامة صوته المميزة، وأيضاً من خلال موسيقى الريغي التي يعتمدها ويشتغل عليها، لذلك فإن كافون يخرج من التصنيف الضيق للراب إلى تصنيفات أوسع تعتمد تنويعات موسيقية مختلفة بتوزيعات إيقاعية تعطي لفنه فرادة، خصوصاً وسط المشهد الفني في تونس. وبخلاف القوالب الموسيقية فإن كلماته أيضاً لها قدرة كبيرة على اختراق الذوائق المختلفة لمختلف الأجيال والطبقات الاجتماعية، لذلك كان جمهوره الفني واسعاً جداً، ولذلك أيضاً رسخت كثير من كلماته وأغانيه في الذاكرة التونسية، خصوصاً وأنها تزامنت مع لحظات سياسية واجتماعية فارقة في التاريخ التونسي الراهن. بالتالي فإن كافون يمثل إحالة إلى حقبة كاملة عاشتها تونس وعاشها الشباب التونسي، حقبة مليئة بالأحلام والخيبات في آن، وفي كلتا الحالتين كان كافون بفنه معبراً عن ذلك حلماً وخيبة”. يرى محمد بالطيب أن كافون أيضاً هو قصة ملهمة، سيرة مميزة لفنان صعد من الهامش الاجتماعي إلى قلب المشهد الثقافي وحقق نجاحات كبيرة واستثنائية، وظل يعمل على تطوير نفسه وتوسيع نشاطه الفني من الكتابة إلى الموسيقى والتلحين إلى الغناء والتمثيل. وفي كل المحطات كان يعطي نموذجاً مبهراً للنجاح. يستطرد الإعلامي التوني: “سيرة كافون تمثل قصة ملهمة لآلاف الشباب الحالم في الهوامش الاجتماعية، قصة تعطي الأمل وتشحن بالإرادة. ومع كل هذا تبقى أهم مميزات كافون -وأجملها- هي قدرته على التواضع والبساطة، فعلى رغم كل نجاحاته ونجوميته ظل وفياً لشريحته الاجتماعية والطبقية ومعبراً عنها، متكلماً بلسانها ومعاجمها ووفياً لقيمها، وبصدق واضح جعله محبوباً عند الجميع ومن مختلف الأطياف والشرائح”. وعلى رغم تموقعه السياسي في لحظة شديدة التوتر في تاريخ تونس السياسي فإنه كان دوماً بعيداً من كل ما يجعل مواقفه عاملاً للتفرقة أو التصادم، هذا ما يؤكده بالطيب، مضيفاً: “كان فناناً وفياً للهوامش الاجتماعية وقضاياها بلغة فنية مبتكرة وبقوالب موسيقية فيها كثير من الإبداع والشغف والتعب والتطوير المتواصل، قاوم أمراضه بكثير من القوة والفرح، لم يجعل من مأساته الخاصة دراما، بل شحنها ليحولها إلى فرح وفن، ورحل خفيفاً ومحبوباً وترك بصمة جميلة في الثقافة التونسية على رغم صغر سنه وعلى رغم قصر عمر تجربته”. المزيد عن: مطرب تونسيفن الرابالشبابموسيقىالغناء الاصيلالغضبالأمل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post Sullivan children still missing after Mounties search nearby lakes next post الـ” يونيفيل” في جنوب لبنان… معضلة التجديد والصلاحيات You may also like محمود الزيباوي يكتب عن: شاهدان جنائزيان من البحرين... 13 مايو، 2025 شوقي بزيع يكتب عن: تريستان وإيزولد يرسمان للعشق... 13 مايو، 2025 هل من المسلمات أن الإيطالي روسيني تفوق على... 13 مايو، 2025 “حي بن يقظان” ما زال يعاصرنا بعد 850... 13 مايو، 2025 يوم زاوج بلزاك في “الجلد المسحور” بين الفانتازيا... 13 مايو، 2025 “بيبي جيرل” الانتصار للرغبة ولو بكسر القواعد 13 مايو، 2025 «جماليات الإفصاح الوجداني»… قراءات في الأدب الألماني 12 مايو، 2025 “العروس الشابة” رواية فانتازية للإيطالي أليساندرو باريكو 12 مايو، 2025 مونتسكيو يخرق صرامة “روح الشرائع” بكتابة لئيمة ساخرة 12 مايو، 2025 تاريخ بأسره وإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس وفيلم... 11 مايو، 2025