روبرت دي نيرو على رغم عظمته كممثل، هو أسوأ خيار ممكن لتجسيد رئيس أميركا في الوقت الحالي (نتفليكس) ثقافة و فنون رؤساء أميركا في هوليوود والدراما “مثالية زائفة” by admin 4 مارس، 2025 written by admin 4 مارس، 2025 22 يلتزم مسلسل “يوم الصفر” الذي تعرضه “نتفليكس” بتقليد طويل في هوليوود، إذ تقدم الشخصيات الرئاسية الأميركية في صورة نبيلة لكن وسط تأثير حراك “ماغا”، لماذا لا تواجه أميركا صورتها الحقيقية؟ اندبندنت عربية / فيل هاريسون في المشهد الافتتاحي من مسلسل “يوم الصفر” Zero Day السياسي التشويقي الجديد الذي تعرضه “نتفليكس”، وبعد هجوم سيبراني هائل ومميت ضرب الولايات المتحدة، ينطلق الرئيس الأميركي السابق جورج مولن الذي يجسده روبرت دي نيرو في جولة مرتجلة عبر مدينة منكوبة. ويقف أمامه حشد يتأرجح بين الغضب والعداء، حتى يتقدم أحدهم باندفاع ويواجهه بتحد غاضب. ويتوقف مولن ليخاطبه مباشرة بنبرة تجمع بين الطمأنينة والمواجهة الخفيفة. ويطرح عليه تحدياً – وعلى مستوى أوسع، يطرحه على الأمة بأكملها – يدعو فيه الجميع إلى البحث عن أفضل ما في أنفسهم لمواجهة الأزمة. وسرعان ما يستجيب الرجل، مقتنعاً على ما يبدو بأن أميركا على رغم كل شيء قد تكون بالفعل في أيد أمينة. والمفارقة أنه في ظل الأحداث الأخيرة، فإن الرئيسة الحالية في العالم الخيالي لـ”يوم الصفر” هي امرأة سوداء تدعى إيفلين ميتشل وتؤديها أنجيلا باسيت. وهذا بلا شك أمر رائع لكن لنكن واقعيين، هل يتوقع منا حقاً أن نصدق هذا السيناريو المثالي، إذ يمكن للأميركيين حتى في خضم الفوضى، أن يتوحدوا تحت نداء حزبي جامع للصالح العام؟ في الواقع، لا يثير ذلك سوى ابتسامة ساخرة ممزوجة بالمرارة. وفي الحقيقة، كثيراً ما حملت صورة الرؤساء الأميركيين في الأعمال الدرامية بعداً كوميدياً طفيفاً، وكلما زادت جديتهم في تقديم أنفسهم، زادت هذه الكوميديا وضوحاً. وعلينا الاعتراف بأن جورج مولن يأخذ نفسه على محمل الجد بصورة استثنائية. ولكن، سواء كان الأمر يتعلق بالتقوى الليبرالية الصارمة التي جسدها مارتن شين في شخصية جيد بارتليت، المثال الفاضل في مسلسل “الجناح الغربي” The West Wing، أو بروح الطيار المقاتل المندفع التي أضفاها بيل بولمان على شخصية توماس جيه ويتمور في فيلم “يوم الاستقلال” Independence Day، فقد كانت هذه الشخصيات دائماً تمثل تجسيدات جادة، وإن بدت أحياناً مبالغاً فيها، لصورة أميركا عن ذاتها. لكن ماذا يحدث لمفهوم الرئيس الخيالي عندما يكون الرئيس الحقيقي في البيت الأبيض مداناً جنائياً؟ لا تعمل حركة “اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً” (ماغا) فقط على تفكيك البنية الإدارية والنظم الديمقراطية لأميركا، بل إنها تعمل بسرعة على تفكيك هوية أميركا ذاتها. في عدة مشاهد من “يوم الصفر“، يغرق مولن في صراع داخلي حول السلطات التنفيذية غير المسبوقة التي منحت له. ويعلن قائلاً “لن نحاول التلاعب بأي شيء. ويجب أن يعرف الشعب الأميركي الحقيقة”. لكن في عصر دونالد ترمب، تبدو هذه الجملة أشبه بمفهوم قديم وبريء للغاية – لماذا لا يستغل الرئيس كل شيء أمامه، ويكذب في شأنه ثم يطالب بمزيد؟ يمكن القول إن روبرت دي نيرو على رغم عظمته كممثل، هو أسوأ خيار ممكن لمعالجة هذا الموضوع. فهو لم يخف يوماً ازدراءه التام لدونالد ترمب، وفي تصريحاته العلنية يبدو أنه ينقل وجهة نظر تكاد تكون سائدة في أوساط هوليوود. يمثل انتصار ترمب نهاية حقبة، بينما يجسد دي نيرو في دوره تصوره الخاص عن رئيس أميركي سابق مثالي، إذ يمنح شخصية جورج مولن نوعاً من النبل الجريح والخشونة العتيقة. لكن في ظل الواقع الجديد الذي اختاره الناخب الأميركي، لمن يوجه هذا المسلسل بالضبط؟ من الواضح أن ما يعرف بالحرب الثقافية التي تخوضها النخب لم تترك أثراً يذكر في سياق الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. كانت كامالا هاريس تحظى بدعم ثقافي هائل، يضم أسماء مثل تايلور سويفت وبيونسيه وبروس سبرينغستين ومادونا، إلى جانب عشرات من الرموز المهمة في الثقافة والفن. وفي المقابل، كان ترمب مدعوماً من كيد روك وهالك هوغان. ومع ذلك، وعلى رغم صعوبة تقبل هذه الحقيقة، حصد ترمب التصويت الشعبي. وفي النهاية، لم يكن لافتقاره إلى النفوذ الثقافي أي تأثير يذكر. بل إن فوزه، الذي يحمل في طياته نزعة شبه عدمية، يشير إلى أن افتقاره لجاذبية المشاهير ربما كان ميزة وليس عيباً. مارتن شين وبيل بولمان في دور رئيس الولايات المتحدة في مسلسلي “الجناح الغربي” و”يوم الاستقلال” (إن بي سي/استوديو قرن الـ20 فوكس) إذن، أين تضع هذه الظروف الأعمال الدرامية ذات الحساسية السياسية التي يتمتع بها “يوم الصفر”؟ من حيث موقعها عند تقاطع السياسة والثقافة، فإنها تبدو أقرب إلى مشاهدة دراما تاريخية مألوفة وهادئة، كما أثبتت مسلسلات مثل “العودة إلى برايدزهيد” Brideshead Revisited و”داونتون آبي” Downton Abbey، فإن الناس يجدون عزاء في وضوح الماضي عندما يصبح الحاضر مثيراً للقلق. وعلى رغم أن “يوم الصفر” يحمل بصمات عصرية ظاهرياً – بدءاً من المذيعين الصاخبين المثيرين للجدل، إلى الإرهابيين الانعزاليين، ووصولاً إلى هشاشة العالم المترابط – فإنه يبدو خارج السياق الزمني، وكأنه تمرين في استدعاء الحنين إلى الماضي. بالطبع، ليس هذا خطأ “يوم الصفر” في حد ذاته. فعند النظر إليه بتجرد، هو عمل جيد- حبكته متشابكة، ومشحون بالأخطار والإثارة. كما أن إنتاجه بدأ منذ أعوام، قبل أن يصبح صعود ترمب السياسي مرة أخرى أمراً وارداً في الحسبان. فكيف كان بإمكان صناعة التنبؤ بأن محاولة انقلاب على المؤسسات الأميركية لن تؤثر في فرص ترمب في العودة إلى السلطة مجدداً؟ والسؤال الآن، ماذا بعد؟ قد يكون هذا الوضع فرصة جديدة بحد ذاته، فإذا كانت صورة الرئيس الليبرالي المثالي والعقلاني التي تقدمها هوليوود فقدت بريقها كفكرة، فهذا يمنح الدراما مساحة غير مسبوقة من الحرية. إذا كان لا بد من وجود رؤساء أميركيين خياليين، فإن هذا العصر هو بالتأكيد الوقت المناسب لتقديم شخصيات شريرة فاسدة، أو حتى مجنونة. فبالنظر إلى الجدية التي أصبحنا ملزمين بها عند التعامل مع دونالد ترمب، من غير المنطقي أن نتوقع منح الشخصيات الرئاسية الخيالية المستوى نفسه من الاحترام الأخلاقي. بل على العكس، ينبغي على الكتاب أن يتجهوا نحو الكوميديا اللاذعة والعبثية. ربما عليهم تقديم شخصيات على غرار الرئيسة سيلينا ماير (التي جسدها جوليا لويس دريفوس) في مسلسل “فيب” Veep، التي تترك موظفيها يواجهون مصيرهم في إيران بينما تنشغل بإدارة التغطية الإعلامية لكارثة تسببت فيها بنفسها؟ أو ربما الرئيس ميركين مافلي (أداه بيتر سيلر) في فيلم “دكتور سترينجلوف” Dr. Strangelove، الذي يقوم بتدمير العالم في نهاية المطاف؟ تتطلب الأوقات المتطرفة حلولاً خيالية متطرفة. ومن يدري؟ ربما بعد بضعة أعوام من تصوير الرؤساء كمسوخ وأشرار، قد يصبح الجمهور الأميركي أخيراً مستعداً لاستقبال رئيس يشبه جورج مولن في الواقع – أو حتى رئيسة مثل إيفلين ميتشل؟ © The Independent المزيد عن: مسلسلات نتفليكسروبرت دي نيروالرئيس الأميركي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “الأسود الصغيرة” للأميركي إرفن شو: كل حرب مجرد مجزرة عبثية next post شون بايكر أول سينمائي ينال شخصيا 4 جوائز أوسكار You may also like موسكو تعلن على الأدب الأوكراني حرب الغاء الهوية 4 مارس، 2025 شون بايكر أول سينمائي ينال شخصيا 4 جوائز... 4 مارس، 2025 “الأسود الصغيرة” للأميركي إرفن شو: كل حرب مجرد... 4 مارس، 2025 فيلم إسرائيلي – فلسطيني يفوز بـ”أوسكار” 4 مارس، 2025 دراما رمضان العراقية بلا مفاجآت بعيداً من “الجنة... 4 مارس، 2025 كيف يستمر منتدى أصيلة بعد رحيل رائده محمد... 3 مارس، 2025 صوتان شعريان بين الواقعية العصرية والفانتازيا الساخرة 3 مارس، 2025 ساره برنار… سيرة مدهشة للسفر والرسم والكتابة والتلاعب... 2 مارس، 2025 الغرام يعيد ستيفن كينغ إلى بطلته السابقة هولي 2 مارس، 2025 فيلم لأيقونة حركة “أنا أيضاً” اليابانية يترشح لجائزة... 2 مارس، 2025