مسلّحو "حماس" يشرفون على عملية تبادل الأسرى مع إسرائيل في غزة يناير (كانون الثاني) 2025 (رويترز) بأقلامهمعرب وعالم دنيس روس – ديفيد ماكوفسكي: الطريق نحو تغيير جذري في الشرق الأوسط by admin 8 فبراير، 2025 written by admin 8 فبراير، 2025 21 أصبح ترمب الآن في موقع قوي يمكنه من المساعدة في إنهاء حرب غزة وإعادة الرهائن وإحباط طموحات إيران النووية اندبندنت عربية / دنيس روس – ديفيد ماكوفسكي – مترجم عن “فورين أفيرز” 3 فبراير (شباط) 2025 بدأ دونالد ترمب رئاسته طامحاً بأن يلعب دور صانع السلام، وقد أعرب عن هذه الرؤية في خطاب تنصيبه معلناً أن إدارته “لن تقيس نجاحها بالمعارك التي ننتصر فيها وحسب، بل أيضاً بالحروب التي ننهيها، وربما الأهم من ذلك بالحروب التي لا نخوضها على الإطلاق”. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم احتفى بنجاح اتفاق وقف إطلاق النار في مقابل الإفراج عن الرهائن في غزة وشمل ذلك إحضار عائلات المحتجزين الإسرائيليين إلى حفل التنصيب، وقد جاهر بفخر “نحن نحرر عدداً كبيراً من الناس خلال فترة قصيرة من الزمن”. لا شك في أن ترمب ساعد في تأمين اتفاق وقف إطلاق النار، ولكن كي يكون صانع سلام قادر على إحداث تحول في الشرق الأوسط فلا يزال أمامه كثير من العمل، والقضيتان الرئيستان اللتان يواجههما هما غزة وإيران، ففي غزة تختلف وجهات نظر إسرائيل و”حماس” حول ما هو مطلوب لتحقيق المرحلة الثانية من الاتفاق التي ستؤدي إلى الإفراج عن الرهائن الباقين وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، أما إيران فهي تسرّع برنامجها النووي إذ قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إنها نها تمضي بخطى متسارعة في هذا المسار. وهكذا تستمر طهران في تشكيل تهديد وجودي لإسرائيل، ومن المرجح أن يهيمن هذان الملفان على المحادثات المقبلة بين ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض. الواقع أن ترمب يستطيع، وربما قد يضطر، إلى معالجة كل مشكلة على حدة، فكلاهما يمثل خطراً في حد ذاته، وبرنامج إيران النووي يعد من أكبر التهديدات للأمن العالمي، وفي حال أصبحت إيران دولة نووية فمن المحتمل أن تسعى السعودية أيضاً إلى الحصول على قنبلة نووية مما يزيد خطورة منطقة تعتبر بالفعل واحدة من أكثر المناطق اضطراباً في العالم، ولكن قد تكون أسهل طريقة للتعامل مع قضيتي غزة وإيران هي معالجتهما معاً. يتردد نتنياهو في التحرك نحو وقف دائم لإطلاق النار جزئياً لأنه يخشى أن يؤدي ذلك إلى انهيار حكومته وإجراء انتخابات باكرة، ولكن بالنسبة إليه لا توجد قضية أكثر أهمية من منع إيران من امتلاك سلاح نووي، ولقد كان هذا هو الهدف المحوري لمسيرته السياسية الطويلة، فعلى سبيل المثال خلال تصريحات أمام الكنيست قبل أعوام، أكد نتنياهو أن وقف البرنامج النووي الإيراني هو السبب الذي يستيقظ لأجله كل صباح، وكلما تمكن ترمب من إظهار استعداده للعمل مع إسرائيل في ما يخص إيران، أصبح من الأسهل على نتنياهو اتخاذ قرارات صعبة في شأن غزة. وهذا لا يعني بالضرورة أن ترمب يجب أن يتسرع في استخدام القوة العسكرية، فقد أشار إلى استعداده لإبرام صفقة مع طهران ووعد مراراً وتكراراً خلال حملته الانتخابية بأنه سيسعى إلى اتباع حملة الضغط الأقصى لوقف البرنامج النووي الإيراني، ومن المرجح أن يحاول استخدام النفوذ الاقتصادي للتوصل إلى اتفاق، لكن ذلك يستوجب أن يبعث برسالة واضحة إلى كل من نتنياهو وطهران مفادها أنه سيدعم الضربات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية إذا أخفقت الدبلوماسية، ومن خلال الموافقة على دعم الضربات الإسرائيلية سيزيد ترمب فرص نجاح الدبلوماسية الأميركية مع طهران، إذ سيفهم القادة الإيرانيون العواقب الوخيمة المترتبة على فشل الدبلوماسية. وفي الوقت نفسه، بالنسبة إلى نتنياهو، فإن وجود نهج أميركي متفق عليه بصورة مشتركة للتعامل مع ما يراه التهديد الأهم، لا بل الوجودي لإسرائيل، سيجعل من الأسهل عليه اتخاذ القرار السياسي الصعب بتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى بالكامل والمضي قدماً في وقف إطلاق النار، وإذا نجح هذا النهج فسيتيح لإدارة ترمب إنهاء الحرب بصورة دائمة وفتح آفاق جديدة لعلاقات إسرائيل مع الدول العربية، والأهم من ذلك معالجة التهديد الذي تمثله إيران، أخطر عدو للولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط. من يتراجع أولاً؟ لم يطرأ تغيير كبير على إطار اتفاق وقف إطلاق النار بين “حماس” وإسرائيل مقارنة بالنسخة التي تفاوضت عليها إدارة بايدن في مايو (أيار) 2024، لكن إصرار ترمب على إبرام الاتفاق قبل تنصيبه هو ما ضمن نجاح هذه الصفقة، فلم يرغب نتنياهو في رفض طلب مبعوث ترمب الجديد إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لاعتقاده أن ذلك قد يلحق الضرر بعلاقته مع الرئيس، وفي غضون ذلك رأت مصر وقطر في إتمام الاتفاق فرصة باكرة لكسب ود الإدارة الجديدة، ومن المرجح أنهما أخبرتا “حماس” أن من مصلحتها إبرام الاتفاق، إذ لن تحصل على صفقة أفضل في عهد ترمب الذي نشر على منصة “تروث سوشيال” في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن هناك “ثمناً باهظاً” سيُدفع في حال عدم إطلاق الرهائن بحلول تاريخ توليه المنصب. لكن إبرام الصفقة شيء وتنفيذها شيء آخر، فالاتفاق يتألف من ثلاث مراحل، وعلى رغم أن المرحلة الأولى تمضي قدماً فقد شابتها خلافات بالفعل، ويبدو أن “حماس” تختبر حدود الاتفاق، فقد تأخرت في تقديم قائمة الرهائن الذين تنوي الإفراج عنهم، ولم تطلق في البداية أربيه يهود، وهو أحد الرهائن المدرجين في القائمة، وردت إسرائيل بمنع عودة الفلسطينيين لشمال غزة. وعلى رغم التغلب على هذه العقبات واستمرار الاتفاق فإن “حماس” قد تعترض على رفض إسرائيل إطلاق بعض أبرز السجناء على قائمتها، بمن في ذلك مروان البرغوثي وأحمد سعدات، والسؤال الأكبر الذي يظل مطروحاً هو ما إذا كان بالإمكان التفاوض على المرحلة الثانية من الاتفاق، فإذا قررت “حماس” أن الإسرائيليين غير جادين، والعكس صحيح، فقد لا يتمكن الطرفان من المضي قدماً، ومع بدء مفاوضات المرحلة الثانية في الثالث من فبراير (شباط) الجاري فإن خلافاتهما قد تؤدي إلى تعقيد استكمال المرحلة الأولى. وقد أبلغ نتنياهو شركاءه في الائتلاف بأنه لم يلتزم بإنهاء الحرب جزئياً بسبب تهديدات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بإسقاط الحكومة إذا استمر تنفيذ المرحلة الثانية، كما روّج نتنياهو لالتزامات وتعهدات حصل عليها من ترمب والرئيس الأميركي السابق جو بايدن بأنه سيُسمح لإسرائيل باستئناف الحرب إذا لم تتفاوض “حماس” بجدية أو انتهكت الاتفاق، وأكد مستشار الأمن القومي في إدارة ترمب، مايك والتز، هذا التعهد مشدداً على ضمان الدعم الأميركي. إبرام صفقة وقف إطلاق النار شيء وتنفيذها شيء آخر وبعبارة أخرى فإن انتهاك “حماس” الاتفاق سيمنح نتنياهو فرصة لتجنب الخيار الصعب المتمثل في تعريض حكومته ومسيرته السياسية للخطر من أجل إنقاذ الرهائن الباقين وإنهاء الحرب بصورة دائمة، وهذا ما قد تفعله الحركة بالتحديد، ففي نهاية المطاف ألقى كبير المفاوضين في الحركة، خليل الحية، خطاباً متشدداً في اليوم الذي أُعلن فيه وقف إطلاق النار، أشاد فيه بأحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وعمليات القتل الجماعي التي جرت آنذاك باعتبارها “مصدر فخر”، ملمحاً ضمناً أنه يجب تكرارها. ولكن على رغم أن لا أحد يجب أن يراهن على أن حسابات “حماس” العقلانية ستتغلب على دوافعها الأيديولوجية، فمن الممكن أن ترى الحركة أن لديها مصلحة في التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم ولو من باب منح نفسها فترة راحة أطول تتيح لها فرصة لاستعادة قدراتها، ومن غير الممكن أو المقبول لأية حكومة إسرائيلية (أو المجتمع الدولي) السماح باستمرار حكم “حماس” في غزة بعد الحرب، والواقع أنه لضمان عدم حدوث ذلك وعدم ترك أي فراغ سياسي، ستحتاج إدارة ترمب إلى العمل مع مصر والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى لإنشاء إدارة بديلة موقتة، وقد تدعم هذه الحكومة الموقتة العودة التدرجية لسلطة فلسطينية إصلاحية إلى غزة، ومع ذلك فقد توافق “حماس” على التنحي في الأقل خلال الوقت الحالي، وعلى رغم أن الحركة قد لا تضع حاجات سكان غزة على رأس أولوياتها لكن الأحداث الأخيرة تُظهر في الأقل أنها تولي بعض الاهتمام لصورتها أمام الرأي العام، فعندما تصاعد غضب الفلسطينيين بصورة واضحة بسبب عدم قدرتهم على العودة للشمال بدأت الحركة تحترم جانبها من اتفاق وقف إطلاق النار. كما تدرك “حماس” أيضاً أنها إذا أصرت على البقاء في السلطة خلال هذه المرحلة فإن الصراعات مع إسرائيل ستكون حتمية وأن ترمب سيقف على الأرجح إلى جانب الإسرائيليين، وقد يرحب قادة “حماس” بفرصة إنشاء إدارة إقليمية ودولية لغزة مع وعد حقيقي بالإغاثة وإعادة الإعمار، (ففي كل الأحوال قد تعتقد “حماس” أنها قادرة على إيجاد السبل لإعادة ترسيخ وجودها في غزة بعد الحرب). من جانبه على نتنياهو أن يدرك أنه إذا انتهكت إسرائيل الاتفاق في حين التزمت “حماس” به فقد يكون لذلك ثمن، ليس على مستوى الرأي العام الإسرائيلي الذي يفضل الاتفاق على نطاق واسع لأنه يضمن إطلاق الرهائن الباقين وحسب، بل أيضاً على مستوى علاقته بترمب، فالرئيس الأميركي أعلن بالفعل أن الاتفاق يمثل انتصاراً له ولن يرغب في أن يؤدي فشل الاتفاق إلى تشويه صورته كصانع للسلام، كما أن استئناف الحرب في غزة سيجعل من شبه المستحيل على ترمب التوسط في العلاقات بين السعودية وإسرائيل، إذ ترفض الرياض التحرك نحو اتفاق سلام مع إسرائيل ما دامت الحرب مستمرة في غزة. نقاط الضغط بالطبع يهتم نتنياهو بالبقاء في منصب رئيس الوزراء أكثر من اهتمامه بإرضاء ترمب، ولكن هناك قضية واحدة قد يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي مستعداً للمخاطرة بحكومته وخوض انتخابات من أجلها: إيران وبرنامجها النووي، فلقد كان منع إيران من تهديد وجود إسرائيل هو أهم قضية بالنسبة إلى نتنياهو حتى أكثر من عقد اتفاق سلام مع السعودية الذي كان محور تركيزه في الآونة الأخيرة، وتعود مخاوفه في شأن السعي الإيراني إلى امتلاك سلاح نووي إلى فترة ولايته الأولى في أواخر التسعينيات، وقد وصفها بأنها قضية “ونستون تشرشل” الخاصة به [أي أنه ينظر إلى التهديد النووي الإيراني باعتباره التحدي الأكبر، تماماً مثل تصميم ونستون تشرشل على مواجهة ألمانيا النازية وهزيمتها خلال الحرب العالمية الثانية]. وفي الواقع فإن الاتفاق مع ترمب الذي يهدف إلى توجيه ضربة حاسمة للبرنامج النووي الإيراني سيكون ذا قيمة كبيرة لنتنياهو، فهو قد لا يخاطر بحكومته من أجل إنهاء الحرب في غزة، لكنه موقفه قد يتغير إذا شعر بأن لديه تفاهماً إستراتيجياً مع ترمب يضمن بطريقة أو بأخرى أن الولايات المتحدة ستعمل على منع إيران من امتلاك سلاح نووي. من الناحية العملية فمن المرجح أن يفرض ترمب ضغوطاً اقتصادية أكبر بكثير، إضافة إلى استخدام التهديد بالقوة الإسرائيلية المدعومة من واشنطن لإيصال رسالة واضحة إلى الإيرانيين أن هناك خياراً دبلوماسياً وأن على إيران أن تنتهزه لتجنب ضربات عسكرية ستدمر البنية التحتية النووية التي بنتها خلال الـ 30 عاماً الماضية، ومن المؤكد أن هذه الرسالة لن تقلل من حافز إيران للتفاوض. في الواقع أشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ونائب الرئيس محمد جواد ظريف إلى استعداد طهران للتحدث مع إدارة ترمب بعد رفضها التعامل مباشرة مع بايدن مما يشير إلى أن طهران تشعر بالضغط، ولديها سبب وجيه للقلق: لقد ضعفت الجمهورية الإسلامية بصورة كبيرة خلال العام الماضي، فـ “حزب الله” درة تاج ما يسمى بمحور المقاومة تعرض لضربات قاصمة على يد إسرائيل، ومع سقوط نظام الأسد فقدت إيران إلى حد كبير جسرها البري عبر سوريا إلى لبنان، إضافة إلى استثماراتها الضخمة هناك، وقد أُحبطت الضربات الإيرانية ضد إسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول) 2024 إلى حد كبير، وجاء رد إسرائيل في أكتوبر ليدمر الدفاعات الإستراتيجية والصاروخية الجوية الإيرانية، إضافة إلى 90 في المئة من قدرتها على إنتاج الصواريخ الباليستية، ولم تكن البلاد قط هشة إلى هذا الحد، سواء من الخارج أو الداخل، وهي تعاني نقصاً كبيراً في إمدادات الكهرباء، وعملتها الوطنية ضعيفة للغاية، وفي ذلك السياق قال الخبير الاقتصادي الإيراني مرتضى أفقه إنه “من دون رفع العقوبات تبدو البلاد غير قادرة على إدارة الاقتصاد بصورة مستدامة”. وعلى رغم ذلك فقد تكون إيران غير مستعدة للموافقة على التراجع عن برنامجها النووي وتقليص مخزون ترسانتها من الصواريخ الباليستية إلى الحد الذي يطلبه ترمب أو نتنياهو، ففي النهاية انسحب ترمب من الاتفاق النووي الإيراني الأصلي عام 2018 لأنه لم يفعل أكثر من تأجيل خيار امتلاك إيران للسلاح النووي، لكن على إيران أن تدرك أن التهديد باستخدام القوة ليس خدعة إسرائيلية، ففي محادثاتنا الأخيرة مع أعضاء في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية كانوا غير مؤيدين سابقاً لفكرة مهاجمة المواقع النووية الإيرانية، فوجئنا بتغير آرائهم وقد جاء هذا التغيير جزئياً بسبب صدمة السابع من أكتوبر 2023، وأيضاً بسبب النجاحات العسكرية الإسرائيلية في لبنان وإيران.، وهناك اعتقاد ناشئ حتى بأن النظام الإيراني هش وأن فقدانه للبنية التحتية النووية المكلفة قد يؤدي إلى تغيير النظام نفسه. فن إبرام الصفقات إن المسؤولين الإسرائيليين الذين يؤيدون توجيه ضربة إلى البرنامج النووي الإيراني يعترفون بأن إسرائيل يجب ألا تشن الهجوم وحدها، بل يريدون الحصول على دعم مادي ودبلوماسي من الولايات المتحدة إن لم يكن مشاركة مباشرة، ومن المؤكد أن ترمب يمكن أن يطرح هذا المطلب الإسرائيلي خلال مناقشاته مع نتنياهو حول طريقة التعامل مع مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار، فضلاً عن العلاقة مع السعودية. ومن المحتمل أن ترمب الذي يتطلع إلى صنع السلام سيبدي تردداً في إبلاغ الإسرائيليين بأنه سيدعمهم في الحرب، ولكن نظراً لدعوته إلى ممارسة سياسة الضغط الأقصى على إيران، فمن المرجح أن يرى فائدة في الجمع بين زيادة الضغوط الاقتصادية والتهديد العسكري الإسرائيلي ذي الصدقية كأفضل وسيلة لضمان التوصل إلى تسوية تفاوضية، ومن جانبه سيوافق نتنياهو على تأجيل العمل العسكري بينما تسعى واشنطن إلى معرفة ما إذا كانت طهران مستعدة بالفعل للتخلي عن خيار امتلاك الأسلحة النووية، وللحفاظ على صدقية التهديد الإسرائيلي وضمان استمرار نفوذ تل أبيب في أي محادثات مع إيران فيجب أن تزود الولايات المتحدة إسرائيل بالقدرات اللازمة لتدمير “مصنع فوردو” لتخصيب الوقود، الموقع الوحيد الذي لا تستطيع إسرائيل تدميره بأسلحتها الحالية، وعلاوة على ذلك يجب أن تشترط واشنطن التزاماً مسبقاً صارماً من إسرائيل بعدم تنفيذ أي هجوم طالما أن جهود ترمب الدبلوماسية لا تزال تملك فرصة للنجاح، ولكن إذا فشلت الدبلوماسية وقررت إسرائيل تنفيذ الهجوم فينبغي أن تلعب القوات الأميركية دوراً داعماً من خلال تقديم المساعدة مرة أخرى في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية، لكن مع الامتناع من تنفيذ أية مهمات قتالية هجومية داخل إيران. إن انتهاء صلاحية آلية “سناب باك” [كبح الزناد] في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهي بند من بنود الاتفاق النووي لعام 2015 يسمح للولايات المتحدة بإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إيران، قد يوفر موعداً نهائياً للمفاوضات الأميركية – الإيرانية، ومثل هذا الموعد النهائي سيمنح واشنطن نفوذاً إضافياً ويمنع إيران من المماطلة ببساطة بينما تخزن مزيداً من اليورانيوم وتنقل بعضه إلى مواقع سرية. الآن أصبح ترمب في موقع قوي يمكنه من المساعدة في إنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن وإحباط طموحات إيران النووية، بل بإمكانه حتى أن يعمل على عد اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية وإنشاء مسار نحو إقامة دولة فلسطينية شرط أن يفي الفلسطينيون بعدد من المعايير الملموسة، وربما يكون قادراً على تحقيق كل ذلك من دون إطلاق رصاصة واحدة، وإذا كان جاداً في شأن موقفه من صنع السلام فعليه أن يقترح هذا النهج على نتنياهو، وفي نهاية المطاف قد تفشل جهوده لكن احتمالات النجاح اليوم أفضل مما كانت عليه في الماضي، ومن النادر أن تتلاقى المصالح بهذه السلاسة في السياسة الخارجية مما يمنح ترمب فرصة لتحقيق ما كان مجرد حلم بعيد المنال بالنسبة إلى أسلافه. دنيس روس هو مستشار في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وأستاذ في جامعة جورج تاون، وكان مبعوثاً أميركياً سابقاً إلى الشرق الأوسط، وشغل مناصب عليا في مجال الأمن القومي في إدارات ريغان وجورج بوش الأب وكلينتون وأوباما. ديفيد ماكوفسكي هو مدير برنامج العلاقات العربية الإسرائيلية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وهو أستاذ مساعد لدراسات الشرق الأوسط في كلية بول نيتز للدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز. عمل كمستشار أول للمبعوث الخاص للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في مكتب وزير الخارجية أثناء إدارة أوباما. المزيد عن: دونالد ترمببنيامين نتنياهوحماسوقف إطلاق النار في غزةالبرنامج النووي الإيرانيالأمن الإقليميإسرائيلالضغوط الاقتصاديةالشرق الأوسطالسعوديةالدبلوماسيةتحرير الرهائنفورين أفيرزصنع السلاماقرأها واسمعها 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post نزار عوض الله… «كلمة السر الخفية» في مفاوضات غزة next post تقارير: المغرب ومنطقتان متنازع عليهما في الصومال تُدرس كوجهات لنقل سكان غزة You may also like آلاف المعارضين الإيرانيين يطالبون من باريس بموقف دولي... 8 فبراير، 2025 أندريه كوليسنيكوف يكتب عن: الحرب الباردة التي يريدها... 8 فبراير، 2025 تقارير: المغرب ومنطقتان متنازع عليهما في الصومال تُدرس... 8 فبراير، 2025 نزار عوض الله… «كلمة السر الخفية» في مفاوضات... 8 فبراير، 2025 كندا تسعى لتعزيز التجارة مع أوروبا في ظل... 8 فبراير، 2025 وزراء الحكومة اللبنانية: اختصاصيون وكفاءات غير حزبية 8 فبراير، 2025 ما أبزر ملامح الحكومة اللبنانية الجديدة؟ وما التحديات... 8 فبراير، 2025 بالأسماء.. حكومة جديدة في لبنان من 24 وزيرا 8 فبراير، 2025 “هيئة تحرير الشام”… النشأة والتحولات الفكرية والعقيدة السياسية 8 فبراير، 2025 مصر تضغط بورقة السلام مع إسرائيل لوقف مخطط... 8 فبراير، 2025