السبت, أبريل 19, 2025
السبت, أبريل 19, 2025
Home » دلال البزري تكتب عن: الحرب الأهلية اللبنانية التي لم تنتهِ بعد

دلال البزري تكتب عن: الحرب الأهلية اللبنانية التي لم تنتهِ بعد

by admin

 

هل نتجنّب الحرب الأهلية فنستأهل سلاح حزب الله، أم نتخاصم معه فنقترب من الحرب الأهلية؟

العربي الجديد / دلال البزري – كاتبة وباحثة لبنانية

منذ نصف قرن، تحلّ ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية كلّ سنة (13 إبريل/ نيسان)، وتنطلق معها الاحتفالات التقليدية، إحياء شعار “تنْذكر وما تنْعاد” وقد أصابه الزمن فأصبح وسماً، واستعادة صورة “بوسطة” عين الرمّانة، من ألبومات الصور العتيقة (جريمة “البوسطة” التي أشعلت هذه الحرب). أنشطة يُراد لها أن تكون جذّابة، فحواها التذكير بـ”الثوابت والدروس والحكم المُستخلَصة” من هذه الحرب. ندوات ومؤتمرات ومعارض فنّية، وطاولات مستديرة بمشاركة وزراء، وأفلام وزيارات “نقاط التماس في العاصمة” (نقاط التماس كانت في أثناء الحرب هي الخطوط الفاصلة بين المنطقتَين المتقاتلتَين، الشرقية المسيحية والغربية المسلمة من بيروت)، ونبش أرشيف الصحافة واستكتاب المفكّرين والمثقّفين ومحاورة المؤرّخين، وتنشيط الجمعيات المعادية للحرب، ومقابلة رؤسائها… والجميع يستلهم انقساماً زادت فروعه بعد نهاية هذه الحرب. ثمّ همّ تاريخي يعبر هذه الفعّاليات كلّها، يتكرّر طوال هذه السنوات وقوامه، أنه في غياب “وحدتنا الوطنية”، ليس لنا كتاب مدرسي واحد يحوي سرداً لسنوات الحرب الأهلية. والسبب غياب منتصرين حقيقيين في هذه الحرب، الذين يكتبون عادةً التاريخ.

ولماذا لم يوجد منتصر واحد في هذه الحرب؟… الإجابات هي أيضاً جاهزة ومُستعادة من الأرشيف؛ لأن حافظ الأسد كان الرابح “الاستراتيجي” فيها؛ لأن حزب الله برز بعد الحرب صاحب دور رئيس؛ لأن المليشيات المسيحية جُرّدت من سلاحها؛ لأن الاتفاق الذي أنهى الحرب (اتفاق الطائف) سجّل انتصاراً جزئياً للتوازن الطائفي، ولكنّه عزّز الطائفية؛ لأن أصحاب الأدوار في هذه الحرب كانوا كُثراً؛ لأن الذاكرات مسيّسة، مُصابة بالطائفية؛ لأنه لم تحصل مصالحة وطنية شاملة، ولا أنشئت لجنة رسمية لتقصي الحقائق أو المحاسبة، ما سمح لرجال المليشيات المسلّحين (والمنزوع سلاحهم) بأن يدخلوا الحكومات؛ لأن خطاب الحرب كان الوقود الأرخص للتعبئة الطائفية، لأن نازحي الحرب، ومعتقليها ومختفيها وفقراءها ومفجوعيها، لم يجدوا عدلاً يسوّي أوضاعهم، أو يُعوِّضهم… هذا كلّه يعرقل مهمّة الباحثين عن انتصار يحسم ولو لمائة سنة واحدة، مسألة من هو المنتصر، ليُقدموا جدّياً على كتابة تاريخ واحد، إلى أن تُمحى نهائياً ذاكرة الذين عاشوا هذه الحرب، أو الذين سمعوا رواياتها من أجدادهم.

خطاب الحرب في لبنان كان الوقود الأرخص للتعبئة الطائفية

لكنّ الحذر واجب من أن تستمرّ هذه الحرب مائة سنة أخرى، وأن يتحوّل 13 إبريل (1975) فولكلوراً، بعد أن تكون الأسباب قد عشَّشت عميقاً في التراب اللبناني. فالحقيقة المرّة دائماً أن الحرب الأهلية لم تتوقّف. الخمسون سنة هذه عبرتها حروب على أنواعها، وبعضها تفوّق على الحرب الأهلية بشدّته، وتفنّن باختراع شرور صغيرة وكبيرة تحيي انقساماتها، غير القتل المتعارف عليه، القتل المعيشي من فساد وسرقة صريحَين، وتخصّص المسؤولين فيهما، وأفواج من الخارجين منهما، اسمهم “مهاجرون”، لكلّ واحد منهم حكاية، حادثة، تاريخ محدَّد حوّل حياته جحيماً، فكان الهروب. علامات قدرنا مع الحرب الأهلية ليست بعيدة من النظر، ومسألة تجدّدها (حاميةً أو باردةً) تخرج عن نيات المسؤولين بتجاوزها. كيف يحاسبون من اقترف الجرائم خلال هذه السنوات؟ هل تردعهم الخشية من إعادة إطلاق الرصاص المباشر؟ هل يكتفون بإبقاء النار هادئةً تجنّباً لسقوطهم، أو لتحمّل مسؤوليتهم بإشعالهم الحرب التي نعرفها؟

لا يستطيعون أن يُحاسِبوا، ولا أن يفكّكوا مفاصل الحرب السابقة، لذلك فإنهم يقومون بما يعرفونه؛ يتوافقون، أي يحوّرون، ويدورون حول الموضوع بخطط وحوارات وجلسات وأخذ وعطاء، ليصلوا إلى نتيجة منزوعة من فوائدها، ولكنّها “مؤقّتة”، بانتظار فرج خارجي ما. خذْ آخر معطيات هذا “المشهد الوطني”، يأخذ حزب الله وقتاً طويلاً ليسحب فكرة الانتصار من التداول بين أنصاره. خرج من الحرب ضعيفاً على الأقلّ، وعلى الأكثر منزوع الحجّة بإبقائه على سلاحه. العهد الجديد، من رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء في كلمات مهيبة، يقول الشيء نفسه: “لا سلاح للحزب بعد الآن”. تتألّف الحكومة الجديدة، ويبدأ ما يُفترَض أنه برنامج الرئيسَين، فتكون المعضلة هي نفسها: هل نتجنّب الحرب الأهلية فنستأهل سلاح حزب الله؟ هل نتخاصم معه فنقترب من الحرب الأهلية، أي ننصرف عن الحرب الأهلية الحامية ونبقي على الباردة؟

والضغط الأميركي لا ينفع كثيراً هنا. نقول لهم إن لنا “خصوصيةً”، وإننا لا نستطيع أن نحلّ المشكلات مرّة واحدة، ونحن بلد “معقَّد” و”حسّاس”… والمعضلة باقية. النيات مع حزب الله تبدو طيّبةً، له وزيران في الحكومة الجديدة، أخبار استيلاء الجيش على سلاح للحزب هنا وهنالك لا تخفّف من درجة المعضلة، فتكون مبادرة “إيجابية” بإقامة “حوار” مع الحزب من أجل بحث “الاستراتيجية الدفاعية”، أي في طريقة نزع سلاحه، وقد لا تنتهي إلى شيء واضح. وقد لا نعرف كمّية ونوعية السلاح الذي صادره الجيش، وما تبقّى منه في مخازن حزب الله، ويكون مسار هذا كلّه مسطوراً بحبر “التوافق”، ذاك الاختراع اللبناني، الذي أبقى شعلة الحرب الأهلية هامدة.

بعد 20 سنة، سوف يُكتب عن الحرب الأهلية بمناسبة 13 إبريل (1975)، وقد لا نجد وقتها أيضاً ما نبني عليه لمعرفة هذه الحقبة المشتعلة من حرب أخرى. هل يكون حزب الله “انتصر” في حربه ضدّ إسرائيل؟ هل يكون هُزِم؟ لا هذا ولا ذاك، ربّما. سيكون “التوافق”، سدّاً منيعاً أمام أيّ حسم، أمام أيّ سردية ذات مصداقية، لا تكون إرثاً عائلياً أو طائفياً، جال به أصحابه في بقاع الدنيا. “ربّما” نقول. لأنه في هذه الأثناء، نحن بانتظار إيران، كما كنّا طوال سنوات حروب حزب الله في لبنان. هل تتفق إيران مع أميركا في مفاوضاتهما الجارية، فتتنازل عن “أذرعها” مقابل ثمن أكبر، معدّلات اليورانيوم في مفاعلاتها النووية مثلاً، أو صناعتها للصواريخ الباليستية؟

وفي هذه الحالة، هل “نتوافق” ولو “مؤقّتاً”، على سلاح الحزب، ويُسلَّم هذا السلاح إلى الجيش، أو جزء منه، أو كلّه؟ من يعرف بالضبط، فينخرط العهد الجديد بتنفيذ وعوده الإصلاحية؟ وهل تطوى هكذا صفحة من فصول الحرب الأهلية الباردة، لتحضر أخرى تم “التوافق” عليها، أعادت فتح هذه الصفحة من جديد، مثل قانون الانتخابات التشريعية بعد سنة؟ وتلك الانتخابات البلدية في الشهر المقبل (مايو/ أيار)، التي أعادت إحياء أحزاب الطوائف المتناحرة؟

المزيد عن: حزب اللهالحرب الطائفيةاتفاق الطائفحافظ الأسد

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili