داخل "متحف العار" حيث خطط لينين لثورته الدموية X FILE داخل “متحف العار” حيث خطط لينين لثورته الدموية by admin 1 فبراير، 2024 written by admin 1 فبراير، 2024 60 تسليط الضوء على التاريخ المذهل لقاعة العمال السوفيات السابقة في فنلندا التي أضحت مصدراً عميقاً للإحراج والخلاف مع دولة مجاورة لروسيا اندبندنت عربية / جون كامبفنر “المتحف الأكثر بغضاً في فنلندا يرحب بكم”. ليست تلك عبارة ترحيب اعتيادية يلقيها مدير متحف، ولكن كالي كاليو يخوض معركة شاقة ليحافظ على وجود متحفه. وليس من المفاجئ أن متحفاً تمت تسميته باسم قائد الثورة البلشفية قد لا يلقى استحساناً في دولة انضمت لتوها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولكن هذا هو مصير متحف لينين في تامبير. ولعل زوار ثالثة كبرى مدن فنلندا لا يعلمون حقاً أن ذلك المتحف موجود أساساً. وصحيح أن السلطات المحلية تموله، ولكنها تبدو محرجة بسببه. قم بتصفح موقع “زوروا تامبير” Visit Tampere الإلكتروني تجد معلومات عن الكاتدرائية، ومراكز السونا في الهواء الطلق، ومتحف العمال، ومتحف التجسس، وحتى المتحف المكرس لشخصيات مومين الكرتونية. أما متحف لينين فلا تكاد تجد له ذكراً. ويمثل هذا الأمر مفارقة مثيرة للفضول، نظراً إلى أن آلاف المواطنين السوفيات المخلصين كانوا في السابق يتوافدون عبر الحدود في مجموعات منظمة لزيارة المتحف والاحتفاء بذكراه. ولم يتم اختيار موقع المتحف عبثاً. ففي هذا المكان، أو بالأحرى في قاعة العمال التي يشغلها هذا المتحف اليوم، اجتمع فلاديمير إيليتش لينين وزمرة صغيرة من الثوريين في ديسمبر من عام 1905 ليحيكوا خططهم. كان من بين الحضور جوزيف جوغاشفيلي، المعروف باسم ستالين، الشاب القوقازي المثير للجدل والذي كان في العشرينيات من عمره آنذاك، وكانت مهمته تتمثل في تنظيم عمليات اختطاف وهجمات سطو على البنوك للمساعدة في تمويل الحركة. كانت تلك هي الموجة الأولى من الحركة البلشفية. وكانت روسيا قد خسرت حربها مع اليابان، واندلعت الانتفاضات في مختلف أنحاء البلاد، ليقوم القيصر نيقولا الثاني بإخمادها. أراد لينين أن يعقد اجتماعه في سان بطرسبرغ، ولكن اعتُبر ذلك مخاطرة كبيرة آنذاك نظراً إلى تلك الأجواء المحمومة. وعلى رغم أن فنلندا كانت تعد جزءاً من الإمبراطورية الروسية، ولكنها كانت تتمتع بحكم ذاتي نسبي وكانت تعد ملاذاً آمناً. وكانت حدودها تقع على مسافة أقل من 20 كيلومتراً عن العاصمة الروسية في ذلك الحين. تزايدت الانتقادات الموجهة للمتحف، وتحديداً منذ الحرب الروسية الأوكرانية (غيتي) كانت تامبير مدينة صناعية تفخر بمنجزاتها، واشتهرت بمصانع نسيج القطن (وما زالت تحب أن تطلق على نفسها اسم مانشستر فنلندا) وبالمسابك. وأمسكت مجالس العمل زمام السيطرة على المدينة لمدة وجيزة في الفترة التي لم يكن ثمة حامية روسية متمركزة فيها. قال لي كاليو وهو يشير إلى العناصر المعروضة: “يمكنك القول إن هذا كان مسقط رأس الاتحاد السوفياتي”. تضمنت المعروضات سلسلة من الصور الفوتوغرافية للرفاق الشباب وهم يتدربون على إطلاق النار في الغابات القريبة ونموذجاً عن النشرات الإخبارية للتجمع السري. ويصف الراوي كيف ذهب لينين إلى ساحة سوق تامبير وأعجب بالعرض إلى درجة كبيرة حتى إنه أعلن قائلاً: “إن أشخاصاً يصنعون مثل هذه النقانق السوداء يستحقون أن ينالوا استقلالهم”، إلا أنه ليس ثمة تسجيل له وهو يقول ذلك بالفعل. هذه واحدة من الأشياء العديدة المثيرة للفضول في هذا المتحف؛ فهو محاولة للمزج ما بين الجد وروح الدعابة، وبين الواقعي والخيالي. ولا تكمن قوته في تصويره للينين، أو تلك الأيام العصيبة في عام 1905، بقدر ما تكمن في ما تقوله عن علاقة فنلندا الغريبة جداً مع روسيا. بعد سقوط أسرة رومانوف في عام 1917 وهزيمة الألمان بعد ذلك بعام، كانت فنلندا في طي النسيان. تقول الأسطورة، أو بالأحرى كانت تقول، إن من أسباب قيام لينين بمنح الفنلنديين استقلالهم، امتنانه لهم لإيوائه في السنوات التي سبقت الثورة. خلال الحرب العالمية الثانية، وجدت فنلندا نفسها تقاتل على جميع الجبهات، لكنها في معظم الأوقات تحالفت مع النازيين. ومن اللافت للنظر أنها كانت الدولة الوحيدة المجاورة للاتحاد السوفياتي التي لم يتم الاستيلاء عليها بالقوة في عام 1945. وكان مطلوباً منها التنازل عن عُشر أراضيها ودفع تعويضات باهظة، ولكنها احتفظت باستقلالها. وقد جاء هذا بثمن؛ الحياد المشوب بالخضوع الشديد للكرملين. عُرف هذا لاحقاً باسم “الفَنْلَدَة” [اتباع النموذج الفنلندي]. الموجة الأولى من الحركة البلشفية ترتبط بتامبير (غيتي) يقول كاليو: “كان علينا أن نظهر أن سياستنا الخارجية قد تغيرت”. لقد كنا مع الألمان في الحرب. وكان إنشاء متحف لينين إحدى الطرق لإظهار استعدادنا للبدء من جديد. افتتح المتحف أبوابه في يناير (كانون الثاني) 1946 أمام جمهور من كبار الشخصيات السوفياتية والفنلندية. وجميع معروضاته تقريباً قدمتها مؤسسات من موسكو. وعلى مدار العقود الثلاثة التالية، زار المتحف نيكيتا خروتشوف، وكذلك فعل خليفته ليونيد بريجينيف، ورائد الفضاء يوري غاغارين. يتم تذكير الزائرين دائماً بالمساعدة التي قدمتها فنلندا للينين. وكان لهذا غرض مزدوج يتمثل في تعزيز العلاقات الثنائية، وضمان استمرار المتحف. في عام 1970، في الذكرى المئوية لميلاد لينين، تم تنظيم أكثر من ألف حدث ومؤتمر واحتفال بهذه المناسبة في جميع أنحاء فنلندا. ثم جاء عام 1991، الذي شهد انهيار الشيوعية وتفكك الدولة السوفياتية. ومع تسارع التغيير في موسكو، اقترح مدير المتحف آنذاك مازحاً أنه إذا تم نقل جثة لينين المحنطة من ضريحه في الساحة الحمراء، فمن الأفضل أن تأتي إلى تامبير. أخذه الصحافيون الغربيون والروس على محمل الجد وأصبح لفترة وجيزة قصة إخبارية ساخنة. لقد تُركت فنلندا في حالة ارتباك. وبينما كان هناك ارتياح كبير لانتهاء الحرب الباردة، دخل اقتصاد البلاد، الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة مع روسيا، في حالة من الفوضى. وسرعان ما غيَّر المتحف محتواه، وأدخل عناصر جديدة حول عمليات التطهير التي قام بها ستالين والفترات المظلمة الأخرى من التاريخ السوفياتي. يعرض أحد المجسمات تفاصيل مواقع جميع معسكرات الاعتقال التي كانت منتشرة في الأجزاء النائية من البلاد. تم تمثيل الحقبة السوفياتية أيضاً من خلال الفن الهابط والفكاهة. ثمة تمثال لستالين مرتبك المظهر يرتدي الزي العسكري يقف بجوار لينين مبتسماً على دراجة نارية من أوائل القرن العشرين. ومع ذلك، تزايدت الانتقادات في وسائل الإعلام الفنلندية. شكك السياسيون والصحافيون والكثير من الجمهور مرة أخرى في وجود المتحف. وفي عام 2014، ومع شح الموارد المالية، تم الاستيلاء عليه من قبل متحف العمل الأكبر في تامبير. تم تعيين كاليو مديراً. ولم تكن أعداد الزوار، البالغة 12000 سنوياً، مثيرة للإعجاب تماماً، ولكنها مستقرة على ما يبدو. ومع نجاح فلاديمير بوتين بإحكام قبضته على روسيا وضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، بدأت أصوات التذمر تعلو من جديد. وفي أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، تحولت فنلندا فجأة من حمامة إلى صقر. وتقدمت بطلب للانضمام إلى حلف الناتو، وزادت الإنفاق الدفاعي وأغلقت حدودها مع روسيا. تم نفي كل الحديث عن العلاقات الجيدة. وطالبت وسائل التواصل الاجتماعي بإغلاق المتحف. ويصر كاليو على أن مثل هذا القرار يعبر عن الجهل وغير متسق تاريخياً. وعلى رغم إزالة تماثيل لينين بسرعة بعد الحرب في مدينتي توركو وكوتكا، إلا أن هلسنكي لا تزال تحتوي على حديقة لينين. على أية حال، يقول: “إذا جاء الناس إلى هنا بالفعل، فسوف يرون أنها تحكي قصة الاتحاد السوفياتي. إنه ليس معبداً للينين، أو للشيوعية، أو لبوتين”. بالنسبة لي، فإن الرسالة الأكثر أهمية للمتحف هي الخضوع والتبعية التي كانت مطلوبة من فنلندا فقط لإبقاء القوات الروسية في مأزق. والآن انقلبت البلاد 180 درجة. هذه القصة تستحق أن تروى، لكنها قد تكون مؤلمة للغاية بالنسبة للبعض أن يطيل الحديث عنها. وفي نهاية هذا العام، يخطط كاليو لإجراء عمليات تجديد. وسوف تحل أهوال بوتين محل هذا الفن القديم. إنه مرن وواسع الحيلة، ويبحث عن فرص التسويق أينما وجدها. لقد اعتاد أن يطلق عليه اسم: “متحف لينين الوحيد في الناتو”. © The Independent المزيد عن: لينينالناتوبوتينروسياأوكرانياالحركة البلشفية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post 4 جوانب لتناول القرفة بطريقة صحية next post الألماني ديكس يرسم الروح الداخلية وحقيقة المهنة You may also like غسان شربل يتابع الكتابة عن .. جمال مصطفى:... 26 نوفمبر، 2024 جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم... 24 نوفمبر، 2024 أحوال وتحولات جنوب لبنان ما بعد الهدنة مع... 24 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: صهر صدام حسين وسكرتيره... 24 نوفمبر، 2024 كارين هاوس: مساعدو صدام حسين خافوا من أن... 23 نوفمبر، 2024 حافظ الأسد كان قلقا من أن تلقى سوريا... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: بن لادن استقبل مبعوث... 21 نوفمبر، 2024 من مول استهداف ملحق سفارة أميركا لدى بيروت... 17 نوفمبر، 2024 مرافق سفير بريطانيا لدى لبنان أنقذ الأميركيين من... 15 نوفمبر، 2024 بغداد: قصة مدينة عربية بُنيت لتكون عاصمة إمبراطورية... 15 نوفمبر، 2024