بأقلامهمعربي خلفيّة مقتل العقيد في «فيلق القدس» حسن صياد خدائي by admin 25 يونيو، 2022 written by admin 25 يونيو، 2022 28 Washington institute \ ماثيو ليفيت ماثيو ليفيت هو زميل أقدم ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن. متوفر أيضًا باللغات: English Also published in “اتجاهات البحث” Trends Research منذ الأيام الأولى للثورة الإسلامية عمد عملاء إيران ووكلائهم على استهداف المنشقيين والأعداء المتصورين حول العالم بهدف المراقبة والاختطاف والاغتيال. كان الحدث أشبه بمشهدٍ مقتطفٍ من المسلسل الدرامي “طهران” المعروض على موقع “نيتفليكس”. ففي 22 أيار/مايو، اغتال رجلان مسلّحان الضابط في «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني العقيد حسن صياد خدائي بالرصاص في وضح النهار خارج منزله في العاصمة الإيرانية. وفي حين أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مسؤولون إيرانيون للقتل في إيران، إلا أن الهجمات السابقة من هذا النوع عادة ما استهدفت مسؤولين معنيين بالبرنامج النووي الإيراني. لكن اغتيال العقيد خدائي، الذي نسبته التقارير الصحفية إلى إسرائيل، مختلفاً عن العمليات السابقة. فالتقارير تشير إلى أن العقيد خدائي كان نائب “قائد الوحدة 840” السرية التابعة لـ «فيلق القدس» والمسؤول عن التخطيط للعمليات الإيرانية الخارجية مثل الخطف والاغتيال. وفي حين أن مثل هذه المؤامرات الخارجية الإيرانية ليست ظاهرة جديدة (نفذت إيران مثل هذه العمليات لفترة دامت أكثر من أربعة عقود)، إلّا أنها أصبحت أكثر تكراراً وعدائيةً في السنوات الأخيرة. ويبدو أن العقيد خدائي كان مستهدفاً لضلوعه شخصياً في الارتفاع الكبير في هذا النوع من العمليات خلال العقد الماضي. واستناداً إلى مجموعة بيانات هي الأولى من نوعها، يمكننا رصد هذا التوجّه التصاعدي في المؤامرات الإيرانية، والكشف بفعالية عن ملامح القصة وراء عملية القتل المحيّرة للعقيد خدائي. بدأتُ بجمع البيانات حول مؤامرات إيران الخارجية المتعلقة بعمليات اغتيال ومراقبة واختطاف في أعقاب حادثة واحدة بارزة، هي مؤامرة تفجير تجمع لـ “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” في تموز/يوليو 2018 في باريس. وكان محور التركيز الأول لأبحاثي استخدام «الحرس الثوري» الإيراني للدبلوماسيين الإيرانيين للمساعدة على تنفيذ الهجمات في الخارج. فبعد أيامٍ من إحباط المؤامرة ضد “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً تحذيرياً جاء فيه: “إذا كانت إيران قادرةً على التخطيط لعمليات تفجير في باريس، فهي قادرةٌ على التخطيط لهجماتٍ مماثلة في أي مكانٍ حول العالم. نحث جميع الدول على توخي اليقظة بشأن استخدام إيران لسفاراتها كغطاءٍ دبلوماسي للتخطيط للهجمات الإرهابية”. وفي كانون الثاني/يناير 2019، وبعد مرور خمسة أشهر على الحادثة، أدرج «الاتحاد الأوروبي» “إدارة الأمن الداخلي” التابعة لـ “وزارة الاستخبارات والأمن الوطني” الإيرانية واثنين من المسؤولين فيها على قائمته للإرهاب، وذلك بعد اتهام الحكومات الدنماركية والهولندية والفرنسية لتلك “الإدارة” بالتخطيط لعمليات اغتيال في أوروبا. وفي ذلك الوقت، قال وزير الخارجية الدنماركي إن “الاتحاد الأوروبي وافق للتو على فرض عقوبات على «جهاز الاستخبارات الإيراني» لضلوعه في التخطيط لعمليات اغتيال على الأراضي الأوروبية”، مشيراً إلى أن هذا الإجراء هو “إشارة قوية من «الاتحاد الأوروبي» بأننا لن نقبل مثل هذا السلوك في أوروبا”. لكن المؤامرات استمرت في أوروبا ودول أخرى. فقد استُهدفت المصالح الإماراتية والإسرائيلية والأمريكية في إثيوبيا، كما استُهدف الإسرائيليون في قبرص، والسفير الأمريكي في جنوب أفريقيا، والمفكر اليهودي برنار هنري ليفي في فرنسا، وعددٍ من الأمريكيين والإسرائيليين في كولومبيا، فضلاً عن ناشط أمريكي – إيراني في مجال حقوق الإنسان في الولايات المتحدة. وخلال ربيع وصيف عام 2021، بدأتُ، بالتعاون مع عددٍ من المساعدين البحثيين، بجمع وتنظيم البيانات المرتبطة بالعمليات الخارجية الإيرانية – أي الاغتيالات والمراقبة والاختطاف – المنفّذة حول العالم منذ ثورة عام 1979 في إيران. وتمكّنّا في النهاية من إعداد قاعدة بيانات متاحة لعامة الناس ومفتوحة المصدر تحتوي على 98 قضية مرتبطة بالعمليات الإيرانية الخارجية ابتداءً من كانون الأول/ديسمبر 1979 وصولاً إلى كانون الأول/ديسمبر 2021. واستناداً إلى هذه البيانات، وهي عبارة عن مشروعٍ مفتوح المصدر وبالتالي لا تشمل الهجمات الإيرانية كافة، قمتُ بتحليل التوجهات السائدة في العمليات الخارجية الإيرانية على مدى ما يزيد عن الأربعين عاماً الماضية، ومن ثمّ تحليل تلك التي نُفّذت على مدى العقد الماضي بشكلٍ منفصل. وتعمّقتُ على وجه التحديد في الـ “مَن” (الجهات المستهدفة والجناة)، والـ “ماذا” (أنواع الهجمات)، والـ “كيف” (التكتيكات المعتمدة)، والـ “أين” (المواقع)، وحيثما أمكن، “متى” و “لماذا” (التوقيت والدوافع) وراء العمليات الخارجية الإيرانية. وتوفّر النتائج التي توصّلنا إليها، والتي نُشرت في إصدار شباط/فبراير 2022 من نشرة “مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت” (Combatting Terrorism Center at West Point)، وقائع صارخة حول خلفية مقتل العقيد خدائي. تاريخ إيران الحافل بالمؤامرات الخارجية منذ الأيام الأولى للثورة الإيرانية، عمد العملاء الإيرانيون ووكلاؤهم إلى استهداف المنشقيين والأعداء المحتملين في مؤامرات الاغتيال والمراقبة والاختطاف حول العالم. ووقعت إحدى الحوادث الأولى في الولايات المتحدة في تموز/يوليو 1980، عندما جنّد العملاء الإيرانيون الأمريكي المعتنِق للإسلام الشيعي ديفيد بيلفيلد (المعروف باسم داود صلاح الدين) وأمروه باغتيال الدبلوماسي الإيراني السابق علي أكبر طباطبائي في مدينة بيثيسدا في ولاية ماريلاند الأمريكية. ولاحقاً، كشف السفير فيليب ويلكوكس في بيانٍ صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 1997 أنه “منذ عام 1990، تشير تقديراتنا، وفي الواقع، لدينا معلومات موثوقة، أن إيران مسؤولة عن مقتل أكثر من 50 معارضاً سياسياً وغيرهم في الخارج”. وفي السنوات الأولى بعد ثورة عام 1979، شنّت إيران حملة قمعٍ كبيرة ضد المنشقيين والمسؤولين السابقين، محلياً وفي الخارج، في محاولة للقضاء على أولئك الذين قد يشكلون تهديدات للنظام الإسلامي الناشئ. وصعّدت إيران هذا النوع من الحملات التي تستهدف المنشقّين في السنوات القليلة الماضية، ويرجع ذلك على الأرجح إلى عدم الاستقرار المتصوّر للنظام، أو التهديدات المحلية ونجاح الجماعات المنشقّة في شن هجمات أو تسريب المعلومات الاستخبارية حول البرنامج النووي. وتمشياً مع العصر الرقمي، أضافت إيران عدداً من الأنشطة السيبرانية إلى مجموعة أدواتها العملياتية، مستخدمة القدرات السيبرانية للتجسس على المنشقيين ، ومراقبة الأعداء، وشن حملات التضليل. وتنفّذ إيران، ربما على عكس ما هو متوقع، عملياتٍ خارجية حول العالم، حتى في الدول التي تعمد إلى إنفاذٍ دقيق للقانون، وتتمتع بأمن حدودي وخدمات استخبارية تزيد من صعوبة ضمان أمن العمليات. وفي حين غالباً ما تستغل إيران الخدمات الأمنية الأقل تقدّماً في مناطق مثل أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وأفريقيا، فإنها تواصل مع ذلك التخطيط لشن هجمات والشروع في أنشطة مراقبة في المناطق التي تكون فيها بيئة تنفيذ العمليات أكثر صعوبة، مثل أوروبا الغربية والولايات المتحدة. وغالباً ما يمكن تصنيف هذه الحالات بشكل أكبر حسب الدوافع، مثل الانتقام من الحكومات التي دعمت العراق خلال الحرب الإيرانية – العراقية، أو تأجيج حرب الظل بين إيران والغرب على خلفية البرنامج النووي الإيراني في الفترة التي سبقت «خطة العمل الشاملة المشتركة». وفي حالاتٍ أخرى، يكون تحديد دافع معين أكثر صعوبة، خاصة في ظل توفر المواد المفتوحة المصدر فقط. ولكن من خلال التحليل الدقيق للجناة والجهات المستهدفة والأساليب والمواقع والتوقيتات والدوافع المحتملة لهذا النوع من الهجمات، تصبح بيئة العمليات الإيرانية الحالية أكثر وضوحاً، ويصبح التنبؤ بالمؤامرات المستقبلية المحتملة أقل صعوبة إلى حد ما. وأحد العناصر التي تبرز على وجه الخصوص هو الاستعداد الواضح للنظام الإيراني لتنفيذ هذا النوع من العمليات، وعادة ما يكون ذلك بأسلوبٍ يرى النظام أنه يسمح بقابلية معيّنة للإنكار، بصرف النظر عن المناخ السياسي السائد. ارتفاع في عدد المؤامرات الإيرانية على مدى العقد الماضي على الرغم من عمليات الاعتقال والتغطية الإعلامية التي أعقبت مؤامرة باريس في تموز/يوليو 2018 وسلسلةً من المؤامرات الأخرى في الفترة نفسها تقريباً في ألبانيا والدنمارك وألمانيا وهولندا وغيرها، استمرّت عمليات الاغتيال والمراقبة والاختطاف الإيرانية بكامل زخمها. وتم تنفيذ ما لا يقل عن 26 مؤامرة موثقة جيداً في السنوات الثلاث التي أعقبت مؤامرة باريس في دولٍ مثل كولومبيا وقبرص والدنمارك وإثيوبيا وفرنسا وألمانيا والعراق وإسرائيل وكينيا وهولندا واسكتلندا والسويد وتنزانيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وربما كان الاستنتاج الأبرز من هذه الدراسة هو واقع تنفيذ إيران لعمليات الاغتيال والاختطاف والإرهاب والمراقبة على المستوى الدولي، حتى في فترات التوتر الشديد. وباستثناء الفترة الزمنية التي أعقبت هجمات 11 أيلول/سبتمبر مباشرة، والتي حاولت خلالها إيران تجنُّب الانخراط في الجانب الخطأ من “الحرب على الإرهاب”، واصل العملاء والوكلاء الإيرانيون تنفيذ هذا النوع من العمليات حتى عندما شاركوا في مفاوضاتٍ رئيسية – من بينها المفاوضات الجارية حالياً حول العودة إلى «خطة العمل الشاملة المشتركة». بالإضافة إلى ذلك، لم تقتصر العمليات الخارجية الإيرانية على البلدان الأقل تطوراً في الأمن الحدودي، والاستخبارات، وخدمات إنفاذ القانون. فبعد فترة الركود التي أعقبت هجمات 11 أيلول/سبتمبر، ازداد عدد المؤامرات الإيرانية في الولايات المتحدة (سبعة في العقد الذي تلا أحداث 11 أيلول/سبتمبر، وسبعة أخرى منذ 2011)، في حين لم يتم تنفيذ إلا مؤامرتَين في أوروبا في العقد الذي تلا هجمات 11 أيلول/سبتمبر. إلا أن هذا الانخفاض الكبير في عدد الهجمات انقلب في العقد الماضي، إذ نُفذت 17 مؤامرةً في أوروبا منذ عام 2011. ولم تتجنب إيران تنفيذ عمليات المراقبة أو الاغتيال في الولايات المتحدة أو أوروبا الغربية، حيث تواجه بالتأكيد عوائق إضافية. وفي الواقع، إن تواجدها في هذه المناطق آخذ في الارتفاع. ويتّضح هذا التوجّه بشكلٍ أكبر على المستوى الدولي. فقد سُجّلت 17 حالة متعلقة بالمؤامرات الإيرانية بين عامَي 1990 و 2000، في حين سُجّلت 16 حالة على مدار العقد من 2001 إلى 2011. وسُجّلت هذه الحالات الثلاث والثلاثين على مدى عقديْن من الزمن، بالمقارنة مع 52 حالة تم تسجيلها بين عامَي 2012 و 2021 فقط. وفي حين أن قدراً معيناً من هذا التفاوت قد يعود على الأرجح إلى تحسين عملية إعداد التقارير والتوثيق في هذا الشأن، إلا أنه يدلّ أيضاً على التصعيد الكبير لعمليات إيران على المستوى الدولي. وفي الواقع، قفز عدد مؤامرات الاغتيال الإيرانية الموثّقة على مستوى العالم منذ بداية القرن الحادي والعشرين من 4 حالات بين عامَي 2001 و 2011 إلى 15 حالة بين عامَي 2012 و 2021. ونُفّذ الكثير من عمليات الاغتيال الأخيرة خلال العام الماضي، ومنها المؤامرة الإيرانية المحبَطة لقتل ضابط استخبارات إسرائيلي سابق في كولومبيا. وفي موازاة ذلك، ازدادت عمليات المراقبة الإيرانية التي استهدفت المصالح الغربية، إذ ارتفع عددها من 3 حالات بين عاميْ 1990 و 2000 إلى 7 حالات بين عامَي 2001 و 2011 و 10 حالات بين عامَي 2012 و 2021. أما من حيث الصورة الإجمالية للحالات المسجّلة، يبدو أن إيران ضاعفت من جهودها في آسيا (9 من الحالات الـ 12 حدثت في العقد الماضي) وأفريقيا (8 من الحالات العشر حدثت في العقد الماضي). وهكذا، في حين لم تتردد إيران في التخطيط لشن هجمات في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، فقد وسّعت أيضاً نطاق أنشطتها، وأظهرت استعداداً لتنفيذ العمليات في أي مكان في العالم تقريباً. ومنذ أكثر من أربعة عقود، نفّذت إيران حملة قمعٍ كبرى ضد المنشقّين والمسؤولين السابقين، محلياً وفي الخارج، في السنوات الأولى بعد ثورة عام 1979. لكن في السنوات القليلة الماضية، كثفت “الوحدة رقم 840” التابعة لـ «فيلق القدس» هذا النوع من العمليات في حملةٍ مماثلة تستهدف المنشقّين. وفي الواقع، حصلت 22 حالة استهداف إيراني للمنشقين من أصل 42 حالة مسجّلة في مجموعة البيانات هذه خلال العقد المنصرم. ويشمل ذلك المؤامرة التي تم الكشف عنها في تموز/يوليو 2021 لاختطاف الصحفية والناشطة في مجال حقوق الإنسان المقيمة في نيويورك مسيح علي نجاد، التي تحمل الجنسيتين الأمريكية والإيرانية، ونقلها قسراً إلى إيران حيث “كان مصير الضحية مجهولاً في أفضل الحالات”، وفقاً للمدعية العامة الأمريكية أودري شتراوس. لقد كانت قضية علي نجاد صادمةً للكثيرين الذين تفاجأوا بأفعال إيران تجاه إمرأة مزدوجة الجنسية، ناهيك عن حملها الجنسيتين الأمريكية والإيرانية. إلا أن البيانات تشير إلى أن هذا النوع من العمليات ليس نادر الحدوث. فعلى العكس من ذلك، من بين 42 حالة استهدفت فيها إيران المنشقّين وفقاً لمجموعة البيانات الإجمالية، تم استهداف منشقين مزدوجي الجنسية أو مقيمين قانونيين في دول أجنبية في 21 حالة (12 حالة في العقد الماضي)، ومنهم مواطنين أمريكيين ومقيمين قانونيين في الولايات المتحدة. وتم تنفيذ بعض هذه العمليات في بلد إقامة المنشقّ، بينما حدث البعض الآخر في بلدان أخرى كان الفرد يسافر فيها. على سبيل المثال، تم استهداف أحد المنشقّين المقيمين في السويد أثناء تواجده في تركيا، وأحد المقيمين في الولايات المتحدة أثناء تواجده في الإمارات العربية المتحدة، وأحد المقيمين في فرنسا أثناء تواجده في العراق. كما استهدفت إيران أهدافاً إسرائيلية (بما يتميز عن أهداف يهودية) في دولٍ أخرى بشكلٍ أساسي. ويبرز حاملو الجنسيتين أيضاً في توجّهٍ آخر مثير للاهتمام. ففي إطار المساعي لشنّ الهجمات وترك مجالٍ لإمكانية إنكارها، نشرت “الوحدة رقم 840” التابعة لـ «فيلق القدس» عملاء مزدوجي الجنسية (عادة ما يكونون مواطنين من إيران ودولة أخرى، ولكن في بعض الأحيان من دولتين غير إيران). ويظهر العملاء مزدوجي الجنسية في 21 حالة، من بينها 15 حالة في العقد الماضي فحسب، مما يشير إلى تحوّلٍ مهم نحو هذا التوجّه. وشمل عملاء إيران مزدوجي الجنسية مواطنين من أفغانستان وبلجيكا وكندا وكولومبيا وألمانيا والعراق ولبنان والنرويج وإسبانيا والسويد وتونس وتركيا والولايات المتحدة. وعلى نحوٍ مشابه، نفّذ أشخاص غير إيرانيين عمليات في 38 حالة من أصل 98 حالة واردة في مجموعة البيانات، و24 منها نُفّذت في العقد الماضي. وفي حالات قليلة، استعانت إيران بالمنظمات الإجرامية لمساعدتها في تنفيذ الأنشطة العملياتية أو المؤامرات. وتم تنفيذ ستة من الحالات السبع التي استعانت فيها إيران بالمجرمين لتنفيذ عمليات المراقبة أو المؤامرات في العقد الماضي أيضاً. وكما كان متوقعاً، أدّى هذا التعامل مع المجرمين في بعض الأحيان إلى تهديد أمن العمليات. وتتوقع إيران أن يسافر عملاؤها من الذين يحملون جنسيتين وأولئك غير الإيرانيين لتنفيذ العمليات باستخدام وثائق سفرهم غير الإيرانية، الأمر الذي يشكّل نموذج عمل إيراني شائع على نحوٍ متزايد. وفي غضون ذلك، يكشف تحليل أنماط السفر لتنفيذ العمليات الخارجية الإيرانية عن عدة حالاتٍ استخدم فيها عملاء إيران جوازات سفر مزوّرة (ستة في العقد الماضي). وحتى تم الكشف عن عملاء إيرانيين لدى استخدامهم جوازات سفر إسرائيلية مزوّرة (وهي ممارسة ليست جديدة في سياق سفر الإيرانيين كمهاجرين لأسباب اقتصادية). وعندما يتعلق الأمر بالتكتيكات المستخدمة في العمليات الخارجية الإيرانية، كان أهم تطور حديث هو استخدام الأدوات السيبرانية لأغراض المراقبة والاستهداف. على سبيل المثال، يقال إن الاختصاصية السابقة في الشؤون الاستخبارية لدى القوات الجوية الأمريكية مونيكا ويت حضرت مؤتمراً في عام 2012، استضافته إيران بالتعاون مع «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الإيراني. وجنّدت الاستخبارات الإيرانية ويت التي أدانتها في النهاية وزارة العدل الأمريكية في عام 2019. ويبدو أن ويت قد أجرت أبحاثاً حول موظفين في “مجتمع الاستخبارات الأمريكية” كانت تعرفهم وعملت معهم، وجمعت “حزم استهدافية” حول هؤلاء الأفراد. وفي عام 2019، استهدفت وزارة الخزانة الأمريكية المنظمة التي تستضيف هذه المؤتمرات، مؤكّدةً أن هذه الأخيرة هي عبارة عن فعاليات لجمع المعلومات الاستخبارية وتجنيد الخبراء الاستخباريين. ولا تزال ويت فارّةً من وجه العدالة ومطلوبة، ويرد اسمها على قائمة أهم المطلوبين لدى “مكتب التحقيقات الفدرالي”. ومن الواضح أن الزيادة الكبيرة في وتيرة العمليات الخارجية الإيرانية بدأت قبل القتل المستهدف لقائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير 2020. لكن مقتل سليماني وقائد الميليشيا العراقي الشيعي المصنّف على قائمة الإرهاب أبو مهدي المهندس، زاد بوضوح من خطر الانتقام أو التصعيد الإيراني. وحتى الآن، ردت إيران إلى حد كبير على اغتيال سليماني من خلال استهداف القوات الأمريكية في العراق. إلا أنه بعد عملية القتل بفترةٍ وجيزة، شددت وكالات الاستخبارات ووكالات إنفاذ القانون الأمريكية في نشرة استخباراتية مشتركة على الحاجة إلى “توخي الحذر في حالة وجود تهديد محتمل من الحكومة الإيرانية أو الجهات العنيفة والمتطرفة الداعمة لإيران ضد الأفراد المقيمين في الولايات المتحدة، والمرافق، وشبكات الحاسوب في البلاد”. ومنذ ذلك الحين، وقعت 16 حالة من أصل 98 حالة مدرجة في مجموعة البيانات في أعقاب مقتل سليماني. والجدير بالذكر أن 5 من هذه الحالات الست عشرة كانت عبارة عن هجمات عشوائية استهدفت مجموعاتٍ من الأشخاص، كالهجمات على الجيوش الأجنبية أو السفارات. ويعني ذلك أن نحو ربع العدد الإجمالي من الهجمات العشوائية الواردة في مجموعة البيانات هذه (5 من 21) قد نُفّذ في العامين التاليين بعد مقتل سليماني. ومن بين هذه الحالات الخمس، أربع حالات استهدفت مصالح إسرائيلية، وواحدة استهدفت مصالح إماراتية، واثنتان استهدفتا مصالح أمريكية (واحدة، مؤامرة هجوم فاشلة في إثيوبيا، تضمنت استهداف سفارة الإمارات في أديس أبابا ومراقبة كل من السفارتين الأمريكية والإسرائيلية، في حين استهدفت مؤامرة اغتيال فاشلة في كولومبيا مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، مما يفسّر التداخل في القضايا). ومن الأمثلة المهمة على هذه الهجمات الهجوم الذي وقع في كانون الثاني/يناير 2021 عندما اعترضت “وكالة الأمن القومي الأمريكية” اتصالاتٍ لـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الإيراني تُناقش خطة يقوم فيها العملاء الإيرانيون بمراقبة واختراق وشنّ هجوم على قاعدة “فورت ماكنير” العسكرية في واشنطن العاصمة، واغتيال الجنرال جوزيف م. مارتن. وأكد اثنان من مسؤولي الاستخبارات أن المؤامرة كانت جزءاً من الجهود الإيرانية للانتقام من اغتيال سليماني. وفي آذار/مارس، بعد مرور أكثر من عامٍ على انتهاء ولاية إدارة ترامب، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أنها تدفع أكثر من مليوني دولار شهرياً لتوفير الأمن على مدار الساعة لوزير الخارجية السابق مايك بومبيو وكبير مستشاريه براين هوك نتيجة تعرّضهم لتهديدات “خطيرة ومقنعة” من إيران. ومن المتوقع أن تتزايد هذه التهديدات مع إحكام القيادة الثورية قبضتها على عناصر السلطة الرئيسية في إيران، وحرصها على حماية الثورة في مرحلةٍ تواجه فيها القيادة الثورية تهديدات متزايدة على المستويين المحلي والخارجي، ومن المرجح أن تزداد مثل هذه التهديدات. وبالفعل، تزايدت هذه التهديدات. وفي الآونة الأخيرة، حذّرت إسرائيل مواطنيها من السفر إلى تركيا، حيث يحاول العملاء الإيرانيون استهداف الإسرائيليين، وفقاً لـ «مجلس الأمن القومي» الإسرائيلي. وفي بيانٍ له حذّر “المجلس»: “منذ عدة أسابيع، هناك مخاوف متزايدة في جهاز الدفاع بشأن المحاولات الإيرانية لإلحاق الأذى بعددٍ من المواطنين الإسرائيليين المستهدفين حول العالم، وخصوصاً بعد اتهام إيران إسرائيل بقتل المسؤول في «الحرس الثوري» الإيراني الأسبوع الماضي”. وتنطوي هذه الحملة التي تشنّها إيران على عنصرٍ من الحرب النفسية لم تعد تحاول إنكاره. فقد نشرت “وكالة أنباء فارس” الإيرانية مؤخراً قائمةً برجال أعمال إسرائيليين يُزعم أنهم “مختبئون” لأنهم معرّضون لمراقبة العملاء الإيرانيين أو وكلائهم. ومن الغريب أن المقارنات بين هذه الحالات الواقعية وتلك التي يصوّرها مسلسل “طهران” المعروض على موقع “نيتفليكس” ليست نظرية فقط. ففي قضيّة “محاكاة الحياة للفن الذي يحاكي الحياة”، يبدو أن قادة “الوحدة رقم 840” التابعة لـ «فيلق القدس» لم يكونوا على علمٍ بعرض مسلسل “طهران” على “نيتفليكس” فحسب، بل حاولوا اختراقه أيضاً. ووفقاً لمُعدّ العرض، كان عملاء إيرانيون متواجدين في موقع التصوير في أثينا خلال تصوير الموسم الأول. ولو أن ذلك لم ينكشف إلا في مرحلةٍ لاحقة، عمد أحد العملاء الإيرانيين خلال التصوير إلى تجنيد مجموعةٍ من النساء الإسرائيليات من أصولٍ إيرانية. وقامت واحدة منهنّ بالتقاط صورٍ للسفارة الأمريكية، بينما تلقت أخرى تعليمات بانضمام ابنها لوحدة استخبارات في الجيش الإسرائيلي. وكما اتضح، تلقت إحدى النساء تعليمات بالتقدّم لتجربة أداء لأحد الأدوار في مسلسل “طهران” (لم يتم اختيارها للدور). وطالما استمرت إيران في متابعة عملياتها الخارجية كالاغتيالات والخطف، ستواصل الدول المستهدفة بهذا النوع من العمليات جهود إحباطها. وطالما يشعر النظام الثوري في إيران بالتهديد من قبل كل من المنشقّين الإيرانيين في الداخل والقوى الخارجية، فمن المرجّح أن يواصل تنفيذ هذا النوع من المؤامرات. وكل هذا يعني أن خلفية قصة اغتيال العقيد خدائي، أي الارتفاع الحاد في مؤامرات العمليات الإيرانية الخارجية، ستستمر أيضاً في المستقبل القريب إلى المتوسط وفقاً للتوقعات. ماثيو ليفيت هو “زميل فرومر ويكسلر” في المعهد ومدير “برنامج راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب”. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post العودة إلى سوزان فالادون المرأة الأولى العضو في أكاديمية الفنون next post لماذا يعتبر إلغاء حق الإجهاض في أميركا ضربة موجعة لليسار؟ You may also like رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024 نادية شادلو تكتب عن: كيف يمكن لأميركا استعادة... 14 نوفمبر، 2024 جهاد الزين يكتب من بيروت عن: تأملات ثقافية... 12 نوفمبر، 2024 نبيل فهمي يكتب عن: وماذا بعد؟ 12 نوفمبر، 2024 ماري ديجيفسكي تكتب عن: لماذا تفادى الناخبون الأميركيون... 12 نوفمبر، 2024