غزة معجزتنا الفلسطينية تنهض في عجزنا لتصنع لنا نصرا بطعم الحلم .
خالد عيسى / كاتب فلسطيني مقيم في السويد
خاصرة البلاد ، وربطة زنار خصرها .. بين الرمل والبحر معجزتنا الفلسطينية غزة ، لا البحر ابتلعها ، ولا هي شربت البحر .
أسيرة فلسطينية منسيّة في سجنها بين معبرين ، معبر العدو ومعبر الشقيق ، حلم رابين ان يصحو وقد ابتلعها البحر ، وخيبة جرافة شارون وهي تجرف المستوطنات عن أرضها وترحل .
لا شيء يشبه غزة الا غزة ، تملك من المفارقات ما يجعلها دوما منفردة في تفردها ، أسيرة تطلق أسرى ، ومحاصرة تحتجز تل أبيب في ملجأ ، تُدمر أنفاقها الى مصر .. فتحفر أنفاقها الى عسقلان ، تعجز عن ادخال علبة بسكويت من مصر ، وتفلح بإدخال صاروخ فجر من ايران ، تخوض حروبها وتُدمر أبراجها ، وتخرج من تحت الأنقاض ترفع شارة النصر ، ولأنها غزة فهي لا تُهزم ولا تنتصر ، وتتقن فن البقاء في الخبر العاجل ، وتقرير المراسل بالخوذة الحديدية ، وتمارس عزلتها اليومية بين رمل ترملها ، وبين بحر لا يبحر بها الا بيافطة كتبت عليها حلم يقظتها بميناء ، تشوي عرانيس الذرة على رصيف ميناء لا ميناء فيه .
تنهض من عجزنا لتصنع معجزتنا الفلسطينية في أكبر صفعة يوجهها عربي لإسرائيل منذ نكبة 48 .
انتصار غزة هو انها لا تُهزم .. لا تنتظر المحلل السياسي بربطة عنق أنيقة ان يشرح لها نصرها ، او محلل آخر يحبط عزيمتها لا كهرباء في غزة لفضائيات من حولها تجادل جراحها في العواصم المكيفة ، ولا وقت لعتمة غزة لأضواء نجوم الفضائيات العربية ينقسمون حولها بين مزاود ومتخاذل ، بين علماني وبين الله أعلم .
لا فيس بوك في غزة لتقرأ بوستات المناضلين حولها ولا يهمها كلام المثقفين الذين يتحدثون عن أوجاعهم أكثر ما يتحدثون عن أوجاعها .
غزة لا تنتظر ” لايكا ” من أحد .. ولا يهمها كل هذا الصراخ حولها هي لا تسمع سوى أزيز الزنانة يطن ليلا نهارا في أذنها ، ولا وقت لها تضيعه في البحث عن المواقف القومية في أحزاب من حولها ، وهي تنتشل جثث أطفالها من تحت الأنقاض .
غزة معجزتنا الفلسطينية تنهض في عجزنا لتصنع لنا نصرا بطعم الحلم .