الجمعة, يناير 10, 2025
الجمعة, يناير 10, 2025
Home » حصار لشبونة كما رواه سارماغو يتجسد في مسرحية مصرية

حصار لشبونة كما رواه سارماغو يتجسد في مسرحية مصرية

by admin

الاقتباس اعتمد بنية الرواية ورؤيتها وأضاف أحداثاً عالمية راهنة

اندبندنت عربية \ يسري حسان 

في رواية” قصة حصار لشبونة” للكاتب البرتغالي جوزيه سارماغو، ثمة تداخل عجيب بين الأزمنة والأمكنة، وانتقالات من هنا إلى هناك، قد تبدو للقارئ غير المنتبه، انتقالات عشوائية، فضلاً عن تعدد الأصوات، والتداخل بين السرد والحوار والوصف والمونولوغ وغيرها من التقنيات التي لجأ إليها الكاتب الفائز بجائزة نوبل.

الرواية تتناول الحصار الذي فرضه البرتغاليون (عام 1147) على لشبونة المسلمة، وانتهى بسقوطها في أيديهم، لكنها تطوف بأحداث وقضايا معاصرة، ومن خلالها يطرح الكاتب موقفه من قضايا إنسانية تتعلق بالمظلومين والمهمشين في أي مكان على سطح الأرض، وينادي بالحرية والمساواة والعدل. كما يطرح أفكاره وتأملاته الفلسفية حول الحياة والموت والفن والأدب والمعتقدات والسلوكيات البشرية.

هذه الرواية حولها الكاتبان محمد هلال ومحمد السباعي، إلى نص مسرحي، بعنوان “أوبسيدو”، قدمته فرقة الجيزة المسرحية التابعة لهيئة قصور الثقافة المصرية، وأخرجه السعيد منسي. المؤكد أن تحويل رواية مربكة ومتعددة التأويلات كهذه، إلى نص مسرحي، أمر صعب للغاية، غير أن المؤلفين لم يعملا على تفاصيل الرواية كاملة، بقدر ما اعتمدا على طريقة بنائها في صياغة نصهما المسرحي، الذي انطلق من قصة المدقق اللغوي التي تسردها الرواية، حيث كان يراجع كتاب ” قصة حصار لشبونة”، وعندما لم يقتنع ببعض الوقائع التاريخية التي رآها منافية للعقل، قام بتغيير كلمة في إحدى جمل النص الأصلي، ووضع كلمة “لا” مكان كلمة “نعم”، حولت الجملة من الإثبات إلى النفي ليصبح مؤداها أن الصليبيين لم يساعدوا البرتغاليين في حصار لشبونة والاستيلاء عليها.

أحداث مختلفة

في النص المسرحي أضاف المؤلفان أحداثاً جديدة ومختلفة، منها مايتعلق بالعالم العربي، مثل الحرب السورية، وتشريد الملايين من أبناء الشعب السوري، وغرق الطفل إيلان، أو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واستشهاد الطفل محمد الدرة، ومنها مايتعلق بأحداث عالمية مثل تفجير برجي التجارة في الولايات المتحدة الأميركية… وكلها أحداث لم تتعرض لها الرواية التي صدرت في عام 1989، أي قبل وقوع هذه الأحداث، وهو أمر مقبول، مادام ذلك يتسق مع رؤية الكاتب الأصلي ولاينحرف بها في اتجاه آخر لم يقصد إليه، فكلها أحداث تصب في دعم تلك الرؤية.

بين التاريخ والواقع (الخدمة الإعلامية)

وفضلاً عن هذه الأحداث فإن مدقق اللغة اكتسب في النص المسرحي بعداً جديداً،أكثر دينامية، إذ جاء عابراً للأزمنة والأمكنة، متدخلاً في الأحداث، ليس عبر تغيير كلمة (كما فعل في الرواية الأصل)، ولكن عبر المشاركة في الأحداث ومحاولة تغيير مصير شخوص النص، وإن لم تسفر جهوده عن شيء باعتبارأن مصيرهم  معروف مسبقاً.

يمكن القول إن النص المسرحي اتخذ الرواية متكأً لتأكيد الرؤية المتعلقة برفض تلك الخطايا التي يرتكبها البشر منذ الأزل، مثل القتل والكذب والطمع والسرقة والتمييز واغتصاب حق الغير، ما يؤدي في النهاية إلى الوقوف على حافة الهاوية، صارخاً بأعلى صوته (أي النص) طلباً للهدوء والسكينة والسلام قبل أن ينهار كل شيء. والسبب تلك البذرة، بذرة الخطيئة التي زرعها البشر وسقوها من نزقهم وأطماعهم، فأنبتت ذلك العالم الخراب، وتلك المسوخ البشرية التي تلهث خلف نهاية وشيكة، من دون أن تتوقف لحظة وتسأل نفسها لماذا نفعل مانفعل؟

هيمنة البناء الروائي

لم يغب عالم الرواية وطريقة بنائها، عن الرؤية الإخراجية، بل كان مهيمناً على بناء العرض في تشظيه وتداخلاته ولامنطقيته. فالديكور الذي صممه أحمد جمال، جاء في منظر واحد ثابت، مائلاً إلى الرمزية. فلا مكان أو زمان محددين، وربما عبرت الملابس أو أشارت إلى أزمنة بعينها، لكن الأماكن بدت كأطياف فيها من التشوه والتداعي والالتباس مايشير إلى وضعية العالم في ظل الصراعات الدائرة عبر التاريخ، وكأننا بصدد أنقاض، وهو مايعمق من الشحنة التي أراد العرض بثها في نفوس مشاهديه.

جو برتغالي على مسرح مصري (الخدمة الإعلامية)

وعلى الرغم من تعدد الشخصيات والأحداث وتداخل الأمكنة والأزمنة، فقد استطاع المخرج باحترافية، قيادة أكثر من عشرين ممثلة وممثلاً من الهواة، لعب كل منهم أكثر من دور. ونجح في تنظيم كل هذه الفوضى بسلاسة ومن دون الوقوع في أخطاء الدخول والخروج والتسليم والتسلم، التي يقع فيها الهواة عادة إذا لم يتوافر لهم مخرج محترف قادر على إدارة الأمور بحسابات دقيقة ووفق رؤية واضحة في موضوع شائك وملتبس أصلاً.

لم يسع المخرج إلى فرض رؤية بذاتها، ولم يكن حريصاً على طرح مقولة ما، بل اكتفى بهذه الشذرات التي جاء بها عبر تاريخ البشرية، والتي تدعو كل واحدة منها إلى التأمل والسؤال، تاركاً مساحة واسعة لخيال المشاهد، لينتج هو الآخر مغزى جديداً، لم يقدم شرحاً تفصيلياً لموضوعه، فعادة ماتلجأ أغلب فرق قصور الثقافة تحديداً، إلى الاستعانة بأغان واستعراضات تفسر أو توضح أكثر، ما يمكن أن يستغلق على المشاهد، لكنه كان أكثر ثقة في أن رسالته ستصل من دون الاستعانة بعوامل مساعدة، ربما تكون عبئاً على العرض، أوتحرم المشاهد لذة التفكير والسؤال والبحث والتأمل.

موسيقى العرض وضعها صادق ربيع، وجاءت متضافرة مع الحالات التي يقدمها العرض، ولحظاته المحتدمة المشوبة بالخوف والرعب. ولعبت إضاءة عز حلمي هي الأخرى دوراً مهماً، سواء في توضيح النقلات المكانية والزمنية، أوفي التعبير عن أجواء العرض، بخاصة في التعامل مع أكثر من مكان في لحظة واحدة، والإضاءة عليه بقدر ماتتطلبه وظيفته في العرض.

مشكلة العنوان

بقي شيء جدير بالملاحظة، فعنوان العرض “أوبيسدو”، وهي كلمة لاتينية وردت في بعض الترجمات على أنها “هاجس”، وفي البعض الآخر “يسقط” أو “يقتل”، فإذا كان الالتباس في النص (وهو التباس فني إيجابي) مقبولاً، فإن الالتباس في العنوان الذي يجب أن يكون جزءاً من بنية العمل وعتبة من عتباته، غير مقبول وغير مبرر. ثم ما الذي يضطر مؤلفاً أو مخرجاً إلى الاستعانة بعنوان غير واضح وغيرمتفق عليه أساساً. نعم هو كتب أسفل كلمة” أوبسيدو” كلمة ” يقتل”، وأياً كانت الترجمة الصحيحة للكلمة اللاتينية، فلماذا لم يضع عنواناً واضحاً للعرض؟ ربما يقول أحدهم إن العرض نفسه غير واضح، فلا بأس أن يكون العنوان كذلك. لكن هناك فرقاً بين عدم الوضوح وبين تعمد الإلغاز غير المبرر، الذي لايضيف إلى العرض بقدر مايجعله عرضة للنقد. هل سينهار العالم لو أن القائمين على هذا العرض المصنوع بشكل جيد ومدهش، تواضعوا قليلاً واختاروا عنواناً آخرمتفقاً على معناه، بدلاً من هذا العنوان الذي (والحال هكذا) يثير لبساً لاعلاقة له بالفن؟

على أية حال فإن العمل إجمالاً، وأغلب صناعه من الشباب، أفصح عن مواهب تمثيلية جيدة، امتلكت الجرأة على تقديم عرض صعب،  بلغة فصيحة ندرت أخطاؤها. وقدموا حالة مسرحية مشحونة بالتوتر والبهجة الفنية، توتر يقلق المشاهد في مقعده ويجعله مشاركاً في الحدث، وساعياً إلى فك شفراته وفض مغاليقه.

المزيد عن: مسرحية مصرية\مسرح شباب\جوزيه ساراماغو\رواية\إقتباس\إخراج\تمثيل

 

 

You may also like

15 comments

informative essay format 12 نوفمبر، 2021 - 4:13 م

say thanks to so considerably for your website it aids a whole lot. http://multiessay.com/

Reply
pc sex games 18 نوفمبر، 2021 - 11:45 ص

Great web website! It looks really expert! Sustain the good work! https://sexygamess.com/

Reply
free downloads sex games 18 نوفمبر، 2021 - 4:13 م

How are you, tidy web site you’ve gotten here. https://winsexgames.com/

Reply
keto meals easy 19 نوفمبر، 2021 - 6:00 ص

Wow, lovely site. Thnx … https://ketogendiet.net/

Reply
keto wings 19 نوفمبر، 2021 - 7:46 ص

Sustain the incredible job !! Lovin’ it! https://ketogendiets.com/

Reply
blaze pizza keto crust 19 نوفمبر، 2021 - 9:37 م

Thank you so much for sharing your very good web-site. https://ketogenicdiets.net/

Reply
keto english muffin 20 نوفمبر، 2021 - 6:33 م

You’re a very useful site; could not make it without ya! https://ketogenicdietinfo.com/

Reply
keto english muffin 20 نوفمبر، 2021 - 6:33 م

You’re a very useful site; could not make it without
ya! https://ketogenicdietinfo.com/

Reply
pa online casino real money no deposit 5 يناير، 2022 - 8:36 م

Incredibly user pleasant site. Immense info readily available on few clicks on. pa online casino real money no deposit

Reply
most popular gay dating 12 يناير، 2022 - 3:22 ص

gay dating rules for making the first moviemost popular gay datinggay/bi dating apps
gay dating sites for people in the closet gay interracial dating sarasota

Reply
how long is an essay 12 يناير، 2022 - 5:26 ص

arguementative essay essay writing help outline for an essay how long is an essay

Reply
cover page template essay 12 يناير، 2022 - 6:48 م

how to write an essay explanatory essay definition toefl essay in usa location cover page template essay

Reply
gay stoner dating 14 يناير، 2022 - 8:30 ص

free dating apps that aren’t gay gay dating site younger men for older
men athletic gay dating sites gay stoner dating

Reply
club pogo slots 21 يناير، 2022 - 11:59 م

las vegas casino slots triple seven slots free no deposit slots club pogo slots

Reply
Lamborghini Huracán EVO 22 يونيو، 2024 - 11:14 م

This post really resonated with me. Keep up the good work.

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00