ثقافة و فنونعربي جيليان كانتور تعيد تدوير رواية “غاتسبي العظيم” نسائيا by admin 13 يناير، 2022 written by admin 13 يناير، 2022 35 الروائية الأميركية تعدل في البنية السردية بحثاً عن الحمقى الحقيقيين في عالم فيتزجيرالد اندبندنت عربية \ سناء عبد العزيز يبدو أن الشخصيات النسائية في رواية سكوت فيتزجيرالد “غاتسبي العظيم” لم تأخذ مساحتها الكافية في البوح، أو هذا في الأقل ما حدسته الكاتبة الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة اليوم، جيليان كانتور، في إعادتها سرد هذه الكلاسيكية الأميركية الخالدة من منظور النساء تحت عنوان “الصغيرات الجميلات الحمقاوات” Beautiful Little Fools. على الرغم من اعتماد كانتور إحدى أهم الوثائق الأدبية التي تؤرخ لعقد العشرينيات في أميركا، بكل ما تمثله تلك الفترة من تحول في حياة الأميركيين على كل المستويات، التي أطلق عليها فيتزجيرالد “عصر الجاز”، وشاع استخدامه في الدوائر الأدبية، الأكاديمية وغير الأكاديمية، استغنت كانتور عن الراوي الأساسي في النسخة الأصلية، نيك كاراوي، وعوضاً عنه، منحت نساء غاتسبي أصواتاً متحفزة. فلدى كل واحدة منهن الكثير والكثير من الذكريات والتفسيرات للأحداث التي أدت إلى مقتل إحدى أكثر الشخصيات الأميركية غموضاً. بالنسبة إلى كانتور، التي ظلت مفتونة برواية “غاتسبي العظيم” منذ دراستها الثانوية، فهي بدأت بالتفكير لدى قراءتها أخيراً، في تغيير القصة من زاوية الراوي، الذي ينظر بعين التبجيل لغاتسبي، فكيف ستكون إذن من منظور النساء اللواتي نجون منه، وبخاصة دايزي؟ رواية “الصغيرات الجميلات الحمقاوات” (امازون) في يناير (كانون الثاني) 2021، أي بعد مرور مئة عام على صدور النسخة الأصلية، سقطت عنها حقوق النشر والطباعة وأصبحت في متناول الجميع، وهو ما أغرى كانتور بإعادة تدويرها مثلما أغرى غيرها من المؤلفين من بينهم الكاتب الأميركي مايكل فيريس سميث في روايته “نيك” Nick. وكما يتضح من العنوان، فضل سميث أن يسحب الراوي (الذي نَحّته كانتور جانباً) من الظل إلى دائرة الضوء، وذلك بسرد قصة حياته قبل أن يتعرف على غاتسبي. أما كريستين بريجز، في كتابها “غاتسبي العظيم الذي لا يموت”، فقد تماست تماماً مع النص الأصلي عدا تماشيه مع مصاصي الدماء. هناك أيضاً “غاتسبي العظيم: رواية مصورة” من تأليف ك. وودمان ماينارد. ثلاث نساء على شفا الانهيار في أحد أيام أغسطس (آب) عام 1922، قُتل جاي غاتسبي في مسبحه في ويست إيج بالرصاص. كان مرجحاً جداً أن تعتبره الشرطة مجرد حادثة انتحار وتغلق ملف القضية، لولا أنها عثرت على جثة جورج ويلسون في الغابة القريبة، ودبوس شعر من الماس بجانب المسبح. ومن ثم وقعت ثلاث نساء تحت طائلة الشبهات؛ دايزي بوكانان حبيبته القديمة، زوجة توم بوكانان، وجوردان بيكر، لاعبة الغولف المحترفة، وكاثرين ماكوي، الناشطة في مجال حقوق المرأة، وبخاصة أختها، ميرتل ويلسون، التي وقعت في فخ زواج رهيب. من خلال رؤية كانتور تتكشف قصص النساء الثلاث في السنوات التي سبقت ذلك الصيف المشؤوم لعام 1922، عندما كانت حياتهن على شفا الانهيار. كيف انجذبت كل واحدة منهن إلى غاتسبي، وما ترتب على تلك العلاقة من عواقب وخيمة. كان بإمكان كل واحدة منهن الضغط على الزناد بسهولة، فلكل منهن أسبابها الخاصة التي تدعوها بالفعل إلى قتله. ومن خلالهن تتضح الإمكانات المحدودة للمرأة في عشرينيات القرن الماضي. حتى أولئك اللائي فضلن الحرية على الزواج، لم يتمتعن بالحرية في ممارسة حياتهن كما كن يرغبن. استقت كانتور عنوان روايتها من ملاحظة دايزي في نسخة فيتزجيرالد الأصلية عندما أبلغوها في المستشفى أنها أنجبت بنتاً “حمقاء – هذا أفضل شيء يمكن أن تكون عليه الفتاة في هذا العالم، إنها جميلة صغيرة حمقاء”. وهي العبارة التي وردت على لسان زيلدا زوجة فيتزجيرالد نفسه حين أخبروها أنها أنجبت بنتاً! الحمقى الحقيقيون لكن كانتور تتساءل خلال معالجتها التي لا يظهر فيها غاتسبي إلا من منظور هؤلاء النساء ولا يزال في عالمها يمثل لغزاً: من هم الحمقى الحقيقيون في عالم غاتسبي؟ رواية “غاتسبي العظيم” (امازون) 1917، كنتاكي. دايزي فاي، ثمانية عشر عاماً، في يوم صيفي حار في لويزفيل، تلتقي بجندي يُدعى جاي غاتسبي. إنه ليس من نوع الرجال الذي قد يوافق عليه والدها، لكنها لا تجد في رجال مجتمع لويزفيل فارسها الحقيقي. تقول دايزي “في بعض الأحيان أفكر لو أنني قابلت جاي غاتسبي بعد ذلك، مثلاً، بعد حادثة أبي وروز، ما كنت لألاحظه على الإطلاق. أفكر كيف يمكن أن يتبدل كل شيء، وكيف كان يمكن أن ينقلب مسار حياتي وحياته كلياً. لقد دخل جاي حياتي في لحظة كنت لا أزال أعتقد فيها أن كل شيء ممكن. الحرب والموت كانا في مكان بعيد جداً، بعيداً عن متناول يدي، لدرجة أنهما ربما لم يكونا موجودين على الإطلاق. كان لديَّ كل شيء ولم يخطر ببالي مطلقاً أنني قد أفقد كل شيء. مثلما حدث. يبدو من السخف قول ذلك الآن، أو تذكر كيف كنت؛ تلك الفتاة الغافلة والهادئة. يبدو سخيفاً أن أقول إن جاي وأنا عشنا ومتنا بالصدفة، بتوقيت عشوائي. إن دروبنا تقاطعت في الوقت المناسب وفي المكان المناسب، أو ربما كان الوقت غير المناسب، والمكان الخطأ”. جوردان، البالغة من العمر ستة عشر عاماً، هي أفضل أصدقاء ديزي، وهو أمر لا يوافق عليه والدها القاضي بيكر. لكنها لا تبحث عن رجل ولا عن زواج. حياتها في لعبة الغولف تمثل بالنسبة إليها الملاذ والقوة. 1917، نيويورك. تتبع كاثرين شقيقتها ميرتل من إلينوي إلى نيويورك. فهي لا تريد أن تكون زوجة لأي شخص في بلدة صغيرة. تريد الحرية في مدينة كبيرة. مكان يوفر الإثارة والفرص. مكان يعج الآن بالجنود، وتلتقي بواحد منهم اسمه جاي غاتسبي. هذه الشخصيات تقدمها كانتور بشكل مثير للاهتمام. واحدة منهن تختار الزواج لتتمكن من العيش بشكل مريح، مجرد تأمين مادي للحياة، بينما تختار الاثنتان الحرية على الزواج المقيد. ومع قناعاتهن القوية، لا يمكنهن التنبؤ بكل المنعطفات التي تزجهن فيها الحياة. تكتسب شخصية المحقق فرانك تشارلز هنا أبعاداً جديدة ورائعة، فهو لا يحاول باستماتة تجميع خيوط اللغز في هذه القضية التي أغلقتها الشرطة بدافع الفضول فحسب، ولكن أيضاً للحصول على المكافأة المالية لعلاج زوجته “دي” التي لا يمهله الوقت فتتدهور صحتها، ليمثل التناقض الصارخ مع صور الرجال الآخرين مثل جاي غاتسبي وجورج ويلسون وتوم بوكانان. تطرح كانتور طوال السرد الكثير من الحيل والألغاز، بالإضافة إلى حفاظها على سر من قتل غاتسبي حقاً. في نسخة فيتزجيرالد، كان جورج ويلسون هو من قتل جاي غاتسبي. هنا، تتخيل كانتور امرأة هي من تطلق النار على غاتسبي بمنتهى الإثارة والغضب والجنون. صوت مقابل صوت نجحت كانتور في التقاط أسلوب – ونبرة – رواية عام 1925 بتفاصيل حية، مثل “شهر عسل ديزي الفخم في البحار الجنوبية”؛ والحياة الفاخرة في سانتا باربر، كاليفورنيا؛ والبذخ الذي لا يحتمل في إيست إيج. لكنّ المؤسف فعلاً هو مدى قسوة هؤلاء النساء، وسخريتهن، ولا مبالاتهن، على الرغم من كونهن صغيرات السن. تصرح كانتور في حوار عن روايتها الصادرة 4 يناير 2022 (دار هاربر بيرنيال للنشر) “وأنا أبحث عن نهاية مثالية، في المراحل الأخيرة من المراجعة، أدركت أن القصة التي أردت سردها في النهاية كانت عن النساء اللواتي يساعد بعضهن بعضاً في أحلك اللحظات، للحفاظ على الذات، والكفاح من أجل البقاء، وأهمية البيت… كل الأشياء التي فكرت فيها مرات خلال هذه الأشهر الوبائية الطويلة. وبقدر ما منحت صوتاً لديزي وجوردان وكاثرين وميرتل، منحنني بدورهن صوتاً خاصاً”. المزيد عن: روائية أميركية \ رواية \ البطلات \ النسوية \ فيتزغراليد \ سرد \ شخصيات \ المجتمع 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “حريب” أول أهداف “العمالقة” والجيش اليمني في مأرب next post رحيل نور الدين صمود شاعر الرومنطيقية الجديدة في تونس You may also like سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.