الخميس, فبراير 27, 2025
الخميس, فبراير 27, 2025
Home » جو معكرون يكتب عن: إضطراب المكوّن الشيعي في لبنان

جو معكرون يكتب عن: إضطراب المكوّن الشيعي في لبنان

by admin

 

المكوّن الشيعي يريد التفرّد بالقتال مع العدو، والتفاوض حول اتفاق لإنهاء النزاع معه، ثم الطلب من الدولة إعادة الإعمار بعد حرب لم تُعلنها، وتطبيقها لاتفاق وقف إطلاق النار لم تفاوض عليه، واستمرارها في تغطية سلاح لم تضعه لا في بيانها الوزاري ولا في دستورها. 

درج ميديا /جو معكرون – كاتب وباحث لبناني

 المكوّن الشيعي يريد التفرّد بالقتال مع العدو، والتفاوض حول اتفاق لإنهاء النزاع معه، ثم الطلب من الدولة إعادة الإعمار بعد حرب لم تُعلنها، وتطبيقها لاتفاق وقف إطلاق النار لم تفاوض عليه، واستمرارها في تغطية سلاح لم تضعه لا في بيانها الوزاري ولا في دستورها.

الحزن الجماعي في مدينة كميل شمعون الرياضية كان ضرورة كيانية وشعوراً تلقائياً، استجابة لخسارة تعني الكثير لجزء كبير من اللبنانيين. يعيش المكوّن الشيعي حالة اضطراب ما بعد الصدمة منذ 27 أيلول/ سبتمبر الماضي، حالة اختلال أخرجته عن مساره بعد حرب قاسية مع إسرائيل، وتحوّلات بارزة داخلياً وإقليميا. وداع الأمين العام السابق حسن نصرالله، لم يكن بتبريكات الشهادة، بل بارتقاء حزن الخسارة، في محاولة لبناء أسطورة في الوعي الجماعي للمكوّن الشيعي.

القتل المتمادي لإسرائيل بتواطؤ أميركي، استفرد بمكوّن رئيسي في هذا الكيان، وعجز الحزب والدولة عن ردع هذا العدوان، الذي فرض تنازلات مؤلمة في اتفاق وقف إطلاق النار، وأعطى حرية تحرّك عسكرية لإسرائيل في لبنان، وأنهى كل قواعد الاشتباك منذ عام 2006. التضامن مع هذا المكوّن في محنته، لحظة تأسيسية بحد ذاتها، كما كان تحمّل فائض القوة خلال نشوتها تمسكّاً بوحدة هذا الكيان في السراء والضراء، لكن هذا الأمر يتطلّب مصارحة برفض الاستفراد ب”حزب الله” لما يمثّل، كما رفض استفراد “حزب الله” بقرارات تعرّض البلد لمخاطر وخسائر كبيرة.

ليس سهلاً على أي جماعة حزبية انتظار خمسة أشهر لتشييع قائدها التاريخي. لكن لم يكن هذا الوداع وطنياً بل حزبي، حتى في هذه اللحظة أراد “حزب الله” الاستفراد في حزنه الجماعي. هناك أيضاً ضغوط خارجية، حيث الطبقة الحاكمة التي كانت تحت سطوة الحزب منذ عام 2008، بدأت تحوّل ولاءها إلى الطرف الخارجي الأقوى في هذه المرحلة. “حزب الله” فرض الإخراج التلفزيوني لهذا التشييع، احتكر ما يحقّ للمشاهد أن يراه والموسيقى التي يسمعها، كانت توتاليتارية الشاشة سائدة على كل القنوات اللبنانية، مثلما فرض الحزب على الإعلام اللبناني، منع تصوير الشهداء المدنيين خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

مناسبة تشييع نصرالله كانت لاستدامة القبض على الوعي الجماعي للمكوّن الشيعي، عبر تكريس مبررات استمرار الاحتفاظ بالسلاح. خطاب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم كان رمادياً، بين استمرار المقاومة وتسليم الشؤون السيادية إلى الدولة. أولوية الخطاب المعلنة كانت مقاومة إسرائيل، وإعادة الإعمار، وخطة إنقاذ إصلاحية، وهي ثلاثة أهداف تتعارض مع بعضها بعضاً، ولم يقل “حزب الله” كيف سيحققها. الاستمرار بنمط الاستفراد نفسه في مقاومة إسرائيل سيُعيق إعادة الإعمار وخطط الإصلاح، والاستمرار في التواطؤ مع الطبقة الحاكمة لإعادة الإعمار سيُعيق أي إصلاح جدّي للدولة.

المكوّن الشيعي يريد التفرّد بالقتال مع العدو، والتفاوض حول اتفاق لإنهاء النزاع معه، ثم الطلب من الدولة إعادة الإعمار بعد حرب لم تُعلنها، وتطبيقها لاتفاق وقف إطلاق النار لم تفاوض عليه، واستمرارها في تغطية سلاح لم تضعه لا في بيانها الوزاري ولا في دستورها.

سلاح “حزب الله” أصبح خطراً على أمن الكيان، وعجز عن تحقيق الغاية التبريرية لوظيفته، وهي ردع إسرائيل. مناقشات الاستراتيجية الدفاعية هي إجراء بيروقراطي لكسب الوقت ولتأجيل المحتوم. لا يمكن الاستمرار بنكران الأزمة التي وضع “حزب الله” نفسه فيها، كما وضع الكيان بكل مكوّناته. هذا الاضطراب يؤجّج التوتّر على حدود لبنان الشرقية والشمالية، ويعرّض سلامة المواطنين على الحدود الجنوبية، بدون أفق أو أولويات تخدم المصالح اللبنانية. “حزب الله” تفرّد بقرار التدخّل في النزاع السوري، وحوّل جبهة إسناد غزة إلى جبهة مواجهة مع إسرائيل، وحمّل المكوّنات الأخرى تبعات مؤلمة لهذه القرارات الأحادية. فائض القوة إنسكب خارج الكيان، وأصبح يشكّل خطراً على المكوّن الشيعي نفسه، كما على البلد ومكوّناته.

التخفيف من هذا الاضطراب يحتاج إلى مقاربة عقلانية وتدريجية. يريد “حزب الله” الاستفراد بالتفاوض مع الخارج، مع الإيحاء بأن أي اعتراض داخلي على سلاحه، هو تلقائياً مرتبط بدعم خارجي. ترسيم حدود لبنان البرية جنوباً وشمالاً وشرقاً، لا تُنهي فقط النزاعات الحدودية، بل تشكّل استقراراً ذاتياً لهذا الكيان. كلام الرئيس جوزاف عون للمسؤولين الإيرانيين حول تعب لبنان من حروب الآخرين، خطوة إيجابية، لكن يجب تكرارها أيضاً مع المسؤولين الأميركيين وغيرهم. مقاومة إسرائيل هي فعل يومي للدولة والمواطن، ومقاومة المستقبل هي في الاقتصاد والتنافس، وسلاح “حزب الله” يعيق القدرات الذاتية اللبنانية، لإطلاق المسار الفعلي لبناء اقتصاد يعتمد على ذاته ولا ينهار قبل الحروب، وقادر على إنقاذ نفسه وإصلاحها من دون تسوّل. لا يزال الحزب في سردية أن الغاية القصوى للمكوّن الشيعي هي مقاومة إسرائيل، على حساب رفاهيته واستقراره وفرصه الاقتصادية، ويربط المكوّنات الأخرى في تحمّل تبعات تحقيق هذه الغاية القصوى.

جذور هذا الاضطراب يعود إلى فك الارتباط بين جبل عامل وامتداده الطبيعي في فلسطين، الذي حوّل جبل عامل من منطقة مزدهرة إلى أرياف محرومة في دولة لبنانية ظالمة منذ تأسيسها، لم تستوعبها وتركتها ساحة مشرّعة للتدخّلات. جبل عامل هو لبنان، ولبنان هو جبل عامل. التاريخ الحديث كان صعباً ومعقداً، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن التعلّم من دروس الماضي والتأسيس لتسوية حول القضايا التي تعني المكوّن الشيعي، أي مقاومة إسرائيل وطبيعة دور الدولة. هذا عمل تراكمي، وهو ليس المعركة الوحيدة في إعادة تكوين السلطة للعبور من منطق المكوّنات إلى الدولة الرشيقة والعادلة والحامية.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili