بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن : لِنُعِد حساباتنا.. هذه حرب لسنوات طويلة by admin 10 سبتمبر، 2024 written by admin 10 سبتمبر، 2024 87 من الأرجح أن اليمين العنصري الإسرائيلي يعتبر في قرارة نفسه أن إسرائيل فوّتت فرصة حرب 1948 ولم تقم بما كان يجب أن تقوم به يومها وهو إفراغ أرض فلسطين بكاملها من الفلسطينيين بما فيها قطاع غزة والضفة الغربية. النهار – جهاد الزين في كتابهما الصادر عام 2016 عن مجلس العلاقات الخارجية تحت عنوان ” الحرب بوسائل أخرى” يكشف روبرت د. بلاكويل وجنيفر إم. هاريس أن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور هدّد بريطانيا بالعمل على التسبب بخفض قيمة الجنيه الإسترليني إذا لم تُنْهِ غزوها لمصر عام 1956 وإذا لم تنسحب من قنال السويس. هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها شيئا مشابها. ومع أن الكتاب مليئ بالمراجع ، ناهيك عن المستوى الرفيع للناشر (مجلس العلاقات الخارجية)، فإن الكاتبيْن لم يذكرا في المقدمة الطويلة للكتاب المرجع الذي أستقيا منه هذه المعلومة المثيرة، كما بحثتُ في نهاية الكتاب عن أي مرجع واضح للمعلومة بين الملاحظات المتعلقة بالمقدمة، فلم أجد، مع ذلك أجدني من حيث مستوى البحث في الكتاب، ميّالاً لتصديق المعلومة نظراً لخبرة الباحثين بالسياسة الخارجية الأميركية واتصالها بالدوائر المطلعة في هذا المجال. والذي يدفع إلى التصديق أن تكون المعلومة (التهديد بتخفيض الجنيه الإسترليني) جزءا من أرشيف مرحلة الرئيس إيزنهاور الذي كان موقفه ضد الهجوم البريطاني الإسرائيلي الفرنسي عام 1956 حاسما ومعه الاتحاد السوفياتي في وقف الهجوم ولاحقا الانسحاب الإسرائيلي من سيناء. السؤال إذن لماذا اختلفت وسائل الضغط الأميركي اليوم على إسرائيل عما كانت عليه في الخمسينات إذا كان صحيحا أن لدى واشنطن أهدافاً مغايرة استراتيجياً في حرب غزة الدائرة منذ ما يقرب الأحد عشر شهراً وعلى رأس هذه الأهداف وقف إطلاق النار؟ وإذا كانت الولايات المتحدة استخدمت “الجيو إكونومي” التي هي موضوع الكتاب المذكور أي الضغط الاقتصادي بدل الضغط “الجيوسياسي” التقليدي على بريطانيا، فلماذا لا يلجأ الرئيس جو بايدن اليوم إلى هذا الضغط الاقتصادي على إسرائيل إذا كانت لديه أهداف مغايرة (سلمية) فعلا؟ أجوبة كثيرة موجودة في مجال التخمين، ولكن الأمر الأكيد أن القوة الداخلية (داخل أميركا) لليمين العنصري الإسرائيلي الحاكم في إسرائيل لم تكن، لا هو ولا غيره، بالقوة والنفوذ الحاليين. من الأرجح أن اليمين العنصري الإسرائيلي يعتبر في قرارة نفسه أن إسرائيل فوّتت فرصة حرب 1948 ولم تقم بما كان يجب أن تقوم به يومها وهو إفراغ أرض فلسطين بكاملها من الفلسطينيين بما فيها قطاع غزة والضفة الغربية. نصائح كثيرة تُسدى الآن في السر لكي يكمل اليمين الإسرائيلي ال devoir الذي لم يقم به عام 1948، وها هي الآن الفرصة مؤاتية لاستكماله. هذه هي الخلفية العميقة لما نعتقده “تكتيكات” بنيامين نتنياهو التي ليست مجرد مواقف متعنتة بل هي استراتيجية متفق عليها مع باقي اليمين العنصري. السؤال الآخر هل تستطيع الاستراتيجية الإيرانية تغيير هذا المسار الإسرائيلي الطويل الأمد للحرب أم أنها أصبحت أسيرته ويريد نتنياهو لها أن تصبح أسيرته رغم الضغوط عليها في لبنان وسوريا؟ يحمل العرض السعودي للسلام المبني على القبول الإسرائيلي بحل الدولتين المفتاح الأبرز لتغيير الجو السياسي في المنطقة ولكن هذا المفتاح لا يدخل قِفْلَ الوضع الحالي الحاكم في إسرائيل ولذلك فإن تغيير هذا القِفْلِ بتضافر جهود أميركية أوروبية عالمية أصبح إحدى مهمات القرن الحادي والعشرين الكبرى. لنضعْ أنفسنا مكان قادة اليمين العنصري الإسرائيلي ونسأل ما هي مصلحتهم في وقف الحرب؟ طالما يضمنون سيرورتها العسكرية أياً يكن حجم الضحايا الفلسطينيّين وقد بلغت الحرب درجة الإبادة الجماعية؟ وها هي تنتقل بدم بارد إلى الضفة الغربية المسرح الأخطر لطموحات هذا اليمين العنصري الاستيطانية. كذلك سيرورتها الاقتصادية لأننا لازلنا نشهد منذ ما بعد 7 أكتوبر استمرار إنتاج الغاز الإسرائيلي من المنصات البحرية إلى اليوم …على سبيل المثال والحصر معاً؟ ماذا سيحصل في المنطقة لو استمرت الحرب الدائرة سنواتٍ ولو تخللتها مفاوضات أو هِدَنٌ ووقف إطلاقات نار مؤقتة؟ ماذا سيحصل باقتصادات المنطقة كلها وهل لدى هذه الاقتصادات الطاقة على التعايش مع حرب طويلة في غزة والضفة الغربية ولبنان؟ إن نخب المنطقة السياسية والاقتصادية والثقافية العربية مدعوة لبدء التفكير في احتمال الحرب المديدة بما لا يشبه أيا مما شهدناه حتى اليوم. مع أن هذا الأفق يعيد التذكير نسبياً ب”حرب الاستنزاف” التي خاضها الرئيس جمال عبدالناصر بعد هزيمته في العام 1967 والتي عُرِفت بحرب مدن قنال السويس التي تحولت إلى جبهات عسكرية على طول الضفة الغربية لقنال السويس واستمرت ست سنوات (3سنوات قبل وفاته و3 بعدها)، هذه الحرب في نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن المنصرم تبدو المثال الأقرب إلى ما يمكن أن يشهده قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، وقد تطول الحرب أكثر بالصيغة المتقطعة والملتبسة التي أشرنا إليها.. هل اتخذ القرار الإسرائيلي بإبقاء الجبهات مشتعلة أو متوترة متفاوتة الهدوء والاشتعال وهذه صيغة للحرب تجعل الزمن السياسي والعسكري كما يصنعه اليمين العنصري مترابطا بين 1948 و سنوات ما بعد 7 أكتوبر 2023 على قاعدة استكمال مهمات تأسيس إسرائيل الذي يعتبره اليمين العنصري قد انقطع طويلا وآن الأوان لاستكماله؟ لا زال الأمير محمد بن سلمان يملك ورقة قطع هذا التخطيط اليميني الإسرائيلي في اشتراطه حل الدولتين للتطبيع مع إسرائيل مما يمكن أن يعيد خلق ديناميكية سلام في المنطقة؟؟؟ jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post معسكرات أفغانية تثير مخاوف من «عودة القاعدة» next post تلقيح السحب بين مكافحة الجفاف وسرقة المطر You may also like رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024 نادية شادلو تكتب عن: كيف يمكن لأميركا استعادة... 14 نوفمبر، 2024 جهاد الزين يكتب من بيروت عن: تأملات ثقافية... 12 نوفمبر، 2024 نبيل فهمي يكتب عن: وماذا بعد؟ 12 نوفمبر، 2024 ماري ديجيفسكي تكتب عن: لماذا تفادى الناخبون الأميركيون... 12 نوفمبر، 2024