بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن: بعد انتصار التيار المؤيد للحوار مع الصين داخل إدارة بايدن by admin 29 نوفمبر، 2023 written by admin 29 نوفمبر، 2023 345 لم تبلغ الصين الحد الذي بلغته توتاليتاريات أخرى كالاتحاد السوفياتي أو إيران في التركيز على العدو الخارجي، وهذا من عناصر القوة الهادئة العميقة للثقافة السياسية الصينية في مرحلة ما بعد ماوتسي تونغ. صحيح أن الخطاب الوطني الصيني المتشدد يظهر بين الحين والآخر إلا أنه خطاب إقليمي وليس عالمياً. النهار – جهاد الزين كانت قمة سان فرنسيسكو فرصة كبيرة لإدارة الرئيس جو بايدن كي ينقل العلاقات مع الصين إلى مرحلة يسود فيها الحوار رغم الاحتفاظ بالخلافات الكثيرة بين الدولتين الأقويَيْن في الاقتصاد العالمي. المحادثات الثنائية بين الرئيسين بايدن وشي جينبينغ التي استمرت أربع ساعات والتي أظهر خلالها بايدن عدا عن الترحيب احتراما كبيرا للزعيم الصيني حسب الصحافة الصينية بعدما فعلته عبارة “الديكتاتور” من استياء لدى الجهة الصينية وهي العبارة التي كرر بايدن استخدامها حتى وقت قريب قبل انعقاد منظمة التعاون الآسيوي الباسيفيكي ( APEC). أظهرت تحولات العلاقات الأميركية الصينية كما ترافقت مع القمة أن التيار الأميركي من الديبلوماسيين والخبراء هو الذي انتصرت رؤيته للعلاقات مع الصين وهذا تحولٌ حصل خلال عام واحد من التشنج إلى الانفراج في إدارة بايدن. لم تكن عملية التحول سهلة، فالحرب التجارية كانت على أشدها وجاءت الحرب في أوكرانيا لتزيدها توترا خاصة من جهة واشنطن التي نظرت إلى الجانب الصيني بريبة كبيرة من حيث دعمه للموقف الروسي بل ذهبت إلى حد تسريب تحليلات أن الغزو الروسي تمّ بموافقة صينية. ومقابل التيار الأميركي المتشدد كان جوهر رأي التيار المقابل أن استمرار الحوار مع بكين هو الأساس ولا يجب مطلقا أن تحصل القطيعة مهما كانت الخلافات كبيرة سواء الاقتصادية وأهمها حول نوعية التكنولوجيا العالية التي تستوردها الصين أو الجيوسياسية وعلى رأسها مسألة جزيرة تايوان التي تملك الصين حولها خطابا وطنيا متشددا ك “مسألة حياة أو موت” بالنسبة لبكين حسب ما ورد في تقرير نقلته صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست”• “لن تدخل الصين في أي حرب باردة أو ساخنة”، هكذا جَزَم الرئيس الصيني وهو يغادر سان فرنسيسكو، بما يعكس ارتياحه إلى استعادة الحوار مع الرئيس الأميركي وهو الهدف الرئيسي الذي تحقّق للتيار الأميركي الذي كان معترضا على التصعيد مع واشنطن. وهو التصعيد الذي بلغ حد “مطاردة” بعض الدول المتعاونة مع الصين في مجال التكنولوجيا العالية (ومنها إسرائيل) التي كانت تصدّر للصين تكنولوجيا عالية ودقيقة. مطاردتها بمعنى الضغط المتواصل عليها للحد من ما تسمّيه واشنطن تصدير “تكنولوجيا حساسة” إلى الصين. وقد أقامت واشنطن علاقة وثيقة مع الهند بلغت حد تشجيع قيام خط تجاري إلى أوروبا ينطلق من الهند ويمر بدولة الإمارات فالسعودية والأردن وينتهي في ميناء حيفا في إسرائيل لمواجهة تقدم مبادرة “الحزام والطريق” الصينية. طبعاً لا نعلم الآن هل ستهدد حرب غزة وما تركته من تصدعات هذا المشروع أم لا، لكن هذا بحث آخر. وفي ذروة الحرب التجارية التي اندلعت بين الطرفين وتناولت تعريفات الرسوم على البضائع، يجب التذكير أن هناك دائما تيارين بين الخبراء الاقتصاديين الأميركيين حول العلاقة مع الصين، وتحديدا حول الميزان التجاري المائل باستمرار لصالح الصين.وتقوم وجهة النظر الكلاسيكية على الدعوة إلى الحد من الاستيراد من الصين بينما وجهة النظر الأخرى تنظر بإيجابية لخلل الميزان التجاري هذا، انطلاقا مما تعتبره محفّزا للطاقة الاستهلاكية للفرد الأميركي من حيث تدني الأسعار وزيادة الإنفاق الداعمة للنمو بينما تستفيد الشركات الأميركية العاملة في الخارج من توسيع السوق الاستثمارية داخل الصين لصالح الاقتصاد الأميركي. “لن تدخل الصين في أي حرب باردة أو ساخنة”… هذه اللغة السلمية أو الحوارية التي استخدمها الرئيس الصيني في تصريحه تبدو متناقضة مع اللهجة المتصلبة للإعلام الصيني خلال فترة العام المنصرم التي توترت فيها قضية تايوان أو حين يقول أحد المسؤولين الصينيين أنها “مسألة حياة أو موت” بالنسبة لبكين كما سبقت الإشارة أعلاه.لعل المهم هنا هو ملاحظة أن ما يريد تأكيده الرئيس شي جينبينغ هو عدم وجود خيار عسكري صيني من أي نوع في مسألة تايوان خلافا للكم الكبير من التحليلات الأميركية التي دعت للاستعداد لمواجهة هكذا خيار. كتب ريان هاس في الفوزين أفيرز أن واشنطن تريد أن تبقى الصين مكبّلة بالنظام الدولي القائم. السؤال هل لا يزال هذا النظام الدولي قادرا على الحد من صعود الصين على المسرح العالمي؟وهو سؤال يتصل مباشرة بما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية قادرة على السيطرة الفعالة على هذا النظام كما أرسته بعد الحرب العالمية الثانية ولاسيما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي؟ لم تبلغ الصين الحد الذي بلغته توتاليتاريات أخرى كالاتحاد السوفياتي أو إيران في التركيز على العدو الخارجي، وهذا من عناصر القوة الهادئة العميقة للثقافة السياسية الصينية في مرحلة ما بعد ماوتسي تونغ. صحيح أن الخطاب الوطني الصيني المتشدد يظهر بين الحين والآخر إلا أنه خطاب إقليمي وليس عالمياً. الصين تغيِّر من داخل النظام الدولي لا من خارجه. والأميركيون شكواهم الأساسية هي نجاحات الصين، خصوصا الاقتصادية بمعايير التجارة والاستثمارات الدولية والتنافس التكنولوجي، من داخل هذا النظام الرأسمالي العالمي الذي لا زالت تقوده واشنطن وتتفوق فيه. اليوم عادت واشنطن إلى الحوار والتواصل مع الصين وهذا يعني نجاح التيار الأميركي الحواري في إقناع البيت الأبيض أن القطيعة لا تخدم المصلحة الأميركية ولا تمنع تشديد التنافس وأن عزل الصين عملية خطرة جدا من شأنها وضع قيادة الصين خارج السيطرة. المهم أن هذا التفكير انتصر على الأرجح في واشنطن كما أظهرت أجواء قمة سان فرانسيسكو الأخيرة وكما سيظهر في المرحلة المقبلة في العلاقات بين دولتين عظميين لا يزال الخبراء يقدّرون الفارق بين الناتج القومي لكل منهما بحوالي 7 تريليون دولار ( الناتج القومي الأميركي 20,89 تريليون دولار- الناتج القومي الصيني 14,72 تريليون دولار). jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post غسان شربل يكتب عن: جنرالات إسرائيل و«جنرالات» غزة next post حازم صاغية يكتب عن: فلسطين التي تُغني فلسطين التي تُفقر You may also like عبد الرحمن الراشد يكتب عن: نهاية الحروب اللبنانية... 11 يناير، 2025 رضوان السيد يكتب عن: سوريا بعد الأسد واستقبال... 10 يناير، 2025 ابراهيم شمس الدين يكتب عن: هوية الشيعة الحقيقية... 10 يناير، 2025 منير الربيع يكتب عن: “الوصاية” الدولية-العربية تفرض عون... 10 يناير، 2025 لماذا يسخر ترمب من كندا بفكرة دمجها كولاية... 9 يناير، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل مسلحو سوريا... 9 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: لا يطمئن السوريّين إلّا…... 9 يناير، 2025 ديفيد شينكر يكتب عن: لبنان يسير نحو السيادة... 9 يناير، 2025 غسان شربل يكتب عن: إيران بين «طوفان» السنوار... 7 يناير، 2025 ساطع نورالدين يكتب عن: بيروت- دمشق: متى تُقرع... 5 يناير، 2025