الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » جهاد الزين يكتب من بيروت عن : مراجعة ثانية أكثر نقديةً لكتاب إليزابيت إيكونومي

جهاد الزين يكتب من بيروت عن : مراجعة ثانية أكثر نقديةً لكتاب إليزابيت إيكونومي

by admin

سأكرر في خاتمة الحلقة الثانية هذه أنه كقارئ لا بأس من القول أن قوة الحضارة الغربية هي في الحرية التي تنطوي عليها تقاليد البحث العلمي التي تتيح البحث وإنتاج كتب من هذا المستوى وغيرها الكثير طبعا في حقول مختلفة

النهار اللبنانية \ جهاد الزين

في مقالي السابق عن كتاب إليزابيت إيكونومي حول الصين (1-6-2023) كان اهتمامي منصبا على استعراض ما أمكن من مضمون الكتاب ولذلك اخترت مقتطفات منه علّها تعطي فكرة عن قيمة البحث مع حد أدنى من التدخل النقدي من جهتي سوى في مقدمة مقالي وخاتمته،بينما الجزء الأوفى كان من المقتطفات الحرفية التي سلّمت ترجمتَها إلى المترجمة القديرة الصديقة نسرين ناضر التي قبلت مشكورةً القيام بهذه المهمة رغم أنها لم تعد تعمل في “النهار”! حرصاً مني على أكبر دقة حرفية للمقتطفات.

اليوم في الحلقة الثانية والأخيرة سأحاول أن ألقي ضوءاً نقدياً من وجهة نظري على بعض أجزاء الكتاب والقضايا المطروحة فيه ولاسيما، في ما أظن، بعض القضايا المغيّبة من بحث السيدة إيكونومي القيِّم.

هناك عدد من نقاط الضعف التوثيقي في كتاب إليزابيت إيكونومي “العالم منظوراً إليه من الصين” تقلّل من قيمة الكتاب كبحث موضوعي. فهي مثلا في الصفحة 14 (نسخة كيندل) تذكر أن الحجم الاقتصادي العام داخل وخارج الصين للطب الصيني التقليدي (TCM) الذي تحرص الحكومة الصينية على نشره في العالم كمصدر ربحي وكقوة ثقافية معاً يبلغ 400 بليون دولار، وهذا رقم ضخم بكل المعايير لكنها لا تشرح مصادر هذا الرقم وبنيته ولم أجد في فهرس المصادر التي تذكرها سوى إشارة عامة لبعض الكتب حول الموضوع دون معالجة مُستحَقّة لمضمونها.
في معرض عرضها لتعقيدات العلاقة بين الصين وجزيرة تايوان، تتطرق إلى بعض أمثلة الضغط الاقتصادي الذي تمارسه بكين على الجزيرة فتشير إلى منعها ذهاب السواح الصينيين إلى هناك، وتذكر بدقة الأرقام المالية التي كان ينفقها السواح الصينيون، ولكن هذا القسم من الكتاب يبدو مجزوءا فلا تذهب أبعد في الحديث عن السياحة الصينية إلى العالم سوى عن بعض الدول في المحيط الآسيوي. وباعتقادي، بعدما بحثتُ قليلاً في عدد من المصادر الغربية على غوغل، أن هذا الجانب السياحي كان يستحق بحثا أشمل لسببين:
الأول أن أرقامه ضخمة اقتصادياً، فوكالة رويتر تذكر في أحد تقاريرها أنه عام 2019، أي قبل جائحة الكوفيد سافر ماية وخمسةٌ وخمسون مليون صيني إلى أنحاء مختلفة من العالم وأنفقوا 254.6 بليون دولار بما يعادل الدخل القومي لفيتنام. هؤلاء السواح الصينيون بلغت نسبتهم من الوافدين إلى أوروبا من غير الأوروبيين عشرة بالمائة من السواح. وهذا يعطي فكرة عن فائض في مداخيل الصينيين وارتفاع مستوى حيواتهم، لأن الإنفاق السياحي في أي بلد هو مؤشر على نسب البحبوحة. مع الإشارة إلى أن هذه الأرقام تضاءلت جدا بل اختفت في فترة اشتداد وباء كورونا بعدما منعت الحكومة الصينية السفر إلى الخارج في الأعوام 2019 و 2020 ونسبيا 2021 وعادت تسمح بذلك بعد السيطرة على انتشار الكوفيد 19.

أما السبب الثاني للفراغ الذي يحدثه غياب هذه الوقائع عن دراسة الباحثة إيكونومي، فهو دلالة هذا الرقم السياسية، أقصد الماية وخمسين مليون شخص، والآن استئناف الملايين من الصينيين السياحة في أنحاء شتى من العالم بعد رفع الحظر، من حيث أن بلداً يتحمّل هذه النسبة الضخمة من المغادرين لأراضيه والعائدين بشكل طبيعي إليها وتحت أنظار حكومتهم وتشجيعها، لا يخضع للتبسيط البروباغاندي الذي يصوّر أن المواطنين الصينيين متلهفون للخروج من الصين وعدم العودة كما كان المواطنون الروس وغير الروس يفرون في العهد السوفياتي. فعندما يخرج ويعود عشرات ملايين الصينيين إلى بلدهم بعد قضاء إجازات قصيرة، لهو دلالة صارخة أن المجتمع الصيني الكبير ليس مكبوتا بالقدر الذي يجري تصويره في الغرب في ظل النظام السياسي ذي الحزب الواحد. وهناك العديد من الدراسات، بينها لمراكز أبحاث في الولايات المتحدة وصلت إلى نتيجة أن الديموقراطية ليست أولوية للطبقات الوسطى في الصين في حين أن الهدف الإول لهذه الطبقات الوسطى المتواصلة الاتساع هو بحبوحة العيش وليس الحريات السياسية. طبعا حين يتعلق الأمر بالنخبة العلمية تصبح الصورة مختلفة. فالباحثة تشير إلى نسبة معينة من هجرة الكفاءات الصينية بحيث أنه “بين 2014 و2018 بقي 90 بالمائة من الطلاب الصينيين في الولايات المتحدة الأميركية بعد حصولهم على الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي من جامعاتها”.

تذكر الباحثة أنه خلال عقد واحد أنشأت وزارة التربية الصينية أكثر من خمسمائة مركز لمعهد كونفوشيوس (CI) في الجامعات وستماية صف تعليم في المدارس والمؤسسات مثل معهد الصين في مدينة نيويورك. في الولايات المتحدة معهد كونفوشيوس وجد مواقع في مائة مؤسسة. حتى أن المركز الرئيسي لمعاهد كونفوشيوس في بكين (Hanban) عرض المساهمة المالية لجزء من أنشطة تعليم اللغة الصينية مما لقي تجاوبا حتى لدى جامعات أميركية ليست بحاجة إلى دعم مالي مثل ستانفورد وإيموري وتافت وجورج واشنطن. وهذه المؤسسة،معهد كونفوشيوس، تبدو في المجالَيْن اللغوي والثقافي أشبه بمعهد غوته الألماني وفروعه العالمية والمراكز الثقافية البريطانية.

إن هذا الانتشار اللغوي والثقافي يبدو ملموسا في بلدان عديدة ولكن ربما من المبكر جدا تقييم مدى تأثيره في المشهد الثقافي العالمي ولكنه حتما تأكيد على تصميم الصين الجديدة ليس فقط في الانفتاح على العالم ولكن أيضا في التأثير فيه. والباحثة تُخصِّص قبل الفصل الثقافي عرضا للأنشطة الإعلامية لمكاتب الإعلام الصينية.

الفصل المتعلق بتجربة المساهمة في وإدارة مرفأ بيترايوس في اليونان والتي قامت بها الصين عبر إحدى شركاتها، أَعتبرُها بعض أوفى أجزاء الكتاب لا من حيث المعلومات فحسب و من حيث نجاح التجربة ومردودها وعقباتها بل أيضاً في مدى تأثيرها على المواقف السياسية لحكومة اليونان “مهد الديموقراطية الحضاري” لصالح الصين سواء في الخلافات مع الاتحاد الأوروبي أو مع الولايات المتحدة عندما كانت تُثار مسألة هونغ كونغ او تايوان أو أوضاع إقليم سينكيانغ حيث الإيغور.

وسأكرر في خاتمة الحلقة الثانية هذه أنه كقارئ لا بأس من القول أن قوة الحضارة الغربية هي في الحرية التي تنطوي عليها تقاليد البحث العلمي التي تتيح البحث وإنتاج كتب من هذا المستوى وغيرها الكثير طبعا في حقول مختلفة.
حين يصبح بإمكاننا أن نقرأ في داخل الصين كتابا نقديا عن الصين، يمكننا أن نتوقع لمن سيكون الفوز. أو بكلام آخر سنتوقع هزيمة الغرب.

‏jihad.elzein@annahar.com.lb‏
‏Twitter: @ j_elzein

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00