الخميس, نوفمبر 28, 2024
الخميس, نوفمبر 28, 2024
Home » جهاد الزين من بيروت : مناقشة الدكتور أمين ألبرت الريحاني لمراجعتي كتابه..”الترجمات العربية للكتاب المقدّس وأثرها في عصر النهضة”

جهاد الزين من بيروت : مناقشة الدكتور أمين ألبرت الريحاني لمراجعتي كتابه..”الترجمات العربية للكتاب المقدّس وأثرها في عصر النهضة”

by admin

العهد الجديد” للفكر العربيّ الحديث وللنهضة العربيّة المعاصرة

النهار اللبنانية \ جهاد الزين

حين باشرت بتأليف كتابي عن #الترجمات العربية للكتاب المقدس، وأثرها في عصر النهضة، كانت التفاصيل حول الموضوع بمعظمها معروفة، لكنني اكتشفت تدريجيًّا أن القسم الأكبر من تلك التفاصيل ما يزال مجهولًا، فحاولتُ التركيز على القسم المجهول وتوسَّعْتُ فيه قدر المستطاع. وهذا ما توقّف عنده الأستاذ جهاد الزين في مقالته الهامّة واللافتة حول الكتاب (النهار ، 10 كانون الثاني 2023).

وقبل الدخول في مناقشة بعض القضايا الهامة التي أثارها، عليَّ أن أتوجّه بخالص الشكر والتقدير للأستاذ الزين الذي جعل من صفحة “القضايا” منبرًا يتميّز بالموضوعيّة والدقّة العلميّة المطلوبتَين لمناقشة الآراء المطروحة بكثير من الجديّة المفروضة. كما أشكره للإضاءة على المحاور الرئيسة المطروحة في الكتاب، ما أيّدَه منها، وما عارضَه، وما تأمَّل به، فهذه جميعًا شَكَّلَتْ الدافعَ الأهم، والهدَف الأوّل، لوضع هذا الكتاب بين يدَي القرّاء.

الفكرة الأولى التي وافقني عليها الأستاذ الزين تدور حول “#العهد الجديد” للغة العربية. وهنا نجد أنّ مجال التوسّع شاسعٌ لا ينتهي. وعلى غرار كَوْن مارتن لوثر مؤسِّسًا للغة الألمانيّة الحديثة، يمكن اعتبار كوكبة من اللبنانيين الذين شاركوا في مشاريع الترجمات العربيّة للنصوص المقدّسة منذ القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر، وعلى رأسهم أحمد فارس الشدياق، والبساتنة واليازجيين، هم المؤسّسون الفعليون للغة العربية الحديثة. وهم حاملو مشعل “العهد الجديد” للغة العربية الحديثة، والذين مهّدوا لهذا التأسيس اللغوي والأدبي واللاهوتي والحضاري. وإذا ذكرنا سائر الأسماء نتوقّف عند جبرائيل الإهدني، يوحنا الحصروني، إبراهيم الحاقلاني، سركيس الرزّي، نصرالله شلق، والشيخ يوسف الأسير. وقد اعتُبِروا من علماء اللغة العربيّة وسائر اللغات الشرقيّة في جامعات أوروبا وجامعة الأزهر. أما عبد الرحمن بدوي فقد أدخلهم ضمن موسوعة المستشرقين الذين أسّسوا لحركة النهضة العربيّة.

وهنا نصل إلى الفكرة الثانية التي عارضني فيها الأستاذ الزين إذ يعتبر أنني ذهبت بعيدًا في توصيف القول بأن حملة نابوليون على مصر لم تُشكِّل بداية النهضة العربية لتأييده الوصف التقليدي لتلك الحملة. لا ألوم الأستاذ الزين على هذا الاعتراض لأنني ربما لم أتوسّع فيه الكفاية في كتابي حين أشرت إلى أن أوّل مطبعة عربية في الشرق كانت مطبعة قزحيا في لبنان منذ 1610 لا مطبعة نابليون في مصر منذ 1798. الفارق التاريخي يصل إلى نحو مئتَي سنة. لكن الأهم من ذلك هو الفارق الفكري والحضاري. فهدف المطبعة العربيّة النابوليونية كان هدَفًا سياسيًّا وعسكريًّا وكولونياليًّا، في حين أن هدف المطبعة العربيّة “القزحيَّوِيّة” كان هدَفًا لاهوتيًّا ولغويًّا وأدبيًّا وفلسفيًّا حضاريًّا. أكثر من ذلك، فالمصادر تذكر أن مطبعة نابولين عادت من حيث أتت بعد ثلاث سنوات من مجيئِها إلى مصر، في حين أن مطبعة قزحيّا بقيت في لبنان منذ تأسيسها حتى اليوم. فكيف يمكن لمطبعة ذي أهداف سياسيّة كولونياليّة، لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات، أن تؤسّس للنهضة العربية في حين أنّ مطبعة أخرى، نشأت منذ أربعمئة سنة، وتبعتها مطابع، وقامت جميعُها بنشر الكتب اللاهوتيّة والفقهيّة واللغوية العربيّة والكتب الأدبيّة والفلسفيّة، لا نعتبرها هي المؤسِّسة “للعهد الجديد” للغة العربيّة وللنهضة العربيّة في لبنان والعالم العربي؟ هي “عهدٌ جديد” لقديم اللغة العربيّة، وعَودٌ إلى أصولها، كما هي “عهدٌ جديد” لحداثة اللغة العربيّة وحداثة شعرها وأدبها المعاصرَين.

أما الفكرة الثالثة التي طرحا الأستاذ الزين فيقول فيها: “الرأي الثالث العميق الذي استوقفني في الكتاب… هو قول الكاتب بذكاء جرىء: أرى لكلّ رسالة سماويّة عهدَها الجديد سواء أكانت معلنة أم غير معلنة، ظاهرة أم مضمرة… على أن الكاتب يدعو بشجاعة إلى تجديد العهد الجديد… ويكتب قائلًا: إنّ العهدَ الجديد بات عهدًا قائمًا بذاته ولذاته، ولم يعد بحاجة إلى عهد قديم قد يتجاوزه أو يتخطاه.” لا بدّ هنا من إيضاح ما طرحْتُه من فكرة تجديد “العهد الجديد”. قلت حرفيًّا في هذا السياق: “أتمنى أنْ تُواكبَ الترجماتُ الحديثة تَطوّرَ لغةِ العصر بحيث يتميّز “العهدُ الجديد” بحداثة لغويّة عربيّة، وبحداثة فكريّة تعزّز حقيقةَ الإيمان بدلًا من أنْ تجمّدَه وتحجِّرَه. وهذا الأمر يدعونا إلى أنّ الإيمان، وفق كلّ الأديان وليس حصرًا بدِيْنٍ واحدٍ من دون سواه، الإيمان وفق أيِّ دينٍ من الأديان، لا يجوز أن يكون ضدّ الحداثة. أي لا يجوز أن نضع الإيمان والحداثة وجهًا لوجه. فلحظة نقبل التعامل بوعي كليّ مع هذه المعضلة الحضاريّة نتصالح مع أنفسنا وتصبح الأديان وسيلة إيجابية لتعزيز الإيمان، ويصبح الإيمان في الموقع الصحيح للاكتناز بتطور العصر والإثراء بثرائه.

لذلك قلت وأردّد أن “العهد الجديد” في أي دين من الأديان يجب أن يقوم بمهمّة تطوير الإيمان وتحديثه بما يتلاءم مع تطور العصر. وإلّا خلَقْنا شَرخًا ليس لصالح الدين، ولا لصالح الإيمان، ولا لصالح المؤمنين. من هنا نجد أن الكتابات الشعريّة والنثريّة المعاصرة، وخاصّة في القرن العشرين، باللغة العربيّة وبسواها من اللغات، أتت على تصوير المسيح، كخِرِّيج من خرّيجي جامعة هارفرد، أو جامعة أوكسفورد أو كايمبردج، يخاطبنا بصميم لغة العصر، ويناقشنا بصميم معضلات العصر، فنرتاح لكلامه ونصادفه صديقًا، قريبًا من التفكير المعاصر، يتبادل معنا الرأي فنفهمه ويفهمنا أكثر بكثير من كلّ اللغات القديمة، وكلّ أوجه الإيمان الشكليّ القديم، وكل الطقوس التي تصل إلينا بلغة قديمة عقيمة تبعد كل البعد عن العصر وعن لغته المعاصرة.

ويختم الأستاذ الزين بسؤال: “هل يعتقد الكاتب أنّ الجزءَ الأدبيّ المتعلق بالشعراء المحدثين جزءٌ كافٍ؟” أسارع إلى الجواب مُؤَيِّدًا الأستاذ الزين بالقول: أنا واثقٌ من أنه غير كاف. فقد اكتفيت بالأمثلة، والتوسّع الضروري هنا قد يستغرقُ كتابًا جديدًا ليفي أدباءَ العربيّة وشعراءَها حقَّهم في خوض مضمار “العهد ، الجديد” للغة العربيّة وآدابها. وإتمام هذا القسم الثاني، أو الجزء الثاني من الكتاب، لن يُستكمَل قبل أن نتوسّع في أثر لغة “العهد الجديد” في كتابات يوسف الخال، وأدونيس، وأنسي الحاج، وشوقي أبي شقرا، وفؤاد رفقة، وبشر فارس، ونذير العظمة، ومحمد الماغوط، ورفيق المعلوف، وبولند الحيدري، وعصام محفوظ، وخليل حاوي، وأنطون كرم، وجبرا إبراهيم جبرا، وصلاح عبد الصبور، وسواهم… هؤلاء الذين أخذوا على عاتقهم كتابة “العهد الجديد” للفكر العربيّ الحديث، و”العهد الجديد” للنهضة العربيّة المعاصرة.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00