بأقلامهمعربي بأقلامهم / جهاد الزين: بيروت في هبائها الأخير by admin 18 ديسمبر، 2019 written by admin 18 ديسمبر، 2019 153 جهاد الزين- النهار من غرفتي في مستشفى قرطباوي للعلاج الفيزيائي المطلّة على خليج جونيه بكامله، ومنه إلى الأبعد، هذا الامتداد الصخري في البحر الذي سُمّي بيروت. لكن بيروت لم تعد صخوراً تأخذ شكل حربةٍ في قلب البحر كما تبدو من تلك التلة – تلّة أدما- فوق كازينو لبنان بل هي أيضا تجمّعٌ محتشد من الأبنية الباطونية الطويلة والمتوسطة والصغيرة التي تتداخل مولِّدةً صورةَ كائنٍ مُشوَّهٍ كثيف التجاعيد لا تستقر حركتُه. هل رأيتُ بيروت بهذه الصورة، أسأل نفسي، تحت تأثير انهيارها الاقتصادي الجديد وحراكها الشعبي الذي يضيف إلى تاريخها غنىً جديداً بقدر ما يضيف الانهيار الاقتصادي الذي لا تُصدّق بعض فصوله كأنها من كتب الروايات خصوصاً فصل احتجاز البنوك لودائع المودعين، بقدر ما يضيف انطباعاً مأساويا عن مصائر هذه المدينة. أسوأ أزمة اقتصادية -كانت متوقّعة- ولا تزال ربما في تدرّجها الذي يتجاوز التوقع تترافق مع أهم حراك توحيدي شعبي (17 تشرين) كأن اللبنانيين يدفعون فورا ودون رحمة ثمن تجرؤهم على طبقة سياسية لم يسبق أن ضمّت هذا القدر من الأنذال الذين لا يتورّعون عن شيء. يمكن للتفسير الاقتصادي أن يرى تلازم الانهيار مع الثورة.- وهو ليس أزمة بل انهيار يتخطّى الأزمة-. لكنْ هناك في الاعتراض الشعبي الجارف بُعدٌ نخبويٌ يمثّله الضيِّق الشديد لدى الطبقة الوسطى وحتى العليا من تركيبة سياسية فجة خانقة وقاتلة. لم يتح لي أن أشارك في أيٍ من التظاهرات الحاشدة بسبب العارض الصحي الصعب الذي واجَهْتُهُ، لكنّ عدداً كبيرا من الذين التقيتهم، ناهيك عن المشهدية التلفزيونية الغنيّة والمتنقلة، ركّز على ما كشفه الحراك من إمكانات فذّة لجيل جديد يقدم مساهمته في الحياة العامة للمرة الأولى. لا شك أن الانهيار الاقتصادي أضاف وسيضيف إلى الحراك الشعبي فئاتٍ واسعةً من الذين أفقرتهم وتفقرهم نتائج الانهيار الخانقة. مما منح ويمنح أكثر للحراك بعداً شعبيا حصل عليه أصلاً في أيامه الأولى وبما فاق كل توقع. لن تتكرر كثيراً فرصة أن يحمل ابن صور وعاليه كذلك ابن طرابلس وجل الديب الشعارات نفسها الرافضة. تبدو لي بيروت من هذه التلّة كمدينة أبنية متحركة، رسوم متحركة انفصلت عن رسّامها.. والمدينة ذات العناوين المتعددة تواجه سؤال الهباء. هل يعقل أن ينتهي 17تشرين إلى لا نتيجة؟ ما هي قوة هذا النظام السياسي الذي يجدد سيطرته بمزيج من الاتقان والبلادة. وكيف يقع الشعب اللبناني تحت مقصلة تبعيته القصوى للخارج؟ الصورة الآن تُظْهِر أن احتمال الهباء مرجّح بل الأكثر واقعيةً.إلا إذا كنت أعكس بهذا التقييم مسافة جيلِيّة. أو عدم تقدير دقيق لمدى تصميم ونضج جيل جيد من الشباب المزوَّد بمعرفة حديثة. بيروت..أعني لبنان. 2 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post النّاصرة: ترانيم الميلاد تراقص تشايكوفسكي في “كسارة الجوز” next post بأقلامهم/ الياس خوري: ماذا يريدون؟ You may also like رضوان السيد يكتب عن: ذكريات الحرب وبطولات الأحياء! 19 أبريل، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: تريليونات ترمب وفلسطين 19 أبريل، 2025 دلال البزري تكتب عن: الحرب الأهلية اللبنانية التي... 18 أبريل، 2025 حازم صاغية يكتب: مرّة أخرى عن الذكرى الخمسين... 17 أبريل، 2025 كاميليا انتخابي فرد تكتب عن: الفرق بين المفاوضات... 15 أبريل، 2025 غسان شربل يكتب عن: حطب الخرائط ووليمة التفاوض 14 أبريل، 2025 وليد الحسيني يكتب عن: تعود العروبة.. يعود الإسلام... 13 أبريل، 2025 حازم صاغية يكتب عن: 13 أبريل 1975… المديد 13 أبريل، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب وخامنئي والعودة... 13 أبريل، 2025 رضوان السيد يكتب عن: الخوف في كل مكان…... 11 أبريل، 2025 2 comments สล็อตออนไลน์เกาหลี 23 مارس، 2025 - 7:12 ص 889758 49510I appreciate your function , thanks for all of the informative blog posts. 755044 Reply 1xbet 4 أبريل، 2025 - 10:37 م 324362 539145Perfect just what I was searching for! . 486462 Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.