الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Home » جهاد الزين: انتهت ثورة 17 تشرين سياسيا وبقيت أخلاقياً!

جهاد الزين: انتهت ثورة 17 تشرين سياسيا وبقيت أخلاقياً!

by admin

الانتخابات النيابية المقبلة ستجري في مناطق السّنّة والمسيحيين ونسبيا الدروز ولكن ليس في مناطق الشيعة. وستأتي نتائج الانتخابات عند الشيعة كأن الثنائي حصل على نسبة مائتين بالمئة من الأصوات. أنسوا هذا الموضوع عند الشيعة.

النهار اللبنانية – جهاد الزين

كنتُ قرأتُ بضجر شديد واستمعتُ إلى معظم التحليلات التي رافقت “انتصارية” انتخابات نقابة المهندسين وها أنا أقرأ وأستمع بالضجر نفسه إلى تحليلات “انهزامية” انتخابات نقابة المحامين. الانتصارية والانهزامية أعنيها طبعا هنا من معيار القدرة على التغيير السياسي الموصول بأجواء 17 تشرين.

في الحقيقة “انتصارية” المهندسين وهمية و”انهزامية” نقابة المحامين واقعية جدا . في كل الحالات لم يحصل شيء يُذكر في قاعدة المجتمع اللبناني خلال وبعد ثورة 17 تشرين. كانت ثورة نخبوية لا شعبية إذا جاز التعبير وهو أكثر من جائز. نُخَب الطبقة الوسطى الجديدة في الجامعات التي وُلدت تعليمياً بعد الحرب هي التي أشعلت الثورة، وهي نخب كنخب “الربيع العربي” الشبابية في ميدان التحرير في القاهرة وميدان بورقيبة في تونس مزيج من ثقافة الإنترنت الأكثر حداثة ، وثقافة “المجتمع المدني” التي ازدهرت ومعها اقتصادُها في فترة تعبئة الفراغ الناتج عن هزيمة الاتحاد السوفياتي وزواله. التعبئة التي قام بها الغرب دعما وترويجا وتمويلا في كل أنحاء العالم ومنها لبنان. لكن هذه النخب الجديدة سنّاً وثقافةً تغييرية بقيت على اتساعها “قشرة” على جلد المجتمع في الجامعات خصوصا المحترمة ونقابات المهن الحرة. فهذه النقابات رغم تقاليدها الانتخابية المحترمة واختراق النخب التغييرية لها، هي بنت النظام السياسي ومنظومته.

نعم العنصر غير المسبوق الذي أحدثته ثورة 17 تشرين هو على مستوى الإدانة الأخلاقية و القيميّة للمنظومة السياسية. أتذكّر على إحدى القنوات التلفزيونية أن سيدة في إحدى مظاهرات 17 تشرين أرادت أن تدافع عن شخصية سياسية بارزة فقالت تقريباً بالحرف:‏ “فلان صحيح حرامي لكن خدم وبنى”.(يعني خلطة من روبن هود وآل كابوني).

أنعِمْ وأكرِمْ. تم خلق جو تحقيري للمنظومة السياسية لا سابق له. لكنْ كل هذا بقي دون قدرة على التغيير لأن قوى النظام قوية ومترسِّخة في المجتمع وتملك إمكاناتٍ تنظيميةً وأمنيةً ذات بنية تصبح فاشيّةً إذا شعرت بأي تهديد من داخل بيئتها. لا أحب تعبير “جمهورها” لأنه تعبير خادع ومزوّر في أحيان عديدةويُستخدَم غطاء إعلاميا لعمليات قمع منظّمة تحت إسم “جمهور” الحزب أو هذا التنظيم أو ذاك وهذا ينطبق على كل الأحزاب والتيارات الأساسية. ما أتحدّث عنه هنا ليس الجمهور الأكيد وعصبيته لكل من هذه الأحزاب. ولكن ما يُسمّى في اللعبة الإعلامية ” جمهور الحزب”، هذا الحزب أو ذاك، وأحيانا يُسمّى “أهل المنطقة” هو “الجمهور” الذي ينزل إلى الشارع بأوامر تنظيمية مدروسة ومحدّدة ومن عناصر محترفة وشبه عسكرية.

انتهت ثورة 17 تشرين كقوة تغيير للنظام وكان لا بد أن تنتهي. ففي الدولة اللبنانية الضعيفة والتافهة، النظام السياسي قوي جدا. بل هذا النظام إحدى آلياته هو إضعاف الدولة فيما هو، لاسيما بعد نهاية الحرب عام 1990، استنفدها بالخدمات والنهب وتوزيع المكاسب التي كانت تُمارَس بذهنية “غنائم الحرب” فأفلتت الميليشياتُ على الدولة كالذئاب الجائعة ليس فقط في تكديس الثروات والمصالح، ولكن يجب الاعتراف أيضا في جشع توظيفي داخل الدولة وسّع قاعدة الطبقة الوسطى حتى بلغ التخمة في العقد الأخير في الاقتصاد الريعي وهياكل الدولة وحصل الانهيار الذي جرف في طريقه قطاع المصارف المتواطئ أصلا وهو يجرف حاليا الطبقة الوسطى نفسها التي ساهم في توسيعها وتقويتها النظام الزبائني.

الانتخابات النيابية المقبلة ستجري في مناطق السّنّة والمسيحيين ونسبيا الدروز ولكن ليس في مناطق الشيعة. وستأتي نتائج الانتخابات عند الشيعة كأن الثنائي حصل على نسبة مائتين بالمئة من الأصوات. أنسوا هذا الموضوع عند الشيعة. هناك تعيينات يفرضها نظام ثنائي حزبي يسيطر على كل شيء في هذه المناطق من الشرطي البلدي إلى الضابط وكل ما يخطر على بال من حجر وأجهزة بشرية. نظام ذو امتداد شعبي أكيد وعميق ولكنه متفرّد ومنفرد بما لا يتيح لأي نواة اعتراض كبيرة أو صغيرة أن تعبّر عن نفسها سياسيا وحتما في صناديق الاقتراع “الساقطة عسكرياً”.

سبق لي أن قلت ذلك وسبق لي أن استدركتُ أنه لا يجب أن يُفهم من كلامي أنه لا تنوّع في الحالة الشيعية اللبنانية. المدهش أن هذا التنوع عميق وأصيل وحيوي رغم الاستسلام السياسي للمجتمع.

ولا يجب أن يُفهم من كلامي أيضاً أن الأوضاع في الطوائف الأخرى على ما يُرام. فالفقر والإفقار النوعي والكمي يصيبان كل الطوائف ولولا “الدياسبورا” الداخلية التي أفرزت 17 تشرين والتي لا تزال تقاوم لكنا أصبحنا في مجتمع لبناني كامل التخلف ( راجع مقالي أمس الأول: الدياسبورا الخارجية والدياسبوراالداخلية).

يتساقط كل يوم وهْمٌ وراء وهْم وحلم وراء حلم فيما يتصحّر لبنان لولا بعض الواحات الخضراء.

j.elzein@hotmail.com

Twitter: @ j_elzein

 

 

 

 

You may also like

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00