Uncategorizedصحةعربي جرائم “الحبّ والغيرة” تفتك بنساء جزائريات… والقوانين لا تردع “العادات والتقاليد” by admin 12 ديسمبر، 2022 written by admin 12 ديسمبر، 2022 130 النهار العربي \ الجزائر-نهال دويب شهدت الجزائر منذ بداية العام الجاري مقتل 37 امرأة وفق إحصاءات تنشرها بصفة دورية صفحة “فيمينسيدز ألجيري” على “فايسبوك”، المخصصة لكشف جرائم قتل النساء في البلاد. وقد تزايدت الدعوات المطالبة بتجاوز عتبة إدانة العنف ضد المرأة الواردة في المادة 40 من الدستور الجزائري والتوجه نحو تجريم قتل النساء وعدم التستر عن هذه الجرائم. وتنص المادة 40 من الدستور على ما يأتي: “تحمي الدولة المرأة من كل أشكال العنف في كل الأماكن والظروف، في الفضاء العام وفي المجالين المهني والخاص، ويضمن القانون استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال وأنظمة التكفل والمساعدة القضائية”. جرائم بدافع الانتقام “كانت الساعة السادسة والنصف صباحاً عندما استيقظت على وقع الصراخ والبكاء. دخلت المنزل وهي تركض وألسنة اللهب تأكل جسدها، رمينا فوقها البطانيات والكثير من الماء. لم نفهم ما كانت تقوله، فتركيزنا كان ينصب على إخماد النار في جسدها”. هذه شهادة من عبد السلام، شقيق الشابة الجزائرية ريما عنان، في العقد الثاني من عمرها، والتي تعرضت لمحاولة قتل حرقاً بعد رفض عرض زواج من جارها. لم تكن ريما تتخيل لوهلة، وهي تترقب وصول الحافلة التي تقلها إلى تيزي أوزو (الواقعة على بعد 100 كيلومتر شرق العاصمة الجزائرية) في موقف الحافلات في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، أن حياتها ستدخل منعطفاً قاسياً ومؤلماً. ولم يخطر في بال معلمة اللغة الفرنسية أن من تقدم لخطبتها ورفضته سيتعقّبها ويرشها بالوقود ويضرم فيها النار من ولاعته، ثم يفر هارباً نحو وجهة مجهولة، بينما هرولت الفتاة المتألمة إلى منزلها وألسنة النيران تلتهم جسدها. حكاية ريما لا تختلف كثيراً عن قصة هاجر وهي أم لثلاثة أولاد، فتاتها البكر تدرس السنة الخامسة في الطور الابتدائي، انفصلت عن زوجها بعد تجربة عاطفية سيئة جداً، لكنه بقي يهددها ويحاول إقناعها بالرجوع إلى البيت غير أنها رفضت وقررت إعادة بناء حياتها من جديد مع زوج متفهم، وهو ما حدث فعلاً. لكن ليلة زواجها الجديد، أقدم زوجها السابق على ذبحها أمام ابنها البالغ من العمر أربع سنوات. ثمة حالة أخرى شبيهة بحالة إيمان سلطت عليها مجموعة “فيمينيسيدز ألجيري” الضوء، وتتعلق بقضية غنية وطّار، وهي في العقد الثالث من العمر، تتحدر من بلدة سدراتة (التابعة لمحافظة سوق أهراس الواقعة شرق العاصمة الجزائرية)، لم يحالفها الحظ في النجاة إذ قتلت على يد رجل كانت تريد الانفصال عنه. السبب نفسه تقريباً يقف وراء اغتيال المحامية الجزائرية الشابة ياسمين طرافي التي قتلت بطريقة شنيعة في منطقة البويرة (شرق البلاد)، وأدت التحريات الأولية إلى توقيف 3 أشخاص مشتبه بضلوعهم في القضية من بينهم الرجل الذي رفضته. وهو ما حدث أيضاً مع الفتاة شيماء البالغة من العمر 19 عاماً التي اغتصبت وذُبحت وحرقت من قبل أحد جيرانها، وهو صاحب سوابق عدلية، وتم العثور عليها في حالة متقدمة من التعفن بمدخل بلدة الثنية التابعة لمحافظة بومرداس (وسط) في محطة مهجورة للتزود بالبنزين. “الوضع مقلق جداً” “الوضع صار مقلقاً جداً”، هكذا تصف الدكتورة آمال بن عبد الرحمن، المتخصصة في علم النفس العيادي، الجرائم العنيفة التي تُرتكب في حق المرأة، وتقول لـ”النهار العربي” إن “العنف القائم على ظلم المرأة والتقليل من شأنها أو التسلط الاجتماعي أو تسلط الأقرب لها من أب وأخ أو عمّ وخال أصبح يشكل مصدر قلق واسع النطاق”. ويغلب على هذه الأفعال العادات والتقاليد المنغلقة التي تكبل النساء، وتؤكد بن عبد الرحمن أنه “وبسبب هذه العوامل يستمر العنف والتمييز المجحف الذي تواجهه النساء لا سيما إقصائهن في مجالات كثيرة من الحياة وتهميشهن واستغلالهن جسدياً وجنسياً ونفسياً في كل المجالات، كما باتت تُفرض على المرأة أمور مثل الحرمان من الميراث وتعدد الزواج والحرمان من حضانة الأطفال والتسلط والظلم”. لا للتستر عن جرائم القتل وبالنسبة إلى غالبية جمعيات ومنظمات الدفاع عن حقوق المرأة، فإن التكتم عن تلك الجرائم سيوسع نطاقها، وهو ما تؤكده “فيمينسيدز ألجيري” المهتمة بقضايا نسوية في الجزائر، إذ تقول إن “التكتم من أسباب عدم القدرة على كبح النزعة العدوانية تجاه المرأة”. وأطلقت الصفحة حملة توعوية تحت عنوان “لا للتستر عن جرائم قتل النساء”، وقالت إنه “في العديد من حالات قتل النساء يتم التستر على هذه الجرائم من طرف الأقارب والكثير من الناس”. وربطت الصفحة أسباب التكتم بالخوف من “الإشاعات والآثار النفسية والاجتماعية المترتبة عنها، فهناك من يربط الجريمة بأخلاق الضحية”، واستطردت أن “كثيرين يبررون جرائم قتل النساء بالشرف”. وبالنسبة إلى “فيمينسيدز ألجيري” فإن “الإعلان عن الوفاة من دون ذكر القتل والقاتل هو قتل للضحية مرة ثانية وحماية للجاني، فلا يجب التعامل مع هذه الجريمة على أنها حادث أو مرض لأنها تمثل أقصى درجات العنف”. وإلى غاية منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، أحصت المجموعة النسوية 37 جريمة قتل للنساء في البلاد، بينما أحصت الجزائر عام 2021 أكثر من 60 قضية قتل على يد المقربين، لكن تبقى هذه الاحصاءات غير دقيقة وغير رسمية بسبب التكتم عن هذه الظاهرة. أسباب عدم التبليغ ولكن ما هي الأسباب التي تجعل المرأة المعنفة تتكتم عن تعرضها للعنف؟ يرجع المحامي والحقوقي بوجمعة غشير أسباب عدم قيام المرأة بالتبليغ عن العنف الذي تعرضت له لسببين رئيسيين، يتعلق الأول “بمحاولة درء الفضيحة، والثاني بالمكانة التي يحتلها الرجل في المجتمع مقارنة بالمرأة كونها مهمشة ومهملة، وتتعرض لمحاولات متكررة لسحق شخصيتها وعدم الاعتبار”. وهو السبب نفسه الذي خلصت إليه دراسة جامعية عليا أنجزت تحت عنوان “العنف ضد المرأة وآليات الحد منه على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة”، إذ ذكرت أن السبب الرئيسي لعدم التبليغ هو أن المرأة الجزائرية تعتبر محافظة، ولذلك فهي تفضل تحمل العنف الممارس ضدها من طرف أفراد العائلة بخاصة من الزوج، عوض تفكيك أسرتها، وبالتالي تتجنب رفع الشكوى والمتابعة القضائية ضد الفاعل. وتلفت الدراسة إلى أنه في غالب الأحيان تتعلق أسباب عدم التبليغ بظروف المرأة التعليمية أو الفكرية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو النفسية، من بينها عدم إدراك المرأة أن هذا الفعل يشكل عنفاً ممارساً ضدها، إضافة إلى حرج المرأة وخجلها من الإبلاغ عما تعرضت له بخاصة تعرضها لعنف يمس شرفها أو سمعتها والخوف من الأهل أو الزوج أو الوسط المحيط بشكل عام، مع حرصها على المكانة الاجتماعية لها ولأسرتها حتى وإن تعرضت للعنف. وهناك أسباب قانونية أخرى تتمثل في عدم إحساس المرأة بالاستفادة من تحريك الشكوى في حال الثبوت وخوف المرأة من ضياع مصلحة أكبر في حالة الشكوى. وتكشف الأرقام المعلن عنها من الأجهزة الأمنية، أنه وفي خلال عام 2021 تم تسجيل أكثر من 8 آلاف شكوى تتعلق بـ”العنف الأسري”، ومن إجمالي الحالات التي تم إحصاؤها هناك 51 في المئة من الأعمال النابعة من الإهانة والتهديد، و38 في المئة حالة اعتداءات جسدية، و4 في المئة تتعلق بالمساس بالحياة الشخصية للضحايا، في حين أن 2 في المئة تخص خطف البنات، بينما تعرض 2 في المئة من هذه الحالات لأفعال غير أخلاقية وتحريض، و2 في المئة لأفعال جنسية بينما تعرض 2 في المئة منهن للتحرش الجنسي. ومن أجل التصدي للعنف ضد المرأة وكبحه بشكل تام، تلح المحامية والحقوقية الجزائرية فطيمة سعيدي على ضرورة إعادة النظر في قانون العقوبات الذي أدرجت عليه تعديلات تخص العنف ضد المرأة سنة 2015. وفي نظر سعيدي فإن القوانين التي سنت من أجل تقليص رقعة الظاهرة لم تعالجها، بل ازدادت أشكالها وتعددت أنواع العنف، فصار هناك عنف جسدي وعنف نفسي وهو الأكثر شيوعاً والأخطر على المرأة، وأيضاً العنف الاقتصادي والمادي. المزيد عن : النساء الجزائريات\ جرائم القتل\ القوانين الجزائرية\ العنف ضد المرأة\ العنف ضد النساء 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أطباء بريطانيون يقدمون علاجاً رائداً لأحد أنواع سرطان الدم next post “جنائن معلقة” يفضح حقائق الغزو الأميركي للعراق You may also like القاتل الصامت: لماذا تستحق الأمراض التنفسية المزمنة الاهتمام... 21 نوفمبر، 2024 هل يقلل التعافي من السرطان احتمالات الإصابة بألزهايمر؟ 19 نوفمبر، 2024 لماذا تحدث أشياء سيئة للأشخاص الطيبين؟… دليل السعادة... 19 نوفمبر، 2024 عالمة كرواتية تختبر علاجاً تجريبياً للسرطان على نفسها... 15 نوفمبر، 2024 الشبكة العصبية الاصطناعية ثورة في استنساخ عمل الدماغ... 15 نوفمبر، 2024 السماح بعلاج ضد ألزهايمر سبق منعه في أوروبا 15 نوفمبر، 2024 «نيويورك تايمز»: ماسك وسفير إيران لدى الأمم المتحدة... 15 نوفمبر، 2024 5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط... 15 نوفمبر، 2024 تدني الرغبة الجنسية لدى الرجل: 9 نقاط حول... 15 نوفمبر، 2024 ما الذئبة الحمراء وكيف يمكن علاجها؟ 14 نوفمبر، 2024